إضاءات سياسية
- مضر أبو الهيجاء
طيلة قرن كان النظام المصري خاضعا لأمريكا، أما اليوم فهو بوق يروج لها وآلية تنفيذ لسياساتها.
إن تصريح خارجية مصر بأن حركة حماس خرجت من رحم الإخوان المسلمين، وأنها حركة تطرف وان كانت تقاوم الاحتلال! تصريح خطير له دلالتين يجب وعيهما باعتبار النظام المصري أحد مرتكزات السياسة الأمريكية ووسائلها الأصيلة والثقيلة في المنطقة.
الدلالة الأولى: إن انهاء الاعتراف بحركة حماس وانهاء اعتبارها منزلة بين منزلتين في حكومات المنطقة كما كان سابقا -بعد أن فرضت أمريكا على إسرائيل مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية التي أفضت لسلطتها في غزة-، يشير إلى تغيير كلي في السياسة الأمريكية وتصورها الذي يسعى لصنع واقع جديد في المنطقة، ستكون بوابته ومسرحه الأول غزة والقضية الفلسطينية!
الدلالة الثانية: إن وصم الإخوان المسلمين بالإرهاب يقصد منه النصف الثاني من الجملة أي المسلمين، وفي هذا اعلان عن خطوات متقدمة في الحرب على الدين واجتثاث القائمين عليه في عموم المنطقة، وهو اعلان أمريكي صارخ بأن أمريكا لن تقبل بأنصاف الحلول مع الإسلاميين في المرحلة المقبلة، خلافا لسياستها التاريخية والسابقة التي كانت تقبل فيها بأنصاف الحلول والتفاهمات مع بعض الحركات الإسلامية الواسعة، كما جرى في تركيا وتونس ومصر والعراق وغيرها!
السؤال الأول: هل تستطيع أمريكا أن تزيل حركة حماس، وهل تستطيع فرض واقع جديد في القضية الفلسطينية وعموم المنطقة؟
الجواب عن الشق الأول: إن أخطر ما يمكن أن ينهي حركة حماس أولا هو حلفها السياسي مع إيران العدو والمتخادمة مع الأمريكان، وثانيا هو قبولها بالتحول الى سلطة، وكلا الخيارين خطأ ارتكبتهما حركة حماس بسبب تصورات خاطئة، وساهمت الأنظمة الحنونة بإيقاعها في فخهما!
الجواب على الشق الثاني: نعم تستطيع أمريكا أن تغير واقع القضية الفلسطينية وتغيير عموم أحوال المنطقة إذا بقيت حركاتها السياسية مخصية وبلا مشروع شامل متكامل، يخرج من فضاء الأعمال القطرية والجهوية التي تتجاوز حقائق الدين ولا ترتبط عمليا بشعوب الأمة، وتعتبرها جزءا من خطتها السياسية والقتالية.
وإن الذي أنهى حلم مصر المفزع للمشروع الصهيوني والغربي، يمكن له تحقيق ذلك في مساحات أصغر وأقل خطرا وأثرا في تاريخ الصراع.
أما السؤال الثاني: كيف يمكننا مواجهة كل تلك التحديات وتغيير هذه الأحوال القائمة والسائدة؟
الجواب: إن أي عملية تغيير تحتاج إلى أضلاع المثلث الثلاثة، وإن ضلعها الأول متوفر ورصيده في الأمة يفوق المطلوب للتغيير إذا ما تحققت قوامة الضلعين الآخرين، وهما المشروع المتكامل القائم على مرجعية الإسلام والعامل في فضاء الأمة العربية والإسلامية متحررا من فخ القطرية، والقيادة الربانية الراشدة والمنحازة لعموم الأمة.
وأما السؤال الثالث: كيف يمكن أن نتوازن أمام هذا كله، رغم ضعفنا وقلة حيلتنا؟
الجواب: الإيمان واليقين بالله وحده وبأنه سبحانه وتعالى هو المتصرف بالكون كله، ولا يعجزه شيء سبحانه وتعالى وهو الجبار القهار الذي يحيط بكل تفاصيل الكون، لا إله إلا هو العزيز المهيمن، ولنا في مجاهدي فلسطين قدوة وعبرة.
يقول سبحانه {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿50﴾ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿51﴾ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿52﴾ وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿53﴾} (سورة النمل.
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 9/12/2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق