الجمعة، 20 يوليو 2018

غزة والنظام المصري، ما يجب ألا يُنسى

غزة والنظام المصري، ما يجب ألا يُنسى



بعد أن ضاق الاحتلال الصهيوني ذرعاً بمسيرات العودة في غزة وإطلاق الطائرات الورقية الحارقة منها، لجأ مؤخراً إلى معاقبتها عبر تشديد الحصار عليها بإغلاق معبر (كرم أبو سالم) أمام حركة البضائع الداخلة إلى غزة، وفي ذلك رسالة واضحة بأن الاحتلال معنيّ بتجويع الناس لمجرد انزعاجه من أي نشاط مقاوم منطلق من غزة، لأن المطلوب منها تسليم كامل بإملاءات الاحتلال، ورغبته بأن تظل سجناً كبيراً ينشغل فيه الناس بتحصيل قوت يومهم، دون الالتفات إلى متطلبات مواجهة الاحتلال، واجتراح وسائل نضالية جديدة لمجابهته، ورفض الواقع الذي يحاول فرضه.

إلى هنا، تبدو الأمور سائرة في سياقها الطبيعي، أي أن هذا المستوى من الإجرام متوقع من عدوّ غاصب محتل، يقوم دوام احتلاله على بقاء الشعب الواقع تحت الاحتلال في حالة شلل وامتناع عن ممارسة المقاومة، لكن غير الطبيعي وغير المستساغ أن يشارك طرف عربي الاحتلالَ في نهجه، ويتحرك وفق إيقاعه، تهدئةً أو تصعيداً على جبهة غزة.

الإحتلال يسعى لتشديد الحصار على غزة بإغلاق معبر كرم أبو سالم 
أمام حركة البضائع الداخلة إلى غزة، بهدف تجويع الناس


ففي وقت توقع فيه من يحسنون الظن بسلطة السيسي أن تقابل تشديد الاحتلال على غزة بتسهيلات عبر معبر رفح، جاء القرار الغاشم الفج من سلطة الانقلاب بإغلاق معبر رفح حتى إشعار آخر، بالتزامن مع إغلاق الاحتلال الصهيوني معبر (كرم أبو سالم).


  لم تعد هنالك حاجة لدلائل جديدة عن مدى الوفاء الذي       تكنه سلطة السيسي للكيان الصهيوني، فهو من رعى           انقلابها ومكن لها خارجياً وبرر مجازرها، وابتهج بالردة على ثورة يناير التي حملت –من ضمن ما حملت- بشائر     انفراج لغزة ولعموم القضية الفلسطينية                        



العارفون بحقيقة الدور الذي يضطلع به النظام الانقلابي في مصر، لم تفاجئهم هذه الوضاعة، ليس فقط لأنها غير جديدة على سلوكه السياسي منذ الانقلاب وحتى الآن، بل كذلك لأنها تفسر جيداً طبيعة دوره في (صفقة القرن) ومدى تعويل كيان الاحتلال عليه في إنجاحها، عبر خنق غزة ومحاولة إجبارها على الاستسلام، لأن غزة بوضعها الحالي ما تزال العقبة الأساسية أمام تدشين الصفقة، ونظام الانقلاب في مصر سيؤدي ما عليه وأكثر في محاولات تركيعها، أو على الأقل العودة بها إلى واقع ما قبل مسيرات العودة.



  سلطة الانقلاب لا ترى غزة إلا من عين أمنية في جانب،    ومن عين صهيونية في الجانب الآخر               



لم تعد هنالك حاجة لدلائل جديدة عن مدى الوفاء الذي تكنه سلطة السيسي للكيان الصهيوني، فهو من رعى انقلابها ومكن لها خارجياً وبرر مجازرها، وابتهج بالردة على ثورة يناير التي حملت –من ضمن ما حملت- بشائر انفراج لغزة ولعموم القضية الفلسطينية، لكن ما يجب التذكير به دائماً أن سلطة الانقلاب لا ترى غزة إلا من عين أمنية في جانب، ومن عين صهيونية في الجانب الآخر، وأن أي اضطرار للتعامل معها بحكم قهر الجغرافيا يجب ألا يصرف الأنظار عن حقيقتها وطبيعة دورها وحجم انغماسها في المؤامرات التي يحيكها الاحتلال الصهيوني، وتشاركها بدرجة معينة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، البارعة في انتهاج عكس ما تدعيه لنفسها من مواقف تزعم أنها رافضة لصفقة القرن.



ستظل غزة تتذكر ذلك الإجرام الذي ارتضت أن تمارسه أنظمة عربية بحقها، وعلى رأسها سلطة الانقلاب في مصر، وسنظل نتذكر ونُذكّر بأن هذا الانقلاب كان وبالاً على فلسطين عموماً وغزة خصوصا، بقدر ما كان وبالاً على مصر وشعبها، وعلى عموم الثورات في بلاد العرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق