الجمعة، 1 مارس 2024

المحافظون الجدد وكره الإسلام ، وليس المسلمين ، هم التهديد الحقيقي للديمقراطية البريطانية

المحافظون الجدد وكره الإسلام ، وليس المسلمين ، هم التهديد الحقيقي للديمقراطية البريطانية

 كيف يدمر دعم إسرائيل الديمقراطية في بريطانيا؟!


ديفيد هيرست
احتجاجات داعمة لفلسطين في لندن - رويترز
ترجمة عربي بوست

يبدو أن جوهر النقاش تعرض للنسيان وسط كل الضجة التي صاحبت تصويت مجلس العموم على المطالبة بوقفٍ فوري لإطلاق النار في غزة.

إذ إن مشروع قرار الحزب الوطني الاسكتلندي، الداعي لوقف إطلاق نارٍ فوري، سيثير إحراج قيادة حزب العمال، التي قضت الأشهر الخمسة الماضية من القصف القاتل على غزة وهي تتفادى قول ذلك تحديداً. وكان مشروع قرار الحزب الوطني الاسكتلندي واضحاً، وقاطعاً، ومتماشياً تماماً مع الرأي العام السائد في الجزر البريطانية.

حيث دعا الحزب الوطني الاسكتلندي إلى وقف إطلاق نارٍ فوري دون شروط. بينما منح مشروع قرار حزب العمال حق النقض للحكومة الإسرائيلية، وذلك من خلال الإصرار على إفراج حماس عن الأسرى كشرطٍ مسبق لبدء وقف إطلاق النار.

يعني هذا أن دعوة حزب العمال لـ"وقف إطلاق النار الفوري" لم تكن دعوةً في الواقع، لأنها سمحت لإسرائيل بمواصلة القتال.

هناك أغلبية واضحة -وتتزايد سريعاً- من الجمهور البريطاني الذي ضاق ذرعاً بهذه الحرب، وهو أمر بات يمثل حقيقةً مزعجة بالنسبة للمدافعين عن إسرائيل من المحافظين ومن حزب العمال على حدٍّ سواء. وتريد تلك الأغلبية وقف إطلاق النار فوراً، إذ يدعم 66% من البريطانيين وقف إطلاق النار. وتقول النسبة ذاتها إن إسرائيل يجب أن تكون مستعدةً للدخول في مفاوضات سلام مع حماس، بزيادةٍ قدرها خمس نقاط مئوية عن نوفمبر/تشرين الثاني. بينما يعتقد 13% فقط أن إسرائيل يجب أن تواصل الحرب، ويرى 24% فقط أن الهجوم على غزة له ما يبرره – بتراجع قدره خمس نقاط مئوية.

ويُمكن القول إن الجهد المخطط له بعناية وسرية لتعطيل التصويت على مشروع قرار الحزب الوطني الاسكتلندي مثّل تحدياً لإرادة الشعب البريطاني، التي عبّر عنها بكل وضوح.

فقد برر رئيس مجلس العموم ليندسي هويل قراره بكسر السوابق التاريخية، حين سمح بالتصويت على ثلاثة قرارات منفصلة ليُحبط بذلك مشروع قرار الحزب الوطني، قائلاً إنه شعر "بقلق كبير للغاية على سلامة كافة الأعضاء".

يدمر دعم إسرائيل الديمقراطية في بريطانيا
صورة من إحدى مظاهرات بريطانيا المؤيدة لفلسطين، نشرتها شرطة العاصمة البريطانية عبر منصة إكس (تويتر سابقاً)

وبدأت حينها محاولة وجيزة لتحويل النواب الذين دعموا هذه الحرب الخسيسة إلى ضحايا، وإلى أهداف لخطاب الكراهية "الإسلامي". ويتطلّب الأمر شيئاً من الوقاحة لتحويل النواب -الذين برروا باستمرار الحرب التي قتلت 30 ألف فلسطيني- إلى ضحايا لخطاب الكراهية، بدلاً من كشفهم على اعتبارهم ممن أنكروا الإبادة الجماعية.



لغة التضليل الأورويلية
من هم المتطرفون؟
جرعة سامة
سلام الصمت

لغة التضليل الأورويلية

قال زعيم حزب العمال كير ستارمر مراراً إن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها، وذلك بعد وقت طويل من اللحظة التي اتضح فيها أن الحرب تستهدف سكان غزة ككل. وقد عرقل بشكلٍ متكرر الدعوات لوقف إطلاق النار.

بل ودافع محامي حقوق الإنسان السابق عن العقاب الجماعي أيضاً، حين قال بوضوح إن إسرائيل لها الحق في قطع الماء والوقود.

ومن الممكن محاكمة ستارمر، مدير النيابات العامة السابقة، بتهمة التحريض على الإبادة الجماعية بسبب ذلك التصريح وحده، رغم أنه سحبه في وقتٍ لاحق، لكن لماذا؟! حين يمكن تحويل الأمر عن طريق استخدام لغة تضليل أكثر أورويلية (هي صفة لحالة، أو فكرة، أو ظرف اجتماعي نسبة لما حدده جورج أورويل كأداة لتدمير رفاهة العيش في المجتمعات الحرة)، وتحريف أكبر للواقع، من أجل تحويل المتظاهرين المؤيدين لفلسطين إلى إسلاميين متطرفين. وقد تركز اهتمام خاص هنا على بن جمال، مدير حملة التضامن مع فلسطين.

لكن المشكلة الأولى هنا هي أن جمال ليس مسلماً، بل هو مسيحي، وابن نائبٍ أسقفيٍ أنجليكاني أيضاً. ولا يروج جمال لتهديد النواب البرلمانيين، لكنه يدافع عن حق الاحتجاج أمام مكاتب دوائرهم ومحاسبتهم.

عندما سُئل في إحدى لجان الشؤون الداخلية، في شهر ديسمبر/كانون الأول، إذا كان يؤيد هتاف "من النهر إلى البحر"، رد جمال: "إنني أُسأل هذا السؤال: "هل تتسامح مع هذا الهتاف"، نحن لا نتسامح معه، نحن نهتف به".

قال جمال: "أنا أتحدث بوصفي فلسطينياً، هذا هتاف تستخدمه الغالبية العظمى من الفلسطينيين. إنه يصف مدى حرمانهم من حقوقهم في جميع أنحاء فلسطين التاريخية، ويتضمن ذلك إذا كانوا مواطنين بدولة إسرائيل أو إذا كانوا يعيشون تحت الاحتلال العسكري. إنه لا يسعى بدون أي شكل أو أي أسلوب لإلغاء حقوق أي شخص آخر".

ينبغي للأشخاص الذين يعتقدون أن هذا الهتاف يمثل دعوة لإبادة اليهود الذين يعيشون في إسرائيل وفي الأراضي المحتلة، أن يتوقفوا وقفةً من أجل التأمل.

من هم المتطرفون؟

استُخدم شعار من النهر إلى البحر عن طريق جميع الساسة في حزب الليكود منذ عام 1977. فقد ورد في بيان حزب الليكود في ذلك العام: "بين البحر والأردن، لن تكون هناك إلا سيادة إسرائيلية".

لذلك فإن مكمن الخلاف هو: لن تكون إبادة جماعية حين يستخدم القادة اليهود العبارة، لكنها ستكون إبادة جماعية عندما يستخدمها الفلسطينيون، سواء أكانوا مسيحيين أو مسلمين. في تعريف معاداة السامية، الذي يأخذ في التوسع، والذي لا يُسمح بالجدال حوله، فإن كل أوجه الانتقاد الموجهة إلى إسرائيل يُحكم عليها بأنها معاداة للسامية.

ومثلما تكشّف في أحداث الجمعة 23 فبراير/شباط، صار واضحاً أن هذا الجدال لم يكن متعلقاً بالعقل أو العدالة، بل كان متعلقاً بالعاطفة والتشويه. وقد خلا كذلك من أية أدلة، المثير للفضول أنه ليست هناك أية تهديدات موجهة إلى النواب يجري التحقيق حولها عن طريق الشرطة أو مدير النيابات العامة.

استُدعيت إلى الأذهان ذكرى جو كوكس، النائبة البريطانية التي اغتيلت في دائرتها، في يونيو/حزيران 2016. المشكلة الصغيرة أن النائبة جو كوكس اغتيلت على يد يميني متطرف. وقد خُصص لثلاث نائبات حراس شخصيون على حساب الخزانة العامة، ولكن هنا تنبع المشكلة الثانية: مَن يكون المتطرف، وماذا يكون؟

إذا كان لحكومة وزير المساواة والمجتمعات المحلية، مايكل غوف، أن تفعل ما يحلو لها، فإن تعريف التطرف سوف يستهدف الأشخاص الذين على صواب (أي المجلس الإسلامي البريطاني، وحملة التضامن مع فلسطين)، لكنه سوف يستثني الأشخاص الذين على خطأ، والذين يصادف أنهم أيضاً أعضاء في حزب المحافظين (لي أندرسون، وليز تراس، وسويلا برافرمان، وروبرت جينريك).

من حسن حظ الديمقراطية في بريطانيا، أن المحاكم لا تزال تعمل باستقلالية عن الحكومة، وقد دأب المحامون على منع صياغة تعريف التطرف بالطريقة التي صيغ بها مشروع قانون الأمن ومكافحة الإرهاب لعام 2015. لكن الحالة المزاجية التي يخلقها طرف مجلس العموم ليست من أجل رفض الصعوبة القانونية الأساسية.

الديمقراطية في بريطانيا
مجلس العموم البريطاني/ رويترز

وفي ظل عجزها عن صياغة تعريف ملزم قانونياً للتطرف، استعانت الحكومة بمصدر خارجي لحل المشكلة عن طريق تأسيس لجنة مكافحة تطرف (CCE)، يرأسها أشخاص أصحاب سجل حافل بالتحزب حول هذه القضية.

أولاً جاءت سارة خان، التي حاولت إعادة توصيف التطرف غير العنيف بأنه "تطرف بغيض". في ظل رئاسة سارة خان للجنة مكافحة التطرف، وسعت اللجنة نطاق مكافحة التطرف كي لا يقتصر على التركيز على التطرف الإسلامي، بل أيضاً على الأيديولوجيات اليمينية المتطرفة والأيديولوجيات الأخرى. أيدت سارة خان "نهجاً يركز على الضحايا" لمكافحة التطرف.

وبعد ذلك جاء روبرت سيمكوكس، الذي خلفها في منصب مفوض مكافحة الإرهاب. وُصف تعيينه عن طريق منظمة Mend، وهي منظمة دفاع عن المسلمين، بأنه "مقلق للغاية بالنسبة للمجتمعات المسلمة". حيث عبر سيمكوكس الأطلسي كي يعمل مع المراكز الفكرية اليمينية الداعمة لمهاجمة المجتمعات المسلمة.

حيث بين عامي 2008 و2011، عمل سيمكوكس في مركز التماسك الاجتماعي (CSC)، وهي المنظمة التي وصفها أحد مؤسسيها، وهو ماثيو جاميسون، بأنها "حيوانة متوحشة"، وأنها "منظمة عنصرية ومعادية للمسلمين بصورة عميقة".

وفي عام 2016، شغل سيمكوكس منصباً جديداً، وهو زميل بحوث في مركز مارغريت تاتشر للحرية، التابع لمؤسسة التراث (The Heritage Foundation) الأمريكية، التي كانت مهمة للغاية لإدارة ترامب، لدرجة أن صحيفة The New York Times وصفتها في 208 بأنها "تزود حكومة ترامب" بالموظفين.

بالإضافة لذلك، في مقال يعود لعام 2019 كتبه لمؤسسة التراث، رفض سيمكوكس رهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا)، معتبراً إياه "مفهوماً مراوغاً". كتب سيمكوكس: "الغموض والالتباس المحيط بمعنى الإسلاموفوبيا يسمح للإسلاميين باستخدام المصطلح لإسكات أي انتقاد موجه لدينهم، وفرض قانون تجديف غير رسمي خلسةً".

وبسجل حافل كهذا، يصعب وصف سيمكوكس بأنه حَكمٌ محايدٌ في قضيةٍ تعد جوهريةً بالنسبة للعلاقات المجتمعية بالمملكة المتحدة، بل الأصح وصفه بأنه أحد مشجعي تصنيف التطرف الخاص باليمينيين.

جرعة سامة

امزج التهاون المتأصل تجاه خطاب الكراهية الموجه للمسلمين داخل حزب المحافظين، مع استخدام مستشارين يرون الفوائد الانتخابية الكامنة في التلاعب بنظرية الاستبدال العظيم، امزج كل هذا مع قضية فلسطين، وسوف تحصل على جرعة سامة حقاً، جرعة قادرة على إشعال فتيل التوتر المجتمعي وتقويض حرية التعبير.

وقد برز الأمر في الواجهة عندما أبلغ لي أندرسون قناة GB News بأن الإسلاميين يسيطرون على عمدة لندن صادق خان. قال لي أندرسون: "لا أعتقد أن الإسلاميين سيطروا على بلادنا، لكن ما أعتقده هو أنهم سيطروا على (صادق) خان، وسيطروا على لندن… سلَّم (خان) عاصمتنا لزملائه".

جاءت تعليقاته في أعقاب مقالة لوزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان، في صحيفة The  Daily Telegraph، التي كتبت فيها أن "الحقيقة هي أن الإسلاميين، والمتطرفين، والمعادين للسامية، يتحكمون بزمام الأمور الآن".

رفض أندرسون الاعتذار، وعُلقت عضويته في البرلمان عن حزب المحافظين، لكن ذلك القرار شابه الكثير من التردد.

قالت سعيدة وارثي ذات مرة، الرئيسة السابقة لحزب المحافظين: "إذا كانت هذه التعليقات قد أُدلي بها وكانت معادية للسامية أو معادية للمثليين، لسُحبت على الفور. مثلما قال صادق خان، لا يمكن أن يكون لدينا تسلسل هرمي للعنصرية داخل الأحزاب السياسية"، 

جاءت تعليقاته في أعقاب مقالة لوزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان، في صحيفة The  Daily Telegraph، التي كتبت فيها أن "الحقيقة هي أن الإسلاميين، والمتطرفين، والمعادين للسامية، يتحكمون بزمام الأمور الآن".

رفض أندرسون الاعتذار، وعُلقت عضويته في البرلمان عن حزب المحافظين، لكن ذلك القرار شابه الكثير من التردد.

قالت سعيدة وارثي ذات مرة، الرئيسة السابقة لحزب المحافظين: "إذا كانت هذه التعليقات قد أُدلي بها وكانت معادية للسامية أو معادية للمثليين، لسُحبت على الفور. مثلما قال صادق خان، لا يمكن أن يكون لدينا تسلسل هرمي للعنصرية داخل الأحزاب السياسية"، وذلك خلال حديثها مع Channel 4 News.

غير أن مثل هذا التسلسل الهرمي موجود الآن بالفعل لدى طرفي مجلس العموم، وتأكدوا أنه سوف يستخدم لكتابة قوانين جديدة، وبذلك لن يزول اليمين، بل سيستمر في دفع الحدود، إلى أن تُفقد حرية التعبير.

وبناء عليه، تتحول اليوم التظاهرات الأسبوعية بأرقام قياسية، التي تستهدف دعم فلسطين، إلى "حشود غوغاء". ولا يسمح لأي ممثل لحزب العمال في أي مستوى بالمشاركة فيها؛ إذ يتعرضون للمضايقات والتخويف من قيادة حزبية فقدت أي ادعاء بالاستقلالية على صعيد هذه المسألة.

لا يُبدي حزب العمال أي معارضة ضد حكومة تتصدى لإرادة محكمة العدل الدولية التي عبرت عنها بوضوح، والتي أمرت إسرائيل بالامتثال لاتفاقية الإبادة الجماعية، واستهزأت بهذه الإرادة عن طريق مواصلة إمداد إسرائيل بالأسلحة.

سلام الصمت

في الأسبوع الماضي، جادلت المملكة المتحدة في محكمة العدل الدولية بأن الإجراءات القانونية يجب أن تُنحى جانباً، من أجل السماح بأن تُستأنف المفاوضات السياسية حول دولة فلسطينية.

وكأنه جاء في اللحظة المناسبة، نسف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حجة المملكة المتحدة بادعائه أن أمن إسرائيل سيكون متضارباً بوجود دولة فلسطينية، إذ كتب نتنياهو على موقع X (تويتر سابقاً): "لن أساوم على السيطرة الأمنية الإسرائيلية الشاملة على كامل المنطقة الواقعة غرب [نهر] الأردن، وهذا أمر يتعارض مع [إقامة] دولة فلسطينية".

مرة أخرى، كبلت المملكة المتحدة نفسها خلف مفاوضات لن تقود إلى أي مكان في ظل وجود هذه القيادة الإسرائيلية أو أية قيادة أخرى، إذ إن أنصار الوضع الراهن ليس في أذهانهم سوى دولة واحدة: إسرائيل.

ومن ثم فإن هذا هو السؤال: مَن الديمقراطيون الحقيقيون، هل هم النواب داخل البرلمان، أم المتظاهرون خارجه؟ ومن الذي يمثل الشعب البريطاني أفضل تمثيل حول هذه القضية؟ ومن الذي يقوض الديمقراطية البريطانية؟ أهُمُ الفلسطينيون الذين تُذبح عائلاتهم في غزة، أم أنه التحالف غير المقدس بين المحافظين الجدد والعنصريين المعادين للإسلام، الذين يسعون لتشويه وتجريم أية مناقشة حول إسرائيل، حتى تُمحى أية صورة منها في هذه البلاد كلياً. وأي من المعسكرين يدعم القانون الدولي؟

لا ينتمي رئيس مجلس العموم البريطاني ليندسي هويل إلى أي منهما، لكنه يرضخ أمام التخويف. فقد نكث بوعده للحزب الوطني الاسكتلندي بأن يسمح بتصويت ثانٍ على اقتراح وقف إطلاق النار. 

إن السلام لن يستعاد في فلسطين عبر منح إسرائيل حرية التصرف المطلقة، لكن سلاماً من نوع ما يمكن أن يُفرض في شوارع لندن، وسيكون هذا سلام الصمت، فهل هذا هو ما صارت عليه بريطانيا؟

–  مترجم عن موقع Middle East Eye البريطاني.


***********************

ترجمة الموقع
المحافظون الجدد وكره الإسلام ، وليس المسلمين ، هم التهديد الحقيقي للديمقراطية البريطانية

يهاجم التحالف غير المقدس بين المجموعتين حرية التعبير ، ويعزز الكراهية المعادية للمسلمين ويسعى إلى إسكات كل النقاش حول إسرائيل

ديفيد هيرست

في كل الضجة التي رافقت تصويت مجلس العموم الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة ، تم نسيان جوهر النقاش تمامًا.

إن اقتراح الحزب الوطني الاسكتلندي ( SNP ) الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار كان سيحرج قيادة حزب العمال التي أمضت الأشهر الخمسة الأخيرة من تفجير قاتل غزة تجنب أقول ذلك فقط.

كانت حركة SNP واضحة لا لبس فيها وتتوافق تمامًا مع الرأي العام في الجزر البريطانية.

دعا الحزب الوطني الاسكتلندي إلى وقف فوري لإطلاق النار دون شروط. الحركة العمالية سلم ال إسرائيلي الحكومة حق النقض ، بالإصرار على ذلك حماس إطلاق سراح رهائنها كشرط مسبق لبدء وقف إطلاق النار.

لم تكن دعوة حزب العمال إلى "وقف إطلاق نار إنساني فوري" شيئًا من هذا القبيل ، لأنها سمحت لإسرائيل بمواصلة القتال.






إنها حقيقة غير ملائمة - لكل من المدافعين عن حزب المحافظين والعمل في إسرائيل - أن الغالبية الواضحة والمتنامية بسرعة من الجمهور البريطاني قد اكتفت من هذه الحرب. إنهم يريدون وقفًا فوريًا لإطلاق النار.

ستة وستون بالمائة من البريطانيين دعم وقف إطلاق النار. وتقول نفس النسبة إن إسرائيل يجب أن تكون مستعدة للدخول في مفاوضات سلام مع حماس ، بزيادة خمس نقاط عن نوفمبر. يعتقد 13 في المائة فقط أنه يجب على إسرائيل مواصلة الحرب ، ويعتقد 24 في المائة فقط أن الهجوم على غزة له ما يبرره ، بانخفاض قدره خمس نقاط.

وبعبارة أخرى ، بعناية وسرية جهد مصمّم لعرقلة التصويت على اقتراح الحزب الوطني الاسكتلندي تحدى الإرادة التي عبر عنها الشعب البريطاني بوضوح.

المتحدثة مجلس العموم ليندسي هويل معذرة قراره بالانفصال عن سابقة بالسماح بالتصويت على ثلاثة اقتراحات منفصلة ، وبالتالي إفساد اقتراح SNP ، بالقول أنه كان "جدًا, قلق للغاية بشأن أمن جميع الأعضاء".

ثم بدأت محاولة قصيرة لتحويل النواب الذين دعموا هذه الحرب الخسيسة إلى ضحايا ، إلى أهداف خطاب الكراهية "الإسلامي. يتطلب الأمر بعض الأعصاب لتحويل النواب ، الذين برروا باستمرار الحرب التي قتلت 30.000 فلسطيني إلى ضحايا خطاب الكراهية ، بدلاً من فضحهم كمنكري للإبادة الجماعية.

صحيفة أورويلي



زعيم حزب العمال كير ستارمر مرارا وتكرارا قال أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ، بعد فترة طويلة من اللحظة التي كان من الواضح فيها أن الحرب كانت موجهة إلى شعب غزة ككل. لديه منع مرارا يدعو لوقف إطلاق النار.

كما محامي حقوق الإنسان السابق دافع العقاب الجماعي. وقال بوضوح إن لإسرائيل الحق في حجب المياه والوقود. 

يتطلب الأمر بعض الأعصاب لتحويل النواب ، الذين برروا باستمرار الحرب التي قتلت 30.000 فلسطيني إلى ضحايا خطاب الكراهية ، بدلاً من فضحهم كمنكري للإبادة الجماعية

لهذا التعليق وحده ، يمكن مقاضاة ستارمر ، المدير السابق للمحاكمات العامة ( DPP ) ، بتهمة التحريض على الإبادة الجماعية ، على الرغم من أنه في وقت لاحق انسحب عليه.

يتطلب الأمر المزيد من الصحف الأورويلية ، وانقلابًا أكبر للواقع لتحويل المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين إلى إسلاميين راديكاليين. تم التركيز بشكل خاص على بن جمال, مدير حملة التضامن الفلسطيني ( PSC ).

المشكلة الأولى: جمال ليس مسلماً. إنه مسيحي ، ابن نائب أنجليكاني ، ليس أقل. جمال لا يؤيد تهديد النواب ، لكنه يدافع عن الاحتجاج خارج مكاتبهم الانتخابية ومحاسبتهم.

سئل في لجنة اختيار الشؤون الداخلية في ديسمبر / كانون الأول عما إذا كان يؤيد الهتاف "من النهر إلى البحر" جمال رد:"سألني السؤال:" هل تتسامح مع هذا الهتاف?' نحن لا نتسامح معها ، نحن نرددها.

"أتكلم بصفتي فلسطينيا ، هذه هتاف تستخدمه الغالبية العظمى من الفلسطينيين. يصف كيف تُحرم حقوقهم في جميع أنحاء فلسطين التاريخية ، بما في ذلك إذا كانوا مواطنين في دولة إسرائيل أو يعيشون تحت الاحتلال العسكري. إنه لا يسعى بأي شكل أو شكل إلى إلغاء حقوق أي شخص آخر."

يجب على الأشخاص الذين يعتقدون أن هذا الهتاف هو دعوة للإبادة الجماعية لليهود الذين يعيشون في إسرائيل والأراضي المحتلة أن يتوقفوا للتأمل.

من هو المتطرف؟



من النهر إلى البحر كان مستعمل من قبل جميع السياسيين الليكود منذ عام 1977. وذكر بيان الليكود في ذلك العام: "بين البحر والأردن ، لن تكون هناك سوى سيادة إسرائيلية".



لذا فإن الخلاف هو: ليس الإبادة الجماعية عندما يستخدم القادة اليهود الإسرائيليون العبارة ، ولكن الإبادة الجماعية عندما يستخدمها الفلسطينيون ، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين. في التعريف المتزايد وغير المتنازع عليه لمعاداة السامية ، يُعتقد الآن أن كل انتقادات إسرائيل معادية للسامية.

مع ظهور الأحداث يوم الجمعة ، أصبح من الواضح أن هذا النقاش لم يكن حول العقل أو العدالة ، ولكن حول العاطفة والتشويه. كما كانت خالية من الأدلة. الغريب أنه لا يتم التحقيق في أي تهديدات للنواب من قبل الشرطة أو النيابة العامة.

ذكرى جو كوكس, تم استدعاء النائب الذي قتل في دائرتها الانتخابية في يونيو 2016. لا يهم أن كوكس قتل على يد متطرف يميني. ثلاث نائبات تم إعطاؤهم حراس شخصيين في الخزانة العامة. ولكن هنا تأتي المشكلة الثانية: من وما هو المتطرف?

إذا كانت حكومة وزير المجتمعات مايكل جوف كان تعريف التطرف في طريقه يستهدف الأشخاص المناسبين ( المجلس الإسلامي البريطاني ، PSC ), لكنه سيستبعد الأشخاص الخطأ الذين تصادف أنهم أعضاء في حزب المحافظين (لي أندرسونليز تروسSuella Bravermanروبرت جينريك).






لحسن الحظ بالنسبة للديمقراطية في بريطانيا ، لا تزال المحاكم تعمل بشكل مستقل عن الحكومة ، وقد منع المحامون باستمرار تعريف التطرف كما تم التعبير عنه في مشروع قانون مكافحة الإرهاب والأمن لعام 2015 من صياغتها. لكن الحالة المزاجية التي يخلقها كلا الجانبين من مجلس النواب ليست واحدة لترفض الصعوبات القانونية الأساسية.




غير قادرة على صياغة تعريف ملزم قانونًا للتطرف ، استعانت الحكومة بالمشكلة من خلال إنشاء لجنة لمكافحة التطرف ( CCE ), برئاسة أشخاص لديهم سجل حافل من الحزبية حول هذه القضية.



جاء أولا سارة خان, الذي حاول إعادة تسمية التطرف اللاعنفي بأنه "تطرف يحض على الكراهية". تحت خان ، CCE انتقل للتوسع نطاق التطرف المضاد للتركيز ليس فقط على التطرف الإسلامي ، ولكن أيضًا على أقصى اليمين والأيديولوجيات الأخرى. خان دعا نهج يركز على الضحايا" لمواجهة التطرف.

ثم جاء روبن سيمكوكس, الذي خلفها كمفوض لمواجهة التطرف. كان تعيينه موصوف من قبل مند ، منظمة مناصرة إسلامية ، بأنها "مقلقة للغاية للمجتمعات الإسلامية". عبرت Simcox المحيط الأطلسي للعمل في مراكز الفكر اليمينية الداعمة لمهاجمة المجتمعات الإسلامية.

من عام 2008 إلى عام 2011 ، عمل Simcox في مركز التماسك الاجتماعي ( CSC ) ، والذي كان موصوف من قبل أحد مؤسسيها ماثيو جاميسون ، باعتباره "حيوانًا وحشيًا" و "منظمة عنصرية معادية للمسلمين بشدة".

في عام 2016 ، تولى Simcox دورًا جديدًا كزميل مارغريت تاتشر في مؤسسة التراث ، التي تعتبر مهمة جدًا لإدارة ترامب لدرجة أن نيويورك تايمز موصوف في عام 2018 باسم "تخزين حكومة ترامب" مع موظفيها.

في عام 2019 مقالة - سلعة بالنسبة لمؤسسة التراث ، وصف الإسلاموفوبيا بأنها "مفهوم زلق". كتب سيمكوكس: "إن الغموض والارتباك حول معنى كراهية الإسلام يسمح للإسلاميين باستخدام المصطلح لإغلاق انتقاد دينهم وفرض قانون تجديف غير رسمي على ماكر."

مع سجل حافل مثل هذا ، من الصعب وصف Simcox بأنه حكم محايد لقضية أساسية لعلاقات المجتمع في المملكة المتحدة. هو المشجع للعلامة التجارية اليمينية للتطرف.

جرعة سامة

امزج التسامح المتأصل في خطاب الكراهية تجاه المسلمين في حزب المحافظين ، واستخدام المستشارين الذين يرون الفوائد الانتخابية في اللعب مع نظرية الاستبدال العظيمة - امزج كل هذا مع قضية فلسطين وتحصل على جرعة سامة حقًا ، قادرة على إشعال نار التوتر المجتمعي وتخريب حرية التعبير في بريطانيا.

وصل الأمر إلى الصدارة عندما أخبر لي أندرسون شبكة GB News أن الإسلاميين سيطروا على عمدة لندن صادق خان. "لا أعتقد في الواقع أن الإسلاميين سيطروا على بلادنا ، لكن ما أعتقده هو أنهم سيطروا على خان ويسيطرون على لندن… لقد أعطى عاصمتنا بعيدا لأصدقائه."

وجاءت تعليقاته بعد مقال نشرته وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان في صحيفة الديلي تلغراف ، كتبت فيه "الحقيقة هي أن الإسلاميين, المتطرفون والمعادون للسامية هم المسؤولون الآن ”.

رفض أندرسون الاعتذار وتم سحب السوط ، ولكن ليس من دون تردد كبير.

وقالت السيدة وارسي ، الرئيسة السابقة لحزب المحافظين ، للقناة 4 نيوز: "إذا كانت هذه التعليقات تُقدم وكانت معادية للسامية أو رهاب المثلية لكانت قد سحبت على الفور. وكما قال صادق خان ، لا يمكن أن يكون لدينا تسلسل هرمي للعنصرية داخل الأحزاب السياسية."





لكن مثل هذا التسلسل الهرمي موجود الآن على جانبي مجلس النواب ولا يخطئ ، سيتم استخدامه لكتابة قوانين جديدة. الحق لن يزول. سيستمر في دفع الحدود ، حتى يتم فقدان حرية التعبير.

وهكذا تتحول المظاهرات الأسبوعية لفلسطين إلى "غوغ". لا يسمح لممثلي حزب العمل على أي مستوى بالمشاركة. إنهم يتعرضون للتنمر والترهيب من قبل قيادة الحزب التي فقدت أي مطالبة بالاستقلال بشأن هذه المسألة.

لا يقدم حزب العمل أي معارضة لحكومة تعارض وتنتهك الإرادة التي عبرت عنها بوضوح محكمة العدل الدولية التي أمرت إسرائيل بالامتثال لاتفاقية الإبادة الجماعية, من خلال الاستمرار في تزويد إسرائيل بالأسلحة.

سلام الصمت

في الأسبوع الماضي ، جادلت المملكة المتحدة في محكمة العدل الدولية بضرورة اتخاذ إجراءات قانونية من جانب واحد للسماح بالمفاوضات السياسية بشأن دولة فلسطينية للمضي قدمًا.

يمكن فرض سلام من نوع ما في شوارع لندن. سيكون سلام الصمت. هل هذا ما أصبحت بريطانيا?



وكأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نسف حجة المملكة المتحدة من خلال الادعاء بأن الاحتياجات الأمنية لإسرائيل ستكون غير متوافقة مع الدولة الفلسطينية. "وقال نتنياهو في منشور على X "لن أتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على جميع الأراضي الواقعة غرب الأردن - وهذا يتعارض مع الدولة الفلسطينية.

مرة أخرى ، اصطف المملكة المتحدة وراء المفاوضات التي لا يمكن أن تقود أي مكان تحت هذه القيادة الإسرائيلية أو أي دولة أخرى. إن مؤيدي الوضع الراهن لديهم دولة واحدة فقط في الاعتبار: إسرائيل.

إذن السؤال هو: من هم الديمقراطيون الحقيقيون: النواب داخل البرلمان أم المتظاهرون في الخارج? من يمثل الشعب البريطاني بشكل أفضل في هذه القضية? ومن الذي يفسد الديمقراطية البريطانية? الفلسطينيون الذين يتم ذبح عائلاتهم في غزة أو التحالف غير المقدس للمحافظين الجدد والعنصريين الذين يعانون من كراهية الإسلام ، الذين يسعون إلى تحريف وتجريم كل النقاش حول إسرائيل, حتى لا يوجد في هذا البلد على الإطلاق.

وأي من المعسكرين يدعم القانون الدولي؟

المتحدث ليندسي هويل ليس كذلك ، لكنه ينحني للتنمر. هو متخلف بناء على وعده ل SNP للسماح بالتصويت الثاني على اقتراح وقف إطلاق النار. لن يتم استعادة السلام في الصراع من خلال إطلاق سراح إسرائيل.

ولكن يمكن فرض سلام من نوع ما في شوارع لندن. سيكون سلام الصمت. هل هذا ما أصبحت بريطانيا؟

– مترجم عن موقع Middle East Eye البريطاني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق