بركات معركة طوفان الأقصى
مِن بركات معركة غزة الحالية ظهورُ مصطلح (الردة) على ألسنةِ كثيرٍ مِن العلماء والنشطاء الإسلاميين.. وتكمن بركة هذا الظهور في أنَّ هذا المصطلح حكمٌ مِن أحكام الشريعة المغيبةِ لا يجوز للمسلمين الخوف أو الخجل منه، كما لا يجوز لهم التوسع فيه على التعيين إلا بعد تحقق الشروط وانتفاء الموانع.
أمَّا دلالات هذا الظهور فكثيرة جداً؛ مِن أهمها:
أنَّ الذين أَعمَلُوا هذا المصطلح منذ سنوات كانوا محقين في إعمالَه؛ لأنهم رأوا موالاة كثيرٍ مِن المسلمين لأعداءِ الله الذين كانوا يقصفونهم ويقتلون أطفالهم ونساءهم؛ فَكفَّرُوهُم تبعاً لذلك، كما يُكِّفرُ هؤلاء العلماء والنشطاء الآن مَن يحاصرون غزة أو يعاونون محاصري غزة أو يفرحون بخراب غزة.
الثاني:
أنَّ هؤلاء العلماء والنشطاء لم يكونوا يعرفون شيئاً عما يحدث للمسلمين في الشام والعراق تحديداً، أو عرفوا وجبنوا كعادتهم، أو عرفوا وألقوا التبعة على القتيل لا القاتل لأنهم ظنوه -أو أرادوا أن يظنوه- تكفيرياً متشدداً تسبب في خراب العمران وهلاك المسلمين.. وهذا الظن كان مريحاً لضمائرهم التي استبعدت الحقيقة طلباً للراحة وحفظاً للمكتسبات وخوفاً مِن التبعة!!
الثالث:
أنَّ هؤلاء العلماء والنشطاء لم تكن جماعاتهم أو أحزابهم تحت القصف آنذاك؛ فلذلك لم يهتموا.
الرابع:
أنَّ هؤلاء العلماء والنشطاء لا يعرفون شيئاً إلا إذا قالته قناةُ الجزيرة أو جَيَّشتْ منصاتِها وجواريها لقوله.. ومِن المعروف أنَّ نظامَ دولةِ قناة الجزيرة كان -آنذاك وحتى الآن- مع الكفار لقتل المسلمين؛ فلذلك لم يجد هؤلاء وأمثالهم مجالاً للقول أو ساحةً للركض؛ فقالوا في أنفسهم: (بَرَكة يا جامع)، ثم خرجوا بعد انتهاء المجزرة لِيُلَّمِحُوا إلى ما قاله بعضُ أسلافهم مِن قبل: (بموت فلان صار العالَمُ أكثر أمناً)، بل وهَنَّأ بعضُهم السلطات الكافرة بعودة مُدن المسلمين إلى ما يُسمونه الوطن الأم تحت حكم الطاغوت الرافضي الإيراني!!
***
مَدُّ الخط على استقامته في هذا الموضوع سَيُنتِجُ مِن البشاعات والتكفير ما لا يعلمه إلا الله.. بل وسيصيبُ- بأثرٍ رَجعي- كثيراً مِن الإسلاميين الذين يهاجمون الآن مَن يصفونهم بـ(المتصهينين) الذين يُحمِّلون حماس تبعة خراب غزة وهلاك المسلمين فيها؛ لأنَّ هؤلاء الإسلاميين أنفسهم حَمَّلوا المجاهدين قديماً في الشام والعراق واليمن، بل وفي أفغانستان أيضاً؛ تبعة خراب المُدن وهلاك المسلمين!!
دروسٌ كثيرة يجب أن نتعلمها مما حدث ويحدث وسيحدث.. إلا أنَّ الدرس الأكبر الذي يجب أن نضعه نُصب أعيينا دائماً هو قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يَدٌ على مَن سواهم».
سَيُصِيبُكَ ما أصَابَ أخاك مِن القتل؛ فَكُنْ معه على قاتله؛ لأنَّ ذلك هو الدين.. فإنْ عَريت مِن الدين فَكُنْ معه مُروءةً، فإن عَريت من المروءة فَكُنْ معه خوفاً؛ إذ لو فَرَغَ قَاتِلُه منه وَصَلَ إليك!!
أقرأ لـــــــ الكاتب د.علي فريد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق