السبت، 7 مايو 2022

حدود «سايكس بيكو» المقدسة!

 حدود «سايكس بيكو» المقدسة!


سيف الهاجري 

انطلقت جيوش بريطانيا وفرنسا وروسيا في الحملة الصليبية الأخيرة لتسقط الخلافة الإسلامية العثمانية في الحرب العالمية الأولى بعد قرون من الحملات والحروب الصليبية التي لم تتوقف ليعلن بعدها رئيس وزراء بريطانيا لويد جورج بعد دخول الجنرال اللنبي القدس عام ١٩١٧م (استرداد العالم المسيحي لأراضيه المقدسة)

سلام ما بعده سلام ص٣٤٩.

وفي كواليس هذه الحملة الصليبية صاغ البريطاني مارك سايكس والفرنسي جورج بيكو اتفاقية تقسيم المشرق العربي بين بريطانيا وفرنسا بعد سقوط روسيا القيصرية بالثورة الشيوعية وخروجها من الحملة الصليبية وفضحها لهذا الاتفاقية السرية آنذاك، وكان تاريخ الحروب الصليبية وأثرها حاضرا في رسم حدود مناطق النفوذ بحسب الحقوق التاريخية للحملات الصليبية والتي احتج بها بيكو الفرنسي لتأكيد حق فرنسا التاريخي في لبنان وسوريا.

انظر سلسة وثائقيات خطوط على الرمال: مئة عام على سايكس بيكو- قناة الجزيرة

الجزء الاول 

الجزء الثاني

حدود سايكس بيكو حدود لدول عربية وطنية

هذا هو باختصار تاريخ إنشاء الحدود الوطنية لدول المشرق العربي والتي تشكل كيانها السياسي في مؤتمر القاهرة عام ١٩٢١م للمسئولين البريطانيين في العالم العربي بقيادة تشرشل وزير المستعمرات آنذاك،

وبعد هذا المؤتمر تحولت حدود سايكس بيكو من حدود بين مناطق النفوذ البريطانية الفرنسية إلى حدود لدول عربية وطنية ملكيات وجمهوريات

أنشأتها بريطانيا وفرنسا ومنحتها الاستقلال الصوري لاحقا لاحتواء الثورات العربية

التي واجهتها في مصر ١٩١٩ والعراق ١٩٢٠ وسوريا ١٩٢٥ بأنظمة وطنية ظاهرها الاستقلال وحقيقتها التبعية الوظيفية لقوى الحملة الصليبية.

واستطاعت الحملة الصليبية الأخيرة أن تحقق ما عجزت عنه الحملات والحروب الصليبية لألف عام باحتلال العالم العربي قلب العالم الإسلامي

وإخضاعه لهيمنة القوى الصليبية الغربية سواء بالاحتلال المباشر أو بالتبعية غير المباشرة سياسيا واقتصادية وإضفاء الحماية على النظام العربي الوظيفي.

ولم يمض وقت حتى أصبحت هذه الدول الوطنية بحدودها وأنظمتها واقعا سياسيا امتد أثره على الفكر والثقافة والروح في العالم العربي،

واستطاعت القوى الصليبية أمريكا وأوربا في القرن العشرين خاصة من خلال التعليم سواء بالبعثات العلمية للجامعات الغربية

أو بالجامعات التبشيرية كالجامعة الأمريكية أن تعيد صياغة الفكر والروح الإسلامية عند الشعوب ونخبها

لتصبح القومية والوطنية بحدودها ودولها وأنظمتها هي المرجعية الشرعية والسياسية والفكرية وحتى الروحية لدرجة القداسة،

وامتدت هذه الروح لتشمل الجماعات الإسلامية ونخبها، والتي نادت في يوم من الأيام لعودة الخلافة،

لتصبح اليوم من أهم وأخطر سدنة النظام العربي خاصة ما بعد مرحلة كامب ديفيد!

وبهذه الجاهلية المعاصرة وروحها الوطنية التي نشرتها الحملة الصليبية

لم تعد مرجعية الإسلام والجهاد هي المحرك الأساسي للجماعات والقوى لمواجهة الاحتلال الخارجي أو الاستبداد الداخلي

بل اكتفت بالدعوة السلمية للإصلاح والتغيير في الإطار الوطني وأصبحت تعتبر المؤسسات الدولية،

والتي أنشأتها القوى الصليبية، هي المرجعية وتستمد منها شرعية دورها إن لم يكن وجودها،

وتجلى ذلك اليوم في فلسطين والتي جعلت قوى المقاومة الإسلامية من القوى الدولية الصليبية هي الضامنة لعملية السلام

وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة هي المرجعية لحل القضية الفلسطينية

وقبلت بمقررات اتفاقية أوسلو سائرة بذلك هذه القوى الإسلامية على خط القوى القومية والليبرالية العربية

التي حجت من مصر والحجاز وسوريا والعراق نحو مؤتمر فرساي عام ١٩١٨ وعصبة الأمم تستجدي الاستقلال من القوى الصليبية المحتلة!

والأخطر من ذلك كله هو أن ثورات الربيع العربي نفسها لم تتخلص من هذه الروح الوطنية،

فكل شعب ثار على نظامه الحاكم بروح وطنية وملتزم بقواعد الإصلاح السياسي والتغيير السلمي ضمن نظامه السياسي وحدوده الوطنية،

وعلى الرغم من التزامها هذا إلا أن الشعوب الثائرة اكتشفت بأن الثورة على النظام ليست كما تصورها بأنها متاحة له حاله كحال بقية شعوب العالم

بل رأى كيف أن هذه القوى الصليبية واجهت الثورة بغرفة عمليات مشتركة وثورة مضادة واحدة تجاوزت الحدود الوطنية

لحماية بعضها البعض في الوقت الذي التزمت كل ثورة بحدود سايكس بيكو المقدسة!

‏﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق