لا تطعنوا غزة من الخلف
عادوا ولم يكونوا قد توقفوا، ترى هل توقف الكيان عن حربه لإبادة الشعب الفلسطيني طوال ثمانية أيام هي عمر الهدنة التي أطلق عليه اسم (الهدنة الإنسانية) حتى يعود؟ هم لم يتوقفوا عن أهدافهم المعلنة ولا الخفية، استمر القصف على الضفة الغربية والخليل ونابلس.
لم يتخلَ الكيان الصهيوني المغتصب عن القتل والاعتقال والخطف طوال أيام الهدنة التي طالت قطاع غزة، ولكنها لم تبعد المحتل عن أرض فلسطين، فالقضية لا تتعلق بغزة ولا “حماس” وكتائب المقاومة، فالوطن الفلسطيني هو هدفهم، الفلسطيني الإنسان هو غرضهم الدائم من الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على أراضينا المحتلة في فلسطين، أو على الضفة الغربية، وقطاع غزة.
الطفل الفلسطيني الذي يكبر وهو مدرك أن الأرض له والمقاومة درعه وطريق مستقبله هو هدف الصهاينة في غزة، القدس، نابلس، الخليل، في المخيمات في فلسطين، أو لبنان، في المنافي في أي بقعة أرض في العالم، السيدات العجائز اللاتي يتمسكن بالأرض ومفتاح العودة، الأجنة والسيدات الحوامل، الشباب والفتيات مشاريع المقاومة والاستشهاد هؤلاء كلهم هم أهداف حرب الإبادة الإنسانية الشاملة على مدار 75 عامًا هي عمر الاحتلال.
الدعم الأمريكي وحلفاؤهم العرب
عادوا بعد أن هزمتهم “حماس” مرة أخرى في الوقائع الإنسانية التي قدمتها في مشاهد تسليم الأسرى الصهاينة، التي عكست القيم النبيلة للمقاومة، والقيم الإنسانية الرائعة للدين الإسلامي في معاملة الأسرى، مشاهد عكست الفروق بين المحتل وصاحب الأرض، المغتصب والمضياف.
صاروا يصرخون أنها مشاهد مدبرة، يطالبون أهالي الأسرى والعالم ألا يتداول تلك المشاهد، التي لا يمكن لأي شخص في العالم التشكيك في مصداقيتها، تلك الهزيمة التي جعلتهم يترقبون انتهاء ساعات الهدنة لكي ينتقموا من “حماس” وفلسطين، وكل كائن حي على الأرض الطيبة، وعلى هؤلاء الذين اكتسبوا الاحترام والتعاطف الإنساني بين كل شعوب العالم، حتى صار النموذج الفلسطيني وإيمانه عامل جذب لاعتناق الكثيرين الإسلام.
عاد الصهاينة إلى حربهم علينا، وعلى أهلنا في فلسطين بعد أن تأكدوا من دعم الإدارة الأمريكية وحلفائها من بلاد الغرب لهم في استكمال تدمير غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية، وقد قام بايدن بدعمهم وأرسل مندوبه إلى المنطقة العربية ليضمن استمرار صمت حلفائه في بلاد العرب.
استقبل وزير الخارجية الأمريكي الذي أعلن أنه يدعم إسرائيل كيهودي وصهيوني استقبال الفرسان، ورحب به القادة العرب، ثم أرسل نائبة الرئيس الأمريكي إلى قمة المناخ في وجود رئيس الكيان الصهيوني في تلك القمة، وحضر أصحاب المناخ وتلقوا الشكر على دورهم في الحرب وحصار غزة، والهدنة الإنسانية التي أعادت 169 من الأسرى الصهاينة.
عادوا إلى ممارسة طقوسهم المعتادة في المجازر الإنسانية، وعدنا نحن إلى متابعة بيانات الملثم (أبو عبيدة)، والابتهاج لكل تدمير آلية صهيونية، ومع قتل كل جندي في جيش الدفاع الصهيوني، عدنا نتأمل حال أطفال غزة وهم يعلموننا كل يوم معنى الرجل الحقيقي، نرى الصمود والصبر في قلوب وعيون سيدات ونساء، فتيات ورجال أهلنا في فلسطين، لكننا ما زلنا نشاهد، وربما نتكلم ولكن لا نتحرك.
لا للصمت، والحصار
تحرك دول العالم الغربي لم يتوقف يومًا حتى في أيام الهدنة الإنسانية في عواصم دول كنا نعتقد أن شعوبها لا تعرفنا ولا تعرف قضيتنا، تحركت شعوب في أمريكا، فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا، وكانت مواقف دول أمريكا الجنوبية، وإسبانيا، وجنوب إفريقيا مشرفة ومساندة للحق الفلسطيني والمقاومة أكثر من شعوب كثيرة تتحدث العربية، وتنتمي إلى الدين والثقافة والعروبة.
لم تتوقف التظاهرات التضامنية في بلاد من الغرب والشرق، والجنوب الإفريقي، ولكنها توقفت في بلاد العرب ما عدا الأردن، المغرب، اليمن، لبنان، وقطر، مصر لم تشهد تظاهرات شعبية لدعم إخواننا في فلسطين، مصر التي كانت قلب العروبة، وفلسطين قضيتها المركزية صارت لا تفتح معبر رفح إلا برعاية صهيونية، وإذن منهم.
مصر التي ما أن عدنا من الهدنة إلا وعادت لا تسمح بعبور شاحنات الإغاثة الإنسانية، بل تمادت لترحيل أجانب جاءوا لدعم غزة وشعبها التي تتعرض لمجازر على مدار الساعة، مصر التي تدمي قلوبنا بحصارها أهلنا في غزة أصبحت مثل الغريب الذي يقف موقف الوسيط، آه من قهرنا ووجع قلوبنا ونحن نقف مكتوفي الأيدي عاجزين عن التخفيف إن لم يكن المشاركة في الدفاع عن غزة وفلسطين.
نحن مطالبون بالعودة للفعل، مطالبون أن ندعم المقاومة في فلسطين، فلا نتوقف على المطالبات بفتح معبر رفح على الدوام لا ننتظر إذنًا من أحد، علينا أن نمارس سيادتنا على أراضينا دون انتظار رضا طرف على الحدود أو في الغرب الأمريكي، علينا أن نأخذ المبادرة للتظاهرة لا ننتظر لنعلن دعمنا للمقاومة الفلسطينية في غزة وفي أراضينا المحتلة.
شعوب العرب وفي القلب منها شعبنا العربي في مصر مطالبون بالتحرك وعدم التوقف عن التظاهر، لا بد من استمرار التظاهر وعدم الصمت على جرائم الصهاينة اليومية التي يمارسها جيش الدفاع الصهيوني، لا نتعود على جرائم الصهاينة، لا نعتادها، لا تكونوا أداة طعن المقاومة والشعب الفلسطيني من الخلف.
المقاومة تدافع وتقاوم من أجل شرف الأمة العربية والإسلامية وكرامتها، علينا ألا نكون مجرد مشجعين لما يحدث، المشاركة ولو بالتظاهر من أجل إيقاف الحرب، وفتح المعبر، ورفع الحصار عن غزة، لتكن المقاومة الفلسطينية شرف هذه الأمة وأملها الوحيد دعونا كأمة عربية لا نكون السكين الذي يطعن شرف هذه الأمة، فانفجروا أو موتوا، لعلنا نكون دعمًا على طريق النصر، وإنه لنصر أو استشهاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق