هل نعرف إسرائيل حقًا؟
بينما تصدمُك- عزيزي القارئ- أعدادُ الضحايا الذين يسقطون يوميًا في حرب إسرائيل الهمجيّة على قطاع غزة، والذين سوف يزداد عددهم، بينما تقرأ هذه السطور، ثَمة سؤال لابدّ من أن تطرحه على نفسك: هل تعرف إسرائيل حقًا؟
المعرفة المقصودة ليست معرفة عاطفية تحرّكها مشاعر الغضب والكراهية بسبب مشاهد القتل والدمار اللذين تقوم بهما إسرائيل تجاه الأطفال والنساء والشيوخ في غزة، أو معرفة تاريخية مستقاة من حكايات الآباء والأجداد عن العدوّ التاريخي للعرب والمسلمين خلال آخر سبعة عقودٍ ونصفٍ، وإنما معرفة جادّة وعميقة عبر قراءة كاشفة وفاحصة وفاضحة لكل ما بُنيت عليه هذه الدولة، وكل ما قامت به، وكل ما تخطّط للقيام به مستقبلًا.
هل تعرفُ حجم وعدد المستوطنات التي تمّ بناؤُها خلال آخر عشر سنوات في إسرائيل؟ وكم عدد المستوطنين الذين هاجروا إليها خلال الفترة نفسها؟ وهل تعرف حجم ومساحة الأراضي والقرى الفلسطينية التي تم قضْمها والاستيلاء عليها من قبل إسرائيل هذا العام فقط؟
هل تعرف شيئًا عن رحلات حق الميلاد birthright التي تنظمها إسرائيل سنويًا للشباب اليهود من حول العالم لزيارة إسرائيل لعدة أيام من أجل تعميق الهُوية اليهودية لديهم؟ وهل تعلم كم شابًا زار إسرائيل من خلال هذه الرحلات منذ بدْئها قبل ثلاثة عقود؟ وهل تعرف من يموّل هذه الرحلات ولماذا؟
هل كنت تعرف عدد الأسرى الذين تعتقلهم إسرائيل في سجونها قبل الحرب الحالية، وقبل طرح موضوع تبادل الرهائن والسجناء؟ وهل تعرف عدد الضحايا الذين قتلتهم إسرائيل بالضفة الغربية منذ بدء هذا العام؟
رحلات حق الميلاد
أيضًا هل تعرف حجم الاقتصاد الإسرائيلي وما هي أهم صادراته؟ وهل تعرف حجم الاستثمارات الأجنبية داخل الكيان؟ وهل تعرف عدد مصانع وشركات السلاح التي تمتلكها إسرائيل؟ وهل تعرف عدد شركات التكنولوجيا المتقدمة التي يمتلكها ويديرها الإسرائيليون سواء داخل الكيان أو خارجه؟
هل تعرف حجم التبرعات السنوية التي يتم جمعها لإسرائيل في أميركا وأوروبا؟ وهل تعرف عدد أعضاء الكونغرس الأميركي الذين يزورون إسرائيل سنويًا من خلال رحلات مجانية يتم تمويلها بالكامل من مؤسسات يهودية مخصصة لهذا الغرض تحديدًا؟
وهل تعرف شيئًا عن رحلات حق الميلاد birthright التي تنظمها إسرائيل سنويًا للشباب اليهود من حول العالم لزيارة إسرائيل لعدة أيام من أجل تعميق الهُوية اليهودية لديهم؟ وهل تعلم كم شابًا زار إسرائيل من خلال هذه الرحلات منذ بدْئها قبل ثلاثة عقود؟ وهل تعرف من يموّل هذه الرحلات ولماذا؟
مطاردة
وهل تعرف حجم المساعدات العسكرية والاقتصادية التي قدّمتها أميركا ولا تزال لإسرائيل منذ قيامها وحتى الآن؟ وهل تعرف لماذا تقف واشنطن كتفًا إلى كتف بجانب إسرائيل في حربها الحالية على الفلسطينيين؟
وهل تعلم لماذا تهيمن السردية الإسرائيلية على المنصات الإعلامية الغربية وترفض غيرها؟ وهل تعرف لماذا تطارد إسرائيل كل صوت ينتقد سياساتها داخل الجامعات والمؤسسات البحثية الأميركية وغيرها؟ وهل تعرف لماذا تحرص كبرى الشركات العالمية في كثير من المجالات على عدم إغضاب إسرائيل كما فعل مؤخرًا الملياردير الأميركي "إيلون ماسك"؟
هل تعرف عدد القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي ترفض إسرائيل تطبيقها؟ وهل تعرف عدد المرّات التي استخدمت فيها أميركا حق الفيتو من أجل حماية إسرائيل داخل الأمم المتحدة؟ وهل تعرف لماذا أفشلت إسرائيل وأميركا حلّ الدولتين؟ وهل تعرف لماذا يرفض العالم وقف إطلاق النار رغم فداحة الخسائر البشرية من الأطفال والنساء في قطاع غزة؟
معرفة مشوّهة
هل تعرف- عزيزي القارئ- أنه لا توجد مراكز أو مؤسسات بحثية عربية تدْرس إسرائيل بشكل معمّق سوى اثنين أو ثلاثة، وهي مراكز غير معروفة للعامة؟ وهل تعرف أن بعض الدول العربية ترفض إنشاء وقيام هذه المراكز؛ حرصًا وخوفًا من إسرائيل؟ وهل تعرف أن إسرائيل أغلقت بعض هذه المراكز البحثية بعد سنوات قليلة من قيامها؟
في المقابل، هل تعرف أن إسرائيل لديها العشرات من المراكز البحثية التي تدْرس العالم العربي من كافة النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأدبية والتاريخية والدينية.. إلخ.
وهل تعرف أن بعض أهم المجلات البحثية والأكاديمية عن الشرق الأوسط تصدر في إسرائيل أو يشارك بها محرّرون وكتّاب إسرائيليون؟ هل تعلم أن إسرائيل تنفق أكثر من 6 % من ناتجها المحلي الإجمالي- الذي يتجاوز خمسين مليار دولار- على التعليم؟ وهل تعلم أن ما لا يقل عن عشرة علماء وأدباء إسرائيليين قد فازوا بجوائز نوبل؟
أغلب الظن أنّك لا تعرف الإجابة عن كثير من هذه الأسئلة، وغيرها، وإذا كنت تعرف، فهي قطعًا معرفة ناقصة ومشوّهة وغير كاملة؛ وذلك لسبب بسيط هو أنك لم تدرس العدوّ تفصيلًا وتشريحًا وتفكيكًا كما يفعل هو معك على مدار عقود.
إسرائيل تعلم كلَّ شيء عن العرب، عن ماضيهم وحاضرهم، كما تحرص على أن تستخدم هذه المعرفة من أجل تشكيل مستقبلهم.
وأغلب الظنّ أيضًا أنك لن تعرف الإجابة عن كل هذه الأسئلة ما دام أننا لدينا أنظمة وحكومات ونخبٌ تريد تجيهلك وتغييبك وتشويه وعيك عن طبيعة الصراع مع العدوّ الصهيونيّ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق