كيف نستفيد من مقال لم يُعجبنا؟!
خواطر صعلوك
محمد ناصر العطوان
بسبب مقال كتبته، ولم يُعجب إحدى القارئات الفاضلات، مما جعلها تعتبر المقال جريمة في حق الصحافة والوطن والمجتمع، ومما جعلها تُرسل تعليقاً تقول فيه «لا يجوز السماح لأي كان طرح أفكار غريبة ومسيئة وينفث سمه بين حروفه لتشويه البلد ما وصلنا لهالمستوى إلا بعد السماح لأي كان بالكتابة والتعبير عن افكاره الغريبة و خطابات الكراهية وعقده النفسية كل هذه الاقلام مرفوضة» انتهى.
في البداية عزيزي القارئ، لست من الكُتّاب الذين يغضبون من ذم قارئ لهم، كما أني لا أفرح لمدح قارئ آخر... فقط أُحب أن أرى الأمور من زاوية إيجابية أياً كانت.
ومن هذه الزاوية الإيجابية التي ترى نصف الكوب الملآن وليس الفارغ، أقول للقارئة الفاضلة، إذا كان المقال الذي كتبته - أو أي مقال آخر- لم يُعجبكِ، واعتبرتيه جريمة في حق الوطن، فيمكن لك أن تتركي الجريمة وتستفيدي من جسم الجريمة!
فمثلاً يمكن لكِ أن تحولي الصفحة التي كُتب فيها المقال إلى قرطاس أو ورقة ليمسح بها سائق بيتكم زجاج سيارتك، أو أن تعطي القرطاس لأحد الأشخاص الذين ينتظرون باص المواصلات في حر الصيف لكي يظلل بها نفسه، أو يجلس عليها بعد أن يضعها على الرصيف أو الكرسي الخشبي التابع لمحطة الانتظار، أو أن تعطي المقال لابنك لكي يحوله إلى صاروخ ويلقي به على مُعلمه في الفصل، خصوصاً إذا كان المعلم «أنا» ممَنْ ينفث سمه وأفكاره الغريبة وعقده النفسية في الفصل الدراسي، أو يمكن أن تستفيدي من القرطاس في جعله سفرة للطعام إذا كنتم ممَنْ تأكلون على الأرض، أو أن تحوليه إلى مروحة يدوية في فصل الصيف إذا كان التكييف عطلان في مقر عملك... بل يمكن أن تستفيدي من الصفحة في تغطية جثة على الطريق، أو تضعي الصفحة على أرفف المطبخ لمنع الغبار ولسهولة رميها فيما بعد.
المهم... هو أنه إذا كان مقالي لم يعُجبك فلا داعي أن تمسحي بي شخصياً الأرض، وإذا كان مقالي جريمة، فيمكن لك أن تستفيدي على الأقل من جسم الجريمة... هكذا يمكن لكِ أن تعيشي في إيجابية وبلا عقد نفسية أو خطابات كراهية، وعندها أيضاً لن تصل البلد «لهالمستوى» من الحوار ومن الهجوم على الشخص بدلاً من مناقشة الفكرة.
في النهاية، ورغم أنه ليس من باب الواجب ولكنه من باب الذوق، أعتذر لكِ سيدتي الفاضلة على الاستفزاز الذي تسبّبت لكِ فيه لجعلك ترسلين تعليقاً مثل هذا، وتصدرين حكماً دون مناقشة أو حتى تلطف في العبارة. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله....أبتر.
قصة قصيرة:
«كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، ولكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته؛ وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة من الصحيفة كانت تحتوي على خريطة العالم ومزّقها إلى قطع صغيرة وقدمها لابنه وطلب منه إعادة تجميع الخريطة، ثم عاد لقراءة صحيفته. لم تمر خمس عشرة دقيقة حتى عاد الابن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة! فتساءل الأب مذهولاً:«هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟!» رد الطفل قائلا: «لا، لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم» باولو كويلو.»
Moh1alatwan@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق