الثلاثاء، 11 يونيو 2019

فضيحة الأقصى ، إلى أين ؟!..

فضيحة الأقصى ، إلى أين ؟!..

الدكتورة زينب عبدالعزيز

أستاذة الحضارة الفرنسية


لقد وصل الوضع فى فضيحة المسجد الأقصى ، أولى القبلتين وثانى الحرمين ، إلى درجة تضعنا جميعا على حافة الهاوية ، هاوية لا يعرف مداها إلا الله سبحانه وتعالى ، إذ ستكون جد كاسحة .. 
فإن كنا نتمسك بديننا وثوابتنا و رموزنا فلا بد من مواجهة الموقف بكل أبعاده ، واتخاذ القرارات التى يمكنها ان تحد من ذلك الطوفان الذى يدفعوننا إليه .. 
وعلى الرغم من أن الرؤية العامة متشابكة مظلمة ، فإن تناول مفرداتها ، كل منها على حدة ، قد يكسب الوضع شىء من الوضوح . 

ان ما كشفت عنه حرب العراق وصارت تتناقله الفضائيات بعبارات متفاوتة ، هو تبعية كل أصحاب القرار فى العالم الإسلامى والعربى ، فى مختلف المجالالت ، للسياسة الأمريكية ، وكل ما أصبحت تحمله وتفرضه من كيل بمكيالين وتعنت يخرج عن جميع الأعراف والموازين . 
بل لقد وصلت هذه التبعية إلى درجة الهرولة والتسابق فى الإعلان وتقديم فروض الولاء والطاعة ، و كل ما تفرضه من تنازلات ، حفاظا على المقاعد .. وكلها تمس – فى نهاية المطاف بالإسلام والمسلمين . 
ومن آخر هذه النماذج تلك الهرولة التى تمت من جانب ستة بلدان عربية إسلامية بالموافقة على طلب قادة السياسة الأمريكية بزيادة الوجود العسكرى فى العراق تحسبا لهجمة عسكرية فاصلة .. والمؤسف ان يتم الإعلان عن هذه الموافقة أو الهرولة قبل حتى أن يتم عرض هذا المشروع على الكونجرس الأمريكى !! أى أننا صرنا – على حد قول المثل ، إنجليز أكثر من الإنجليز ، وندافع عن السياسة الأمريكية قبل الأمريكان وأكثر منهم ولاءً ، بدليل إن الكونجرس قد اعترض على المبدأ كما اعترض على المليارات من الدولارات الإضافية المطلوبة لتلك الهجمة الإجرامية بكل المقاييس .. 

ذلك هو الوضع العام الذى ننتقل منه إلى النقاط الأساسية فى هذا الموقف ، وهى : 
1 ) – المسلمون والعرب : لقد وصل بنا الحال ، بعد أن فُرضت علينا المذلة واالتفريط فى أساسيات و ثوابت ديننا وبلداننا ، وقبلنا التلفع بعباءة الخيانة والطاعة العمياء ، مرضاة للغرب المسيحى المتعصب ، أنه لم يعد من حقنا المطالبة بأى إنصاف أو إحترام من جانب نفس أولئك الذين فرضوا علينا ذلك الوضع ، فهم أول من يحتقر موقفنا ولا يعنيهم إنصافنا فنحن فى نظرهم " خونة " أو "عملاء" ولا نستحق الإنصاف ..

2 ) – الغرب المسيحى المتعصب : على الرغم من صراعات القوى الواضحة بين البلدان الغربية فهم جميعا ينساقون ، بصورة أو أخرى ، للقرارات التعسفية التى تتبناها السياسة الأمريكية.. وكلها مواقف لم تعد بحاجة إلى براهين وأدلة ، وتكفى الإشارة إلى موقفها المتعنت ، والمعلن بكل قحةٍ ، مساندتها الكيان الصهيونى المحتل لأرض فلسطين ، أو تلك الأكاذيب التى تلفعت بها لإحتلال العراق ، على مرأى ومسمع من العالم أجمع ، وما من أحدٍ يتحرك بصورة حاسمة ، وكأن ذلك العالم الغربى قد أصيب بالشلل واللامبالاه طالما التحطيم والإقتلاع فى الأغيار ، اللذين وُصموا بالإرهاب والإرهابية !!


3 ) – المؤسسة الكنسية الكاثوليكية الفاتيكانية : إن كانت محاربتها للإسلام قد بدأت منذ أول إنتشاره ، بصورة غير معلنة أو بأساليب ملتوية ، فقد تم إتخاذ قرار إقتلاع الإسلام – بغير قناع ، فى مجمع الفاتيكان الثانى سنة 1965 ، كما تم الإعلان أكثر من مرة بأنه قرار لا رجعة فيه . وهو ما أكده البابا الراحل يوحنا بولس الثانى ، وهو نفس ما أعلنه البابا الحالى بنديكت السادس عشر .. ومن العار علينا ألا نأخذ كل هذه التصريحات والوثائق الرسمية بعين الإعتبار فى تعاملاتنا مع مثل هذه المؤسسة ، التى لا تكف حتى اليوم ، عن الإعلان عن ضرورة تنصير العالم وفقا لكاثوليكية روما ! و لا يخفى أن غرس الكيان الصهيونى قد تم بسبب التنازلات المتلاحقة التى فُرضت على المسلمين والعرب ، ولا يخفى ، من جهة أخرى ، الدور الذى لعبته المؤسسة الكنسية الفاتيكانية فى إقرار هذا الكيان ومباركته و تثبيت غرسه بمثل قرار تبرأتها لليهود من دم المسيح ، وكل ما لحق بذلك القرار من تنازلات تُخرج عن تعاليم المسيحية التى نسجتها وتفرضها على العالم قسراً ، بما فى ذلك الكنائس الأخرى ، منذ القرن الميلادى الرابع ، حتى سُمى بعصر الظلمات .. ولا تزال هذه المؤسسة تقدم للصهاينة تنازلات متتالية على أيدى عاهلها الجديد ، وما خفى كان أعظم .. 

4 ) – الكيان الصهيونى : لم تعد عربدة ذلك الكيان المحتل لأرض فلسطين بخافية على أحد ، كما لم يعد ضربه بكافة القرارات الدولية والشرعية عرض الحائط ، أيا كانت وأيا كان مصدرها . أى أنه أصبح كيان يسود ويتحكم بالفعل لا فى مصير الفلسطينيين فحسب ، وإنما فى مصير العالم أجمع . وذلك لا يتأتى إلا إن كان يمتلك من النفوذ و السلطة القهرية و القمعية ما يسمح له بالتحكم والسيطرة على كلٍ من السياسة الأمريكية والفاتيكانبة فى آن واحد .. والمتابع لتاريخ عملية إكتشاف مخطوطات قمران وكل ما واكبها من أحداث وتصريحات قضت على كل من نطقوا بها ، يدرك تماما أنهم يمتلكون بالفعل وثائق ، من هذه المخطوطات ، ما يسمح لهم بهدم المسيحية الحالية تماما ، مثلما أعلنها فى مطلع الخمسينيات العالم الفرنسى ديبون سومير، الذى أُقيل بسببها من منصبه الجامعى والكهنوتى !.. لذلك يعتمدون على المساومة الكبرى لتحقيق مآربهم ، ولذلك يرضخ لهم الغرب المسيحى المتعصب حفاظا على كيانه أمام الأتباع وأمام العالم أجمع .. ويالها من لعبة !!


و لا يمكن مواجهة هذا الموقف إلا بصورة صارمة شاملة تمس مصالح أولائك الذين لا يخشون إلا إفتضاح أمرهم والمساس بمصالهم المباشرة . 
وأقل ما يجب أن نبدأ به جماعة ، كمسلمين وعرب هو :
1 - سحب سفراء نا لدى الكيان الصهيونى 
2 - طرد سفراء الكيان الصهيونى من بلداننا 
3 - إلغاء ما تم توقيعه من معاهدات مع ذلك الكيان الإستعمارى 
4 - وقف أية معاملات كشحن أو تفريغ بضائع أرضاً وبحراً وجواً
5 - نفيذ نفس هذه القرارات مع من يساندون ذلك الكيان ،

فالكوبرى الذى يقومون ببنائه حاليا ، عند باب المغاربة ، يقام من أجل تحمل مدرعات ومصفحات حربية ، وعمليات تهويد القدس المتتالية ، وبناء سور العار الذى ينهى الوجود الفلسطينى بالتصوير البطىء ، ومنع عودة اللاجئين ، ومحاصرة الموجودين بفرض ظروف حياتية لا إنسانية عليهم ، وتجميد أرصدتهم ، وغيرها كثير ، كلها مسائل لن تُحل إلا بفرض إرادتنا دفاعا عن بلادنا وديننا ، فنحن لسنا ضعفاء ، كما يبدو ، وإنما أصحاب حق مفروض عليهم الخيانة والتواطوء ، وحينما يصل الحال إلى مثل هذا الهوان فلا بد من صحوة جماعية حاسمة ، وإلا فعلينا السلام !!




 أ.دزينب عبد العزيز 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق