الثلاثاء، 18 يونيو 2019

لـــــــــــــــــــــــــــواط….

لـــــــــــــــــــــــــــواط….

بقلم د.محمد عباس



انفجر يا قلب..
واحترق يا عقل..
وتراجعي يا كل الموضوعات التي انتويت الكتابة فيها هذا الأسبوع وفى ظنى أنها الأخطر والأهم..
تراجع أيضا أيها الشعور الضاغط المهيمن الذي يلح عليّ لكي أتوقف عن الكتابة بعد أن أصبحت عذابا لا يكاد يطاق.. فالكتابة محرك يجب أن يتبعه فعل فإذا لم يأت الفعل عاما وعشرة أعوام وربع قرن فما جدوى الكتابة..
ما جدوى الكتابة والحصار يضيق والخطوط تتراجع..
ما جدوى الكتابة وقد كنت أكتب إلى الرئيس منذ عشرين عاما أحدثه عن القيم والمثل العليا والوحدة العربية الإسلامية ومواجهة الهيمنة الأمريكية والصهيونية ، كما كنت أكتب أيضا عن التعذيب وتزوير الانتخابات وعمولات السلاح والفساد، منذ عشرين عاما كنت أكتب عن كل هذا واليوم أجدنى عازفا كل العزوف عن الكتابة له..
فماذا أكتب؟!
هل أكتب له عن أي من ذاك؟ ليصبح الأمر نكتة سخيفة مضحكة في وضع لا يليق فيه الضحك بل لطم الخدود ..
هل أكتب له عن أي من ذاك وقد صدر بالأمس قرار بالعفو عن الشواذ من قوم لوط.. وفى نفس اليوم رفض للتصديق على حكم محكمة على بعض الإسلاميين ، لا لكي يمنحوا البراءة التي منحت للشواذ بل لتشديد الحكم..
ويصدر القرار في نفس الوقت بمد حبس رجال الإخوان المسلمين..
***
كنت أطالع الأنباء ولا أكاد أصدق:
مبارك يلغــي الأحكام ضد 50 متهماً في تنظيم الشـواذ (2002-05-23 01:50)
القاهرة- أ.ف.ب: أعلن مصدر قضائي الخميس أن الرئيس المصري حسني مبارك ألغى الأحكام التي أصدرتها محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بحق 50 متهما بالشواذ في 14 نوفمبر الماضي وقرر إحالة القضية إلى النيابة العامة
وبإمكان مبارك المصادقة على الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا طوارئ أو إلغائها بموجب الصلاحيات التي يمنحه إياها قانون الطوارئ المطبق في مصر منذ العام 1981
وكانت المحكمة حكمت فيما سمي بتنظيم الشواذ بالسجن سنتين مع الأشغال الشاقة على 20 شخصا والسجن سنة واحدة لمتهم آخر في حين برأت 29 متهما في القضية
لكن الرئيس المصري صادق على أحكام صدرت بحق اثنين من المتهمين كانا مع الخمسين وادينا بتهمة ازدراء الأديان بحيث نالا ثلاث وخمس سنوات لكل منهما
والمتهمان هما المهندس شريف فرحات (33 عاما) الذي نال العقوبة القصوى وهي خمس سنوات مع الأشغال الشاقة في حين نال المتهم الثاني محمود احمد علام ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة
وقال المحامي فريد الديب، أحد وكلاء الدفاع الرئيسيين عن المتهمين، لوكالة فرانس برس أن مبارك قرر إلغاء الحكم في ما يتعلق بتهمة الفجور واعادتها إلى النيابة لكي تتخذ الإجراءات الضرورية مع إمكان حفظ القضية أو إعادة تقديمها أمام محكمة الجنح العادية وليس محكمة أمن الدولة
وقد قبض على المتهمين وغالبيتهم لم تتجاوز العشرين في 11 مايو 2001 أثناء وجودهم في سفينة سياحية تستخدم كملهى ليلي بالزمالك
ووجهت إلى فرحات وعلام تهمة ازدراء الأديان واستغلال الدين الإسلامي ونشر أفكار متطرفة وتحوير آيات قرآنية لتحقير الأديان السماوية والرسول- صلى الله عليه وسلم- وابتداع طريقة مختلفة للصلاة فضلا عن الشذوذ الجنسي كما جاء في قرار الاتهام
والخمسون الآخرون متهمون بالاعتياد على ممارسة الشذوذ الجنسي وجعله مبدأ أساسي لمجموعتهم
ولا يندرج اللواط بالتحديد ضمن الجرائم المنصوص عليها في القانون المصري المستوحى من الشريعة الإسلامية، لكن القانون يعاقب الاعتياد على ممارسة الفجور أو الدعارة
وقد أثارت المحاكمة فور بدئها في يوليو الماضي احتجاجات عدة من جماعات الشواذ ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في الغرب وخصوصا في فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة
***
وكنت أواصل مطالعة الأنباء من مصدر آخر ولا أكاد أصدق:

مبارك يلغي أحكاما مخففة صدرت ضد إسلاميين
 الجمعة 12 ربيع الأول 1423هـ - 24 مايو 2002م تحديث 4:20 ص بتوقيت مكة

مفكرة الإسلام : أصدر الرئيس المصري بصفته الحاكم العسكري وفق قانون الطوارئ، قرارا بإلغاء بعض الأحكام القضائية المخففة نسبيا بحق بعض الإسلاميين التابعين للجماعة الإسلامية المصرية ..

وكانت محكمة أمن الدول العليا " طوارئ " قد أصدرت حكما غيابيا بالسجن المؤبد -25 عاما - على رفعت زيدان القيادي البارز الهارب من الجماعة الإسلامية، وبالسجن لمدة خمسة أعوام على محمد الفولي، وذلك تهمة قتل أحد رجال الشرطة في محافظة أسيوط بصعيد مصر العام 1994، واعتبرت المحكمة أن الحكم الصادر على الفولي خفف لأنه قام بتسليم نفسه ..

 ويذكر أن الرئيس المصري يحق له الاعتراض على الأحكام التي تصدرها محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، بالإلغاء أو التخفيف، بوصفه حاكما عسكريا، كما أن الأحكام الصادرة لا يجوز الاستئناف فيها من قبل المحكومين، ويعتبر مراقبون أن الاعتراض على الحكم الصادر بحق زيدان يعني المطالبة ضمنيا بالإعدام، ولم يتحدد بعد موعد للمحاكمة الجديدة ..

وكان الرئيس المصري قد ألقى كلمة في حفل بمناسبة " المولد النبوي "، قال فيها : " الرسالة الخالدة التي أنزلت على صاحب هذه الذكرى صلحت ولا تزال صالحة لبناء مجتمعات إنسانية فاضلة تحكمها قيم إنسانية رفيعة، معاذ الله أن تقف هذه الرسالة اليوم في موقف الدفاع أو يقف أتباع رسولها الكريم موقف الاعتذار " ...
***
وكنت أواصل متابعة الأنباء من مصدر ثالث ولا أكاد أصدق:
مصر .. إلغاء أحكام بحق 50 متهما بالشذوذ
القاهرة – وكالات – إسلام أون لاين.نت/ 26-5-2002
تجديد حبس 44 من جماعة الإخوان  (2002-05-23   12:05)  
جددت السلطات المصرية أمس حبس 44 عضوا من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين (المحظورة) 45 يوما على ذمة التحقيقات.
وكانت محكمة أمن الدولة المصرية قد قررت تجديد حبس 36 اخوانيا 45 يوما بينهم الدكتور محمد السيد حبيب، والمعروفون بمجموعة أسيوط والذين تم إلقاء القبض عليهم بمنازلهم بأسيوط منتصف العام الماضي في وقت قررت فيه النيابة العامة تجديد حبس ثمانية آخرين بينهم المهندس محمد سراج اللبودي لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات وهم المجموعة التي ألقي القبض عليها أواخر شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بحي العجوزة بالجيزة ومعظمهم من أساتذة الجامعات
***  
قلت لنفسى، أو لعلى تمنيت أن تكون الأخبار كاذبة.. أن تكون للتشهير والإساءة.. ليس لأننى أستبعد أن يحدث هذا لكننى استبعدت أن تتم المجاهرة به بكل هذه الاستهانة بالأمة..لكننى وجدت نفس الأخبار على موقع مصري هذه المرة، وهو موقع تجاري لا علاقة له بالسياسة، وكانت عناوين الموقع:

 " أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون "
" وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد"
إذا كان عندك الضغط أو السكر ، فلا تكمل قراءة هذا الخبر

مبارك يلغــي الأحكام ضد 50 متهماً بالشـذوذ 
http://news.masrawy.com/masrawynews/23052002/84712news.htm
تجديد حبس 44 من جماعة الإخوان http://news.masrawy.com/masrawynews/23052002/84701news.htm
***
انفجر يا قلب..
واحترق يا عقل..
وتراجعي يا كل الموضوعات التي انتويت الكتابة فيها هذا الأسبوع وفى ظنى أنها الأخطر والأهم..
***
بدأ الرئيس مبارك عهده يرفع راية أنه لا يتدخل أبدا في أحكام القضاء.. واحترمنا الراية رغم أن الكثيرين ظنوا أنها كلمة حق يراد بها باطل..
وحتى عندما طبق شعاره ذلك على الفريق سعد الدين الشاذلى كان هناك من يؤيد الشعار الذي اعتبره ضمانة لعدم اختراق القضاء أو التأثير عليه..
لكن الشعار انكشف وتعرى حين صدر القرار بالإفراج عن آل مصراطى والذى بال كبيرهم على المحكمة..
وكنا نرى طول الوقت محاولات اختراق القضاء والتأثير عليه..
وكنا نرى طيلة الوقت إهدار أحكام القضاء عندما لا توافق هوى السلطة.. لكننا لم نكن نرى الأصابع المحركة..
ولست أدرى من هو مستشار السوء الذي ورط الرئاسة في إصدار قراراتها الأخيرة تيك..
***
يختزل التاريخ في لحظة.. لحظة وحيدة هى التي تبقى في الوعى دالة على زمن وعهد.. فإن قلت : مينا سيقفز المعنى في الذهن على الفور: موحد القطرين، و إن قلت أحمس يُقال:  طارد الهكسوس..و إن قلت صلاح الدين يُقال: حطين، أوقلت قطز يُقال: عين جالوت ، أو قلت محمد على يُقال : تحديث الدولة، أو قلت إبراهيم: يُقال عكا، أو قلت توفيق يقال الخائن الذي سلم البلاد للإنجليز، أو قلت فاروق يُقال بوللى، أو قلت عبد الناصر يُقال تأميم القناة أو هزيمة 67، أو قلت السادات يُقال: اكتوبر 73 أو 5 سبتمبر..
هذا العهد عندما يختزله التاريخ في لحظة: ترى ما ستكون..
وهل تكون غير تلك اللحظة التي نتحدث عنها.. سواء في هذه القضية أو في قضية الوليمة..
عصر الشواذ..
عصر العفو عن الشواذ وتبرئتهم والانحياز إليهم..
وعصر القسوة على المسلمين و إدانتهم والانحياز عليهم..
***
ياله من خزى وياله من عار وكل ما أملنا فيه ينهار..
***
منذ عام ونيف، في حفل عزاء المرحوم الأستاذ عادل حسين تغمده الله برحمته، اقترب منى مسئول كبير في مجلس الشورى، و أخذ يعدد لى مناقب العزيز الراحل، ثم فجأة وجدته يقول لى:
-         هناك موضوع خطير، خطير جدا، أرجوك أن تتناوله بقوة كما تناولت قضية الوليمة..
واستطرد الرجل قائلا:
-         هناك تقارير سرية تتحدث عن انتشار الشذوذ الجنسي بين فئات القيادة العليا في بلادنا على كافة المستويات.. و أن نسبتهم تصل الآن إلى عشرة في المائة.. و أن ذلك مرتبط بمخطط أجنبى للسيطرة تماما على قرارات البلاد ومصيرها..
و أخذ الرجل يستطرد في حديثه ويضرب الأمثلة على ما يقول، مركزا على الأماكن الحساسة التي أصبح الشواذ يحتلونها، و بأنهم يشكلون الآن أقوى حزب متناسق متعاون متفاهم و أنهم قادرون على إجهاض كل عمليات الإصلاح ومقاومة الفساد، بل وقادرون بالوصول بالبلد إلى حالة العجز التام مع أي مواجهة.. قال الرجل كل ذلك و أكثر منه  لكننى – والله يا قراء – استحييت أن أكتب في الموضوع، رغم أن الرجل كلن يبدو صادقا في كل كلمة قالها.
***
لعلكم تذكرون يا قراء ما كتبته عن الحداثة في مقالات سابقة.. حين قلت لكم أن الشذوذ الجنسي مكون رئيسي من مكونات الحداثة.
فالحداثة كمصطلح فلسفى يعود إلى أكثر من قرن مضى، أما كتطبيق يمكن فهمه بأثر رجعى فيعود إلى القرن السابع عشر.
وباختصار شديد فإن الحداثة تعنى نفى القديم كله، دينا وثقافة ومعتقدات وتقاليد، واعتبار الإنسان هو المرجعية الوحيدة.
ويؤكد الدكتور عبد الوهاب المسيرى على أن الحداثة وهى تدعى إعلاء مكانة
الإنسان قد قضت عليه، و أنها حين كفرت بالله كفرت بالإنسان أيضا.
يؤكد ذلك أيضا رجاء جارودى في مؤلفه الهام أمريكا طليعة الانحطاط.
ما يهمنا في هذا الصدد، أن الحداثة حين جعلت الإنسان هو المرجعية الوحيدة ( دعك الآن من أنه الإنسان الأبيض المسيحى واليهودى أما غير ذلك من البشر فسائمة لا قيمة لها) قد ألغت كل القيم الروحية، و أصبح الإنسان هو محور ذاته، و أصبح هدفه في الحياة السعادة عن طريق اللذة والمزيد من اللذة، لا توجد محرمات ولا توجد عوائق، فالدين إرهاب والعادات تخلف واللذة هى – مع الدولار- دين القوم الجديد.
في هذه العبادة الشيطانية للذة يصبح الشذوذ الجنسى أمرا منطقيا تماما.. ويصبح الاعتراض عليه إرهابا وتخلفا يستحق الحصار والعقاب.
***
و إنني أستأذن القارئ كى أستشهد ببعض من فقرات كتابى الذي صادرته السلطة – نصيرة الشواذ - : بل هى حرب على الإسلام في توضيح مفهوم الحداثة:
الحداثة..
إنني لا أبدأ الحديث عن الحداثة من الصفر و إلا لكان الأمر سهلا، ولكنني أبدأه على كوم هائل من التضليل والتعتيم والتجهيل والخداع قاده الحداثيون في بلادنا، وهم لا يختلفون عن عباد الشيطان في شيء، ولطالما أوهموا الناس على سبيل المثال أن الحداثة مجرد نظرية في الأدب.. وكانت هذه هي الخدعة الكبرى التي جعلت المجتمع لا يواجهها في الوقت المناسب بما تستحق، جعلت المجتمع يوصد سمعه إزاء من كانوا يحذرون طول الوقت، وكان التحذير يصطدم دائما بتلك الغلالة الشيطانية من الغموض التي يسربل بها الحداثيون أعمالهم، وهو غموض متعمد للتدليس على الناس، خاصة مع الخلط المتعمد بين الحداثة والتحديث، وشتان ما بينهما،  واستمرت الخديعة حتى انفجار أزمة الوليمة التي كان لي  شرف تفجيرها .. عندما فجعت الأمة أن الحداثة تعني ضمن ما تعنى  أقذع سباب لله سبحانه وتعالي عما يشركون وللقرآن الكريم وللرسول صلى الله عليه وسلم. وبدأ الناس يسمعون ويعون ويعلمون ما غاب عنهم فيدركون أن الحداثة ليست مذهبا أدبيا.. بل نظرة شاملة للكون تتناقض مع الدين وتزيحه وتحل محله. لذلك أرجو من القارئ أن يصبر عليّ، و أعده بالاختصار الشديد.
فالحداثة يا قراء كما يصفها الدكتور عوض محمد القرنى – في كتابه الهام : الحداثة في ميزان الإسلام- تقديم سماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى أنها : "مذهب فكري جديد يسعى لهدم كل موروث، والقضاء على كل قديم، والتمرد على الأخلاق والقيم والمعتقدات".. و يؤكد :"أن الصراع مع الحداثة ـ أولاً وأخيراً ـ صراع عقائدي بحت"..
ثم يضيف قائلا:
"انتهت الحداثة في النهاية إلى الجمع بين ضلالات البشر، فمن شيوعية مادية إلى دارونية تقول : "بأن أصل الإنسان قرد"، وميثولوجية تنكر أن يكون الأصل في الأديان التوحيد، وأن الإنسان الأول ما لجأ إلى التدين إلا لجهله بالطبيعة وخوفه منها، حين لم يستطع أن يواجهها بالتفسير العلمي الصحيح ـ كما يقولون ـ ."
نفس هذا المعنى يصل إليه كاتب عملاق آخر هو الدكتور عبد العزيز حمودة[1] في كتابه: المرايا المقعرة، وهو سفر يقع في أكثر من خمسمائة صفحة ويبدأ بداية جياشة حين يتحدث عن إحساسه بانشطار الذات في  أزمة وليمة لأعشاب البحر حين راح السؤال يهدر داخله : "من نحن"  ثم يكشف شيئا فشيئا أنهم خدعونا بالخلط بين الحداثة والتحديث، و أن الحداثة صفقة شاملة نبيع فيه كل تاريخنا وتراثنا. و أن أهم مستلزمات الحداثة هو القطيعة المعرفية الكاملة مع تراثنا.
والتراث يا قراء مصطلح حداثى يقصد به القرآن والسنة وتاريخ الإسلام  و آدابه جميعا.. لكنهم حين يهاجمون لا يقصدون سوي القرآن والحديث.
والحداثة كما يقول الدكتور بشير موسى نافع: " أعلت مرتبة العقل فوق النص المقدس، بل وجعلت من العقل المرجع الأوحد للقيم والسلوك وعلاقات الاجتماع الإنساني. تهاوي بذلك الاعتقاد بوجود ثوابت إنسانية خالدة، وانتقلت القيم من دائرة الثابت إلى دائرة النسبي، ومن الدلالة المطلقة للخير والشر إلى التحولات المتغيرة للاقتصاد والسياسة والتقنية. "
نعم يا قراء.. اقرءوا  كل كلمة بتمعن..
على أن  شعار سيادة العقل على النص – رغم أنه في جوهره كفر –.. لكنه فضلا عن ذلك لم يكن حقيقيا.. كان مجرد طعم يغريك ويغويك حتى تدلف فيه فيسلمك على الفور إلي غيره..ولقد أسفر بعد قليل عن : سيادة الحس على العقل .. ومن التجليات الفادحة الفاضحة لسيادة الحس على العقل  تقبل الشذوذ الجنسي و إباحته.. بل وصل الأمر أن تهدد أمريكا مصر بمنع المعونات عنها إن هي استمرت في مكافحة الشذوذ، وفي ضوء ما نرى، فمن المؤكد، أن مكافحة الشذوذ ستعتبر خلال عشرة أعوام – على أبعد تقدير – ضربا من ضروب الإرهاب الذي يخضع لعقاب التحالف الأمريكي. . وقد نقصف بالطائرات والصواريخ إن احتججنا عليه!!..
يستطرد الدكتور نافع قائلا: " عندما سادت ثقافة -الآن وهنا- علي حساب الإيمان الإنساني بالله والعالم الآخر، أخذت الروابط الإنسانية في الانهيار الواحد منها بعد الآخر، طالما أن التجربة الإنسانية تدور في النهاية حول المنفعة والإنجاز الفردي خلال حياة بشرية قصيرة بكل المقاييس."
إن الموضوع معقد إلى حد ما يا قراء.. ليس لصعوبة كامنة فيه.. ولكن لأن الحداثيين لا يسفرون عما في أنفسهم أبدا إلا حين يضمنون أنهم الأقوى و أنهم قادرون علي سحق خصومهم.. تماما كما تفعل أمريكا الآن بالعالم..
إنني أرجو يا قراء أن ننظر بعمق إلى مقومات الفكر الغربي الحداثى والذي يعتمد في جزء مهم منه على نظرية دارون، وهى نظرية متهاوية لا قيمة لها إلا في إعلاء الكفر والحداثة، وموجز منطقها المختل كأن تقول:
المنضدة لها أربعة أرجل.. والبقرة كذلك.. إذن فالمنضدة بنت البقرة‍‍‍‍!!.
لكن التجلى التطبيقي لهذه النظرية كانت فكرة البقاء للأقوى، وهى الفكرة التي تشكل أساسا رئيسيا للفكر الحداثى الغربي وهى الفكرة التي جعلت  - كما يقول الدكتور نافع -  تشرتشل، باعتباره وزيرا للمستعمرات، في مجلس العموم البريطاني يدافع عن استخدام القوات البريطانية للقنابل الكيماوية ضد العشائر العراقية الثائرة خلال ثورة 1920 إذ قال بوضوح أن من حق الأمم المتحضرة أن تستخدم الوسائل التي تراها مناسبة لقمع البرابرة.
هذه الفكرة الشريرة كانت وما تزال أساس الصلف الأمريكي في التعامل مع العالم.. في الجرائم البشعة التي ارتكبتها أمريكا في العراق وأفغانستان على سبيل المثال.. وفى الجرائم التي سترتكبها باسم الحرب على الإرهاب.
وهي أيضا أساس الصلف الإسرائيلي.. فأمريكا هي إسرائيل و إسرائيل ليست سوي حاملة طائرات ضخمة لأمريكا.. هي أساس الصلف الإسرائيلي التي جعلت مجرما  كنتنياهو يعلق على ما قيل من أن البحث عن أسامة بن لادن في جبال أفغانستان كالبحث عن إبرة في كومة من القش.. فإذا بالخنزير يقول:
- ولماذا تتعبون أنفسكم بالبحث عن الإبرة.. احرقوا كومة القش..
والآن لنترك الدكتور بشير نافع  يختم هذه الفقرة الجافة عن الحداثة:
"المشكلة الرئيسية في التصعيد التبشيري الغربي، الحديث نسبيا، لقيم الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان، إنها لا تبدو (وهي كذلك حقيقة) انعكاسا لإيمان ثابت وراسخ وأصيل بل مجرد تطور قيمي مستمر، وإنها تحتل الفضاء القيمي ذاته الذي تحتله سياسات حصار الشعوب وتجويعها وتشريعات الإجهاض واعتبار العلاقات الشاذة علاقات أسرية. كل شيء قابل للنظر وإعادة النظر. بل وحتى الإرهاب الذي اصبح رمزا للشر الإنساني كله خلال الأسابيع الأخيرة، كان دائما وحتى فترة قصيرة أداة هامة من أدوات السياسات الغربية. أليس مدهشا أن إحدى المنـظمات المستهدفة الآن في قائمة الإرهاب التي أعلنتها الحكومة الأمريكية كانت هي ذاتها التي استلمت عونا بريطانيا سريا لاغتيال العقيد القذافي؟"
***
يتحدث الدكتور عبد الوهاب المسيرى عن الحداثة وما بعد الحداثة فيقول:
"ويصل هذا الاتجاه الفني فيما يسمى " سنف موفيز"  ولا أعرف ترجمة لهذه العبارة، ولكن لعل وصفها يعطي فكرة عن محتواها . وهي أفلام يختلط فيها العنف والجنس بطريقة متطرفة، وكثيرا ما تنتهي ببطلة الفيلم في حالة نشوة جنسية ويتم قتلها في اللحظة التي تقذف فيها . ومثل هذا المنظر يتكرر في الأفلام الإباحية "العادية" ، ولكن في السنف موفيز يتم الذبح بالفعل.
نعم تقتل بطلة الفيلم.
وكان يتم الإعلان عن الفيلم بعبارة "صور في أمريكا اللاتينية ، حيث العمالة رخيصة" . وكل لبيب متوحش بالإشارة يفهم.
ومخرجو مثل هذه الأفلام يدافعون عنها من منظور الإبداع والحرية والثورة . .إلخ  وقد قام بعض المثقفين الليبراليين المدافعين عن حرية الرأي المطلق بمظاهرة ضد دور السينما التي تعرض مثل هذه الأفلام. ولكن جريدة وول ستريت جورنال قامت بتعنيفهم لموقفهم هذا ، وبينت لهم أن ما يحدث إنما هو نتيجة طبيعية للموقف النسبي المتسيب من الفن والجنس وإنكار الحدود باسم الحرية المطلقة والإبداع غير المتناهي!"..
***
في هذا الإطار يصبح الشذوذ طرفا هاما بل ومكونا أساسيا في الحضارة الغربية والعولمة والحداثة، لأن انتماء الشاذ سيكون إلى وكر الشيطان الذي أباح له شذوذه، إلى الغرب و أمريكا والعولمة والحداثة، وسيكون بالتالى وبالا على وطنه وقومه و أمته .
***
يصبح انتماء الشاذ ليس إلى وطنه و إنما إلى الغرب وضد وطنه.
ولست أقصد شذوذ الجسد فقط، بل أقصد شذوذ الفكر أيضا.. وعندما نعود إلى أزمة الوليمة، سنجد أولئك الشواذ، الذين استباحوا الدين ودافعوا عن وصف القرآن – أستغفر الله العظيم – بالخراء، كان أول ما فعلوه عندما هب طلاب الأزهر وبعض الكتاب الجادين للدفاع عن دينهم، كان أول ما فعلوه أن هددوا بالهجرة من مصر إلى الغرب، حيث الحداثة.
***
ثمت طرفة كنا نتناولها ونتبادلها ضاحكين عندما كان ما يزال هناك للضحك مكان في حياتنا.. حين كان مندوبو التعداد والإحصاء في بعض البلاد العربية يمرون على المنازل لإحصاء السكان، فكان الواحد منهم يسأل الساكن -على سبيل المثال-: ماهى أعلى شهادة حصلت عليها؟ فيجيب الساكن : الدكتوراه، فيكون السؤال التالى للموظف: هل تجيد القراءة والكتابة؟‍‍
الطرفة – وهى حقيقية – تعنى أن هناك أسئلة تجبّ وتمنع ما بعدها..
***
نعم .. هناك أسئلة تجب وتمنع ما بعدها..
وليس معقولا على سبيل المثال والحال ذلك، أن أسأل نظاما يدافع عن الشواذ، ويناصرهم عن إسهامه في قضية الأمن القومى أو عن موقفه من فلسطين، أو عن القيم والمثل العليا والوحدة العربية الإسلامية ومواجهة الهيمنة الأمريكية والصهيونية ، ولا يعقل أيضا  أن أناشد هذا النظام التوقف عن التعذيب وتزوير الانتخابات وعمولات السلاح والفساد.
فالأمر أسوأ من هذا بكثير..
أسوأ بكثير..
أسوأ بكثير..
أسوأ للدرجة التي ذكرتنى بأن القضاء سينظر في الثامن من شهر يونيو قضية صحيفة الشعب – بعد 13 حكما قضائيا بعودتها تجاهلها الحكم الذي ثبت أنه يعادى كل ماهو إسلامي ويناصر ماهو شاذ ( تذكروا فضيحة وزير التعليم والمناهج والفوط الصحية).
أقول أن آخر حلقات التقاضى ستكون يوم الثامن من الشهر القادم..
ولست أخفيكم يا قراء أننى لم أعد أتمنى أن تعود صحيفة الشعب إلى الصدور..
لأننى أحس.. أنه وسام شرف لنا.. أن ذلك النظام.. مناصر اللواطيين وعدو كل ما هو إسلامي.. يلفظنا كما نلفظه.. ولو أنه احتملنا أو أننا احتملناه لشككت في أننا على صواب..
يختزل التاريخ فى لحظة..
وتتميز العهود بكلمة..
و أحسب التاريخ عندما يرصد لحظتنا الراهنة لن يجد سوى كلمة واحدة تعبر عن كل شئ ..
هذه الكلمة هى:
لـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــواط..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.




[1] - المرايا المقعرة- دكتور عبد العزيز حمودة- عالم المعرفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق