عامر عبدالمنعم
(1)
تعقيم المصريين ومحاربة الخصوبة لوقف نسلهم من أهم الاستراتيجيات الصهيونية لإضعاف مصر بدون حرب، وهذه الأهداف الصهيونية يتم تنفيذها من خلال سياسات تفرضها الولايات المتحدة بوسائلها المتعددة.
من الوثائق المهمة التي توضح الاستراتيجية الأمريكية في السيطرة على الزيادة السكانية في دول العالم الثالث وفي مقدمتها مصر التقرير التي أعده هنري كيسنجر في عام 1974 عندما كان مستشار الأمن القومي الأمريكي، وقال إنه أعدها بتوجيه من الرئيس غيرالد فورد، ووضع فيه تفاصيل الاستراتيجية الأمريكية لوقف النمو السكاني وتعقيم النساء في 13 دولة من بينها مصر خلال ربع قرن.
يعتبر تقرير كيسنجر الذي رفع البيت الأبيض عنه السرية في 1989 وهو بعنوان "عواقب النمو السكاني العالمي على أمن الولايات المتحدة ومصالحها في أنحاء العالم" هو الأساس الذي تدور عليه السياسة السكانية الأمريكية في دول العالم عبر المنظمات الدولية حتى الآن.
(2)
ركز التقرير على إخصاء وتعقيم شعوب الدول الآتية: الهند وبنغلاديش وباكستان ،نيجيريا ،المكسيك ،اندونيسيا ،البرازيل ،الفلبين ،تايلاند ،مصر ،تركيا ،اثيوبيا (التركيز على المسلمين الذين يمثلون ثلثي السكان) وكولومبيا، وأشار التقرير إلى أن هذه الدول تمثل 47% من سكان العالم.
وتحدث كيسنجر عن سكان مصر واعتبر الزيادة السكانية للمصريين تشكل تهديدا رئيسيا لـ "إسرائيل".
(3)
اعتبر تقرير كيسنجر زيادة المواليد في هذه الدول المستهدفة يشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي، لما تمثله الزيادة السكانية من ضغط على الثروات، وما تشكله من تحد للحكومات الموالية لأمريكا وما ينتج عنه من اضطرابات سياسية داخلية، وتطرف وعنف وثورات وهجرات واستنزاف للموارد التي تعتمد عليها أمريكا، ووضع التقرير العديد من التوصيات التي تحولت إلى برامج وخطط عالمية تتم بإشراف دولي وتمويل أمريكي.
(4)
وبعد تقرير كيسنغر بثلاث سنوات أي في عام 1977 أعلن مدير مكتب السكان في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID (هيئة المعونة الأمريكية ) الدكتور رايمرت رافنهولت عن خطة الوكالة لتعقيم ربع نساء العالم القادرات على الحمل (100مليون امرأة)، وأشار فيها إلى التركيز على تجنيد طابور من التابعين في الوزارات والمراكز الصحية بدول العالم يداروا بشكل مباشر من الولايات المتحدة.
مما قاله رافنهولت أن الزيادة السكانية تزيد من فرص الثورات على الولايات المتحدة وتهدد مصالحها.
(5)
مارست الحكومات الأمريكية ضغوطا هائلة لتمرير الاستراتيجية السكانية من خلال المنح والمعونات والبرامج التدريبية للعاملين في مجال السيطرة على النسل في البلدان المستهدفة، ومن أجل هذا الغرض عقدت المؤتمرات الدولية والإقليمية للتمهيد لعملية الإخصاء وتخفيض الخصوبة.
كان مؤتمر السكان الذي عقدته الأمم المتحدة بالقاهرة عام 1994 من المحطات المهمة، إذ تم تمرير توصيات كيسنجر من خلال صياغات مضللة اعتمدت فيما بعد في كل المؤتمرات المتعلقة بالمرأة والسكان، لكن كان المكسب الأهم للسياسة الأمريكية هو الوثيقة التي وقع عليها 14 رئيس دولة إسلامية منها مصر والسودان والتي تنص
على التعهد بتثبيت عدد السكان والعمل للوصول إلى نقطة التعادل بين الوفيات والمواليد.
(6)
السيطرة على الخصوبة اتخذت أساليب متنوعة تصب كلها في تثبيت عدد السكان، من هذه الإجراءات التي نجحت السياسة الأمريكية في تنفيذها وقف الزواج، وبالتالي تجميد الخصوبة تماما، من خلال توقف الدولة عن دعم الشباب سواء في التوظيف أوالتسكين، بتجريد الحكومات من ممتلكاتها، وإبعادها عن إدارة الاقتصاد، والذي عرف ببرامج الخصخصة، حيث تم انتزاع الثروة من الحكومات وإعطاؤها إلى قلة من المستثمرين الأجانب وبعض المرتبطين بالخارج، فتوقف الإنتاج وانهار الاقتصاد، فحل الفقر وتجمد الزواج وارتفعت حالات العنوسة وزادت العزوبية بما أصبح يشكل شللا للمجتمع.
(7)
تم استهداف مصر بالأمراض الفتاكة من خلال التدمير بالهرمونات والمسرطنات والمنتجات المهندسة وراثيا، في مقدمتها القمح الأمريكي والمحاصيل المعالجة وراثيا، التي أصبحت المصدر الرئيس لطعام المصريين، وبسبب هذا الاجتياح البيولوجي أصبحت مصر أكبر بلد منكوب صحيا في العالم، ففيها أكبر نسبة لمرضى السرطان والفشل الكلوي والكبدي الفيروسي (سي)، وهذه الهجمات المخططة أثرت بالفعل على خصوبة المصريين وأشاعت حالة من الانهيار والوهن في الصحة العامة تشهد عليها الإحصاءات الرسمية.
(8)
وتبقى الخطوة الأخيرة والأخطر في الخطة الصهيونية المتعلقة بالدخول مباشرة على رغيف الخبز وامتلاك مرفق مياه الشرب ( بالخصخصة) ليسهل عليهم إخصاء وتعقيم المصريين بسرعة وبسهولة عن طريق ما يزعمون أنه إضافة فيتنامينات للخبز والمطهرات لماء الشرب.
(9)
كانت نظرية مالتوس تقول إن الزيادة السكانية تتم بمتوالية هندسية، وإن إنتاج الغذاء يتم بمتوالية عددية، وبنى الأمريكيون على هذه الفرضية تصورات خاطئة مفادها أن الغذاء لن يكفي البشر إذا استمر معدل التناسل على النحو الجاري بدون تدخل. فكانت هذه الأفكار التي تم دمجها مع فكرة داروين "البقاء للأصلح" بمثابة الدافع الذي جعل العرق الأنجلوساكسوني الأبيض البروتستانتي (الواسب WASP) الذي استوطن أمريكا يشرع في إبادة الهنود والتخلص مما يزيد عن 100 مليون إنسان من الأمة الهندية.
ارتكب الأمريكيون الأوائل المذابح ومارسوا الإبادة للخلاص من سكان أمريكا الأصليين، وانتهت عملية القضاء على نسل الهنود بعمليات التعقيم الجماعي للفتيات الهنديات، وإخصاء الذكور في المراكز الصحية، التي انتشرت في كل مناطق الهنود الحمر، و بعد ذلك استخدموا ذات الأسلوب مع السود لكن الزمن كان قد تغير، وأوقفت حركة الحقوق المدنية في ستينيات القرن الماضي هذه الإجراءات اللا إنسانية. (أنصح بقراءة كتاب منير العكش: أمريكا والإبادات الجنسية، ففيه معلومات موثقة حول تعقيم الشعوب).
(10)
تجربة التخلص من الهنود الحمر تتكرر الآن في العالم الإسلامي، فهناك من يتم تدمير حواضرهم وقتلهم بالقنابل (العراق وسوريا بأيدي الاحتلال الأمريكي والروسي والإيراني) و(ليبيا واليمن بيد الإمارات وتابعيها من العرب) ، وهناك من سيقضون عليهم بالتعقيم ومحاربة خصوبتهم، ومن أفلت من هذا وذاك فمصيره الموت جوعا أو عطشا، ما لم يتغير الحال ويحدث ما يوقف المكر الشيطاني.
للاطلاع رابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق