الثلاثاء، 23 يناير 2024

بيني وبينك …. اليَهودُ والصَّهايِنة


بيني وبينك …. اليَهودُ والصَّهايِنة



شاركتُ في مؤتمرٍ لنصرةِ غزّةَ قبل بضعة أيّامٍ في إسطنبول، ودُعيتُ لألقِيَ على هامشه قصيدةً من قصائدي، في الأمسية الّتي أُقيمتْ مساءَ اليومِ الأوّل منه بحضور رئيس المكتب السّياسيّ لحماس إسماعيل هنيّة وعددٍ غفيرٍ من قادة الأحزاب والمُؤسّسات النّقابيّة من مختلف أنحاء العالَم، وفيهم يهودٌ ينتمون إلى حركة (ناطوري كارتا). وقد مضيتُ في القصيدة على السّنَنِ الّذي رضيتُه لنفسي وشِعري منذُ أوّل بيتٍ كتبتُه وأنا لا أزال في الرّابعةَ عشرة من عمري، فلمّا وصلتُ في القصيدة إلى قولي:

ضِدَّ اليَهُودِ عَلَى المَدَى وَإِلَى الرَّدَى


حَتَّى يَبِينَ الحَقُّ للجُهَلاءِ

هَبّ أحدُ الحاضرين الكِرام، فصاح: «قُلِ الصّهاينة ولا تقل اليهود» وقالَ بعدَها قولًا لم أتبيَّنْه، فصنعَ في القاعة المُصغية بكلّيّتها إلى الإنشادِ لَغَطًا ولجَبًا، فرددتُ من فَوْري رَدًّا مُقتَضبًا، قلتُ، قال الله تعالى: «لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النّاسِ عَداوةً للّذينَ آمَنوا اليهودَ»، ونبرتُ الكلمة الأخيرةَ نبرًا مقصودًا، وتساءَلتُ: فهل أردّ على كلامِكَ أمْ على كَلامِ رَبّ العالَمين. وتابعتُ: إنّ اليَهودَ الّذين عنيتُهم في قصيدتي همُ اليهود الّذين عناهُمُ الله في كتابه. ثُمّ أكملتُ ما تبقّى من شِعري في ذلك المشهد.

وأعقّبُ على الحادثة فأقول: إنّ لوثةً أصابتْ نُخبَنَا اليوم فيما يتعلّق بالموقفِ العَقَدِيّ من اليهود الّذين يحتلّون أرضَنا ويُقتّلون أطفالَنا ونساءَنا، فصِرْنا نفرحُ كالثّاكلة لمن يندبُ معنا، أو كالغريق لمن يُلقِي لنا قَشّة في بحرٍ طامٍ هائِج.

إنّ اليهودَ عقيدةً هم اليهود، ولو تلوّنوا بألوانٍ شَتّى، ولبسوا مُسُوحًا مُزخرَفة، ولن أُغيِّر من مفهومِ الصّراع لأنّ عشرةً أو مئةً من هذا الصّنفِ من اليهود من حِزب (ناطوري كارتا) خرجَ معي في مظاهرةٍ هنا أو هناك. 
إذا كانَ (نتنياهو) قد أرادَها حربًا دينيّة مُقدّسَة، واستشهدَ في خطابه في الأيّامِ الأولى للحرب بنبوءة (أشعِياء) في توراتهم المُحرّفة، فماذا يبقَى لكلّ دعوات التّلايُن والتّعابُثِ من قيمة؟!

ثُمّ إنّ حركة (ناطوري كارتا) لا تُعارض حُكومتها الصّهيونيّة لأجل عيوننا؛ إنّها تُعارِضها في اختِلاف نبوءاتهم في قِيامِ دولةِ إسرائيل، فالحَرَكةُ ترى أنّ قِيامَها في هذا الوقت نذيرُ شؤمٍ على خراب دولتهم وفَناءِ أمّتهم، لكنّها لا تُعارِضُ هذا القيام إذا جاءَ في إبّانه. فهي تستندُ كما يستندُ صهاينةُ اليوم إلى نبوءات كتابهم المُقدّس عندهم، كأنّما يقولون خُفيةً: «إنّها حربٌ مُقدَّسة، وحينَ يأزفُ وقتُ قيامِ دولتنا فلن نتركَ على ظهرِها من دابّة». 
وإذا كان الهدفُ عند الاثنين واحِدًا لكنّهما يختلفان في التّوقيت، فهل هذا يدعوني أنا الذّبيح القتيل أنْ أضعَ يدي في يده؟! 
كلا وألفُ كلاّ. فليذهبْ هو أو هما بنبوءَتهما حيثُ يشاءان، وسأقاتل أنا حتّى يأتي يوم يَحِقّ فيه قولُه تعالى: «فإذا جاءَ وَعدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أوّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا».

AymanOtoom@

otoom72_poet@yahoo.com















































































                                                              

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق