الاثنين، 14 يناير 2019

وصية عثمان أرطغرل: دستور دولة سادت العالم 4 قرون

وصية عثمان أرطغرل
دستور دولة سادت العالم 4 قرون  



في سنة سبعٍ وعشرين وسبعمائة من الهجرة والسلطان عثمان بن أرطغرل وهو على فراش الموت، كتب لابنه يوصيه، يقول له:

يا بني، أنني انتقل إلى جوار ربي، وأنا فخور بك بأنك ستكون عادلًا في الرعية، مجاهدًا في سبيل الله، لنشر دين الإسلام.

يا بني إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلًا.

يا بني: أحط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على الجنود، ولا يغرنّك الشيطان بجندك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة…

يا بني: إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق، فتحدث مرضات الله جلَّ جلاله.

يا بنى: لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة الحكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا وللإسلام نموت، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل.

يا بني: أوصيك بعلماء الأمة، أدم رعايتهم، وأكثر من تبجيلهم، وأنزل على مشورتهم، فإنهم لا يأمرون إلا بخير…

اعلم يا بني: أن نشر الإسلام، وهداية الناس إليه، وحماية أعراض المسلمين وأموالهم، أمانة في عنقك سيسألك الله عز وجل عنها…

واعلم يا بني أن طريقنا الوحيد في هذه الدنيا هو طريق الله، وأن مقصدنا الوحيد هو نشر دين الله، وأننا لسنا طلاب جاه ولا دنيا.

يا بني، إياك أن تفعل أمرًا لا يُرضي الله عز وجل، وإذا صعب عليك أمر فاسأل علماء الشريعة، فانهم سيدلونك على الخير…).

وفي عبارات أخرى من وصية عثمان تقول:

«وصيتي لأبنائي وأصدقائي، أديموا علو الدين الإسلامي الجليل بإدامة الجهاد في سبيل الله… أمسكوا راية الإسلام الشريفة في الأعلى بأكمل جهاد… اخدموا الإسلام دائمًا، لأن الله عز وجل قد وظف عبدًا ضعيفًا مثلي لفتح البلدان، اذهبوا بكلمة التوحيد إلى أقصى البلدان بجهادكم في سبيل الله ومن انحرف من سلالتي عن الحق والعدل حرم من شفاعة الرسول الأعظم يوم المحشر…»

يا بني: ليس في الدنيا أحد لا يخضع رقبته للموت، وقد اقترب أجلي بأمر الله جل جلاله أُسلِمُك هذه الدولة وأستودعك المولى عز وجل، اعدل في جميع شؤونك…).

وفاة الغازي عثمان

تُوُفِّيَ الغازي عثمان عام (726هـ= 1326م)، وقد كانت حياة عثمان جهادًا ودعوةً في سبيل الله، وكان علماء الدين يُحيطون بالأمير، ويُشرفون على التخطيط الإداري والتنفيذ الشرعي في الإمارة، توفى وقد عَهِد لابنه أورخان بالحُكم من بعده، وأوصاه بتلك الوصية التي كانت بمثابة دستورًا حقيقيًا للدولة العثمانية.

بمثل هذا ارتفعت الدولة العثمانية

فالمتفكر في هذه الوصية، لا يعجب حينما يعلم أن الدولة العثمانية صارت في زمنها أقوى دولة في العالم، وأن الدولة العثمانية استمرت في الحكم أكثر من أربعمائة عام.


ولقد كانت هذه الوصية منهجًا سار عليه العثمانيون، فاهتموا بالعلم وبالمؤسسات العلمية، وبالجيش والمؤسسات العسكرية، وبالعلماء واحترامهم، وبالجهاد الذي أوصل فتوحًا إلى أقصى مكان وصلت إليه راية جيش مسلم، وبالإمارة وبالحضارة سادوا الدنيا كلها.

فأنّا لحكامنا اليوم من عبارات هذه الوصية الجليّة، ونحن في واقعٍ أعلم به ربُّ البريّة، وتحقق فينا قول رسولنا الكريم–صلى الله عليه وسلم –حين شغلنا قلوبنا بالدنيا حبًا وبالموت كراهية، أصبحت الأمة قصعة تأكل من جسدها أمم البشرية، ولا حول ولا قوة إلا بالله فاللهم ردّنا إلى دينك ردًا جميلًا.

المصادر:
كتاب (مأساة بني عثمان)
كتاب التاريخ السياسي للدولة العلية العثمانية.
كتاب التاريخ العثماني المصور.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق