حكام يخونون الدولة..ودول تخون الأمة..
وأمة تخون الله..
بقلم د محمد عباس
16 نوفمبر 2001
mohamadabbas@hotmail.com
نعم يا قراء
موجز الأمر:
حكام يخونون الدولة..
ودول تخون الأمة..
وأمة تخون الله..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم..
***
والله يا رب.. بحق جلال أسمائك.. لولا أنك أمرتنا بالدعاء لخجلت من دعائك أن تفرج علينا كربا لم نشهده منذ أتممت علينا نعمتك ورضيت لنا الإسلام دينا..
نعم .. أخجل.. فكيف ندعوك ونحن مدنسون بكل هذه الخطايا.. وكيف ندعوك وقد كنا كشر أهل الأرض حين قالوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ..
***
نعم
حكام يخونون الدولة..
و إننى أربأ بعقل القراء أن تخدعهم أو تغويهم تلك الحكايات التى تهلل لها أجهزة الإعلام في العالم العربي عن القبض عن مجرم هنا ولص هناك ومرتش هنا وهناك.. حيث يتم ذلك بدعاوى القضاء على الفساد..
لكن..
كيف يقضى الفاسد على فاسد..
كيف يكشف اللص لصا ..
وكيف يفضح المرتشى أخاه..
***
نعم الحكاية ليست حكاية فاسد هنا ومرتش هناك..
فالأمر أبعد من هذا بكثير و أخطر من هذا بكثير..
الأمر أمر حكام يخونون الدولة.. وفى خياناتهم تلك لم يتورعوا عن جريمة ولم يتراجعوا عن خيانة.. حتى عمولات السلاح رغم ضخامتها لا تشكل إلا قطرة في بحر من الفساد.. الخيانة الأولى هي خيانة حكوماتهم بالمعنى الجنائى المباشر وهو الاتفاق مع أعداء الدولة ضد مصلحة الدولة وكشف أسرار الدولة لهذا العدو.
تظل هذه الخيانة هي الضمان الوحيد لاستمرار الحاكم في موقعه فترة تطول أو تقصر..
لكن العدو الخبيث الشيطان – أمريكا – لا يمكن أن يرهن استراتيجيته بشخص.. لذلك يبحث في كواليس السلطة بين كبار موظفي الحكومة والحزب والوزارة عن شخص و أشخاص تربيهم في معاهد الخيانة وتجزل لهم العطاء.. فتسمى هذا الطفل المعجزة وذلك الإستراتيجي الأول وذاك العبقرية الاقتصادية و آخر رجل الصناعة وثان راعى الزراعة وثالث الأستاذ الجامعي القدير واسع الصلات بأقرانه في العالم.. ورابع قائد الصحوة .. وخامس زعيم النهضة.. وسادس.. وسابع.. وثامن..
يتربى كل أولئك في معهد الخيانة ذاك.. لكن الخائن الأول يدرك اللعبة.. يدرك أنه وإن كان خائنا فهناك من هم أشد منه خيانة.. و أن أمريكا لم تكف أبدا عن البحث عن نموذج " قرضاى" في حاشيته.. يعرف الخائن الأول ذلك ولا يقف مكتوف اليدين.. وتبدأ لعبة القط والفأر.. فكلما تمكنت أمريكا من بناء قرضاى بدأ الخائن الأول بالقضاء عليه.. ليس بالتصفية المباشرة.. و إنما بقطع أطرافه.. بالقبض على أعوانه في حملات إعلامية صاخبة تشير ولا تمسك.. تتهم ولا تدين.. ذلك أن المواجهة المباشرة قد تؤدى إلى صدام مباشر مع الشيطان.. وبقطع أذرع الأخطبوط تنعدم قوته فلا يعود يمثل خطرا على الخائن الأول..
أحيانا.. في لحظات الخطر.. يقدم الخائن الأول على القضاء على قرضاى مباشرة.. عندما لا يكون هناك سبيل آخر.
الشيطان من الناحية الأخرى لا يستسلم.. فكلما نجح الخائن الأول في القضاء على قرضاى استنبتوا مكانه عشرا.. وتظل الدائرة تدور حتى ينجح أحد القرضايات في الوصول إلى منصب الخائن الأول، لتبدأ الدائرة من جديد.. من جديد .. من جديد..
***
هكذا تخون الحكومة الدولة.. إذ يصبح مقياس الترقى ومعياره هو القدرة الأكثر على الخيانة..
***
على أن نموذج القرضاى هذا لا يقتصر على قمة السلطة والحكومة.. فكل قرضاى في مكانه يعتبر نفسه الخائن الأول.. وتقوم أجهزة أخرى بدور الشيطان.. باستنبات قرضايات أخرى تكون على استعداد للخيانة أكثر..
وهكذا .. تنتقل اللعبة من أعلى إلى أسفل.. كالماء.. حتى نصل إلى القاع.. لنجد أن الفساد والخيانة والعمالة كالبحر الهائج المتلاطم الذي يعوم فيه المجتمع كله وليس ثم فكاك منه..
***
مع مثل هذه النماذج.. وفى مثل تلك الدول.. تتوقف كل الأجهزة عن ممارسة دورها الطبيعى لتمارس عكسه..
ينتشر نموذج قرضاى والبحث عن قرضاى ومحاصرة قرضاى والتشهير بقرضاى والقبض على أعوان قرضاى في كل الأجهزة.. في الجيش والشرطة.. في الإعلام والتعليم.. في الصحافة وبين الكتاب ودور النشر.. ويستمر التنافس المروع بين الجميع على إرضاء الشيطان.. حتى يقرر الشيطان إزاحة الخائن الأول بعد أن يستنفد كل أغراضه منه فيولى قرضاى مكانه وتعود الدائرة تدور من جديد..
حتى القضاء..الذي يتعرض هوالآخر لنموذج" القرضاى" يفتقد المعايير الأساسية للعدالة.. بل للوجود.. فهو يحكم بما يملى عليه.. بل وتجد أجهزة القضاء والنيابة في مثل هذه الدول أداة للقضاء على كل محاولة لمواجهة الفساد والخيانة والعمالة.. فتحكم بالإعدام على الأبطال.. وتسجن الشرفاء.. وتعتقل الأبرياء.. باسم السلطة وسيادة القانون..
نعم..
في مثل هذه البلاد لا يوجد قضاء..
يوجد فقط:
قضاء وقدر..!!
***
قد يتساءل متسائل: ولماذا لا يستبدل الشيطان الخائن الأول مباشرة.. وتغيير مثل أولئك عند الشيطان أهون من تغيير الحذاء..
و الإجابة: وما أدراك أن الشيطان يريد تغييره حقا.. إنه يغيره فعلا عندما يريد أن يغيره.. أما قبل ذلك .. فإن الوسط المثالى للشيطان هو هذا الوسط الشيطاني الذي يبتدعه: خائن أكبر، حوله مجموعة من الخونة الأصغر – نفوذا لا خيانة – كلهم يتنافسون على مرضاة الشيطان.. ضد الحكومة.. وضد الدولة .. وضد الأمة..
***
هذا هو الوضع في عالمنا الإسلامي الذي يتساءل بوقاحة لماذا تأخر نصر الله..
***
هذا هو الغذاء السام الذي يسمم وجدان الأمة وفكرها ويزيف وعيها ويضيع عقيدتها، لكي تتحول في النهاية إلى ما صارت الآن إليه بكل هذا العجز والذل. ليس على مستوى القضايا الكبرى فقط.. بل على مستوى أصغر القضايا.. إذ كيف يواجه أمريكا من يعجز عن مواجهة رئيسه في العمل أو في الحزب أو في الصحيفة؟!..
***
الكارثة أن لعبة الشيطان والقرضاى والخائن تلك لا تتم طبقا لقواعد معروفة، ولا لأسس محددة، وليس ثمة قنوات فضائية تفضحها، ولا صحافة تكشف أسرارها، بل إن هذه وتلك قد دخلت في اللعبة أيضا، ليكون في كل منها قرضاى وخائن وشيطان، ولكل منهم خدمه و أعوانه الذين يدورون حوله ويأتمرون بأمره.. ولتعمل الأجهزة عكس ما يجب أن تعمل، ولتكون مهمتها، إخفاء الحقائق لا كشفها، وتخدير المواطنين لا تحذيرهم، وتغييب الأمة لا إيقاظها.
نعم.. تتحول لعبة الشيطان تلك إلى غيب دنيوي لا سبيل إلى اكتشافه.. بل إن كشف ما يكشف منه.. إنما هو جزء من اللعبة..
***
وليس أمام الأمة لمواجهة هذا الغيب الدنيوي إلا الاعتصام بغيبها الأخروي.. والعمل بمقتضاه..
ليس أمامها إلا الإيمان والمزيد من الإيمان..
لكن مثلث الشيطان- الخائن- القرضاى لم يغفل عن هذا..
لذلك جند كل أعوانه لتسفيه الغيب الأخروي واتهام من يعتصم به بشتى الاتهامات..
***
في صحيفة الأهرام على سبيل المثال: عدد الجمعة الماضي فوجئت بعنوان يقول:
غضبة من أجل الله..
وتحت العنوان يقدم الأهرام - مشيدا- كتابا غربيا يتحدث عن أحداث 11 سبتمبر والاستشهاديين الذين قاموا بها..
فهل تدركون يا قراء ماذا قال هذا الكتاب الذي ادعت الأهرام أنه أكثر إنصافا للمسلمين للدرجة التى جعلتها تختاره لتعرضه على القراء..
يقول الكتاب أن الدافع الرئيسي للاستشهاديين في عملياتهم الاستشهادية هو أن يدخلوا الجنة..
عظيم..
لكن الكتاب ما يلبث أن يصدمنا حين عن السبب الذي دفع هؤلاء للرغبة في الذهاب إلى الجنة..
ويجيب الكتاب الداعر: أنهم يريدون ذلك لأنهم مصابون بالكبت الجنسي ولإيمانهم بأنهم في الجنة سيستمتعون ب 72 عذراء..
***
نعم المقصود تسفيه فريضة الجهاد وتحويل الإيمان بالغيب إلى شهوات حسية..
المقصود حصار الإيمان وتشويهه وتسطيحه والسخرية منه.
غلى الدم في عروقي يا قراء..
ما الذي يدفع الأهرام لهذا؟..
بل ما الذي دفعها لاتخاذ هذا الموقف معظم مسيرتها التى بدأت منذ أكثر من قرن..
أمن أجل هذا أصبحت أكبر صحيفة في العالم العربي..
أم من أجل هذا جعلوها أكبر صحيفة؟؟..
***
خاطبت ابنى وصديقي الأستاذ محمد الشريف.. قلت له أن هذا مجال تخصصه واهتمامه إن شاء أن يفضح خوافيه ودوافع من فرضه على قراء الأهرام.. و إن كنت أرى أن عدم الرد أجدى..
وكان رده علىّ:
ليس فيها يا أبي إلا تجميع لقمامات سابقة كتبها كفارنا نحن ، لينقلها من بعد كافر بريطانيا .. ثم لتعود الدائرة إلى كافر مصر ليختصرها للناس .
وحديثهم عن الجنس والشهادة حديث مُعَاد ممل .. ولا يمكن أن يُنقَد أبداً إلا بهدم النظرية الفرويدية كاملة .. ( لأن كل خُلُقٍ فيها إنما هو " تسامي " بالطاقة الجنسية .. ولا تدري : أهذا التسامي شيء صواب عندهم أم خطأ .. والفرق بين التسامي والكبت فرق مشوه .. ) والفكر كله باطني لا معيار له .
يستشهد بولهلم رايخ .. وهو طريد التحليل النفسي لمبالغته في التركز على الجنس .. وله من الآراء الساقطة التي لا يتابعه عليها أحمق الكثير .. ثم يقولون " العالم الألماني " !!
ثم ، أليس (...) هذا هو الخنزير المعروف .. المتبجح على الله وعلى سنة نبيه ؟؟!!
أظن أن رأيكم يا أبي في أن مثل هذا لا يرد عليه هو الرأي الحق .. هذا حثالة يريد أن يجرنا إليه .. وليس ما كتبه بالذي يجوز على الناس ويبدل في أفهامهم ، وإنما هو من الباطل الصراح الذي لا شبهة فيه .
مثل هذا يضرب ولا يناقش ..
وأظن أن الخنزير الآخر كذلك .
ليس في هؤلاء من يناقش يا أبي .. هؤلاء سفلة .. يعزرون .. ويستتابون .. ثم يقتلون ( لأنه لن يتوب منهم أحد ) .
***
منتهى الخسة..
والحضارة المادية الغارقة في المتع والشهوات تتهمنا نحن بأننا الباحثون عن الشهوات..
الحضارة التى لا تعرف الروح والمعنى تحاول أن تلصق فينا ما بها..
***
تماما كخسة بعض الخطابات التى تصل إلىّ..
يأتى التساؤل الخسيس:
- هل أنت موافق على قتل ثلاثة آلاف أمريكي برئ.. أنت إرهابي ودموي.. و أنت لا تفهم الإسلام..
هذه الخطابات لا يكتبها مسلمون.. وبالرغم من ذلك يروح الواحد منهم يعلمني قواعد الإسلام..
أكرر لهم المرة تلو المرة أنني ضد القتل لكنني ضده كله ولست مثلكم ضد القتل عندما يكون القتلى أوربيين أو أمريكيين..
أكرر المرة تلو المرة سؤالي لهم لماذا تتزعم أمريكا الحملة ضد الإسلام والمسلمين.. لماذا تعلن الحرب الصليبية عليهم.. لماذا فعلت أمريكا بالمسلمين في أفغانستان ما فعلته، فيجيبونني في استنكار لسؤالي : وكيف لا تنتقم لضحاياها الأبرياء.. و أسأل: لكنهم يقتلون أيضا مدنيين أبرياء.. وتأتى الإجابة الخسيسة أنهم لا يستطيعون التفرقة بين المدنيين وغيرهم.. و أسألهم: إذا كان من حق أمريكا قتل المدنيين الأبرياء انتقاما لمدنييها الأبرياء فلماذا لا يحق للمسلمين الانتقام لشهدائهم المدنيين الأبرياء بالثأر من أمريكيين أبرياء ( دعنا الآن من أنهم ليسوا أبرياء).. و إذا كان من حق أمريكا أن تهدم بلادا وتغزو دولا من أجل ثلاثة آلاف مدني فكيف لا يكون من حق المسلمين الانتقام لثمانية ملايين ونصف المليون مسلم قتلتهم أمريكا في العقدين الأخيرين فقط، وتأتى الإجابة الخسيسة من غير مسلم: لكن الإسلام دين التسامح، و أرد عليهم : والإنجيل يقول من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، فلماذا لم تدر أمريكا خدها الأيسر بعد 11 سبتمبر؟.. ويتوقف النقاش ويبدأ السباب: أنت لا تفهم الإسلام.. أنت إرهابي.. أنت دموي..
نفس المنهج.. فالكفر ملة واحدة..
نفس الكذب فالكفر ملة واحدة..
تساؤل آخر خسيس: لن نعلق على ضرب البنتاجون.. لكن لماذا ضربوا مركز التجارة العالمي..يسألون التساؤل وكأنما أفحمونى بما لن أستطيع الرد عليه.. و أجيبهم: ولماذا ضربت أمريكا محطات الكهرباء والمياه وحتى المجارى في العراق.. لماذا ضربت المواصلات والاتصالات والمعابر والأنفاق والكباري.. وتأتيني الدهشة الخسيسة متسائلة في استنكار : كل هذا يدعم المجهود الحربي ولابد من ضربه.. و أسألهم: ومركز التجارة العالمي ألا يدعم المجهود الحربي؟.. فيتوقف النقاش ويبدأ السباب: أنت لا تفهم الإسلام.. أنت إرهابي.. أنت دموي..
أقول لهم: حتى الكتاب الحقيقيون المنصفون في الغرب أكثر إنصافا للإسلام والمسلمين منكم..
أخبرهم بما قاله مفكرون كتشومسكى ورامسى كلارك وديفيد هيريست .. و أتلو عليهم ما قاله رئيس الوزراء الكندي (جان كريتيان): إنك لا تستطيع أن تمارس قواك إلى حد إذلال الآخرين. وهذا ما يجب على العالم الغربي.. ليس الأمريكيين وحدهم وإنما العالم الغربي كله.. أن يدركه. لأن من لا يملكون شيئا بشر أيضا. وهناك عواقب على الأمد البعيد إذا لم تنظر جيدا إلى الحال بعد عشر سنوات أو 20 أو 30 سنة من الآن (...) إنني اعتقد حقا أن العالم الغربي يزداد غنى مقارنة بالعالم الفقير. وبالضرورة فإنه ينظر إلينا بوصفنا متغطرسين أنانيين وجشعين بلا حدود. و11 أيلول سبتمبر هو بالنسبة لي مناسبة لكي أدرك ذلك اكثر.
أخبرهم بذلك فلا يتزحزحون عن موقفهم قيد أنملة.. ويعود النقاش من حيث بدأ: هل توافق على قتل ثلاثة آلاف مدني أمريكي..؟! أنت إرهابي ودموى..!!..
***
هؤلاء الأوغاد الذين يتهموننا بإخضاع العقل للمشيئة الإلهية أخضعوا كل عقولهم للشيطان..
إنهم لا يناقشون الحجة بالحجة أبدا..
لديهم آراء سابقة التجهيز.. وهم مكلفون بفرضها عليك..
فإذا رفضت امتهان العقل و لم تقتنع تحركت الجيوش..!!
منتهى الخسة..
***
هذا هو منطق علمانيتهم وعلمانيينا..
علمانيينا الذين يفقدون المنطق كله عندما يكون الشأن الذي يتعرضون له شأنا إسلاميا..
***
حتى الدكتور جلال أمين.. وهو واحد من أفضل العلمانيين المصريين و أكثرهم احتراما للعقل بمعناه الغربي.. وهو ليس كالأوغاد الآخرين الذين يهدرون العقل كله في مناقشاتهم وكتاباتهم.. الأوغاد الذين يدافعون بالأجر عن أفكار سابقة التجهيز ولا يخوضون حوارا أبدا بحثا عن الحقيقة.. بل يدخلونه بنفس منطق السمسار الذي يخدع مسترسلا في السوق ببضاعة مغشوشة..
أقول حتى الدكتور جلال أمين.. الذي كنت أقول لأصدقائي ضاحكا: هذا الرجل بلغ من العدل والعمق والإنصاف في كتابته حدا جعله لا ينقصه إلا النطق بالشهادتين كي يكون مسلما..
حتى هو نشرت صحيفة العربي على لسانه قوله:
" بن لادن صنيعة المخابرات الأمريكية..فأنا وجدت أن تاريخ حياة بن لادن لا يتفق مع ما فعله فهو من أغنى أغنياء الدنيا وصعب جدا أن تحكم على الذي يبدأ حياته في ملهى ليلى في بيروت ويعمل بتجارة المخدرات ويشتغل لصالح المخابرات الأمريكية أن يتحول فجأة إلى هذا المناضل المجاهد التقى الورع.."
ملهى ليلى؟!
مخدرات؟!
حتى أنت يا جلال أمين ..
حتى أنت..
وما تقول به أيها العلماني المصري لم تقل به حتى المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية.. ولا حتى مباحث أمن الدولة المصرية....
ولا حتى أعدي أعدائه قال ذلك..
كذب وقح سافل ليس له أي مرجع..
لم تقل ببعضه إلا شيوعية مصرية دخلت الصحافة من باب الحرية الجنسية لا الفكرية.. وقد وجدت أن الكذبة واسعة جدا و أنها تفضحها فلم تقل بها مرة أخرى..
حتى أنت يا جلال أمين.. يا أنظف العلمانيين المصريين.. أيها الأكاديمي العتيد الذي لا يذكر معلومة إلا إذا وثقها ومحصها، ثم بعد هذا المجهود كله يتناول المعلومة بعقل شاك يقظ يخشى الوقوع في شَرَك.. إلا مع الإسلام.. حيث تصلح المومسات مرجعا تتناوله بيقين مطلق..
تاريخ حياة أسامة بن لادن صفحة مفتوحة فتشت فيه كل مخابرات الدنيا ولم تجد فيه ما أكده جلال أمين.. و لأن لهذه الأجهزة حدا أدنى من احترام عقول الناس لا تتجاوزه فلم تنشر بنفسها هذه الافتراءات.. و إنما دفعت بها إلى داعرة هنا وخائن هناك كي يتولوا نشره بالنيابة ولتحقيق أغراض الغرب.. وأخذ جلال أمين هذه المعلومات الفاجرة ليشوه بها درة المسلمين.
هناك أمل وحيد .. وبتجاربي لست أستبعده..
أن يكون محرر الصحيفة قد ادعى على لسان جلال أمين ما يود المحرر نفسه أن يقوله.. وهذا شائع جدا في صحافتنا..
***
وليس أسامة بن لادن رضى الله عنه مقصودا كشخص.. بل كرمز وكقيمة دينية وجهادية كبرى والإساءة إليه ستسيء إلى الرمز الذي يمثله و إلى الدين الذي يحمل لواءه..
وهذا هو المقصود تماما..
تسفيه الإسلام..
وتسفيه المسلمين..
ونقض عرى الدين عروة بعد عروة..
***
في نفس الاتجاه شدما آلمني أن صحيفة الأسبوع تتورط هي الأخرى في أمر مماثل.. صحيفة الأسبوع ليست الأهرام وليست العربي.. ولها معزّة، وهى تثبت وجودها باطراد، ولكم كانت سعادتي عندما قرأت منذ أيام صحيفة عربية عمرها عشرات الأعوام تصف الأسبوع بأنها الشقيقة الكبرى. وقد سعدت بالكتابة فيها عاما، نشرت خلاله مقالات ضمها بين دفتيه كتاب من أهم كتبي، هو :" بغداد عروس عروبتكم".. وبعيدا عن اختلافات السياسة فإن ما يربطني برئيس ومدير تحريرها(الشقيقين) وبمعظم كتابها علاقة قوية ، ومساحة عريضة من الاتفاق، واحترام متبادل، وخلاف لا يفسد للود قضية.
ولقد خطفت مقالة الأستاذ محمود بكرى – مدير التحرير- قلبي بعد أن خطفت بصري وهو يصف مشاعره إذ يؤدى العمرة حيث كتب في عموده الأسبوعي:
" حين يصل عزيزي القارئ هذا العدد بين يديك سوف أكون واقفا بإذن الله تعالى بباب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مصليا في روضته الشريفة ومتبركا بمسجده النبوي الشريف وبعد أيام قلائل سأستقبل بروحي ومشاعري وكياني الكعبة المشرفة في بيت الله الحرام بمكة المكرمة(...) ..
فرغت من المقال وقد سرت في روحي الشحنة التى أحسها الصديق الكريم..
وانطلقت لقراءة بقية الصحيفة فثمة كتاب متميزون أحرص على متابعتهم ، وهناك قلة لا ألتفت إلى ما يكتبون إلا كل بضعة أشهر، كي أتابع، ليس المقالات التى يكتبونها، بل الجرائم التى يرتكبونها، أحد هؤلاء – بغض النظر عن كل شئ إلا ما كتبه – ارتكب على صحيفة الأسبوع جريمة كاملة الأركان.
لن أعود إلى تاريخ هذا الكاتب، وهو أحد أربعة – يسمونهم في الأوساط الثقافية المصرية: العصابة- يسيطرون على الثقافة المصرية منذ العهد الناصري، لن أعود إلى شهاداته ولا إلى موهبته وقيمته الأدبية..
ولن أعود أيضا إلى مقولات سابقة وصفت بها بعض أدعياء الثقافة، مقولات كمثقف أمن الدولة، الذي تختاره مراكز صنع القرار المخترقة بنفس مواصفات ضابط أمن الدولة أحيانا و جندي الأمن المركزي في أحيان أخرى، وتعطيه ما لا يحلم به من سلطة وشهرة ومال، ومثل هذا النوع يكون بلا موهبة على الإطلاق، ولولا انتشال مراكز صنع القرار له ما أصبح كاتبا على الإطلاق، فهذا الصنف هو الذي لا يتورع عن ارتكاب معصية أو جريمة في سبيل من وصلوا به إلى ما صار إليه. وهو فضلا عن ذلك يمثل دور المعارض فيخدع الناس الذين لا يدركون إلا بعد لأي أنه طابور خامس اتفق علوج الخارج والداخل على دسه بينهم كي يشوه فكرهم ويزيف وعيهم..
لن أعود إلى هذا كله..
ولن أذكر حتى اسم الشخص..
لكن جريمة بحق الدين قد ارتكبت وهذا بشع ومخيف..
وقد ارتكبت هذه الجريمة على صفحات الأسبوع وهذا يزيد الأمر بشاعة، فبرغم اختلافات حقيقية في الرؤى، فقد احتفظت صحيفة الأسبوع دائما بسمت وقور يحترم ثوابت الأمة وعلى رأسها الدين.
ماذا قال صاحبنا في صحيفة الأسبوع؟..
لن أستفيض في التعليق (الذي سيأتي بين أقواس)..
وسأكتفي بإيراد مقتطفات من النص المكتوب، لأحيله إلى الضمير الديني للقارئ..
يقول الكاتب – و أعتقد أنه كذب في كل ما كتبه و أن الحكاية كلها مختلقة للإساءة إلى الإسلام - :
كنت مدعوا لحضور حفل خطبة وتقديم شبكة. العريس مصري والعروس سعودية (...) وصلت لقاعة الاحتفال ليعترضني شاب وليقول إن الرجال لهم قاعة، وأن ابنتي رباب لابد وأن تدخل قاعة الحريم سألته ومن الذي أمر بهذا؟ قال إنه شرط العريس وعرفت أن العريس وافق على لبس البدلة بعد أن أحضرت له الأسرة عالم دين يؤكد أن الزي الباكستاني الذي يرتديه ليس سنة ( ولماذا الزي الباكستاني؟ لماذا ليس السعودي أو الخليجي؟ أم أن تلك هي الرغبة الأمريكية الآن، رغم أن كاتب المقال شيوعي، إلا أننا نرى من الشيوعيين الآن من هم أشد خطرا على الأمة من اعتي الصليبيين و أشرس الصهاينة، أو ربما صدر دون أن ندرى قرار من مجلس الآمن بحظر الزي الباكستاني؟! لكن الواقعة لا يمكن أن تكون صحيحة، فالرجل يعرف بالتأكيد مئات من علماء الدين يرتدون البدلة) وكان العريس مصرا على إقامة الحفل في مسجد بالمنيل، ( يا للهول.. يا للكارثة.. وماذا لو عقد القران في مسجد؟ .. هل أتت تعليمات أمريكية بأن العقد لا يصح إلا في فندق؟).. وعندما أصرت العائلة على الفندق قال لهم إنني سأجعل من الفندق مسجدا ( بالطبع هذا عمل إرهابي يستحق مرتكبه الأسر في جوانتانامو حتى ولو كان عريسا ).. في الزفة كان العريس يمسك بيد حماه لأن ظهور العروس أمام المدعوين حتى لو كانت منقبة لا يجوز شرعا ( بالطبع هذا كذب صفيق.. فالمنقبة تمشى في الشارع بين الناس جميعا، لكنه فن المزايدة الرخيص الذي برع فيه أعداء الإسلام) كان يمشى وراءه شاب يرتدى الزي الباكستاني ويلقنه ما يجب عليه القيام به ( لماذا لم يقل مباشرة أن الملقن من تنظيم القاعدة..!! لماذا لم يتصل مباشرة بالسفارة الأمريكية؟؟ أليس جائزا أن يسفر البلاغ عن مكافأة؟.. لكنه أيضا كذب صفيق أفضى إليه خيال حاقد مريض) .. استأجروا "دى جى".. لم نسمع سوى أسماء الله الحسنى، ثم أغاني إسلامية عن الفرح والزواج( هناك أناس كالشياطين يحرقهم ذكر الله.. ثم لماذا كل هذا الاعتراض على حفل إسلامي.. ولو أن سيمفونيات بيتهوفن وموتسارت تعزف في أفراحنا لالتمسنا لكاتبنا الهمام بعض العذر ولو كان ذلك العذر هو بذاته ما نمنحه للصليبيين والصهاينة.. وهو حزين إذن لأنه لا يريد مسجدا بل ماخورا.. وخمرا ونساء عاريات معظمهن عاهرات يطلق عليهن راقصات .. كالعملاء الذين يسمونهم كتابا .. ) ..
ويستمر الكاتب في هذا الأسلوب المريض الطافح بالأكاذيب والافتراءات.. نفس منهج أمريكا و إسرائيل وعملائهما في الافتراء والكذب والادعاء إلى أن يصل إلى ما أصابه بالانهيار عندما أمسك العريس بالميكروفون ليعتذر عن المخالفات الشرعية التى شابت الفرح.. ويستطرد بأسلوب لا يمكن أن نتوقعه إلا من مبشر رخيص لم يتعلم أصول التبشير:
كان بين الحضور شيخ من رجال الدين ( ليس في الإسلام رجال دين بل علماء في الدين) تحول إلى خطيب، يتكلم كأنه آت من أزمنة الإسلام الأولى (برح الخفاء.. فهل الانتماء إلى أزمنة الإسلام الأولى شرف أم عيب يا كاتب أمن الدولة؟ يا كاتب المقال الفاسق ..) .. وانصرفت حزينا (...) ولكنى رأيت بأم عيني مصير شباب مصر. كان الإرهابيون يقتلون الناس في الشوارع، يبدو أن الخطة الجديدة التى نفذها عمرو خالد والحبيب بن على وخالد الجندي هي التركيز على شباب النوادي أبناه الأغنياء بعد أن كان التطرف يرى في شباب الفقراء وقود المعركة كلها ( لماذا لم يعتبر كاتب أمن الدولة نجاحهم في الدعوة نوعا من الإبداع.. أم أن شرط الإبداع الوحيد هو الجرأة على الله سبحانه وتعالى.. لقد كان صاحبنا واحدا من الذين لطموا الخدود وشقوا الجيوب حزنا على مصادرة وليمة حيدر).. ويبدو أن الخطة نفذت بنجاح حقيقي ولولا وصول عمرو خالد والحبيب على الجفرى إلى بيوت الفنانات ما تنبهت مصر إلى الخطر الجديد الذي أتمنى ألا يكون قد التهم شباب مصر( هذا هو الخطر الجديد.. ليس أمريكا ولا إسرائيل ولا ما يحدث لإخوتنا في فلسطين وأفغانستان ولا غزو العراق الوشيك ولا حتى وجود العرب المهدد بالفناء) .. خاصة أن الأسرة المصرية عندما توازن بين خطر النادي من مخدرات وبين خطر دعاة الخمس نجوم الجدد تفضل الارتماء في أحضان الخطر الثاني ( ما أحمق مثل هذه الأسر قصيرة النظر !!.. من المؤكد أنها هي أيضا تنتمي لتنظيم القاعدة).. أيها المسئولون عن مصير هذا البلد أقول لكم فقط الحقوا مصر قبل أن نصحو ذات صباح فلا نجدها.
انتهت مقالة كاتب أمن الدولة..
***
وليس هذا موقفا فكريا و إنما هو موقف يرفض الإسلام كله.. من عمر خالد إلى عصوره الأولى..
موقف يرفض الإسلام في أخطر أزمة يتعرض لها المسلمون عبر تاريخهم كله حيث يصبح الإسلام هو الهوية وهو الوطن.. وخيانة الإسلام خيانة للوطن..
لقد كان التناقض هائلا بين الشفافية العالية التى كتب بها محمود بكرى مقالته كعبد من عباد الله وتلك المقالة الملعونة المليئة بالنفاق والفسوق بل والكفر التى تشى بأفكار عبدة الشيطان..
يكفى السخرية من أزمنة الإسلام الأولى كي يكون الأمر كفرا لا شك فيه..
لن أعلق أكثر رغم أن مشاعري تئن من فرط الاشمئزاز والقرف..
لن أعلق أكثر ولن أسائل الأمة عن دورها في مواجهة كل هذا .. بل عن نكوصها وخيانتها لله بهذا النكوص..
لو لم تخن الأمة الله لما أمكن للدول أن تخون الأمة..
ولو لم تخن الدول الأمة لما أمكن للحكام أن يخونوا الدولة..
ولما وجدنا أنفسنا في ذلك الوضع المذل المهين.. ولما حوصرنا في حبائل الشيطان والخونة والقرضايات..
لن أعلق أكثر..
فملخص الأمر كله
حكام يخونون الدولة..
ودول تخون الأمة..
وأمة تخون الله..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق