تاريخ الإجرام الروسي ضد الإسلام (2)
زياد المدني
القوقاز والشيشان ١٧٤٠ - ١٩٩٦ هـ
تمكن الروس من احتلال بلاد القوقاز بعد معاهدة بلغراد عام ١١٥٢ للهجرة. وبعد تراجع النفوذ العثماني والفارسي في تلك المناطق، لم يجد مسلمو القوقاز سبيلاً للمقاومة إلا بالاعتماد على أنفسهم، مع التوكل على الله تعالى.
وفي عام ١٢٤١ للهجرة، تولى الإمام شامل قيادة المقاومة الداغستانية ضد الروس. فأخذ المسلمون يُنزِلون الهزائم المتتالية بالروس، وأخذوا يلقِّنون الروس دروساً في الحرب والقتال.
لكن ما إن انتهى الروس من حرب القرم، حتى قاموا بإرسال أكثر من ٣٠٠ ألف جندي إلى القوقاز للقضاء على ثورتها، فأسروا الإمام شامل في عام ١٢٨١ للهجرة، ثم بدأوا بالتنكيل بالمسلمين، وارتكاب أبشع المجازر في حقهم، بسبب حقدهم على الهزائم المتتالية التي ذاقوها.
وبعد اشتداد وطأة المستعمر الروسي في القوقاز، بدأت الكثير من العوائل الشركسية والشياشانية والداغستانية بالهجرة إلى مختلف البلاد الإسلامية.
ومع سقوط الاتحاد السوفيتي في عام ١٩٩١، أعلن الشيشان انفصالهم عن روسيا، لكن لم تعترف روسيا بهذا الانفصال، فبدأت بشن الحروب عليهم. لكن لِما عُرف عن الشعب القوقازي من شدة بأس، فشل الروس في فرض سيطرتهم على الشيشان مجدداً. وحاول الروس مجدداً دخولي عاصمة الشيشان غروزني في عام ١٩٩٤، إلا أنهم فشلوا في ذلك، وتناثرت جثث المحتل الروسي في شوارع غروزني.
قام الروس بعد ذلك باتّباع سياسة "المدينة المحترقة"، فقاموا بإحراق مدينة غروزني بأكملها، حتى لا يدعوا فيها مجالاً للمقاومة. وبعد أن قتل الروس معظم سكان العاصمة، سيطروا عليها.
واستمر بعد ذلك الجهاد الشيشاني ضد المحتل الروسي، فقاد شامل باساييف المقاومة، حتى أرهق البأسُ الشيشاني الروسَ، فقال أحد قادتهم "الحرب في أفغانستان تعتبر نزهة مقارنةً بالشيشان!". ثم تمكن الشيشانيون من استعادة العاصمة غروزني في عام ١٩٩٦، واضطر المحتل الروسي إلى مغادرة الشيشان، بعد أن ألحقت به المقاومة أشد الهزائم.
وما زالت روسيا، رغم استقلال الشيشان وانسحاب الروس منها، قائمة على إيجاد سُبُل جديدة لاستعادة الشيشان وإلغاء استقلالها، وما زال بوتين يُصِر على أن الشيشان جزء من روسيا!
البلقان والبوسنة ١٩٤٥ - ١٩٩٥ م
بدأ الاحتلال الروسي للبلقان إبّان الحرب العالمية الثانية، وبعد نهاية الحرب أحكم الشيوعيون قبضتهم على البلاد بعد حلف وارسو. وكعادتهم، حاربوا الإسلام فيها بقسوة لا مثيل لها في التاريخ، كما سبق الذكر عند الحديث عن الاتحاد السوفيتي.
ومع انحلال حلف وارسو عام ١٩٨٩، بدأت بلاد البلقان بالانفتاح على الإسلام مجدداً، لكن سرعان ما تدخل الروس والأوروبيون لزعزعة هذا الانفتاح، فدعموا، على سبيل المثال، الحزب الشيوعي في ألبانيا حتى بات الحزب الحاكم فيها.
لكن لم تبرز كراهية الشيوعيون للإسلام في مكان مثلما برزت في البوسنة. فبداية من خمسينيات القرن الماضي، مع تمكن الشيوعيون من يوغوسلافيا، بدأوا عدوانهم على الإسلام، فذبحوا عشرات الألوف في مدينة توزلا البوسنية، وقتلوا أكثر من ٣ آلاف مسلم في سراييفو، ولا ننسى المذبحة البشعة التي قام فيها الصرب بذبح أكثر من ٦٠ ألف مسلم والإلقاء بهم في نهر الفولجا، حتى أصبح لونه أحمر من الدماء. وغيرها من مذابح بشعة في تلك الفترة.
ومع مطلع الثمانينات، بدأت الحركات الإسلامية بالظهور في البوسنة، مثل جمعية الشبّان المسلمين بقيادة علي عزت بيجوفيتش. لكن سرعان ما زُجّ بهم في السجون في عام ١٩٨٣، بتهمة قلب نظام الحكم.
ومع سقوط الاتحاد السوفيتي عام ١٩٩١، وانحلال حلف وارسو، صوّت البوسنيون على الانفصال عن يوغوسلافيا. لكن واجه الشيوعيون الصرب هذه القرار بالتسليح العام، فانطلقت حرب البوسنة عام ١٩٩٢، وارتكب الشيوعيون فيها أبشع المجازر في المسلمين، التي تعجز الألسنة والأقلام عن وصفها، من القتل العشوائي والاغتصاب الجماعي المنظم، أبرزها مذبحة سربرنيتشا، فيما اكتفى العالم أجمع بالتفرج على هذه الجرائم.
ظنّ الناس حينها أن الحرب كانت بين الصِرب والبُشناق، بينما كانت في الواقع بين قوى العالم وبين مسلمي البلقان. فقال أحد القادة الصرب "نحن ندمر المسلمين لنحمي أوروبا من المد الإسلامي"!
وبالرغم من كل ذلك، كانت إرادة الله فوق كل شيء، فتمكن مسلمو البوسنة من إرغام الكروات على التفاوض معهم بعد أن طوّقوا أكثر من ٦٠ ألف جندي كرواتي في إحدى المناطق. ومع انشغال الكروات بقتال الشيوعيين الصرب، تمكن المسلمون من السيطرة على معظم مناطق البوسنة، مما أجبر العدو على قرار وقف النار عام ١٩٩٥، وإعلان قيام جمهورية البوسنة بقيادة علي عزت بيجوفيتش.
"يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"
بعد هذه الجولة التاريخية، نرجع إلى سوريا اليوم، لنرى تلك المجازر البشعة التي يرتكبها النظام السوري والروس في حلب وغيرها من مناطق سوريا.
لكن الله تعالى وعدنا بنصر الإسلام حين قال "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ". فالتاريخ يخبرنا أنه مهما طال تجبر العدو على أرضنا، ستكون الغلبة لدين الله في نهاية المطاف.
فنسأل الله تعالى أن يُعَجِّل زوال العدو المحتل عن أرضنا، وأن يُفرحنا بفتح سوريا، فنراها حرة في الغد، وقد عاد إليها كل من أُرغم على الرحيل منها.
تمكن الروس من احتلال بلاد القوقاز بعد معاهدة بلغراد عام ١١٥٢ للهجرة. وبعد تراجع النفوذ العثماني والفارسي في تلك المناطق، لم يجد مسلمو القوقاز سبيلاً للمقاومة إلا بالاعتماد على أنفسهم، مع التوكل على الله تعالى.
مع سقوط الاتحاد السوفيتي عام ١٩٩١، وانحلال حلف وارسو، صوّت البوسنيون على الانفصال عن يوغوسلافيا. لكن واجه الشيوعيون الصرب هذه القرار بالتسليح العام، فانطلقت حرب البوسنة. |
لكن ما إن انتهى الروس من حرب القرم، حتى قاموا بإرسال أكثر من ٣٠٠ ألف جندي إلى القوقاز للقضاء على ثورتها، فأسروا الإمام شامل في عام ١٢٨١ للهجرة، ثم بدأوا بالتنكيل بالمسلمين، وارتكاب أبشع المجازر في حقهم، بسبب حقدهم على الهزائم المتتالية التي ذاقوها.
وبعد اشتداد وطأة المستعمر الروسي في القوقاز، بدأت الكثير من العوائل الشركسية والشياشانية والداغستانية بالهجرة إلى مختلف البلاد الإسلامية.
قام الروس بعد ذلك باتّباع سياسة "المدينة المحترقة"، فقاموا بإحراق مدينة غروزني بأكملها، حتى لا يدعوا فيها مجالاً للمقاومة. وبعد أن قتل الروس معظم سكان العاصمة، سيطروا عليها.
واستمر بعد ذلك الجهاد الشيشاني ضد المحتل الروسي، فقاد شامل باساييف المقاومة، حتى أرهق البأسُ الشيشاني الروسَ، فقال أحد قادتهم "الحرب في أفغانستان تعتبر نزهة مقارنةً بالشيشان!". ثم تمكن الشيشانيون من استعادة العاصمة غروزني في عام ١٩٩٦، واضطر المحتل الروسي إلى مغادرة الشيشان، بعد أن ألحقت به المقاومة أشد الهزائم.
وما زالت روسيا، رغم استقلال الشيشان وانسحاب الروس منها، قائمة على إيجاد سُبُل جديدة لاستعادة الشيشان وإلغاء استقلالها، وما زال بوتين يُصِر على أن الشيشان جزء من روسيا!
بدأ الاحتلال الروسي للبلقان إبّان الحرب العالمية الثانية، وبعد نهاية الحرب أحكم الشيوعيون قبضتهم على البلاد بعد حلف وارسو. وكعادتهم، حاربوا الإسلام فيها بقسوة لا مثيل لها في التاريخ، كما سبق الذكر عند الحديث عن الاتحاد السوفيتي.
ومع انحلال حلف وارسو عام ١٩٨٩، بدأت بلاد البلقان بالانفتاح على الإسلام مجدداً، لكن سرعان ما تدخل الروس والأوروبيون لزعزعة هذا الانفتاح، فدعموا، على سبيل المثال، الحزب الشيوعي في ألبانيا حتى بات الحزب الحاكم فيها.
لكن لم تبرز كراهية الشيوعيون للإسلام في مكان مثلما برزت في البوسنة. فبداية من خمسينيات القرن الماضي، مع تمكن الشيوعيون من يوغوسلافيا، بدأوا عدوانهم على الإسلام، فذبحوا عشرات الألوف في مدينة توزلا البوسنية، وقتلوا أكثر من ٣ آلاف مسلم في سراييفو، ولا ننسى المذبحة البشعة التي قام فيها الصرب بذبح أكثر من ٦٠ ألف مسلم والإلقاء بهم في نهر الفولجا، حتى أصبح لونه أحمر من الدماء. وغيرها من مذابح بشعة في تلك الفترة.
ومع مطلع الثمانينات، بدأت الحركات الإسلامية بالظهور في البوسنة، مثل جمعية الشبّان المسلمين بقيادة علي عزت بيجوفيتش. لكن سرعان ما زُجّ بهم في السجون في عام ١٩٨٣، بتهمة قلب نظام الحكم.
ومع سقوط الاتحاد السوفيتي عام ١٩٩١، وانحلال حلف وارسو، صوّت البوسنيون على الانفصال عن يوغوسلافيا. لكن واجه الشيوعيون الصرب هذه القرار بالتسليح العام، فانطلقت حرب البوسنة عام ١٩٩٢، وارتكب الشيوعيون فيها أبشع المجازر في المسلمين، التي تعجز الألسنة والأقلام عن وصفها، من القتل العشوائي والاغتصاب الجماعي المنظم، أبرزها مذبحة سربرنيتشا، فيما اكتفى العالم أجمع بالتفرج على هذه الجرائم.
ظنّ الناس حينها أن الحرب كانت بين الصِرب والبُشناق، بينما كانت في الواقع بين قوى العالم وبين مسلمي البلقان. فقال أحد القادة الصرب "نحن ندمر المسلمين لنحمي أوروبا من المد الإسلامي"!
وبالرغم من كل ذلك، كانت إرادة الله فوق كل شيء، فتمكن مسلمو البوسنة من إرغام الكروات على التفاوض معهم بعد أن طوّقوا أكثر من ٦٠ ألف جندي كرواتي في إحدى المناطق. ومع انشغال الكروات بقتال الشيوعيين الصرب، تمكن المسلمون من السيطرة على معظم مناطق البوسنة، مما أجبر العدو على قرار وقف النار عام ١٩٩٥، وإعلان قيام جمهورية البوسنة بقيادة علي عزت بيجوفيتش.
"يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"
بعد هذه الجولة التاريخية، نرجع إلى سوريا اليوم، لنرى تلك المجازر البشعة التي يرتكبها النظام السوري والروس في حلب وغيرها من مناطق سوريا.
لكن الله تعالى وعدنا بنصر الإسلام حين قال "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ". فالتاريخ يخبرنا أنه مهما طال تجبر العدو على أرضنا، ستكون الغلبة لدين الله في نهاية المطاف.
فنسأل الله تعالى أن يُعَجِّل زوال العدو المحتل عن أرضنا، وأن يُفرحنا بفتح سوريا، فنراها حرة في الغد، وقد عاد إليها كل من أُرغم على الرحيل منها.
المقال السابق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق