الأحد، 28 يناير 2024

“الأمة بين الإلهاء والإنهاء”

“الأمة بين الإلهاء والإنهاء”


د. عز الدين الكومي


منذ قرون مديدة والغرب الصليبي لا يتوانى عن السعي إلى إبادة أمتنا الإسلامية،ولا يتورع عن استخدام كل الوسائل والأساليب الخسيسة لإنهائها وإفنائها ، فهو يعتبر الإسلام عدوه الأول بالأمس واليوم وغداً .
ولو تعرضت أي ملة لما تعرض له الإسلام منذ ظهوره إلى الآن لانتهى واختفى من الوجود بصفة نهائية.
ولكننا شاهدنا وما زلنا نشاهد أنه كلما ظن أعداء الإسلام أن نهايته اقتربت..خاب سعيهم،بل إنه يزيد قوة بين أبنائه،وانتشاراً في الآفاق أكثر وأوسع .
فقد مرت عليه نكبات الحروب الصليبية ، وهجوم التتار ، والاستعمارالصليبي الحاقد لبلاد المسلمين بعد إسقاط الخلافة العثمانية .
ومن أمثلة الحقد الصليبي على الإسلام ماقاله” لوراني براون”:
”إن الإسلام هو الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوروبي،وكان قادتنا يخوفوننا بشعوب مختلفة ، لكننا بعد الاختبار لم نجد مبررًا لمثل تلك المخاوف، كانوا يخوفوننا بالخطر اليهودي،والخطر الياباني الأصفر،والخطر البلشفيو، ولكنه تبين لنا أن اليهود هم أصدقاؤنا،والبلاشفة الشيوعية حلفاؤنا،وأما اليابانيون فإن هناك دولاً ديمقراطية كبيرة تتكفل بمقاومتهم،لكننا وجدنا أن الخطر الحقيقي علينا موجود في الإسلام وفي قدرته على التوسع والإخضاع،وفي حيويته المدهشة”.
ومما يوضح هذا الأمر جليا ودون مواربة هو ما ورد في رد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على سؤال لمجلة”نورث أتلانتيك” الأمريكية:”لماذا دعمتم إسلاماً متطرفاً؟”فقال لها بكل وضوحة:”نحن لسنا مسؤولين عن الإسلام المتطرف الذي كان لدينا على مدى عقود،بل إن أمريكا ضغطت علينا لدعم هذا النوع من الإسلام كي تستخدمه في حروبها ضد الاتحاد السوفياتى”.
ويقول الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرورمئة سنة على استعمار الجزائر:”إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرأون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم”.
ويقول”صموئيل زويمر”رئيس جمعيات التبشير في مؤتمر القدس للمبشرين المنعقد عام 1935:
“إن مهمة التبشيرالتي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريمًا، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقًا لا صلة له بالله، وبالتالي لاصلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، وبذلك تكونون بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية”.
ويقول المستشرق سميث الأمريكي:
“إذا أعطي المسلمون الحرية في العالم الإسلامي وعاشوا في ظل أنظمة ديمقراطية، فإن الإسلام ينتصر في هذه البلاد، وبالدكتاتوريات وحدها يمكن الحيلولة بين الشعوب الإسلامية ودينها”.
ولكنهم يعملون على أن تعطى الشعوب فترات راحة وتنفيس للحيلولة دون انفجارها كما حدث من خلال ثورات الربيع العربي مثلا .
وصدق الله تعالى إذ يقول: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) 118 ألعمران.

ولكن لما عجز الغرب عن إنهاء الأمة وإفنائها لجأ إلى أساليب خبيثة لإلهاء الأمة عن مهمتها ورسالتها التي وجدت من أجلها ليفقدها ميزة الخيرية التي ميزها الله بها في قوله تعالى(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) 110 آل عمران.
وهنا لجأ الغرب الصليبي إلى سياسة إلهاء الأمة بالتوافه من الأمور حتى تظل غارقة في جهلها وتخلفها،وهذا ما تؤكده رسالة الهالك هنري كيسنجر إلى مناحم بيجين سنة1977 بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد : “لقد سلمتك أمة نائمة،خذ منها ما تشاء قبل ان تفيق ، واحرص على ألَّا تفيق، فإنها إن فاقت فسوف تسترد ما فقدته في مائة عام خلال عام واحد!!”
أما البروتوكول الثالث عشر من بروتوكولات حكماء صهيون فقد ورد فيه “إنما نوافق الجماهير على التخلي والكف عما تظنه نشاطاً سياسياً إذا أعطيناها ملاهي جديدة…ونحن أنفسنا أغرينا الجماهير بالمشاركة في السياسات كي نضمن تأييدها في معركتنا ضد الحكومات اﻷممية (غير اليهودية).
ولكي تبعدها عن أن تكشف بأنفسها أي خط عمل جديد ، سنلهيها أيضا بالفن والرياضة وما إلى ذلك،هذه المتع الجديدة ستلهي ذهن الشعب حتما عن المسائل التي سنختلف فيها معه، وساعتها سيفقد الشعب تدريجيا نعمة التفكير المستقل” .
وها نحن نلاحظ بوضوح ما يقوم به الإعلام الفاسد بالتركيز على قضايا ثانوية صغيرة ويجعلها قضية أساسية فيشغل العالم بها ليل نهار، مثل مباريات كرة القدم التي يروح لها الإعلام ويجعلها الشغل الشاغل للأمة المنهزمة نفسياً.
وكذلك نلاحظ السيطرة على الأنظمة التعليمية لإفشالها وإفساد عقول الناشئة باسم العلم ، ونشر نظريات فاسدة مثل نظرية النشوء والارتقاء لداروين وغيرها .
و يقول البروتوكول الرابع عشر:“لقد خدعنا الجيل الناشئ من اﻷمميين،وجعلناه فاسدا متعفنا بما علمناه من مبادئ ونظريات معروف لدينا زيفها التام،ولكن نحن أنفسنا الملقنون لها، ولقد حصلنا على نتائج مفيدة خارقة”.
وهنا نتذكرمقولة المفكر الكبير مالك بن نبي
”إذا أردت أن تهدم حضارة: إحتقرمعلِّما، وأذلّ طبيباً، وهمّش عالماً، وأعطِ قيمة للتافهين” .
ومن ذلك أيضاً إلهاء الناس بمشاكلهم المعيشية وهموم أرزاقهم حتى تستهلك وقتهم وتستحوذ على تفكيرهم، بحيث لا يبقى لديهم الوقت لمجرد التفكير في غيرهمومهم الشخصية .
وكذلك افتعال مشكلات اقتصادية واجتماعية، وفتن طائفية بين نسيج المجتمع، واختراع عدو وهمي لمحاربته!!
وإذا لم تؤت هذه الأساليب في الإلهاء أُكُلَها فإنهم يلجأون إلى أساليب أكثرخشونة مثل إثارة النعرات القومية والحروب الأهلية حتى يحارب الأخ أخاه باسم القومية!! .
فيا أمة الملياري مسلم..الإسلام يريد منا أن نكون أمةً واحدةً، لا عصبية تفرقنا ولاعنصرية تمزقنا، ولا اختلافات تذهب بقوتنا، وتذهب ريحنا.
وأن أمتنا لايمكنها أن تقوم بدورها،وتسير في ركب الأمم والنهوض والبناء إلا إذا كانت موحدة وصفوفها متلاحمةً ، وأهم ما يحفظ للأمة قوتها ووحدتها هوالتمسك بدين الله عز وجل والانتباه لمؤمرات الأعداء وألاعيبهم!!
الكاتب: د. عز الدين الكومي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق