السبت، 2 مارس 2024

“مجزرة الطحين”!

 

“مجزرة الطحين”!





د. عز الدين الكومي


في شمال غزة الصامدة وفي شارع الرشيد وأثناء انتظار الجوعى المنهكين المشردين شاحنة الطحين .. ارتكب جيش الاحتلال الصهيوني البغيض مجزرةً بشعة يندى لها جبين كل حر ، مجزرة اختلط فيها بياض الدقيق بحمرة الدم القاني الذي سأل مدراراً من الجوعى والمكلومين المحاصرين من أهل غزة العزة ، مجزرة راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى في عمل جبان يدل على خسة هذا الاحتلال الذي يرتكب مجازر بشعة في كل ساعة بعد أن تأكد من صمت المجتمع الدولي الذي يكيل بأكثر من مكيال !! .


فقد قامت دبابات الاحتلال الصهيوني بدهس المواطنين العزل الذين ينتظرون المساعدات بفارغ الصبر ، في حين قامت دبابات أخرى بإطلاق القذائف الحارقة تجاههم ، كما تعمدت قوات الاحتلال إطلاق النار على الطواقم الطبية والمواطنين الذين حاولوا إسعاف المصابين وانتشال الشهداء قرب دوار النابلسي جنوب مدينة غزة .


هؤلاء المواطنون الغزيون الذين ذهبوا للحصول على مساعدات غذائية وإنسانية بعد أن فرض عليهم جيش الاحتلال النزوح القسري وحاصرهم وجوّعهم منذ خمسة أشهر ، فصاروا لايجدون ما يسدون به رمقهم .. لا هم ولا أطفالهم ، فكانت الحقارة الصهيونية فى أحط صورها.


وبحسب شهادات بعض الناجين من هذه المجزرة المروعة فإنهم كانوا ينتظرون منذ ظهر أمس في شارع الرشيد بانتظار المساعدات التي وصلت بالفعل في الرابعة والنصف فجرًا ، وعندما وصلت المساعدات سرعان ما تبعها إطلاق نار مباشر على المدنيين العزل ، مما يؤكد أن جيش الاحتلال كان قد بيت النية لارتكاب مجزرة الجائعين المروعة هذه بإطلاق النار عليهم وإعدامهم بدم بارد في إطار الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يمارسها جيش الاحتلال بحق أهل غزة .


فقد كان طيران الاحتلال يراقب الحشود وينتظر حتى يتجمعوا حول الشاحنات المحملة بالدقيق لقتل أكبر عدد ممكن ، واختار وقت الفجر حتى يصعب توثيق المجزرة، وبعد تجمع المدنيين في مكان واحد بدأ إطلاق الرصاص لقتل أكبر عدد في مجزرة واحدة .
وقد برّر الكيان الصهيوني المجرم جريمته بأن هذه الجموع اقتربوا من جنوده ففتحوا النار عليهم ، مع أنه يعلم أن هؤلاء عزل أنهكهم الجوع والحصار !! .


وبالرغم من أن استهداف المدنيين بعد تجويعهم يعد انتهاكا صارخاً للقوانين الإنسانية والمواثيق الدولية .. إلا أن المجتمع الدولي أصبح رهين الغطرسة الأمريكية . فبالرغم من المناشدات والتحذيرات من خطر المجاعة فلازال الرئيس الأمريكي الخرف “بايدن” يصر على استعمال حق الفيتو ضد أى قرار يدين الكيان الصهيوني أو يدعو إلى وقف إطلاق النار.


فضلاً عن أن الكيان الصهيوني ضرب بقرارت محكمة العدل الدولية عرض الحائط كما هي عادة هذا الكيان الصهيوني اللقيط ! .
ومن المشاهد المؤلمة والقاسية التي رأيناها : أب يحتضن ابنه وهو يبكي رغم عودته دون طحين قائلاً : “إبني خرج ليحضر قوت إخوته الجوعى وعاد دون شيء ولكن سلامته تساوي الدنيا كلها.
إنها حقارة جيش الاحتلال الصهيوني المهزوم المأزوم ، يحاول الانتقام من الجوعى المحاصرين الأبرياء على مرأى ومسمع من العالم كله .


[ ] والسؤال الذى يطرح نفسه هو : ماذا بقي حتى يتحرك ضمير المجتمع الدولي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة “أبو الغيط العبرية” لوقف المجازر والمجاعة بحق المدنيين العزل المحاصرين؟!
ولكن يبدو أن العالم اعتاد أخبار القتل والدمار وأصبح أعداد الشهداء مجرد أرقام تتداولها وسائل الإعلام لكنها لا تحرك ضمير العالم.


كيف يهنأ العالم وهو يرى مشاهد الشهداء والجرحى بجانبهم أكياس الطحين ملطخة بالدماء؟ أراد أن يحمله لأولاده ، لكن رصاص الغدر والخيانة والخسة والندالة عاجله فأرداه قتيلاً أوجريحاً ينزف فجاء أولاده الجياع ليحملوه جثة هامدة بدلا من حمل جوال الطحين !! .


وللأسف الشديد فإن القاصي والداني يعلم أن مجزرة الطحين التى ارتكبها الكيان الصهيوني فجر الخميس لن تكون الأخيرة طالما أن الكيان الصهيوني ما زال يجد الدعم المادي والمعنوي من الراعي الأمريكي والغربي وكذلك الدعم السياسي بالدفاع عن جرائمه ومجازره في المحافل الدولية .


فقد رأينا كيف أن الكيان الصهيوني ضرب بقرارات محكمة العدل الدولية عرض الحائط لأنه يعلم أن الراعي الأمريكي سيستخدم حق الفيتو ضد أي إدانة للكيان الصهيوني وهو ما أفقد العالم بأكمله الثقة فيما يسمى “المجتمع الدولي” وقراراته ومنظماته !! .
هؤلاء الجوعى المكلومين ذهبوا منذ أمس ينتظرون أن يعودو لأبنائهم بالطحين ولكنهم عادوا محمولين على الأكتاف ما بين قتيل وجريح.


هذه الدماء التي تجري كل يوم في غزة تقع مسؤليتها على عاتق من تركهم فريسة للاحتلال الصهيوني ثم تركهم ينهشهم الجوع ، هذه الدماء مسؤليتها تقع علينا جميعاً نحن العرب والمسلمين .
فمن المقرر فقهًا أن من مات جوعًا بعلم جيرانه فَدِيَتُه على أهل الحي، وكذا من مات عطشًا ، روى الحسن أن رجلاً أتى أهل ماء فاستسقاهم فلم يسقوه حتى مات ، فأغرمهم عمر الدِّيَة .


ويمكننا القول بأن هذا الحكم خاص بالجيران ، أما أهل غزة فهم إخوان لنا، وجيران لنا وقد جاء في الحديث عن أنس
بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به.

فمتى يقوم العرب والمسلمون بواجبهم بإنقاذ إخوانهم من القتل والمجاعة التي تفتك بهم؟
أم وصل بنا الحال من الوهن والضعف والخور ألا نجرؤ على نصرة إخواننا على الرغم من تداعي كل قوى الكفر لنصرة الكيان الصهيوني؟!!
وإلى الله المشتكى.











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق