الثلاثاء، 5 مايو 2015

حوار مع الشيخ سلمان العودة...


 حوار مع الشيخ سلمان العودة...
فايزة جوموشلو أوغلو

فايزة جوموشلو أوغلو - مجلة وحدات

هناك الكثير من الكنوز المدفونة على غرار الشيخ سلمان وغيره من أمثاله، وبيدنا نحن قليلا أن نعثر عليها ونستخرجها.. كل ما علينا فعله هو أن ننظر إلى ابعد من الإطار الضيق الذي يقدمونه لنا، ونتجرد من أحكامنا المسبقة...
هناك بعض اللقاءات الصحفية التي يشعر فيها المرء أنه ليس محظوظا فقط لكونه صحفيا بل وتسعده أيضا كإنسان عادي بسيط.فأنت تعلم أن مثل هذا اللقاء الصحفي لن يكون من نصيب الكثيرين، وتدرك أنك في وضع خاص ومميز.لقد كان الحوار الصحفي الذي أجريته مع الشيخ سلمان العودة بتاريخ 24 من أبريل المصادف ليوم الجمعة من بين الحوارات الصحفية التي منحتني شعورا بأنني محظوظة من كل النواحي...

ستة ملايين متابع

بصراحة لم يكن لدي الكثير من المعلومات، وبطبيعة الحال أي رأي، عن الشيخ السعودي سلمان العودة الذي وصل قطر للمشاركة كمتحدث في أحد البرامج..
طبعا ما عدا الانطباع الأول المصحوب بالتردد والأحكام المسبقة الذي يتركه رجال الدين السعوديين في نفس المرء للوهلة الأولى...
ورغم جهلي به إلا أنني كنت أشعر بحماسة كبيرة لأنني سأتعرف وأجري حوارا صحفيا مع شيخ يحظى بـ6 ملايين متابع على موقعه في "تويتر"، ويعد من أكثر المشايخ احتراما وشعبية ليس في العالم العربي فقط بل والعالم الإسلامي كله.

لقد التزمت بالنصائح أثناء ذهابي

يعد الشيخ سلمان من أهم الشخصيات الإسلامية النشطة في المجال الفكري وهو رجل دين مثير للجدل. في الحقيقة، لقد كان مجرد التعرف إليه من خلال المعلومات المنشورة عنه في موقع "ويكيبيديا"، كافيا، ليشعل الحماسة في نفس المرء.
منذ أن علمت أن الشيخ سوف يزور"الدوحة"، بدأت أبحث عن أفضل طريقة تمكنني من الوصول إليه. لقد كان علي إيجاد طريقة ذكية لا يمكنه معها رفض اللقاء الصحفي الذي سأجريه معه حيث إنني كنت قد سمعت بأنه لا يحب كثيرا إجراء الحوارات.
 أول ما خطر على بالي كان شيخا آخر أعرفه عن قرب وهو معاذ الخطيب الذي شغل منصب الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة. لم يكن لدي أدنى شك من أنهما يعرفان بعضهما جيدا.
لقد سألت معاذ الخطيب أن يتصل بالشيخ، ويبلغه بطلبي إجراء الحوار الصحفي معه. وهو كعادته لم يخذلني...لقد توجهت، ليل الجمعة، مع الشيخ معاذ إلى فندق "St. Regis" الذي ينزل فيه الشيخ سلمان في "الدوحة". لقد تلقيت الكثير من النصائح قبل أيام من الزيارة بأن أرتدي جلبابا أسود لدى ذهابي لزيارة الشيخ.
وأنا بالطبع كنت سأرتدي الحجاب، وألتزم بهذه النصائح والتحذيرات، ليس لخوفي وإنما سأفعل ذلك مع أي رجل دين أكن له احتراما. لقد ارتديت أكثر الجلبيات بساطة وعديمة اللون في خزانتي، وشددت شعري بقوة على الطراز التركي وليس الخليجي، وخرجت.

هو رجل اجتهد جيدا على نفسه في كل الأمور

صعدت مع معاذ الخطيب إلى جناح الشيخ. ومنذ أن فُتح الباب، طارت معه كل الأحكام المسبقة التي كانت عندي إذ بينما كنت أفكر في نفسي أنه قد ينقلني ربما إلى غرفة أخرى، ويجاوب على أسئلتي عبر وسيط وليس بشكل مباشر، وجدت منه استقبالا حارا. طبعا نحن لم نتصافح إلا أنني وجدت ترحيبا وديا فاق كل توقعاتي من الشيخ سلمان والشباب السعوديين الأربعة الذين كانوا معه في الغرفة. توجهت إلى إحدى الأرائك الموجودة في الصالة وجلست عليها، ولم يكن في المجلس مكان مخصص للرجال وآخر للنساء أي "حرملك سلاملك" كما كنت أتوقع.
وبدأت بالتعريف عن نفسي بقليل من التوتر الذي لم أكن بعد قد تمكنت من السيطرة عليه...
كم كنت على صواب عندما أحضرت معاذ الخطيب معي بيد أن السعادة كانت جلية على وجوههم لأنهم رأوه، وقد شكروني لإحضاري إياه معي. من الواضح أنهم يعرفون بعضهم جيدا، وبأنهم لم يلتقوا بعضهم البعض منذ مدة طويلة.
وكما هو متوقع، بدأ الحديث مباشرة عن سوريا. وبينما أنا كنت مشغولة بالتقاط الصور وإرسال التغريدات، تحدث الشيخان لمدة نصف ساعة من الزمن عن الأوضاع في سوريا والمنطقة...

لقد كان الشاب "عبد الله" نجل الشيخ سلمان موجودا معنا أيضا.. وأول أمس، تم إرسال عبد الله إلى المسرح لمفاجأة أبيه الذي كان يشارك في أحد البرامج كمتحدث ذلك أن "عبد الله" يدرس في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم ير والده منذ أربع سنوات.
لقد كان من الواضح أنه اجتهد على تطوير نفسه جيدا في كل الأمور.

هو رجل دين جدير بالاحترام والإعجاب

كان هذا الشيخ السعودي الذي جلس أمامي، وكان يتحدث معي مختلفا جدا عن رجال الدين الذين عرفتهم أو تخيلتهم.
اعتبارا من الدقيقة الأولى، أيقظ لدي شعور المحبة والتقدير والإعجاب. بعد أن فتحت جهاز التسجيل، طرحت حوالي 14 سؤالا على الشيخ تنوعت ما بين الأمور الدينية والسياسية.
وهو أجاب بكل روية وهدوء وبشكل مفصل طويل على جميع أسئلتي دون أن يشكو منها أو يستعجلها ذلك رغم أن بعض الأسئلة كان من الممكن لأي رجل دين آخر أن يجدها ذات صبغة سياسية أكثر من اللزوم...
بعد انتهاء اللقاء الصحفي، انتقلنا إلى القسم الكلاسيكي المشهور الذي يُعرف باسم "off the record". أي من دون تسجيل ولا شك أن الحديث أصبح أكثر ودية وعمقا بيد أنني لم أكن لأفوت فرصة اللقاء مع مثل عالم الدين هذا دون أن أطرح عليه بعض الأسئلة الشخصية التي كانت تنخر رأسي. لقد تحدثنا في الكثير من المواضيع الحساسة المتعلقة بالرجل والمرأة من أول تعدد الزوجات إلى بعض الأحاديث النبوية التي لم تطب لي كثيرا.

هو موضوع حساس وقابل للاستغلال

لدى سؤالي عن تعدد الزوجات، استدار الشيخ إلى نجله "عبد الله" ليقول: "هيا، أجب أنت أولا على هذا السؤال؟".
هذا الشاب الذي كان في العشرينات من عمره، رد قائلا إن السماح للرجل بالتزوج من أربع نساء ليس ميزة تفضيلية ممنوحة للرجال وإنما هو تشريع جاء بهدف وضع حد للزيجات غير المحدودة التي كانت تتم في ذلك العصر.
في الحقيقة، نجاح الشيخ العودة في تربية نجله الحاصل على دكتوراه في القانون بالولايات المتحدة الأمريكية ويتحدث الإنجليزية بروعة، على غراره، قد منحني آمالا كبيرة بمستقبل المملكة العربية السعودية. وبعد أن انتهى الشاب من كلامه، التقط الشيخ الحديث، فكان كلامه وتشديده على "الفتاة اليتيمة" فيما يخص مسألة تعدد الزوجات من النوع الذي يجب أن يكون حلقا في أذن العرب الذين يميلون لاستغلال هذا الموضوع الحساس في الإسلام.
بعد ذلك، جاء دور الشيخ سلمان ليسأل.. لابد وأنه كان لديه ما يسأله بما أنه وجد صحفية تركية شابة يملؤها الحماسة مثلي. لقد استمع إلى آرائي بالنسبة للأوضاع في تركيا والتطورات السياسية فيه، وتبادلنا الأفكار. هذا القسم من الحديث سيبقى سرا بيننا. لكني سأختصر الكلام مكتفية بالقول إن الشيخ كان يؤمن بأردوغان ويدعم رجاله.

ليس كما يبدو من الخارج أبدا

أكرر ما قلته للشيخ قبل أن أغادر الفندق؛ العالم العربي بحاجة إلى رجال دين من أمثال الشيخ سلمان. ومثله يمكن أن يقف أمام الأحاديث التي تقول إن جميع الرجال السعوديين متزوجين من أربع نساء أو أن "الرجل يحق له أن يأكل لحم زوجته إذا كان مضطرا".
 السعودية هي مكان أبعد بكثير من ذلك الذي يحاولون أن يصوروه لنا أو الذي نطالعه في وسائل الإعلام.. فهناك الكثير من الكنوز المدفونة في هذه الدولة على غرار الشيخ سلمان وغيره من أمثاله، وبيدنا نحن قليلا أن نعثر عليها ونستخرجها..
كل ما علينا فعله هو أن ننظر إلى أبعد من الإطار الضيق الذي يقدمونه لنا، ونتجرد من أحكامنا المسبقة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق