الثلاثاء، 5 يوليو 2016

نتنياهو فوق عربة يجرّها السيسي

نتنياهو فوق عربة يجرّها السيسي
 وائل قنديل

"إنني أخرج الآن في زيارة تاريخية في أفريقيا، نحن نفتح أفريقيا أمام إسرائيل من جديد".. 
هكذا تحدث "الفاتح"، بنيامين نتنياهو، وهو يشد الرحال إلى أفريقيا السمراء، محتفلاً بالعودة، منتشياً بالنصر. 
ذهب محمولاً فوق عربةٍ تجرها خيول الانتصار، من هذه الخيول، عبد الفتاح السيسي، حاكم مصر النموذجي، وفقاً للمعايير والمواصفات الصهيونية.

هل كانت مصادفةً أن يقال في صحافة الكيان الصهيوني، يوم توغل رئيس حكومتها في عمق أفريقيا، إن السيسي يعشق نتنياهو؟

الواقع يقول إن دكتاتور مصر الخائب مهّد الطريق وكنسها، وزرع جانبيها بالورود، على مدار الشهور الماضية، لكي تعود إسرائيل إلى أفريقيا، وما الاستعراض الماجن المبتذل في دار الأوبرا المصرية، عشية وقوف نتنياهو متزعماً اللقاء مع زعماء سبع دول أفريقية، إلا رقصة احتفالية من وكيل أعمالهم في القاهرة بهذا النصر المظفر.

قل ما تشاء عن دكتاتورية عبد الناصر، وعن هزيمته العسكرية في 1967، غير أن هناك فرقاً بين دكتاتور مقاوم ودكتاتور مقاول..
 بين مستبدٍّ يقمع الداخل، بحجة أنه في صراعٍ مع العدو الخارجي، ومستبدٍّ يقتل الداخل إرضاء لعدو الخارج وتزلفاً إليه.

يولد الطفل في البيت الناصري، فيحفّظه والداه أن أمن مصر يبدأ من أفريقيا وينتهي عندها، وأن "الزعيم" عبد الناصر قطع الطريق على الصهاينة، كي لا يعبثوا بالقارة السمراء.. هنا، من المهم أن يوضع السؤال أمام أشاوس الناصرية، الذين تحوّلوا إلى مهرجين في سيرك عبد الفتاح السيسي: ما رأيكم، دام انبطاحكم، في عربدة رئيس وزراء العدو في عمق مصر الحضاري، برعاية جنرالكم البائس؟

حسنا، نبدأ بالسيد محمد فايق، وزير إعلام جمال عبد الناصر، والرجل القوي في جهاز أمنه القومي، والذي يعرفه الناصريون بأنه مستشار عبد الناصر لشؤون القارة ومهندس العلاقات الأفريقية المصرية.. وهو الآن رئيس ما يسمى المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي عيّنه عبد الفتاح السيسي.
سئل محمد فايق في حوار لصحيفة "الدستور" عام 2010 عن علاقات مصر الأفريقية، فقال: "لم نكن نستطيع أن نعيش بعيداً عن الصراع الدائر بين 200 مليون أفريقي وخمسة ملايين من البيض، ولم نكن نستطيع أن نعيش بعيداً عن محاولات عزل المنطقة العربية عن أفريقيا. وكان أكبر استثمار تستثمره ثورة يوليو 1952 في أفريقيا أن نعلم الناس. كانوا يأتون إلينا سيراً على الأقدام، وكنت أعطيهم الفيزا على الحدود، وكنت آتي بالباحثين والطلاب إلى مدينة البعوث حتى دخول الكلية الحربية ".

بحسب رجل عبد الناصر، فإن ثلث عدد الدول العربية يقع في أفريقيا، وأن الدين الأول فيها هو الدين الإسلامي. 

وإذا تعمقنا في التاريخ نجد أن للإسلام ثقافة تجمعنا بجزءٍ كبير من الشعوب الأفريقية، وسنجد أن كثيراً من اللهجات الأفريقية مكتوبة بالحرف العربي، والفراعنة وصلوا إلى ملتقي النيل الأبيض بالنيل الأزرق، ووصلوا إلى بلاد بونت (أرض الصومال)، ووصلوا إلي أرض كوش، التي يطلق عليها الآن السودان

وبطبيعة الحال، وجود مصر في أفريقيا كان حاجزا مانعا لوجود إسرائيل، وبعد أن اعترفت مصر بإسرائيل انتهى الحاجز.

يحلو للناصريين والقوميين أن يقولوا إن أنور السادات أضاع أفريقيا من مصر، حين قفز في قطار كامب ديفيد، فماذا يقولون، الآن، مع راسب معهد فنون مسرحية، يرتدي زي الجنرالات، ويمارس سطواً مسلحاً على السلطة في مصر، وقد سلم مفاتيح أفريقيا لإسرائيل، بل وسبقها إلى هناك، لتنظيفها وتهويتها وتغيير فرشها، في استخذاء مذل؟

بعد فضيحة حصول مصر على "صفر" من الأصوات في انتخابات "الفيفا" 2010، وحصول جنوب أفريقيا على حق تنظيم المونديال، قال زعيمها نيلسون مانديلا: "لو كان عبد الناصر على قيد الحياة لانسحبت جنوب أفريقيا من أمام مصر، لكنها لم تعد مصر جمال عبد الناصر".

يعلم محمد فايق والناصريون أن ملف جنوب أفريقيا لم يفز بالبطولة لأنه، فقط، أكثر اكتمالاً من الناحية الفنية، بل أيضاً لأن الذي قدمه للعالم هو نلسون مانديلا، أيقونة النضال الوطني والإنساني في العالم. نعم فازت جنوب أفريقيا تكريما وانتصاراً لقيم حقوق الإنسان، تلك القيم التي يقتلها عبد الفتاح السيسي الآن، عن طريق مجلسٍ يترأسه محمد فايق الذي زاره مانديلا شاكرا، عقب خروجه من زنزانة قضى فيها 28 عاما..
 هذه الزنزانة التي تشبه زنازين مقفلة على أول رئيس في التاريخ يحكم مصر عن طريق الديمقراطية.. تلك الديمقراطية التي يعمل السيد فايق الآن في خدمة قاتليها.

هناك تعليق واحد:

  1. قرأت:
    "الاستقبال الذي حظي به نتن ياهو في افريقيا
    ليس بوصفه رئيس وزراء اسرائيل
    وانما بوصفه الحاكم الفعلي للدولة العربية الكبرى"

    ردحذف