الأحد، 13 يناير 2019

أختي تتواجد في سجن سعودي، هل سيلتزم بومبيو الصمت إزاء هذا الأمر؟

أختي تتواجد في سجن سعودي، هل سيلتزم بومبيو الصمت إزاء هذا الأمر؟

علياء الهذلول

ترجمة وتحرير: نون بوست

عندما يصل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى السعودية يوم الأحد، من المنتظر أن يناقش الأوضاع في اليمن، والمسائل المتعلقة بإيران وسوريا، "ويطلب اطلاعه على آخر تطورات التحقيق في مقتل الصحفي جمال خاشقجي".

لكن ما صدمني في الواقع هو الأشياء التي ليست موجودة على أجندة زيارة السيد بومبيو، وبالتحديد نشطاء حقوق المرأة الشجعان في السعودية، الذين يتم احتجازهم في سجون المملكة بسبب مطالبتهم بالحقوق والكرامة. وبالنسبة لي، فإنني آخذ هذه اللامبالاة من السيد بومبيو على محمل شخصي، بما أن واحدة من المعتقلات هي أختي لجين الهذلول، التي ناضلت بجد للحصول على حق المرأة السعودية في قيادة السيارة.

أنا أعيش في بروكسيل. وفي 15 مايو/ أيار الماضي، تلقيت رسالة من عائلتي تفيد بأن لجين اعتقلت في منزل عائلتي في الرياض، حيث كانت تعيش. وقد شعرت بالصدمة والارتباك، لأن القانون الذي يحظر قيادة المرأة للسيارة كان على وشك أن يتم إلغاؤه. لم نفهم سبب اعتقالها أو المكان الذي تم وضعها فيه. وفي 19 مايو/ أيار، وجهت لها وسائل الإعلام السعودية، إلى جانب خمس محتجزات أخريات، تهمة الخيانة. وقد نقلت صحيفة مقربة من نظام الحكم عن مصادرها أن هؤلاء النساء سوف يتم إصدار أحكام في شأنهن تصل إلى 20 عاما من السجن، أو حتى حكم الإعدام.

تم اعتقال لجين لأول مرة في ديسمبر/ كانون الأول 2014، بعد أن حاولت قيادة السيارة من الإمارات نحو السعودية. وأفرج عنها بعد أكثر من 70 يوما من الاحتجاز، وتم فرض حظر السفر عليها لمدة أشهر. ثم في سبتمبر/ أيلول 2017، أعلنت السلطات السعودية أن قرار حظر قيادة المرأة للسيارة سيتم إلغاؤه في يونيو/ حزيران الموالي. وقد تلقت لجين اتصالا هاتفيا قبل هذا الإعلان من مسؤول في البلاط الملكي السعودي، يحجر عنها التعليق أو الحديث عن هذا الموضوع على شبكات التواصل الاجتماعي.

بين شهري مايو/ أيار وسبتمبر/ أيلول، كانت لجين رهن الحبس الانفرادي. وخلال الاتصالات الهاتفية القصيرة التي سمح لها بإجرائها، أخبرتنا بأنها محتجزة داخل فندق. وسألتها "هل أنت موجودة في فندق الريتز كارلتون؟" فأجابتني ضاحكة: "لا لم أبلغ درجة الريتز، ولكنني موجودة في فندق".

انتقلت لجين بعد ذلك إلى الإمارات وسجلت اسمها لدراسة الماجستير في البحوث الاجتماعية المطبقة، في جامعة السوربون أبوظبي، في إمارة أبو ظبي. ولكن في مارس/ آذار، تم احتجازها من قبل مسؤولين أمنيين أثناء قيادتها للسيارة، ووضعها في طائرة ونقلها إلى سجن في الرياض. وبعد أيام قليلة تم الإفراج عنها مع منعها من السفر خارج المملكة، والتنبيه عليها بعدم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي.

بعد ذلك تم اعتقالها في مايو/ أيار. وقد كنت آمل أن يتم إطلاق سراح لجين في 24 يونيو/ حزيران، وهو موعد إنهاء حظر قيادة المرأة للسيارة. وحل ذلك اليوم المجيد، وشعرت بالسعادة لرؤية النساء السعوديات وراء المقود. لكن لم يتم الإفراج عن لجين. وقد حافظت على الصمت على أمل أن ذلك سوف يحميها. ولكن خلال ذلك الوقت كنت مصدومة بسبب بعض الظواهر السلبية التي باتت منتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي في السعودية، إذ أن أي شخص ينتقد أو يوجه ملاحظات حول أي موضوع يتعلق بالمملكة السعودية، كان يتم وسمه بأنه خائن. ورغم أن المملكة السعودية في الماضي لم تكن أبدا دولة ديمقراطية، إلا أنها أيضا لم تكن دولة بوليسية.

لقد حاولت الاحتفاظ بأفكاري وحزني لنفسي. وبين شهري مايو/ أيار وسبتمبر/ أيلول، كانت لجين رهن الحبس الانفرادي. وخلال الاتصالات الهاتفية القصيرة التي سمح لها بإجرائها، أخبرتنا بأنها محتجزة داخل فندق. وسألتها "هل أنت موجودة في فندق الريتز كارلتون؟" فأجابتني ضاحكة: "لا لم أبلغ درجة الريتز، ولكنني موجودة في فندق".

في منتصف أغسطس/ آب، تم نقل لجين إلى سجن ذهبان في جدة، وتم السماح لوالدي بزيارتها مرة كل شهر. وقد لاحظا والداي أنها كانت ترتعد بشكل مستمر، وهي غير قادرة على التحكم في قبضة يدها أو المشي أو الجلوس بشكل عادي، إلا أن شقيقتي القوية والصبورة، تذرعت وألقت باللائمة على جهاز التكييف، وحاولت طمأنة والدي بأنها ستكون بخير.

قالت لجين لوالدي إنها تعرضت للتعذيب بين مايو/ أيار وأغسطس/ آب، وهي الفترة التي منعت فيها الزيارة

بعد قتل جمال خاشقجي في أكتوبر/ تشرين الأول، قرأت تقارير تفيد بأن العديد من الأشخاص الذين تحتجزهم السلطات السعودية في فندق الريتز كارلتون في الرياض تم تعذيبهم. وبدأت بتلقي مكالمات ورسائل من أصدقاء وأقارب، يتساءلون حول ما إذا كانت لجين أيضا تعرضت للتعذيب. وقد شعرت بالصدمة إزاء هذه الفرضية، وتساءلت كيف يمكن أن يعتقد الناس أن امرأة تتعرض للتعذيب في السعودية، فقد كنت حينها مؤمنة بأن الأعراف الاجتماعية في المجتمع السعودي لا تسمح بهذا الأمر.

بحلول أواخر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، ذكرت العديد من الصحف إلى جانب منظمة "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية، أن المعتقلين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان، سواء كانوا رجالا أو نساء، يتعرضون للتعذيب في السجون السعودية. حتى أن بعض هذه التقارير أشارت إلى حدوث اعتداءات جنسية.

زار والدي لجين في سجن ذهبان في ديسمبر/ كانون الأول، واستفسر منها حول تقارير التعذيب، فانهارت وانهمرت دموعها. وقالت لجين إنها تعرضت للتعذيب بين مايو/ أيار وأغسطس/ آب، وهي الفترة التي منعت فيها الزيارة. كما ذكرت أنها كانت محتجزة في الحبس الانفرادي وتعرضت للضرب والتعذيب بتقنية الإيهام بالغرق، والصعقات الكهربائية، وتعرضت أيضا للتحرش الجنسي وتم تهديدها بالاغتصاب والقتل. بعد ذلك لاحظ والدي أن فخذيها كانا يحملان آثار كدمات.

حتى اليوم، أنا مترددة جدا بشأن الكتابة حول لجين، وخائفة من أن الحديث عن معاناتها يمكن أن يسبب لها الضرر

أكدت لجين أنها في العديد من المناسبات التي تعرضت فيها للتعذيب، كان سعود القحطاني، المستشار الملكي البارز، حاضرا على عين المكان. وأحيانا كان القحطاني يسخر منها، وفي أحيان أخرى هددها باغتصابها وقتلها وإلقاء جثتها في مجاري الصرف الصحي. كما ذكرت لجين أن القحطاني، إلى جانب ستة من رجاله، قاموا بتعذيبها طوال الليل في شهر رمضان، على الرغم من أنه شهر الصيام ومقدس لدى المسلمين. كما أجبروا لجين على تناول الطعام معهم، حتى بعد شروق الشمس. وقد سألتهم حول ما إذا كانوا سوف يواصلون تناول الطعام كامل اليوم في رمضان، فأجابها أحد رجال القحطاني: "لا أحد أعلى منا، ولا حتى الله".

لقد أدى وفد من لجنة حقوق المرأة في السعودية زيارة إلى لجين بعد نشر التقارير حول تعذيبها. وهي أخبرت الوفد بكل ما تعرضت له، وسألتهم حول ما إذا كان بإمكانهم حمايتها، فأجابوا: "بأنه لا يمكنهم القيام بذلك". وبعد أسابيع قليلة، زارها النائب العام لتسجيل شهادتها حول التعذيب. وبعد مقتل جمال خاشقجي، ادعت السعودية أن بعض المسؤولين يرتكبون في بعض الأحيان أخطاء ويسيئون استغلال سلطتهم. ومع ذلك لا زلنا ننتظر العدالة.

كنت لأفضل كتابة هذه الكلمات باللغة العربية في صحيفة سعودية، ولكن بعد اعتقال لجين قامت الصحافة السعودية بنشر اسمها وصورها واصفة إياها بأنها خائنة. 
ونفس هذه الصحف قامت بإخفاء أسماء وصور الرجال الذين يمكن أن يواجهوا عقوبة الإعدام على قتل جمال خاشقجي. وحتى اليوم، أنا مترددة جدا بشأن الكتابة حول لجين، وخائفة من أن الحديث عن معاناتها يمكن أن يسبب لها الضرر. لكن هذه الأشهر الطويلة وغياب الأمل زاد من يأسي من إمكانية رفع تحجير السفر المفروض على والدي في المملكة السعودية، ورؤية شقيقتي الشجاعة وهي حرة.

المصدر: نيويورك تايمز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق