سر 77 دقيقة قضاها السيسي بالرياض في زيارة ثالثة له إلى السعودية خلال 99 يوما
عادل القاضي – التقرير
ليست زيارة عادية، ولكنها “مفاجئة غير مجدولة” و”زيارة عمل” حسبما وصفتها المصادر الدبلوماسية والرسمية المصرية، جاءت في أعقاب التغييرات الأخيرة في السعودية بتعيين ولي عهد جديد وولي ولي عهد، كما أنها جاءت في أعقاب “احتجاج رسمي” سعودي سلمه السفير عبد العزيز قطان للرئاسة المصرية، ووسط توقعات بأن تنطلق المرحلة الثانية لعاصفة الحزم بتحرك بري، فما الذي تحمله زيارة السيسي من أسرار؟
وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس السبت 2 مايو الى قاعدة الرياض الجوية في زيارة قصيرة للمملكة العربية السعودية ألتقي خلالها مع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد وولي ولي العهد، حيث تعد هذه هي الزيارة الثالثة له للسعودية خلال 99 يوما.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية “واس”، وصل السيسي للرياض في الساعة 14.08 بالتوقيت المحلي، وغادر في 15.26 ما يعني أن زيارته للسعودية استغرقت 77 دقيقة.
وقالت الرئاسة وصحف مصرية أن “السيسي سيهنئ ولي العهد السعودي ووليَّه بالتعيين“، حيث سيقوم خلالها السيسي بتقديم التهنئة إلى الأمير محمد بن نايف بتعيينه وليًا لعهد السعودية، كما يقدم التهنئة، أيضًا، إلى الأمير محمد بن سلمان، لتعيينه وليًا لولي العهد، يوسف حسب بيان للرئاسة المصرية.
ويضم الوفد المرافق للسيسي، سامح شكري وزير الخارجية وقالت مصادر مصرية أن الجانبان سيبحثان سبل دعم علاقات التعاون بين مصر والسعودية وآخر تطورات الوضع في المنطقة خاصة في اليمن وسوريا وليبيا ومواجهة التنظيمات الإرهابية.
وكان السيسي زار السعودية في فبراير الماضي، بعد أيام من زيارة أجراها للرياض في 24 يناير الماضي لتقديم واجب العزاء في وفاة الملك عبد الله.
تفسيرات متعددة
وقد اختلفت تقديرات الخبراء والمحللين والنشطاء المصريين والسعوديين في توصيف الزيارة الطارئة غير المجدولة والتي وصفت رسميًا بأنها “زيارة عمل”، ما يشير إلى أنها ليست فقط لتهنئة المسؤولين الجدد بمناصبهم، كما قال المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية، لتقديم التهنئة لولي العهد وولي ولي العهد.
فريق من الخبراء قال إن السبب الأول والرئيس للزيارة المغلفة بطابع التهنئة للقيادات الجديدة، تقديم اعتذار مصري “رسمي” عن إساءات الإعلام المصري بعد الاحتجاج السعودي “الرسمي” من قبل سفير المملكة، الذي قال إنه قدمه للرئيس السيسي، فضلا عن مناقشة تطورات عاصفة الحزم.
وفريق أخر قال إن الاعتذار المصري عن إساءات الإعلام هو محاولة من السيسي لإنقاذ تحالفه مع السعودية بعد الضربات التي واجهها هذا التحالف من أجنحة الدولة المصرية المتنافسة، في صورة تحريض أجهزة إعلام ضد السيسي والسماح بخروج مظاهرات أمام سفارتها تسب الملك وترفع شعارات مسيئة.
وأشار إلى أن إعفاء الأمير “مقرن” الذي كان هو أمل السيسي الأخير في القيادة السعودية، اضطر القيادة المصرية لمحاولة بناء علاقات جديدة مع الحكام الجدد وتوثيق الصلات مع ولي العهد الجديد وولي ولي العهد، وفي هذا الصدد يقول السفير “علي جاروش” مدير الشؤون العربية السابق بجامعة الدول العربية، إن أي تحرك للسيسي في الفترة الحالية هو “مدروس”، وأن “ما حدث بالسعودية يستدعي وقفة لأنه مفاجئ وسريع وليس متسرعًا“.
ويعزز هذا الرأي قلق القاهرة من التحالف السعودي الجديد مع قطر وتركيا ليس فقط في اليمن، ولكن من أجل دعم المعارضة السورية لإسقاط الرئيس السوري بشار، الذي مازل السيسي يدعم بقاءه في الحكم، وهو الذي قد رفض تسليم مقعد سوريا في القمة العربية بشرم الشيخ للائتلاف السوري، ورفع عليه علم النظام لا علم الثورة كما حدث في قمتي قطر والكويت السابقتين.
أما الفريق المؤيد للسيسي فقال إنها فقط للتهنئة بالقرارات الجديدة، وربما “هناك أشياء جديدة سنعلمها لاحقا“، معتبرًا أنها “زيارة صادمة للإخوان” لأنها تؤكد استمرار التحالف السعودي مع السيسي وعدم التخلي عنه لصالح الإخوان كما قرأ البعض من الاخوان تغييرات السعودية خطأ.
الاعتذار عن إساءات الأذرع الإعلامية
ويكاد يجمع الخبراء في القاهرة على أن الهدف الأساسي للزيارة هو تقديم السيسي اعتذارًا رسميًا للملك سلمان عما طاله وطال المملكة من إساءات على يد عدد من الأذرع الإعلامية المصرية التي تحركها أجهزة أمنية وسيادية، ومنها تلك المظاهرة التي جرت أمام السفارة السعودية في 6 أبريل الماضي وقال نشطاء سعوديين أنها تمت بحماية الأمن المصري الذي ظهر خلف المتظاهرين وهم يرفعون شعارات منها: “يا سلمان يا جبان” و”يا سفيرهم اطلع بره“.
وقال مراقبون إن المظاهرة ربما تمت بعلم ورضا السلطة عنها، وجرى التغاضي عنها لتوجيه رسالة للسعودية، ونشروا صورًا لرجال أمن يحملون أجهزة لاسلكية بجوار المتظاهرين الذي لن يتعرض لهم أحدًا، كدليل على ذلك.
وكان السفير السعودي بالقاهرة انتقد الحملات الإعلامية المصرية ضد المملكة، وكشف السفير قطان في تصريحات صحفية أنه أجري اتصالات على أعلى مستويات السلطات المصرية وقيادتها، للاعتراض على “تجاوزات بعض الإعلاميين المصريين المؤيدين للسلطة بحق المملكة“، كاشفًا أنه “أوصل للمشير عبد الفتاح السيسي احتجاجًا رسميًا بهذا الشأن“.
ولأول مرة بعدما ظلت الأذرع الإعلامية المصرية تشن هجومًا شرسًا على المملكة العربية السعودية وسياستها الجديدة بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز، خاصة في ظل فتور العلاقة بينهما بعد رحيل الملك عبد الله الداعم الأول لنظام السيسي وتقلص المعونات، أعلن السفير السعودي بالقاهرة أحمد قطان أن السعودية أبدت احتجاجها الرسمي على تجاوزات الإعلام المصري بحقها خلال الفترة الماضية، مؤكدًا وجود حالة من الغضب الشعبي والرسمي تجاه تجاوزات وسائل الإعلام المصري بحق المملكة.
وأوضح السفير السعودي بالقاهرة خلال استضافته ببرنامج “يا هلا” على “روتانا خليجية” الأربعاء الماضي، أنه أبلغ الرئاسة المصرية أن هناك غضبًا رسميًا وشعبيًا بالمملكة على تجاوزات بعض الإعلاميين في مصر، مبينًا أن الرد المصري كان “التأكيد على أن هذه التجاوزات ترفضها القيادة المصرية، وأن الملف متابع من السيسي شخصيًا“.
وفي تلميح لوقوف الكاتب حسنين هيكل وراء هذه الحملة الاعلامية، قال السفير السعودي إن الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل لا يطيق أي شيء يخص السعودية، وتساءل “قطان”: “ليه متحبش أي حاجة تخص السعودية“، مطالبًا إياه بنزع ما يكنه في صدره تجاه المملكة، وأضاف: “المملكة قدمت برنامجًا اقتصاديًا بقيمة 4 مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصري، فكيف نكون بذلك لا نؤيد مصر“.
وكانت أخر حلقات هذا الهجوم مطالبة الإعلامي المصري إبراهيم عيسى السعودية بتوضيح موقفها وسياستها تجاه جماعة الإخوان المسلمين، في إشارة لما يتردد عن تقارب سعودي مع الإخوان بعد حرب اليمن، حيث قال في برنامجه التلفزيوني “25/30″ الذي يعرض على قناة “اون تى في” الفضائية: “إن من حق الشعوب العربية وأولها الشعب السعودي، معرفة موقف السعودية من تيارات الإسلام السياسي، خاصة جماعة الإخوان المسلمين“.
وأشار عيسى إلى أن السعودية حرة في مواقفها وسياساتها، ولكن لا بد للشعوب أن تعرف وتطلع على موقف المملكة من الإخوان سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا، لافتًا إلى أن موقف الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز كان واضحًا في هذا الشأن.
جدير بالذكر أن قناة “مكملين” الفضائية، قد بثت مطلع العام الجاري تسريبًا صوتيًا مسجل لمدير مكتب عبد الفتاح السيسي، يكشف فيه حقيقة تورط العديد من الإعلاميين المصريين في تلقي تعليمات من المؤسسة العسكرية للتأثير على الرأي العام بقيادة “الشؤون المعنوية”، وهم من يوصفون باسم (الأذرع الإعلامية).
وكان التسريب عبارة عن حوار بين كل من اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي، وبين العقيد أحمد علي المتحدث العسكري السابق، والذي يطلب منه عباس كامل بأن يوعز للإعلاميين التابعين لهم ببدء حملة على القنوات التلفزيونية للدفاع عن السيسي، وأن يزعموا بأن هناك حملة تستهدف السيسي آنذاك.
وفي الأسبوع الأول من أبريل الماضي تظاهر العشرات من أعضاء حركة يسارية تسمى “البديل الثوري” أمام مقر السفارة السعودية في القاهرة؛ احتجاجًا على ما أسموه (العدوان السعودي ضد اليمن) وهم يرددون هتافات مسيئة للملك سلمان بن عبد العزيز، ويهددون السعودية بحفر قبرها في اليمن، وسط غياب تام للشرطة المصرية التي تقمع أي مظاهرة تخرج في مصر، وتعتقل وتسجن المتظاهرين بدعوى مخالفة قانون التظاهر، وتطلق عليهم الرصاص والغاز المسيل للدموع.
أعضاء الحركة اليسارية، -المؤيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي والتي شاركت في المظاهرات ضد الرئيس السابق محمد مرسي-، رفعوا شعارات رافضة لما أسموه “العدوان السعودي علي اليمن“، ووجهوا نقدًا وسبابًا للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بالهتاف وعبر اللافتات التي حملوها أمام السفارة.
ورفع المشاركون في التظاهرة والسلسلة البشرية لافتات كتب عليها: “أوقفوا العدوان البربري على اليمن” “إللي بيضرب في صنعاء بكره يضرب في الوراق (منطقة شعبية مصرية)“، “إللي يشارك بالعدوان يبقى عميل الأمريكان” و”أوقفوا العدوان البربري على اليمن“، و”اليمن مقبرة الغزاة“، فضلًا عن هتافات ولافتات تهاجم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.
ورددوا شعارات منها “يا سلمان صبرا صبرا، اليمني بكرا حيحفر قبرك“، إضافة إلى لافتات تنتقد السعودية وتطالب بطرد السفير السعودي في القاهرة: “يا سفير اطلع برة أنت عدوي مليون مرة“.
وقد انتقد الكاتب السعودي البارز ومدير قناة “العرب” جمال خاشقجي، ضمنيًا سماح السلطات المصرية بتنظيم مظاهرة أمام السفارة السعودية بالقاهرة ضد “عاصفة الحزم”، والهتافات المسيئة للسعودية وللملك سلمان بن عبد العزيز، وقال “خاشقجي” عبر حسابه على “تويتر”: “لا يقولن أحد إنها حرية رأي، أو أنهم إخوان، القاعدة التي تعمل بها الشرطة المصرية: تتظاهر تُقتل“.
أيضا انتقد المهندس “سعيد بن ناصر الغامدي” سماح “الانقلابيين” بمظاهرة ضد السعودية أمام سفارتها، رغم أنهم معروف عنهم قمعهم أي مظاهرة، وقال على حسابه على تويتر: “الانقلابيون في مصر يهاجمون أي مظاهرة وتعتقل ويسجنون المتظاهرين.. إلا المظاهرة عند السفارة السعودية في مصر، هل هناك ابتزاز أحقر من هذا؟“.
وعقب الهجوم الأخير، عاد الكاتب السعودي جمال خاشقجي في برنامج “حراك” في قناة “فور شباب” لينتقد بعض وسائل الإعلام المصرية التي تسيء للسعودية قائلاً: “في فمي ماء عندما أتحدث عن الإعلام المصري، ويكفي أنه إعلام ليس حرًا، ويجب على صاحب القرار أن يُسكت (الواد اللي عنده)“.
وأضاف: على السفارة السعودية في القاهرة أن يكون لها وقفة ضد الإعلاميين المصريين الذين يسيئون للمملكة كإبراهيم عيسى، الذي يسيء للسعودية، وأكثر من ذلك يسيء للخلفاء الراشدين والصحابة.
وتوقعت مصادر معارضة مصرية أن تفشل الزيارة وأن ترفض قيادات المملكة قبول اعتذار السيسي “نظرا لإدراك السلطات السعودية أن تلك التطاولات الإعلامية والتظاهرات المناهضة للنظام السعودي ما كانت لتحدث لولا دعم الأمن لها في بلد يقمع التظاهرات ويقتل المشاركين فيها ولا يمنح أذونا بتظاهرات يرفضها“.
التدخل البري مقابل دعم مالي
ويري فريق من المحللين والدبلوماسيين المصريين أن السبب الثاني للزيارة المفاجئة، هو محاولة السيسي التغلب على الغضب السعودي عبر عرض مطلب تدخل قوات مصرية برية بجوار قوات سعودية والجيش اليمني والميليشيات القبلية المؤيدة للرئيس الشرعي (هادي) من أجل حسم أسرع ضد الحوثيين مقابل حزمة مساعدات مالية جديدة متوقعة في ظل استمرار تدهور الاقتصاد المصري واعتماده على المعونات.
وقالوا إن القاهرة تتوقع سياسة سعودية خارجية متغيرة وأكثر حزمًا بعد التغييرات الأخيرة في رئاسة الحكم، ولهذا تسعي لتعزيز تحالفها مع السعودية وتحركاتها الخارجية والبقاء داخل هذا التحالف السعودي الجديد الذي يجري نسجه.
وكان السيسي قد رد على سؤال لصحيفة (إلموندو) الإسبانية قبل 3 أيام على إرسال قوات برية إلى اليمن في حالة ما إذا طالبت السعودية من مصر ذلك، قائلا: “لم تطلب منا السعودية إرسال قوات برية، نحن ذاهبون نحو حل سياسي، لا نريد تعقيد الأمور أكثر مما هي عليه الآن“.
وقبل هذا بثلاثة أسابيع اجتمع السيسي مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وخرج ليؤكد ضمنا أن مصر سوف ترسل قوات برية، وقال صحفيون مؤيدون له منهم رئيس مجلس إدارة صحيفة الأخبار ياسر رزق والصحفي عبد الله السناوي، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي اتخذ قرار التدخل البري في اليمن، ولكنه خائف من عواقب هذا التدخل.
ولذلك قالت مصادر مصرية أن السيسي سيكرر مطالبته للمملكة بدفع الأموال التي تعهدت المملكة بدفعها خلال المؤتمر الاقتصادي اعتمادًا على الدور الذي تلعبه القوات المصرية في الحرب ضد اليمن وحماية باب المندب من سيطرة الحوثيين عليه، وقد يطرح فكرة مشاركة برية مصرية أكبر للتدخل في عدن لتطهيرها من قوات الحوثيين تمهيدًا لعودة الرئيس هادي لها، وبدء معركة التحرير البري بقوات الجيش اليمني مدعومة من قوات مصرية وسعودية بعد رفض باكستان التورط في الحرب البرية.
ويقول السفير أحمد أبو الخير، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الزيارة المفاجئة “تأتي في إطار هذه التغييرات، التي ولدت تكهنات بأنه ستوجد تغيير في السياسة السعودية الخارجية، خاصة وأنها عززت الملك سلمان من القبض على مقاليد الحكم، ما يجعلها تمثل استكشافًا للموقف الجديد“.
وأكد أبو الخير، أن “الزيارة تعدّ تأكيدًا لمساندة القاهرة للرياض، في الوقت الذي تحتاج فيه المملكة إلى حليف بقوة مصر“، وأشار إلى أن اللقاء، يناقش عدة قضايا هامة لاشتعال المنطقة بعدة أحداث متلاحقة، وهو ما يحتاج إلى المشاورة الدائمة، وعلى رأسها الأزمة اليمنية.
وأكد عفيفي عبد الوهاب سفير مصر بالرياض أن زيارة السيسي: “تأتى في إطار التشاور والتنسيق المستمر بين البلدين الشقيقين في هذه المرحلة التي تتسم بالدقة والحساسية وما تمر به الأمة العربية والمنطقة من تطورات يشهدها الجميع خاصة الأحداث في اليمن وسوريا والعراق الأمر الذي يستدعى المزيد من التشاور والتنسيق بين البلدين“.
وقال الدكتور معتز سلامة رئيس وحدة دراسات الخليج بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن “هذه الزيارات المفاجئة، تهدف إلى التوافق والتوثيق بشأن القضايا التي تشتعل بها المنطقة العربية“، وأن السيسي والملك سلمان، سيناقشان الأوضاع في اليمن التي لم تستقر بعد على الرغم من انتهاء العمليات العسكرية “عاصفة الحزم”.
الاعتذار عن إساءات الإعلام المصري – انقاذ تحالفه مع السعودية– تجديد عرض التدخل البري في اليمن مقابل حزمة مساعدات جديدة
عادل القاضي – التقرير
ليست زيارة عادية، ولكنها “مفاجئة غير مجدولة” و”زيارة عمل” حسبما وصفتها المصادر الدبلوماسية والرسمية المصرية، جاءت في أعقاب التغييرات الأخيرة في السعودية بتعيين ولي عهد جديد وولي ولي عهد، كما أنها جاءت في أعقاب “احتجاج رسمي” سعودي سلمه السفير عبد العزيز قطان للرئاسة المصرية، ووسط توقعات بأن تنطلق المرحلة الثانية لعاصفة الحزم بتحرك بري، فما الذي تحمله زيارة السيسي من أسرار؟
وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس السبت 2 مايو الى قاعدة الرياض الجوية في زيارة قصيرة للمملكة العربية السعودية ألتقي خلالها مع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد وولي ولي العهد، حيث تعد هذه هي الزيارة الثالثة له للسعودية خلال 99 يوما.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية “واس”، وصل السيسي للرياض في الساعة 14.08 بالتوقيت المحلي، وغادر في 15.26 ما يعني أن زيارته للسعودية استغرقت 77 دقيقة.
وقالت الرئاسة وصحف مصرية أن “السيسي سيهنئ ولي العهد السعودي ووليَّه بالتعيين“، حيث سيقوم خلالها السيسي بتقديم التهنئة إلى الأمير محمد بن نايف بتعيينه وليًا لعهد السعودية، كما يقدم التهنئة، أيضًا، إلى الأمير محمد بن سلمان، لتعيينه وليًا لولي العهد، يوسف حسب بيان للرئاسة المصرية.
ويضم الوفد المرافق للسيسي، سامح شكري وزير الخارجية وقالت مصادر مصرية أن الجانبان سيبحثان سبل دعم علاقات التعاون بين مصر والسعودية وآخر تطورات الوضع في المنطقة خاصة في اليمن وسوريا وليبيا ومواجهة التنظيمات الإرهابية.
وكان السيسي زار السعودية في فبراير الماضي، بعد أيام من زيارة أجراها للرياض في 24 يناير الماضي لتقديم واجب العزاء في وفاة الملك عبد الله.
تفسيرات متعددة
وقد اختلفت تقديرات الخبراء والمحللين والنشطاء المصريين والسعوديين في توصيف الزيارة الطارئة غير المجدولة والتي وصفت رسميًا بأنها “زيارة عمل”، ما يشير إلى أنها ليست فقط لتهنئة المسؤولين الجدد بمناصبهم، كما قال المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية، لتقديم التهنئة لولي العهد وولي ولي العهد.
فريق من الخبراء قال إن السبب الأول والرئيس للزيارة المغلفة بطابع التهنئة للقيادات الجديدة، تقديم اعتذار مصري “رسمي” عن إساءات الإعلام المصري بعد الاحتجاج السعودي “الرسمي” من قبل سفير المملكة، الذي قال إنه قدمه للرئيس السيسي، فضلا عن مناقشة تطورات عاصفة الحزم.
وفريق أخر قال إن الاعتذار المصري عن إساءات الإعلام هو محاولة من السيسي لإنقاذ تحالفه مع السعودية بعد الضربات التي واجهها هذا التحالف من أجنحة الدولة المصرية المتنافسة، في صورة تحريض أجهزة إعلام ضد السيسي والسماح بخروج مظاهرات أمام سفارتها تسب الملك وترفع شعارات مسيئة.
وأشار إلى أن إعفاء الأمير “مقرن” الذي كان هو أمل السيسي الأخير في القيادة السعودية، اضطر القيادة المصرية لمحاولة بناء علاقات جديدة مع الحكام الجدد وتوثيق الصلات مع ولي العهد الجديد وولي ولي العهد، وفي هذا الصدد يقول السفير “علي جاروش” مدير الشؤون العربية السابق بجامعة الدول العربية، إن أي تحرك للسيسي في الفترة الحالية هو “مدروس”، وأن “ما حدث بالسعودية يستدعي وقفة لأنه مفاجئ وسريع وليس متسرعًا“.
ويعزز هذا الرأي قلق القاهرة من التحالف السعودي الجديد مع قطر وتركيا ليس فقط في اليمن، ولكن من أجل دعم المعارضة السورية لإسقاط الرئيس السوري بشار، الذي مازل السيسي يدعم بقاءه في الحكم، وهو الذي قد رفض تسليم مقعد سوريا في القمة العربية بشرم الشيخ للائتلاف السوري، ورفع عليه علم النظام لا علم الثورة كما حدث في قمتي قطر والكويت السابقتين.
أما الفريق المؤيد للسيسي فقال إنها فقط للتهنئة بالقرارات الجديدة، وربما “هناك أشياء جديدة سنعلمها لاحقا“، معتبرًا أنها “زيارة صادمة للإخوان” لأنها تؤكد استمرار التحالف السعودي مع السيسي وعدم التخلي عنه لصالح الإخوان كما قرأ البعض من الاخوان تغييرات السعودية خطأ.
الاعتذار عن إساءات الأذرع الإعلامية
ويكاد يجمع الخبراء في القاهرة على أن الهدف الأساسي للزيارة هو تقديم السيسي اعتذارًا رسميًا للملك سلمان عما طاله وطال المملكة من إساءات على يد عدد من الأذرع الإعلامية المصرية التي تحركها أجهزة أمنية وسيادية، ومنها تلك المظاهرة التي جرت أمام السفارة السعودية في 6 أبريل الماضي وقال نشطاء سعوديين أنها تمت بحماية الأمن المصري الذي ظهر خلف المتظاهرين وهم يرفعون شعارات منها: “يا سلمان يا جبان” و”يا سفيرهم اطلع بره“.
وقال مراقبون إن المظاهرة ربما تمت بعلم ورضا السلطة عنها، وجرى التغاضي عنها لتوجيه رسالة للسعودية، ونشروا صورًا لرجال أمن يحملون أجهزة لاسلكية بجوار المتظاهرين الذي لن يتعرض لهم أحدًا، كدليل على ذلك.
وكان السفير السعودي بالقاهرة انتقد الحملات الإعلامية المصرية ضد المملكة، وكشف السفير قطان في تصريحات صحفية أنه أجري اتصالات على أعلى مستويات السلطات المصرية وقيادتها، للاعتراض على “تجاوزات بعض الإعلاميين المصريين المؤيدين للسلطة بحق المملكة“، كاشفًا أنه “أوصل للمشير عبد الفتاح السيسي احتجاجًا رسميًا بهذا الشأن“.
ولأول مرة بعدما ظلت الأذرع الإعلامية المصرية تشن هجومًا شرسًا على المملكة العربية السعودية وسياستها الجديدة بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز، خاصة في ظل فتور العلاقة بينهما بعد رحيل الملك عبد الله الداعم الأول لنظام السيسي وتقلص المعونات، أعلن السفير السعودي بالقاهرة أحمد قطان أن السعودية أبدت احتجاجها الرسمي على تجاوزات الإعلام المصري بحقها خلال الفترة الماضية، مؤكدًا وجود حالة من الغضب الشعبي والرسمي تجاه تجاوزات وسائل الإعلام المصري بحق المملكة.
وأوضح السفير السعودي بالقاهرة خلال استضافته ببرنامج “يا هلا” على “روتانا خليجية” الأربعاء الماضي، أنه أبلغ الرئاسة المصرية أن هناك غضبًا رسميًا وشعبيًا بالمملكة على تجاوزات بعض الإعلاميين في مصر، مبينًا أن الرد المصري كان “التأكيد على أن هذه التجاوزات ترفضها القيادة المصرية، وأن الملف متابع من السيسي شخصيًا“.
وفي تلميح لوقوف الكاتب حسنين هيكل وراء هذه الحملة الاعلامية، قال السفير السعودي إن الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل لا يطيق أي شيء يخص السعودية، وتساءل “قطان”: “ليه متحبش أي حاجة تخص السعودية“، مطالبًا إياه بنزع ما يكنه في صدره تجاه المملكة، وأضاف: “المملكة قدمت برنامجًا اقتصاديًا بقيمة 4 مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصري، فكيف نكون بذلك لا نؤيد مصر“.
وكانت أخر حلقات هذا الهجوم مطالبة الإعلامي المصري إبراهيم عيسى السعودية بتوضيح موقفها وسياستها تجاه جماعة الإخوان المسلمين، في إشارة لما يتردد عن تقارب سعودي مع الإخوان بعد حرب اليمن، حيث قال في برنامجه التلفزيوني “25/30″ الذي يعرض على قناة “اون تى في” الفضائية: “إن من حق الشعوب العربية وأولها الشعب السعودي، معرفة موقف السعودية من تيارات الإسلام السياسي، خاصة جماعة الإخوان المسلمين“.
وأشار عيسى إلى أن السعودية حرة في مواقفها وسياساتها، ولكن لا بد للشعوب أن تعرف وتطلع على موقف المملكة من الإخوان سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا، لافتًا إلى أن موقف الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز كان واضحًا في هذا الشأن.
جدير بالذكر أن قناة “مكملين” الفضائية، قد بثت مطلع العام الجاري تسريبًا صوتيًا مسجل لمدير مكتب عبد الفتاح السيسي، يكشف فيه حقيقة تورط العديد من الإعلاميين المصريين في تلقي تعليمات من المؤسسة العسكرية للتأثير على الرأي العام بقيادة “الشؤون المعنوية”، وهم من يوصفون باسم (الأذرع الإعلامية).
وكان التسريب عبارة عن حوار بين كل من اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي، وبين العقيد أحمد علي المتحدث العسكري السابق، والذي يطلب منه عباس كامل بأن يوعز للإعلاميين التابعين لهم ببدء حملة على القنوات التلفزيونية للدفاع عن السيسي، وأن يزعموا بأن هناك حملة تستهدف السيسي آنذاك.
وفي الأسبوع الأول من أبريل الماضي تظاهر العشرات من أعضاء حركة يسارية تسمى “البديل الثوري” أمام مقر السفارة السعودية في القاهرة؛ احتجاجًا على ما أسموه (العدوان السعودي ضد اليمن) وهم يرددون هتافات مسيئة للملك سلمان بن عبد العزيز، ويهددون السعودية بحفر قبرها في اليمن، وسط غياب تام للشرطة المصرية التي تقمع أي مظاهرة تخرج في مصر، وتعتقل وتسجن المتظاهرين بدعوى مخالفة قانون التظاهر، وتطلق عليهم الرصاص والغاز المسيل للدموع.
أعضاء الحركة اليسارية، -المؤيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي والتي شاركت في المظاهرات ضد الرئيس السابق محمد مرسي-، رفعوا شعارات رافضة لما أسموه “العدوان السعودي علي اليمن“، ووجهوا نقدًا وسبابًا للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بالهتاف وعبر اللافتات التي حملوها أمام السفارة.
ورفع المشاركون في التظاهرة والسلسلة البشرية لافتات كتب عليها: “أوقفوا العدوان البربري على اليمن” “إللي بيضرب في صنعاء بكره يضرب في الوراق (منطقة شعبية مصرية)“، “إللي يشارك بالعدوان يبقى عميل الأمريكان” و”أوقفوا العدوان البربري على اليمن“، و”اليمن مقبرة الغزاة“، فضلًا عن هتافات ولافتات تهاجم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.
ورددوا شعارات منها “يا سلمان صبرا صبرا، اليمني بكرا حيحفر قبرك“، إضافة إلى لافتات تنتقد السعودية وتطالب بطرد السفير السعودي في القاهرة: “يا سفير اطلع برة أنت عدوي مليون مرة“.
وقد انتقد الكاتب السعودي البارز ومدير قناة “العرب” جمال خاشقجي، ضمنيًا سماح السلطات المصرية بتنظيم مظاهرة أمام السفارة السعودية بالقاهرة ضد “عاصفة الحزم”، والهتافات المسيئة للسعودية وللملك سلمان بن عبد العزيز، وقال “خاشقجي” عبر حسابه على “تويتر”: “لا يقولن أحد إنها حرية رأي، أو أنهم إخوان، القاعدة التي تعمل بها الشرطة المصرية: تتظاهر تُقتل“.
أيضا انتقد المهندس “سعيد بن ناصر الغامدي” سماح “الانقلابيين” بمظاهرة ضد السعودية أمام سفارتها، رغم أنهم معروف عنهم قمعهم أي مظاهرة، وقال على حسابه على تويتر: “الانقلابيون في مصر يهاجمون أي مظاهرة وتعتقل ويسجنون المتظاهرين.. إلا المظاهرة عند السفارة السعودية في مصر، هل هناك ابتزاز أحقر من هذا؟“.
وعقب الهجوم الأخير، عاد الكاتب السعودي جمال خاشقجي في برنامج “حراك” في قناة “فور شباب” لينتقد بعض وسائل الإعلام المصرية التي تسيء للسعودية قائلاً: “في فمي ماء عندما أتحدث عن الإعلام المصري، ويكفي أنه إعلام ليس حرًا، ويجب على صاحب القرار أن يُسكت (الواد اللي عنده)“.
وأضاف: على السفارة السعودية في القاهرة أن يكون لها وقفة ضد الإعلاميين المصريين الذين يسيئون للمملكة كإبراهيم عيسى، الذي يسيء للسعودية، وأكثر من ذلك يسيء للخلفاء الراشدين والصحابة.
وتوقعت مصادر معارضة مصرية أن تفشل الزيارة وأن ترفض قيادات المملكة قبول اعتذار السيسي “نظرا لإدراك السلطات السعودية أن تلك التطاولات الإعلامية والتظاهرات المناهضة للنظام السعودي ما كانت لتحدث لولا دعم الأمن لها في بلد يقمع التظاهرات ويقتل المشاركين فيها ولا يمنح أذونا بتظاهرات يرفضها“.
التدخل البري مقابل دعم مالي
ويري فريق من المحللين والدبلوماسيين المصريين أن السبب الثاني للزيارة المفاجئة، هو محاولة السيسي التغلب على الغضب السعودي عبر عرض مطلب تدخل قوات مصرية برية بجوار قوات سعودية والجيش اليمني والميليشيات القبلية المؤيدة للرئيس الشرعي (هادي) من أجل حسم أسرع ضد الحوثيين مقابل حزمة مساعدات مالية جديدة متوقعة في ظل استمرار تدهور الاقتصاد المصري واعتماده على المعونات.
وقالوا إن القاهرة تتوقع سياسة سعودية خارجية متغيرة وأكثر حزمًا بعد التغييرات الأخيرة في رئاسة الحكم، ولهذا تسعي لتعزيز تحالفها مع السعودية وتحركاتها الخارجية والبقاء داخل هذا التحالف السعودي الجديد الذي يجري نسجه.
وكان السيسي قد رد على سؤال لصحيفة (إلموندو) الإسبانية قبل 3 أيام على إرسال قوات برية إلى اليمن في حالة ما إذا طالبت السعودية من مصر ذلك، قائلا: “لم تطلب منا السعودية إرسال قوات برية، نحن ذاهبون نحو حل سياسي، لا نريد تعقيد الأمور أكثر مما هي عليه الآن“.
وقبل هذا بثلاثة أسابيع اجتمع السيسي مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وخرج ليؤكد ضمنا أن مصر سوف ترسل قوات برية، وقال صحفيون مؤيدون له منهم رئيس مجلس إدارة صحيفة الأخبار ياسر رزق والصحفي عبد الله السناوي، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي اتخذ قرار التدخل البري في اليمن، ولكنه خائف من عواقب هذا التدخل.
ولذلك قالت مصادر مصرية أن السيسي سيكرر مطالبته للمملكة بدفع الأموال التي تعهدت المملكة بدفعها خلال المؤتمر الاقتصادي اعتمادًا على الدور الذي تلعبه القوات المصرية في الحرب ضد اليمن وحماية باب المندب من سيطرة الحوثيين عليه، وقد يطرح فكرة مشاركة برية مصرية أكبر للتدخل في عدن لتطهيرها من قوات الحوثيين تمهيدًا لعودة الرئيس هادي لها، وبدء معركة التحرير البري بقوات الجيش اليمني مدعومة من قوات مصرية وسعودية بعد رفض باكستان التورط في الحرب البرية.
ويقول السفير أحمد أبو الخير، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الزيارة المفاجئة “تأتي في إطار هذه التغييرات، التي ولدت تكهنات بأنه ستوجد تغيير في السياسة السعودية الخارجية، خاصة وأنها عززت الملك سلمان من القبض على مقاليد الحكم، ما يجعلها تمثل استكشافًا للموقف الجديد“.
وأكد أبو الخير، أن “الزيارة تعدّ تأكيدًا لمساندة القاهرة للرياض، في الوقت الذي تحتاج فيه المملكة إلى حليف بقوة مصر“، وأشار إلى أن اللقاء، يناقش عدة قضايا هامة لاشتعال المنطقة بعدة أحداث متلاحقة، وهو ما يحتاج إلى المشاورة الدائمة، وعلى رأسها الأزمة اليمنية.
وأكد عفيفي عبد الوهاب سفير مصر بالرياض أن زيارة السيسي: “تأتى في إطار التشاور والتنسيق المستمر بين البلدين الشقيقين في هذه المرحلة التي تتسم بالدقة والحساسية وما تمر به الأمة العربية والمنطقة من تطورات يشهدها الجميع خاصة الأحداث في اليمن وسوريا والعراق الأمر الذي يستدعى المزيد من التشاور والتنسيق بين البلدين“.
وقال الدكتور معتز سلامة رئيس وحدة دراسات الخليج بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن “هذه الزيارات المفاجئة، تهدف إلى التوافق والتوثيق بشأن القضايا التي تشتعل بها المنطقة العربية“، وأن السيسي والملك سلمان، سيناقشان الأوضاع في اليمن التي لم تستقر بعد على الرغم من انتهاء العمليات العسكرية “عاصفة الحزم”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق