الأحد، 29 مايو 2022

الغرب يعجّل حركة التغيير في المنطقة العربية

 الغرب يعجّل حركة التغيير في المنطقة العربية 

    إحسان الفقيه 

لكي تبني داراً جديدة لا بد أن تزيل البناء القائم فوق نفس الأرض.

ولكي تشهد المنطقة العربية ميلاد وضع جديد مختلف لا بد من زوال الوضع الحالي. تلك مسألة لا تحتاج إلى فطنة.

ومن المؤكد أن منطقتنا تمر بحالة اضطراب لن تعود بعدها الأوضاع إلى ما كانت عليه. فكل الأمور تدفع نحو التغيير، لكن التغييرات التاريخية تأخذ وقتاً طويلاً على خلاف التغيير الفردي.

ومن المفارقات أن الغربيين يساهمون في حركة التغيير رغم أنها في غير صالحهم !.

النظام العربي القائم منذ ثمانين عاماً أو يزيد يعتبر مثالياً للغربيين الذين شكلوا كياناته ورسموا مساراته.

فحتى المخلصون والصادقون من الساسة العرب لم يستطيعوا فعل شيء يضر الاستراتيجية الغربية.

كانوا مثل قوارب الصيادين في نهر سريع التدفق يفشلون كلما حاولوا معاكسة التيار.

وانتهى بهم الأمر إلى الاستسلام وعاد الغرب من جديد بأشكال مختلفة حتى فرض الوصاية على الجميع.

يعتقد البعض أن الغرب لا يخطئ،

ويبحث لأخطائه عن تفسيرات تخرجها من دائرة الخطأ. لكنه في الحقيقة يخطئ

وقد يرتكب خطأً جسيماً كما حصل عندما أجهزوا على الكتلة الاشتراكية التي أصبحت تخدم الغرب بعدما اختل التوازن بين الطرفين في المجالين الاقتصادي والتكنولوجي.

كذلك هو الحال بالنسبة لنا، فالوضع القائم في البلاد العربية أواخر القرن الماضي وبداية القرن الحالي نموذجي لهم وكأنما صمموا جميع تفاصيله بأيديهم: دول هزيلة وأنظمة عميلة وعجز مطبق عن التقدم إلى أمام.

وما كان على الغرب أن يفعل سوى إبقاء الأمور كما هي. بل الأصوب أن يدافع الغربيون عن الأوضاع السائدة.

فأخطأوا عندما ساهموا أو شجعوا أو غضوا الطرف عن تحركات كثيرة بعضها اقرب إلى العبث منها إلى العمل السياسي.

وهكذا لم تعد بعض الأنظمة وحدها تتساقط وإنما الدول أيضا وتفقد الحدود وظيفتها ثم تنسى وتعبر فوقها الأحداث.

لم يكن سهلاً على التاريخ تقويض الأنظمة العربية الناجحة في مجال الأمن دون سواه. كانت مهمة التغيير تتطلب جهوداً جبارة في اقتلاع البناء القائم ثم تشييد بناء جديد مكانه.

وإذا بالبناء القديم يتداعى كأن زلزالاً عصف به، فابتسم المخططون للبناء الجديد على هذه الخدمة الجليلة من القدر.

إن دولاً عربية عديدة لم تعد الآن دولاً، وباتت جاهزة لأي مستثمر جريء يريد تطبيق أفكاره على مشاعها؛

اليمن، ليبيا، الصومال، وعلى الطريق لبنان وربما سوريا ويمتد الحريق إلى الذين يعتقدون أنهم بمنأى عن شرره.

سيقول قائل أن الغربيين أنفسهم يبنون البديل! 

نعم سيحاولون ولكن لا شيء مضموناً لهم أو لغيرهم في عالم تتقاذفه الأمواج،

وفي كل الأحوال ومهما فعلوا فإنهم لن يحصلوا على أفضل أو مثل النظام العربي الذي ضحوا به بطراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق