من السيسي: نشكركم لحسن تعاونكم
وائل قنديل
"السيسي غاضب" هكذا صدر التعميم، وجرى تعميمه على وسائل الإعلام، في صورة إنذار أخير للحكومة، من الرئيس الغاضب بعد تآكل شعبيته، نتيجة الأداء الحكومي.
يعلم السيسي، كما يعلم إعلامه، أنه لا توجد حكومة في مصر، فالسيسي هو الحكومة، والحكومة هي السيسي، وكل شيء يجري من خلاله.
يعرف السيد "محلب" أنه مجرد "فاترينة" لا تختلف عن عدلي منصور- هل نطقت اسمه صحيحاً؟ وبالتالي فالعنوان الصحيح لما نشر في توقيت واحد، وبصياغة واحدة في كل الصحف والقنوات هو "السيسي غاضب من السيسي".
لم تكن الحكومة حاضرة أو مشاركة، في مؤتمر النصب والاحتيال الذي انعقد في شرم الشيخ، وتولاه السيسي إدارة وإخراجاً وتصويراً وغناء، هو بعظمة لسانه الذي أعلن عن عاصمة جديدة، ثبت فيما بعد أنها وهم، وهو الذي تباهى بأنه استطاع أن يضحك على "جنرال موتورز" في التفاوض والصفقات، وهو الذي أعلن بداية موسم هطول المليارات على مصر، فتبين لاحقاً أن الرجل يروج مخدرات رقمية تصيب من يتناولها بالدوخة وفقدان الاتزان.
إن السمكة تفسد من رأسها، ولو تشكلت حكومة في مصر، تضم كل الحاصلين على نوبل في مختلف العلوم منذ إنشائها، فلن تفلح في انتشال السيسي من فشله، لأنه هو نفسه مشروع نموذجي للفشل والبلادة السياسية، وبالتالي، ليست مشكلة مصر في الحكومة والوزراء، وليست في نقص الموارد والتدفقات المالية، فهذا الشخص تلقى من أموال المعونات والمنح والقروض، ما لم يتح لرؤساء مصر السابقين في ثلاثة عصور، وعلى الرغم من ذلك تتفاقم ملامح الفاقة والعوز يوماً بعد يوم.
وسياسياً، هذا شخص حظي، وباعترافه، بتأييد أعمى من أكثر من أربعين مليوناً من المخدوعين، نجح في إخراجهم إلى الشوارع 30 يونيو/حزيران 2013، يوم تدشين الانقلاب على مسرح الثورة المضادة، ثم 26 يوليو/تموز، يوم تفويضه لممارسة الإبادة الجماعية للمعارضين، بحجة الحرب على الإرهاب.. والأخطر أنه حظي بمعارضة، تمارس التخوين والتكفير وتمزيق الثياب فيما بينها، أكثر مما تقاوم غطرسة الانقلاب.
وقبل هذا وذاك، توفر له ضمير عالمي أعور وصفيق، يرى المقتلة في ربوع مصر فيصمت، ويرفع لافتات الحرب على الإرهاب، ويفتتح مشاريع لها في أماكن عدة، توفر وظائف وفرص عمل لفيلق من المستبدين والطغاة، المتقاعدين منهم ومن لا يزالون في الخدمة، فيغض الطرف عن جرائمهم ضد الإنسانية، وضد الحضارة، بحجة أن لهم أدواراً في الحرب على الإرهاب.
وحتى بالمعيار الأخير"الحرب على الإرهاب" التي احترفها السيسي واتخذها وسيلة للتكسب سياسياً، يمكنك القول إنه فشل فيها أيضاً، وأرجوك راجع سيل التصريحات والوعود التي أطلقها السيسي وتابعوه عن اجتثاث شأفة الإرهاب من ربوع سيناء والمنطقة، وتذكر أنه بعد سلسلة من الخيبات عين قائداً عسكرياً، يكون مسؤولاً عن القيادة الموحدة لمدن القناة، مع تكليفات شديدة اللهجة عقب هجمات إرهابية في سيناء فبراير/شباط الماضي قال فيها "أنا بشهد الناس عليك يا أسامة أن أحداث سيناء الإرهابية لا تتكرر مرة أخرى، وأنت مسؤول أمامي وأمام المصريين، عن أن هذا الحادث لا يتكرر مرة أخرى، وأنت أيضاً مسؤول بشكل كامل عن تنمية سيناء".
جاء أسامة وتكررت الضربات الإرهابية في المكان ذاته بالكيفية ذاتها، والشهود حاضرون، ومع ذلك بقي أسامة في موقعه، ولم يعلن السيسي غضبه، ولم يستدع الشهود.
من فشل إلى فشل، تتخبط قافلة الانقلاب، وعلى الرغم من ذلك لم تسقط، هل تعرف لماذا؟
انظر إلى ما يفعله معسكر مقاومة الانقلاب في نفسه، فما يخسره نظام السيسي ببلادته ورداءته، تتولى المعارضة تعويضه بخيبتها وفشلها في صياغة مشروع موحد، يشمل الجميع، من دون تخوين أو إقصاء، ومن دون التصرف وكأنهم أسقطوا الانقلاب، وانشغلوا بحصاد الغنائم.
إن ما يدور هذه الأيام من عبث على جبهة معارضة الانقلاب، يكشف عن حالة كارثية، لا تختلف عما جرى لثورة يناير بعد أيامها الثمانية عشر الخالدة، فمعظمهم يسلكون وكأنهم يتصارعون على جلد نمر لم يتم اصطياده بعد، بل ربما لا يستطيع أحد أن يحدد في أي غابة يختبئ، ومع ذلك تلمح بوادر الإزاحة والتدافع، لحمل كأس بطولة لم يخوضوا منافساتها بجدية بعد.
لا يريد أحد أن يتعلم من أخطاء وخطايا الماضي القريب، حتى يكاد السيسي يوجه برقية لمعارضيه تقول "نشكركم على حسن تعاونكم".
يعلم السيسي، كما يعلم إعلامه، أنه لا توجد حكومة في مصر، فالسيسي هو الحكومة، والحكومة هي السيسي، وكل شيء يجري من خلاله.
يعرف السيد "محلب" أنه مجرد "فاترينة" لا تختلف عن عدلي منصور- هل نطقت اسمه صحيحاً؟ وبالتالي فالعنوان الصحيح لما نشر في توقيت واحد، وبصياغة واحدة في كل الصحف والقنوات هو "السيسي غاضب من السيسي".
لم تكن الحكومة حاضرة أو مشاركة، في مؤتمر النصب والاحتيال الذي انعقد في شرم الشيخ، وتولاه السيسي إدارة وإخراجاً وتصويراً وغناء، هو بعظمة لسانه الذي أعلن عن عاصمة جديدة، ثبت فيما بعد أنها وهم، وهو الذي تباهى بأنه استطاع أن يضحك على "جنرال موتورز" في التفاوض والصفقات، وهو الذي أعلن بداية موسم هطول المليارات على مصر، فتبين لاحقاً أن الرجل يروج مخدرات رقمية تصيب من يتناولها بالدوخة وفقدان الاتزان.
إن السمكة تفسد من رأسها، ولو تشكلت حكومة في مصر، تضم كل الحاصلين على نوبل في مختلف العلوم منذ إنشائها، فلن تفلح في انتشال السيسي من فشله، لأنه هو نفسه مشروع نموذجي للفشل والبلادة السياسية، وبالتالي، ليست مشكلة مصر في الحكومة والوزراء، وليست في نقص الموارد والتدفقات المالية، فهذا الشخص تلقى من أموال المعونات والمنح والقروض، ما لم يتح لرؤساء مصر السابقين في ثلاثة عصور، وعلى الرغم من ذلك تتفاقم ملامح الفاقة والعوز يوماً بعد يوم.
وسياسياً، هذا شخص حظي، وباعترافه، بتأييد أعمى من أكثر من أربعين مليوناً من المخدوعين، نجح في إخراجهم إلى الشوارع 30 يونيو/حزيران 2013، يوم تدشين الانقلاب على مسرح الثورة المضادة، ثم 26 يوليو/تموز، يوم تفويضه لممارسة الإبادة الجماعية للمعارضين، بحجة الحرب على الإرهاب.. والأخطر أنه حظي بمعارضة، تمارس التخوين والتكفير وتمزيق الثياب فيما بينها، أكثر مما تقاوم غطرسة الانقلاب.
وقبل هذا وذاك، توفر له ضمير عالمي أعور وصفيق، يرى المقتلة في ربوع مصر فيصمت، ويرفع لافتات الحرب على الإرهاب، ويفتتح مشاريع لها في أماكن عدة، توفر وظائف وفرص عمل لفيلق من المستبدين والطغاة، المتقاعدين منهم ومن لا يزالون في الخدمة، فيغض الطرف عن جرائمهم ضد الإنسانية، وضد الحضارة، بحجة أن لهم أدواراً في الحرب على الإرهاب.
وحتى بالمعيار الأخير"الحرب على الإرهاب" التي احترفها السيسي واتخذها وسيلة للتكسب سياسياً، يمكنك القول إنه فشل فيها أيضاً، وأرجوك راجع سيل التصريحات والوعود التي أطلقها السيسي وتابعوه عن اجتثاث شأفة الإرهاب من ربوع سيناء والمنطقة، وتذكر أنه بعد سلسلة من الخيبات عين قائداً عسكرياً، يكون مسؤولاً عن القيادة الموحدة لمدن القناة، مع تكليفات شديدة اللهجة عقب هجمات إرهابية في سيناء فبراير/شباط الماضي قال فيها "أنا بشهد الناس عليك يا أسامة أن أحداث سيناء الإرهابية لا تتكرر مرة أخرى، وأنت مسؤول أمامي وأمام المصريين، عن أن هذا الحادث لا يتكرر مرة أخرى، وأنت أيضاً مسؤول بشكل كامل عن تنمية سيناء".
جاء أسامة وتكررت الضربات الإرهابية في المكان ذاته بالكيفية ذاتها، والشهود حاضرون، ومع ذلك بقي أسامة في موقعه، ولم يعلن السيسي غضبه، ولم يستدع الشهود.
من فشل إلى فشل، تتخبط قافلة الانقلاب، وعلى الرغم من ذلك لم تسقط، هل تعرف لماذا؟
انظر إلى ما يفعله معسكر مقاومة الانقلاب في نفسه، فما يخسره نظام السيسي ببلادته ورداءته، تتولى المعارضة تعويضه بخيبتها وفشلها في صياغة مشروع موحد، يشمل الجميع، من دون تخوين أو إقصاء، ومن دون التصرف وكأنهم أسقطوا الانقلاب، وانشغلوا بحصاد الغنائم.
إن ما يدور هذه الأيام من عبث على جبهة معارضة الانقلاب، يكشف عن حالة كارثية، لا تختلف عما جرى لثورة يناير بعد أيامها الثمانية عشر الخالدة، فمعظمهم يسلكون وكأنهم يتصارعون على جلد نمر لم يتم اصطياده بعد، بل ربما لا يستطيع أحد أن يحدد في أي غابة يختبئ، ومع ذلك تلمح بوادر الإزاحة والتدافع، لحمل كأس بطولة لم يخوضوا منافساتها بجدية بعد.
لا يريد أحد أن يتعلم من أخطاء وخطايا الماضي القريب، حتى يكاد السيسي يوجه برقية لمعارضيه تقول "نشكركم على حسن تعاونكم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق