"إسرائيل الصديقة المسالمة"
عبد الرحمن الشهري كاتب سعودي
بالتوازي مع العدوان الذي تشهده غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، هناك حملة إعلامية شرسة ضد المقاومة ومحاولة قذرة لشيطنتها وتجريمها، بل وتحميلها مسؤولية جرائم القتل والتدمير التي تمارسها إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني، هذه الحملة تقودها قنوات وصحف "عربية".
وبمتابعة هذه القنوات والصحف لا يمكنك إلا أن تدرك حقيقة واحدة يحاولون إيصالها للمتابع العربي، وهي "أن إسرائيل دولة صديقة مسالمة، وفصائل المقاومة عدوة إرهابية"، وبتتبع تصريحات وبيانات هذه المنابر الإعلامية "المتصهينة"، نجد أنها ليست إلا رجع صدى لتصريحات القادة والمتحدثين باسم حكومة وجيش الاحتلال الصهيوني.
* إسرائيل الصديقة المسالمة!
الموقف المخزي الذي تمارسه معظم الدول العربية اليوم بأدواتها وأبواقها الإعلامية ينطلق ابتداء من معاداتهم لجماعة الإخوان المسلمين، على اعتبار أن حركة حماس هي الفصيل الأكبر في المقاومة، وهي بدورها تمثل الجماعة وسياساتها، هذا الهوس والجنون لم يترك فيهم من الحس والمروءة ما يدفعهم لنصرة المظلوم، أو الكف عن تثليب المقاومة فضلا عن دعمها، فأشعلوا بيادقهم وسددوا نضالهم لتسابق مقاتلات صهيون، وسلمت دولة الاحتلال منهم ومن الطفح الإنساني الذي أصابهم فأثارتهم جرائم المقاومة!
في كتاب "المثقفون العرب وإسرائيل"، يذكر جلال أمين كيف تبدلت استخدامات كلمة "السلام"، تاريخيا وسياسيا، حتى أصبحت تعني: دولة إسرائيل، يقول جلال أمين: في إحدى الندوات أبديت اعتراضي على التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، فإذا بأحد المشاركين المؤيدين لهذا التعاون ينظر إليّ شزرا ويسألني باستغراب شديد: "هل أنت مع أم ضد السلام؟"، واحترت في الحقيقة بما أجيبه!
فقد تبين لي أنه استخدم كلمة "السلام"، بمعنى جديد تماما وهو "إسـرائيل"، فبدلا من أن يسألني: هل أنت مع أم ضد إسرائيل؟ سألني هذا السؤال العويص: هل أنت مع أم ضد السلام؟
إن تبدل استخدام كلمة السلام يبين المعنى الحقيقي لشعار "الأرض مقابل السلام"، فمن الواضح أن الفهم الشائع له هو أن يمنح العرب السلام للإسرائيليين مقابل أن يحصلوا على أراضيهم المحتلة، وهذا فهم خاطئ تماماً، فمعناه الحقيقي هو أن يحصل الإسرائيليون على الأرض كلها، ويحصل العرب على السلام، بمعنى الموت "الراحة الأبدية".
هؤلاء الذي اصطفوا مع الصهاينة في وجه المقاومة الفلسطينية هم أعداء الشعوب منذ اندلاع الثورات العربية، وهم ذاتهم من يقود الثورة المضادة في كل أرض عربية، إن المقاومة روح الأمة، وهي في غزة البقية الباقية من ضمير أمة يراد له الراحة الأبدية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق