الاثنين، 4 يوليو 2016

فرعون وأخرق ...الاتنين؟!

             
فرعون وأخرق ...الاتنين؟!


شرين عرفة
بضاعتنا ردت إلينا ، وماذا تصنع ثورة لشعب ألف الطغاة والإستعباد منذ آلاف السنين ،

لم يذكر القرآن سوانا حين أراد وصف قوم استعبدهم الطاغية ، صناعة برعنا فيها حد الإعجاز ، وكنا أول المتقنين.

ليس السيسي إذن بدعا من طغاة حكموا مصر ، ملكوا القوة والجنود والسلاح ، واستخدموا السحرة والإعلام الفاسد لغواية وإضلال الناس ، واستغلوا جهل طائفة من الشعب وفسقهم وبعدهم عن دين الله، 

ثوابت على مر التاريخ ارتبطت دوما بالحكام الفراعين ،

بدء من فرعون موسى الذي قال : أنا ربكم الأعلى ، أليس لي ملك مصر وتلك الانهار تجري من تحتي ... 
استخف قومه فأطاعوه.

 لم يذكر الله لنا في قرآنه اسم ذلك الفرعون ، لنعلم أنه ليس بشخص بل حالة ستتكرر في المجتمعات كافة وعلى مدار التاريخ ، 

عبر آيات القرآن الكريم جميعها ، كان  تعالى يقول : ( وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ....(65)"الأعراف"
 (وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗقالَ يَا قَوْم .....(73))" الأعراف"
 (وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ.....(84))" هود"

بعث الله الأنبياء جميعا لدعوة أقوامهم لعبادة الله ، يكلمونهم وينصحونهم ، إلا قوم مصر ، حينما ارسل الله لهم اثنين من الأنبياء : موسى وهارون ،أمرهم الله تعالى بقوله في سورة طه : (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(43))

وفي سورة الشعراء قال :《وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)》 
و بعد عدة آيات في نفس السورة ، قال《 فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16)》

قال المفسرون : بدأ الله بذكر قوم فرعون لأن دعوة موسى واخيه كانت موجهة لهم جميعا، ووصمهم بأنهم ظالمون لأنهم السبب في فرعنة الفرعون وتجبره بخضوعهم له واتباعهم إياه ،

لكن حينما أمر انبيائه "موسى وهارون" بتوجيه خطاب الدعوة والنصح ، أمر بتوجيهها إلى فرعون وحده ، فقومه أتباع له ، خاضعين أذلاء لسلطانه ،فالحديث إذن سيكون مع من يملكهم ، ويخضع رقابهم له .

-العبد ليس له إرادة سوى تنفيذ أوامر سيده-

يصف الله ذلك الذل والخضوع في أتباع فرعون بقوله : (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)(الزخرف)
-يقول ابن الإعرابي في تفسير قوله (فاستخف قومه : فاستجهلهم ، لخفة أحلامهم وقلة عقولهم ،كما انهم لا يتسمون فقط بقلة العقل ، بل وصفهم الله تعالى بأنهم فاسقين : أي خارجين عن طاعة الله.

-حينما يجتمع الجهل مع البعد عن الدين ، تجد أمامك نموذجا مثاليا لعبيد الفرعون وأتباع الديكتاتور وجنوده المخلصين-

ومن وسائل استعباد الفرعون لقومه وإخضاعهم له هي التفرقة بين ابناء البلد الواحد ،بأن يجعل اهلها فريقين ، فريق مستضعف مستباحة دمائه وامواله : (إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ (4)) "القصص"

فهؤلاء شعب ، والمصانة دمائهم شعب آخر 

 على قاعدة :(إحنا شعب وأنتم شعب)

إلا أن الإختلاف الوحيد بين فرعون موسى والفرعون الحالي : أن الأول كان يستحي النساء ، أي يبقيهم أحياء فلا يقتلنهم ، بينما الأخير : يقتل الجميع ؛ رجالا ونساء وأطفال ،  وتفوق السيسي بذلك على أسوأ الفراعين.


●وهنا يطرأ على البال سؤال : هل كان أهل مصر جميعا عبيد فاسقين ؟

قطعا لا ..والدليل : أن الله تعالى بعد ان تحدث عن هؤلاء الفاسقين الذين استخف بهم الفرعون قال : (فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55))"الزخرف"


غرق قوم فرعون أجمعين ، لكن بقي أهل مصر أجدادنا الذين جئنا من أصلابهم ، لم تكن مصر بكاملها عبيد للفرعون ، وإلا لغرقوا معه ، بل اهلك الله فرعون وجنوده وملأه
(والملأ : هم سادة القوم ونخبته الفاسدة من قادة ووزراء وسحرة وإعلاميين ومستشارين )بينما جنود الفرعون كانوا من العبيد الذين أرسل إليهم لملاحقة موسى فأطاعوه ، قال تعالى : ( فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ) (سورة الشعراء)


●نعم يملك السيسي الجنود والسلاح والإعلام ، ولديه سحرة أشد خبثا ودناءة ونفاقا من سحرة فرعون موسى ، نعم يتبعه بعض العبيد بجهلهم وفسقهم وبعدهم عن الدين

نعم ..افعاله الإجرامية فاقت كل حد ، وارتكب مجازرا بحق الشعب المصري لم يرتكبها أعتى الطغاة، ولم يجروء حتى على ارتكابها اليهود الصهاينة في فلسطين ، وها هو يسعى لتغيير الدستور ، ليبقى فيها أبد الآبدين ، هذا طبعا لو كان من المخلدين!!

ولكن هل يصلح السيسي أن يكون حاكما لمصر ، فضلا على أن يكون واحدا من الفراعين ؟!

السيسي الذي وصفته الصحافة الأوروبية بالأخرق ، وتمثل لقاءاته دوما مادة دسمة للعديد من البرامج الساخرة حول العالم،

السيسي الذي قدم للغرب كل التنازلات الممكنة والغير ممكنة ليحصل على اعتراف بشرعية زائفة ، فاستقبلوه في بلادهم ثم لم ينل منهم أي إحترام يذكر ، وتحفل ذاكرة المصريين بالعديد من المواقف المخزية التي أساءت لهم : 

كصعوده طائرة كفيله السعودي وتقبيله رأسه ثم الجلوس منزويا على كرسي جانبي ، ثم إستهزاء الرئيس الروسي "بوتين" به وإهدائه معطف حراسه الشخصيين ليرتديه أثناء لقاء جمع بينهما، واستخفاف رئيس الوزراء الإيطالي به وتجاهله لما يقول أثناء المؤتمر الصحفي المشترك ، ثم السخرية اللاذعة منه في الصحافة العالمية بسبب "الزفة البلدي" التي يتعمد إقامتها مع كل زيارة لدولة خارجية ، واصطحاب وفد ضخم اثناء زياراته للأمم المتحدة ليقوموا بدور "الهتيفة" ويصفقوا له بسبب وبدون سبب بعد كل جملة ينطق بها ، فضلا عن مرافقته مجموعة من الراقصات والممثلات والممثلين أثناء زيارته لعاصمة التكنولوجيا في أوروبا "ألمانيا".
 

تحولت مصر أم الدنيا "صاحبة أول دولة وأول حضارة في التاريخ " على يد السيسي" إلى أضحوكة الدنيا ومسخرة التاريخ ".


لا يخلو حديث له من عشرات الأخطاء الإملائية واللغوية ، وما بين همهمات وجمل غير مترابطة ، وكلمات غير ذات معنى ، ونطق فاحش للغة العربية ، طالب البعض بوضع ترجمة أسفل خطاباته!!

لا يفهم المصريون لماذا دوما صوره التي تلتقطها له عدسات الكاميرات ، تبدو كطرفة شديدة السخرية.

هل هذا هو الرئيس؟!  هل تلك هي هيئة رئيس؟! 

واحدة من اسباب سخط المصريين على المخلوع مبارك هو قدراته العقلية المحدودة ،والتي كانت تظهر جليا في حواراته وأحاديثه العفوية ، فإذ بالسيسي يأتي ليثبت لنا.. أن مبارك كان عبقريا ،

بل ويترحم بعضهم على الديكتاتور الذي كان يتمتع ببعض العقل ،صغرت معه مكانة مصر واضمحلت ..صحيح ، لكن لم تصبح أضحوكة العالم ..

فرعون .. نعم .. هذا ما تعودنا عليه ..

لكن فرعون .. وأخرق ..الاتنين؟!


ملحوظة ..هذا المقال نشر أول مرة في ذكرى الإنقلاب العسكري 2015 ..لم اجد انسب منه في ذكرى نفس الإنقلاب 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق