إن الحملة على الإسلاميين تُظهر لإسرائيل أن المملكة الهاشمية يمكن أن تخضع للتنمر، مما يمهد الطريق أمام حملة نتنياهو لضم الضفة الغربية.
يحتوي التاريخ الحديث على العديد من أعمال التكريم التي من شأنها أن تجعل روما الإمبراطورية فخورة.
عندما قام فلاديمير بوتن بتقليص حجم الأوليغارشية من خلال سجن ميخائيل خودوركوفسكي، قدم أحد زملائه للدولة الروسية ، وبالتالي للرئيس نفسه، بيضة فابرجيه .
اتضح أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر هو شخص متذلل تمامًا أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أولاً، جاء الإعلان عن زيارة دولة ثانية لترامب، الذي يُعجب بالعائلة المالكة البريطانية. والآن، يستكشف ستارمر إمكانية استضافة بطولة الجولف المفتوحة لعام ٢٠٢٨ في تيرنبيري، التي يملكها ترامب. وتساءلت صحيفة الغارديان : هل سيكون ستارمر مساعده في الجولف ؟
على نفس المنوال، كان بإمكان الملك عبد الله، ملك الأردن ، أن يُهدي ترامب سجادةً أو زوجًا من الصقرين. لكنه قرر اتخاذ خطوةٍ أكثر فعاليةً: حظر جماعة الإخوان المسلمين .
أسباب استرضاء ترامب قوية. فالأردن من أكبر المستفيدين من المساعدات الأمريكية في العالم، والتي سبق أن هدد ترامب بقطعها. كما اختار ترامب إريك تراجر ، المتشدد في التعامل مع مصر وجماعة الإخوان المسلمين، مستشارًا لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي.
في ولايته الأولى، راود ترامب فكرة حظر جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، وقد يفعل ذلك هذه المرة. خطوة عبد الله تضع الأردن بقوة في صف المعسكر الغربي المناهض للإسلام السياسي.
وقد أثمرت هذه الخطوة بالفعل. فقد أُعيدَت ملايين الدولارات الأمريكية لأكبر محطة تحلية مياه في الأردن، والتي جفت عندما خفض ترامب ميزانية المساعدات الخارجية بشكل كبير، وفقًا لتقارير رويترز .
لكن على الصعيد المحلي، تُعدّ هذه الخطوة مقامرةً لا أكثر. فبحظر منظمةٍ قائمةٍ رسميًا في المملكة منذ عام ١٩٤٥، تجاوز عبد الله خطًا كان والده، الملك حسين، حريصًا على عدم تجاوزه طوال حكمه الذي دام ٤٧ عامًا.
وقف الإخوان إلى جانب الحسين في لحظات الخطر الشخصي، بما في ذلك عندما فشلت محاولة انقلاب عام ١٩٥٧ التي قادها قوميون ويساريون متأثرون بعبد الناصر، أو في عام ١٩٧٠، عندما كان الأردن على شفا حرب أهلية في صراعه مع منظمة التحرير الفلسطينية . كان للإخوان كتيبة إلى جانب القوات الفلسطينية، لكنهم لم يشاركوا في الصراع نفسه.
كان غزو الرئيس العراقي السابق صدام حسين للكويت عام ١٩٩٠ أزمة أخرى للملك. كان حسين حليفًا لصدام، لكنه كان ضد الغزو. ونتيجةً لذلك، عانى الأردن من ضغوط الغرب عليه.
ولمواجهة هذا التحدي الضخم، حرص حسين على الحفاظ على وحدة شعبه خلفه، فشكل حكومة كان فيها خمسة وزراء من الإخوان المسلمين.
في ولايته الأولى، راود ترامب فكرة حظر جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، وقد يفعل ذلك هذه المرة. خطوة عبد الله تضع الأردن بقوة في صف المعسكر الغربي المناهض للإسلام السياسي.
وقد أثمرت هذه الخطوة بالفعل. فقد أُعيدَت ملايين الدولارات الأمريكية لأكبر محطة تحلية مياه في الأردن، والتي جفت عندما خفض ترامب ميزانية المساعدات الخارجية بشكل كبير، وفقًا لتقارير رويترز .
لكن على الصعيد المحلي، تُعدّ هذه الخطوة مقامرةً لا أكثر. فبحظر منظمةٍ قائمةٍ رسميًا في المملكة منذ عام ١٩٤٥، تجاوز عبد الله خطًا كان والده، الملك حسين، حريصًا على عدم تجاوزه طوال حكمه الذي دام ٤٧ عامًا.
موازنة الحسين
كانت علاقة حسين بالإخوان المسلمين معقدة، لكنه كان بارعًا في موازنة التحالفات العالمية مع التحديات التي واجهها محليًا. أما ابنه، فيتمتع بمواهب أقل.وقف الإخوان إلى جانب الحسين في لحظات الخطر الشخصي، بما في ذلك عندما فشلت محاولة انقلاب عام ١٩٥٧ التي قادها قوميون ويساريون متأثرون بعبد الناصر، أو في عام ١٩٧٠، عندما كان الأردن على شفا حرب أهلية في صراعه مع منظمة التحرير الفلسطينية . كان للإخوان كتيبة إلى جانب القوات الفلسطينية، لكنهم لم يشاركوا في الصراع نفسه.
كان غزو الرئيس العراقي السابق صدام حسين للكويت عام ١٩٩٠ أزمة أخرى للملك. كان حسين حليفًا لصدام، لكنه كان ضد الغزو. ونتيجةً لذلك، عانى الأردن من ضغوط الغرب عليه.
ولمواجهة هذا التحدي الضخم، حرص حسين على الحفاظ على وحدة شعبه خلفه، فشكل حكومة كان فيها خمسة وزراء من الإخوان المسلمين.
اعتبر حسين الإخوان بمثابة صمام أمان يخفف الغضب في البلاد في وقت الصراعات الكبيرة
لكن كانت هناك صراعات أيضًا. عارض الإخوان المسلمون انضمام الأردن إلى حلف بغداد ، إحدى المحاولات الفاشلة العديدة لإنشاء حلف شمال الأطلسي الإقليمي عام ١٩٥٥. كما عارضوا أشهر خطوة اتخذها حسين في السياسة الخارجية، وهي معاهدة وادي عربة للسلام مع إسرائيل .
لكن حسين لم يحظر الجماعة قط، حتى عندما ضغط عليه قادة عرب مثل جمال عبد الناصر في مصر وحافظ الأسد في سوريا . لم يكن حسين متعاطفًا، وكانت لديه دائمًا رؤيته الخاصة لفلسطين. لكنه أدرك أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة سلمية وإصلاحية، ويمكنها أن تلعب دورًا مهمًا بالنسبة له.
رأى حسين في جماعة الإخوان المسلمين صمام أمان، يُخفف من حدة الغضب في البلاد في ظل صراعات حادة. كما كان لها ميزة عزيزة عليه: وقوفها إلى جانب الانقسام الفلسطيني الأردني داخل المملكة.
كانت علاقة حسين بحماس أكثر إثارة للاهتمام. عندما أصبحت حماس قوةً في فلسطين خلال الانتفاضة الأولى ، اهتم حسين بتطوير علاقة. سمح لحماس بفتح مكاتب في عمّان. في عام ١٩٩٧، وافق حسين على استقبال زعيم حماس، موسى أبو مرزوق، بعد ٢٢ شهرًا قضاها في السجن في الولايات المتحدة.
ومن المعروف أنه عندما حاول الموساد تسميم خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في شوارع عمان، طالب حسين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإعطائه الترياق ، وهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية وتقديم الجناة الإسرائيليين للمحاكمة.
حتى أنه ضغط على نتنياهو لإطلاق سراح الزعيم الروحي لحماس، أحمد ياسين . لم ينجح أي زعيم عربي آخر في فعل ذلك مع إسرائيل.
خطأ عبدالله
وفي عهد عبد الله، شهدت العلاقات مع الإخوان المسلمين تراجعاً مستمراً.
بعد أشهر من توليه العرش عام ١٩٩٩، طرد حماس واتفق مع القطريين على نقل مكتبها السياسي إلى الدوحة. ثم ألغى لاحقًا صفة الجمعية الخيرية عن الإخوان المسلمين وأوقف أعمالهم.
ظنّ أنه أضعف الإخوان المسلمين إلى درجة تمكنه من احتوائهم. وهو خطأٌ ارتكبه مرارًا، مع أن الإخوان المسلمين لم يتحدّوا النظام قط، حتى في ظلّ تصاعد الأحداث في العالم العربي.
لم يرفع الإخوان سقف مطالبهم وهتافاتهم خلال الربيع العربي ، ولم يدعوا إلى إسقاط النظام، على عكس أبناء عمومتهم في مصر وتونس .
بعد أشهر من توليه العرش عام ١٩٩٩، طرد حماس واتفق مع القطريين على نقل مكتبها السياسي إلى الدوحة. ثم ألغى لاحقًا صفة الجمعية الخيرية عن الإخوان المسلمين وأوقف أعمالهم.
ظنّ أنه أضعف الإخوان المسلمين إلى درجة تمكنه من احتوائهم. وهو خطأٌ ارتكبه مرارًا، مع أن الإخوان المسلمين لم يتحدّوا النظام قط، حتى في ظلّ تصاعد الأحداث في العالم العربي.
لم يرفع الإخوان سقف مطالبهم وهتافاتهم خلال الربيع العربي ، ولم يدعوا إلى إسقاط النظام، على عكس أبناء عمومتهم في مصر وتونس .
كان التكتيك الآخر للنظام هو تشجيع الانقسامات . ففي عام ٢٠١٥، منح الأردن ترخيصًا لجماعة منشقة بقيادة عبد المجيد ذنيبات باسم جمعية الإخوان المسلمين، مما جعل الجماعة الأصلية غير مرخصة. وقد استخدم النظام "التراخيص" لقمع الذراع الإعلامية لحزب جبهة العمل الإسلامي، الحزب السياسي التابع له.
ولكن في كل مرة كان عبد الله يعتقد أنه نجح في هزيمة الإسلاميين السياسيين، فإنهم أثبتوا شعبيتهم.
أدى هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى تعزيز الدعم لكتائب القسام في جميع أنحاء الأردن، وخاصة بين القبائل وسكان الضفة الشرقية. وبعد عام، حصلت جبهة العمل الإسلامي على 31 مقعدًا من أصل 138 مقعدًا ، مما جعلها أكبر حزب في البرلمان، حتى مع استهداف أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالاعتقال.
في الأيام الأخيرة، دعا صحفيون ومعلقون ومسؤولون سابقون إلى حظر جماعة الإخوان المسلمين. وكانت دعوات الإخوان للتوجه نحو الحدود ومحاصرة السفارة الإسرائيلية مصدر إزعاج خاص للنظام.
لكن لا تُطلق أي حملة إعلامية في الأردن دون تخطيط مسبق. لا شيء عفوي في مثل هذه الحملات. وكما هو الحال في مصر والسعودية والإمارات ، لا يتمتع أي كاتب في الأردن بحرية التعبير عما يشاء، وإن فعل، فلن يدوم ذلك طويلًا.
ما نراه ليس حملة شعبية ضد الإخوان، بل هو أمر مخطط له منذ زمن طويل.
تياران
لقد كان هناك دائمًا تياران من التفكير في البلاط الملكي ومؤسسة الدفاع.الأول هو اعتبار إسرائيل عدوًا وجوديًا للأردن. وقد عبّر عن ذلك وزير الخارجية أيمن الصفدي بصوت عالٍ، مُعلنًا أن إسرائيل قضت على ثلاثين عامًا من الجهود المبذولة لإقناع الناس بإمكانية السلام.
في السياق نفسه، صرّح مصدر مطلع لبيتر أوبورن من موقع "ميدل إيست آي" بأن الأردن "مستعد للحرب" إذا طردت إسرائيل الفلسطينيين قسرًا إلى أراضيها. وقال أحد المصادر إن اقتراح ترامب بإخلاء غزة من الفلسطينيين يُمثل "قضية وجودية" لكل من الأردن والأسرة الهاشمية، مشيرًا إلى أن الأردن هو ثالث أفقر دولة مائيًا في العالم.
يمكن رؤية التيار نفسه بطرق أخرى أقل رسمية. فعندما قتل ماهر الجازي، الجندي الأردني المتقاعد، ثلاثة إسرائيليين في سبتمبر/أيلول 2024 على المعبر الحدودي بين الأردن والضفة الغربية المحتلة، حضر أفراد من الجيش مراسم عزاء العائلة بزيهم العسكري.
إن التيار الثاني هو النظر إلى إيران والإسلام السياسي باعتبارهما العدو الرئيسي للمملكة ــ ولهذا التيار مؤيد قوي، وإن كان أقل وضوحاً: دائرة المخابرات العامة الأردنية، وهي منظمة ضخمة إلى حد أن أحد وزراء الخارجية السابقين وصفها لي بأنها الحكومة الموازية للأردن.
إن جهاز المخابرات، كما يُعرف أيضاً، هو في الأساس من صنع جهاز المخابرات البريطاني MI6، ويعمل اليوم بمثابة الشريك العربي الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في المنطقة.
تُقدّم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) دعمًا ماليًا غير مُعلن لدائرة المخابرات العامة، بالإضافة إلى المساعدات التي يتلقاها الأردن من الولايات المتحدة. وتتميّز العلاقة بين الوكالتين بالوثوق الشديد، لدرجة أن عملاء الوكالة مُتمركزون بشكل دائم في مقرّ دائرة المخابرات العامة.
في واقع الأمر، كان يُنظر إلى دائرة المخابرات العامة على أنها أساسية للغاية بالنسبة لجمع المعلومات الاستخباراتية الإقليمية لوكالة المخابرات المركزية الأميركية عن تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية خلال "الحرب على الإرهاب"، وعن سوريا واليمن اليوم ، لدرجة أن أحد مسؤولي وكالة المخابرات المركزية السابقين قال لصحيفة لوس أنجلوس تايمز إنه سُمح له بالتجول في أروقة دائرة المخابرات العامة دون حراسة.
وبالإضافة إلى ذلك، قال فرانك أندرسون، رئيس قسم الشرق الأوسط السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية، للصحيفة إن محققي المخابرات العامة هم الأفضل: "إنهم سيحصلون على مزيد من المعلومات [من المشتبه بهم في الإرهاب] لأنهم سيعرفون لغته وثقافته وشركائه ــ والمزيد عن الشبكة التي ينتمي إليها".
مايكل شوير، وهو عميل سابق آخر في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أمضى أربع سنوات في تعقب أسامة بن لادن، صرّح لصحيفة التايمز عام ٢٠٠٥: "الأردن على رأس قائمة شركائنا الأجانب. لدينا أجندات مماثلة، وهم على استعداد للمساعدة بأي طريقة ممكنة". وأضاف شوير أن دائرة المخابرات العامة كانت على نفس القدر من الكفاءة والمهنية التي يتمتع بها الموساد.
ومن الواضح أن دائرة المخابرات العامة، مع هذا التاريخ وهذا التمويل، سوف تستخدم التحدي الشجاع الذي أبداه الصفدي وآخرون كغطاء، ولكنها سوف تسعى إلى تحقيق أجندة مختلفة تماما، أقرب إلى أجندة الولايات المتحدة وإسرائيل.
مخاطر واضحة
هناك مخاطر واضحة على عبد الله في اتباع هذا
المسار. فهو لم يقطعه بالكامل بعد، إذ لم يشمل حظر
الإخوان المسلمين نواب جبهة العمل الإسلامي الواحد
والثلاثين - حتى الآن.
لكن الحظر بحد ذاته بالغ الأهمية. أولًا، لم يكن
التوقيت أسوأ من ذلك، إذ تزامن مع عيد الفصح
اليهودي، وهو احتفال بالفرح والشكر، والذي تحول
في أيدي الصهاينة المتدينين في المسجد الأقصى إلى
استعراض فج للغزو الديني والكراهية.
ودخل أكثر من 6700 يهودي ساحات المسجد
للصلاة، بحسب الأوقاف، وهو عدد أكبر من إجمالي
المصلين اليهود الذين زاروا المسجد خلال الأعياد
العام الماضي.
ارتفعت اقتحامات المستوطنين الإسرائيليين للمسجد
الأقصى بنسبة تزيد عن 18 ألفاً في المائة منذ عام
2003، عندما بدأت السلطات الإسرائيلية بالسماح
للمستوطنين بتجاوز إدارة الأوقاف الإسلامية ودخول
ثالث أقدس موقع في الإسلام.
كان هذا العام أيضًا عامًا سيئًا للغاية بالنسبة للمسيحيين
الفلسطينيين. صرّح القس منذر إسحاق، وهو قس
وعالم لاهوت مسيحي، لموقع ميدل إيست آي لايف
بأن عيد الفصح هذا كان "الأسوأ على الإطلاق".
لقد تخلت إسرائيل، بجميع أشكالها - العسكرية والدينية
والعلمانية - عن فكرة العيش مع جيرانها العرب
والانتماء إلى المنطقة. إسرائيل في حالة حرب
صليبية بامتياز. من الواضح أنها عازمة على الهيمنة
على المنطقة، والسيطرة على الأماكن المقدسة التي
تتمتع المملكة الهاشمية بوصاية قانونية ودولية
وتاريخية عليها.
في المسجد الأقصى، الذي من واجب الملك في عمّان حمايته، يُشكّل الإسلاميون الحصن الوحيد ضدّ هجومٍ مُستمرّ من الصهاينة المتدينين. ويفشل عبد الله بوضوح في التنديد بالتآكل الصارخ لوصايته على الأماكن المقدسة في القدس، والتي تشمل الكنائس المسيحية والمسجد الأقصى.
إن حظر جماعة الإخوان المسلمين، في وقت يتعرض فيه جميع المسلمين والمسيحيين في المنطقة لهجوم متواصل، ليس إلا عملاً تخريبياً في زمن الحرب. وبصفته جندياً، عليه أن يُدرك ما يفعله.
وفي الأردن نفسه، أزال الملك عبدالله صمام الأمان الذي يحتاج إليه أكثر من أي وقت مضى.
لقد عزز والده وحدة الأمة في أوقات الخطر. ويواجه عبد الله لحظة خطر حقيقية، ومع كل خطوة يتخذها نتنياهو نحو ضم الضفة الغربية وتطهيرها عرقيًا، يتصاعد غضب الأردنيين.
أدى وجود الإخوان المسلمين إلى توقف تجنيد حماس في الأردن بفضل الاتفاق بينهما. لكن الآن، ثمة فراغ. لا شيء يمنع حماس أو أي جماعة مقاومة أخرى من استخدام الأردن قاعدةً لشن هجمات على إسرائيل. كل الاحتمالات واردة.
بالنسبة لإسرائيل، يُعدّ حظر الأردن لجماعة الإخوان المسلمين دليلاً على إمكانية تخويف الملك. لا ترى إسرائيل في الأردن رجلاً قوياً كما رأت في والده، بل ترى فيه رجلاً متذبذباً تحت ضغط كبير.
وإذا رأت إسرائيل أن مثل هذا الملك يعطي الأولوية لحظر الإخوان المسلمين على التحدث ضد ما يحدث في الأقصى، فيمكنها أن تحسب أنها قد تنجح في تنفيذ مشروعها التالي، وهو ضم الضفة الغربية.
على الملك عبد الله أن يحذر من السير على خطى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في غياهب التاريخ. فحتى في أيامه الأخيرة، لم يتراجع عباس عناده لحظة واحدة.
ولن يتصالح عباس بشكل مرضي مع حماس وغيرها من جماعات المقاومة، ولن يسمح بتشكيل حكومة وحدة وطنية سواء في الضفة الغربية أو غزة ــ على الرغم من أن ذلك يصب بوضوح في مصلحة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية.
النتيجة هي أن رام الله مُسحقة ومُتجاهلة ومُحتقرة من قِبَل نتنياهو وترامب، الذي يُخطط الآن لإلغاء مكتب منسق الأمن الأمريكي لمواصلة تقليص العلاقات مع السلطة الفلسطينية. إن احتقار ترامب هو المكافأة التي نالها عباس لإعطائه الأولوية لعلاقته مع واشنطن على حساب إخوانه الفلسطينيين.
على عبد الله أن يحذر من مصير عباس، فالتاريخ لن يرحمه ولا المملكة الهاشمية.
المصدر: ميدل إيست آي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق