ماقل ودل
الدرة (( إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ، إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ )) الامام الشافعي
الأحد، 31 ديسمبر 2023
تعلمت الإعلام لأروي قصة أمتي ولكن أين الحرية؟!
تعلمت الإعلام لأروي قصة أمتي ولكن أين الحرية؟!
قصة الأمة مصدر لقوتها الناعمة، ووسيلة مهمة لكسب العقول والقلوب، لكن القرن العشرين شهد تطور الصحافة ووسائل الإعلام لتصبح أهم وسائل رواية القصص، حيث استخدمتها القوى الاستعمارية لتفرض رواية زائفة ومتحيزة للتاريخ.
تحولت رواية القصص إلى صناعة، أسهم في بنائها الكثير من الشركات التي قامت أجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية بالتحكم فيها وتوجيهها لبناء صورة الغرب الاستعماري، وتبرير سيطرته على العالم.
كانت تلك الحقيقة التي أدركتها في مرحلة شبابي من أهم الأسباب التي دفعتني لدراسة الإعلام، ثم الاجتهاد في تطوير دراساتي وكتبي في الإعلام الدولي.
كنت أدرك أن من حق الأمة الإسلامية أن تروي قصتها للعالم، وبهذه القصة يمكن أن تثير خيال الشعوب للكفاح، ولتحقيق الحرية والعدل والاستقلال الشامل.
عملت لتطوير علم الاتصال القيادي، ودور القائد في رواية قصة أمته؛ فالقائد الأصيل هو الذي ينطلق من التاريخ لبناء المستقبل، ويؤكد على أهليته للقيادة، بتحويل القصة إلى فاعل في تحقيق مكانة الدولة العالمية
هل يمكن رواية القصة؟
بعد سنوات أدركت أن بناء القوة الإعلامية هو الطريق الوحيد لرواية القصة، وأن الأمة تحتاج إلى قيادات جديدة تستطيع أن تقدم رؤيتها لمرحلة جديدة للتحرر الوطني، تقوم على إطلاق طاقات الشباب وخيالهم، لتحويل التجارب التاريخية إلى قصص ترسخ الاعتزاز بالانتماء للأمة التي تمكنت من بناء حضارة عظيمة.
لذلك عملت لتطوير علم الاتصال القيادي، ودور القائد في رواية قصة أمته؛ فالقائد الأصيل هو الذي ينطلق من التاريخ لبناء المستقبل، ويؤكد على أهليته للقيادة، بتحويل القصة إلى فاعل في تحقيق مكانة الدولة العالمية، وشرح دورها التاريخي ووظيفتها الحضارية.
الحرية أساس تأهيل القيادات
في مرحلة الشباب أدركت ضرورة الحرية لإعداد هذه القيادات وتأهيلها، فهناك الكثير من المواهب في هذه الأمة؛ لكنها لا تحصل على الفرصة للظهور، واثبات كفاءتها، والتعبير عن أفكارها، فالسلطات تسيطر على وسائل الإعلام ودور النشر وشركات الانتاج التلفزيوني والسينمائي، ولا تعطي الفرص إلا لمحدودي المواهب الذين يجيدون النفاق وتزييف التاريخ لصالح السلطة، وتقديم الرواية التي تريدها.
كما أن السلطات تغلق المجال العام السياسي والثقافي؛ فلا يدخل الانتخابات إلا من تختارهم الأجهزة الأمنية، وتكون مهمتهم هي مدح الحاكم، والتغني بإنجازاته.
لذلك تموت المواهب، وتنصرف للعمل في مجالات بعيدة عن اهتماماتها، بحثا عن لقمة عيش هي بالتأكيد ضرورة لاستمرارية الحياة.
الذين عرفوا الطريق إلى الأجهزة الأمنية فقد أصبحوا نجوما، بالرغم من قلة معرفتهم ومواهبهم الضحلة، وجهلهم الشديد، خاصة عندما يتحدثون على شاشات التلفزيون عن التاريخ الإسلامي
أين طلابي في مجال الإعلام؟!
خلال عملي الأكاديمي في الجامعات عرفت الكثير من الطلاب والطالبات الذين كان يمكن أن يكونوا قادة وسياسيين وإعلاميين، يبنون قوة اتصالية وإعلامية وأدبية للأمة، لكن الكثير منهم أصابهم اليأس والإحباط بعد كفاح طويل.
أما الذين عرفوا الطريق إلى الأجهزة الأمنية فقد أصبحوا نجوما، بالرغم من قلة معرفتهم ومواهبهم الضحلة، وجهلهم الشديد، خاصة عندما يتحدثون على شاشات التلفزيون عن التاريخ الإسلامي، ونقلهم من كتب المستشرقين دون اسناد، وانتهاكهم لأخلاقيات الإعلام، وسرقاتهم العلمية والأدبية، وتزييفهم للقصص الضعيفة، وإبرازها والتركيز عليها.
تقييد الحرية وفقر الفكر
كانت القيود التي فرضتها السلطات منذ خمسينيات القرن العشرين هي سبب فقر الفكر الذي تعاني منه الأمة، وتجفيف ينابع الإبداع والابتكار، وتأهيل القيادات.
فحتى يظهر القائد في ذلك العصر؛ يحتاج إلى صحيفة أو قناة تلفزيونية يعرض فيها رؤيته، ويروي قصة كفاحه، ويربط تلك القصة بتاريخ أمته وكفاحها.
أما تجربتي الشخصية، فلم تكن تختلف كثيرا عن قصص طلابي، الذين كافحوا كثيرا ليجدوا لهم في مكانا في مهنة تقيد السلطات الدخول إليها، وتصنع النجوم فيها من المنافقين التابعين لها.
وكانت تلك الفكرة من أهم أسباب الظلم والاضطهاد الذي عانيته في حياتي، فقد كافحت لتأهيل طلابي ليكونوا إعلاميين وقادة معرفة، وأثارت تلك الفكرة خيال الطلاب، فتمكنت من كسب قلوبهم، لكن ذلك أثار سخط السلطات التي تعاملت معي باعتباري أشكل خطرا، فالحديث عن الحرية والديموقراطية وقيادة المعرفة يثير عداء أجهزة الأمن.
بعد ثورة يناير تفاعل طلابي معي في المحاضرات، وشاركوا معي في نقد نظريات الإعلام الغربية، وناقشت معهم قانونا لحرية الإعلام كنت أقوم باعداده لتقديمه إلى مجلس الشعب
بعد الربيع العربي
جاءت فرصتي التاريخية لتحقيق أحلامي العلمية والأدبية بعد ثورات الربيع العربي، ففي عام 2011 أصبحت أول رئيس منتخب لقسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وبدأت أبني مدرستي العلمية في مجال الإعلام الدولي، وأعبر عن أفكاري في محاضراتي، وأوجه طلابي ليكونوا قادة معرفة، وأن الإعلامي وكيل للأمة في البحث عن الحقائق، والوفاء بحق جمهوره في المعرفة.
كانت لحظة تاريخية مهمة في حياة الأمة، من أهم سماتها أن الإعلاميين تمتعوا بدرجة من الحرية لم تشهدها أية دولة عربية من قبل، وعندما تحققت الحرية في الجامعات انطلق الأساتذة والطلاب ينتجون أفكارا جديدة، كانت الأمة في أشد الحاجة إليها لتروي تاريخها للبشرية، وتبني مستقبلها.
تفاعل طلابي معي في المحاضرات، وشاركوا معي في نقد نظريات الإعلام الغربية، وناقشت معهم قانونا لحرية الإعلام كنت أقوم باعداده لتقديمه إلى مجلس الشعب، وقلت لهم: لقد جاءت الفرصة لنروي أنا وأنتم قصة أمتنا، وكفاح الحركات الوطنية العربية لتحقيق الاستقلال في وسائل إعلامية حرة، وأننا أصبحنا أنا وأنتم وكلاء للديمقراطية، نوفر المعرفة لجماهيرنا لتتمكن من انتخاب قياداتها بإرادتها، وأنا وأنتم يمكن أن نكون قيادات المستقبل.
كان الطلاب ينتظرون محاضراتي التي تبدأ في التاسعة صباحا، فلا يتأخر أحد عن موعد المحاضرة، وكانت تجربة مهمة أعتز بها في حياتي، حيث شعرنا بأننا نعمل لتحقيق حلم عظيم هو أن يكون الوطن لنا جميعا نستطيع فيه أن نعبر بحرية عن أفكارنا، وندير مناقشة حرة حول كل قضايا المجتمع، ومن حقنا أن نختلف، ولكننا يمكن أن نحقق أهدافا مشتركة.
رغم آلام النفي والغربة مازلت أتمسك بتحقيق حلمي في بناء نظام إعلامي حر، أتمكن فيه من رواية قصة أمتي للعالم، وتحويل تاريخها إلى مصدر قوة لكسب عقول الشعوب وقلوبها.
لكي تصبحوا قادة!
قلت لطلابي إنني أعلمكم لتصبحوا قادة للمجتمع، ولتستطيعوا أن ترووا قصة أمتكم للعالم، باستخدام وسائل الإعلام، ولكي نتمكن من ذلك يجب أن نكافح معا لحماية حرية الإعلام، وللالتزام بأخلاقيات المهنة؛ ليدرك جمهورنا أننا نقدم له الحقيقة، فيثق فينا، وتصبح وسائل إعلامنا هي المصدر الذي يحصل منه على المعرفة، فلا يضطر للبحث عن المعلومات في وسائل الإعلام الأجنبية، فنحقق بذلك الاستقلال الإعلامي لأمتنا، ونسهم في بناء مجتمع المعرفة الذي يشكل أساسا للقوة السياسية والاقتصادية.
لكن الحلم انكسر فجأة، ولم يعد أمامي سوى الهجرة، والحياة في المنفى، بعد تلك الرحلة من الكفاح من أجل حرية الوطن واستقلاله، وأعتقد بيقين أنني قدمت لوطني وأمتي علما نافعا، يمكن أن يسهم في بناء قوتها.
لكنني رغم آلام النفي والغربة مازلت أتمسك بتحقيق حلمي في بناء نظام إعلامي حر، أتمكن فيه من رواية قصة أمتي للعالم، وتحويل تاريخها إلى مصدر قوة لكسب عقول الشعوب وقلوبها. ومن حقي أن أحلم، فإن لم أتمكن من تحقيق هذا الأمل، فإن طلابي سيحققونه، فقد علمتهم حب الحرية.
جنوب أفريقيا والحرب على غزة.. نموذج مشرف
جنوب أفريقيا والحرب على غزة.. نموذج مشرف
د. بدر حسن شافعي
خبير في الشؤون الأفريقية
خطوات تصعيدية عدة، اتخذتها جنوب أفريقيا خلال الفترة الأخيرة تجاه إسرائيل؛ بسبب حربها على غزة، كان آخرها مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بضرورة التدخل للتحقيق مع قادة تل أبيب بتهمة ارتكابهم جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة، بالرغم من علمها المسبق، بأنّ إسرائيل ليست عضوًا بالمحكمة، ولا تعترف بولايتها القضائية.
سبق هذه الخطوةَ خطواتٌ أخرى؛ منها تحميل الرئيس سيريل رامافوزا إسرائيلَ مسؤولية التصعيد لعدم تنفيذها القرارات الدولية الخاصة بحل الدولتَين، فضلًا عن ارتدائه الكوفية الفلسطينية؛ تضامنًا مع شعب غزة، ومرورًا بإبداء استعداد بلاده للوساطة بين حماس وإسرائيل للتوصل لهدنة إنسانية تسمح بوقف الحرب، ودخول المساعدات.
وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا هذا التصعيد؟ وهل هو مرتبط فقط بالحرب الأخيرة على غزة، أم له خلفيات تاريخية؟، وهل يشكل منعطفًا جديدًا في السياسة الخارجية للبلاد في ظل الرئيس الحالي، أم هو النهج نفسه الذي صار عليه أسلافه بعد انتهاء حقبة الفصل العنصري أوائل تسعينيات القرن الماضي، بداية من نيلسون مانديلا، مرورًا بثابو مبيكي، فجاكوب زوما، وصولًا لرامافوزا ذاته!
علاقات وطيدة إبان الفصل العنصري
يمكن القول، إنّ هذا النهج الأخير لجنوب أفريقيا، ليس جديدًا، وإنما يرتبط بانتهاء نظام الفصل العنصري في البلاد أوائل تسعينيات القرن الماضي، والذي يعد نقطة فارقة في العلاقة مع تل أبيب.
فخلال الحكم العنصري للبلاد" حكم الأقلية البيضاء"، حدث تقارب كبير مع إسرائيل حتى قبل نشأتها، بدايةً من تأييد بريتوريا قرارَ التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947، والقاضي بقيام دولة إسرائيل على 56% من أراضي فلسطين، مرورًا بسرعة الاعتراف بها عام 1948.
لا غرابة في أن يقوم مانديلا بعد أسبوعين من إطلاق سراحه من السجن " فبراير 1990″، بلقاء الرئيس الفلسطيني، رئيس منظمة التحرير في حينها الراحل ياسر عرفات، وتأكيده خلال اللقاء الذي عُقد في زامبيا، على وجود قدر كبير من التشابه بين نضال حزب المؤتمر الوطني، ونضال منظمة التحرير الفلسطينية
ثم شهدت العلاقات تقاربًا أكبر مع رفض بريتوريا قطعَ علاقاتها معها، أسوة بالعديد من الدول الأفريقية؛ تضامنًا مع العرب في حرب 1973، وهو ما استغلته تل أبيب عبر مجموعة من الإجراءات لمحاولة شق الصف الأفريقي، فقام شيمون بيريز أول وزير للدفاع بعد حرب أكتوبر بزيارة سرية لبريتوريا، أعقبها بعام واحد "1974"، رفع مستوى العلاقات الرسمية إلى مستوى سفارات، بدلًا من قنصليات، مع نقل المقر من جوهانسبرغ إلى العاصمة بريتوريا، ثم التوقيع على اتفاق أمني "سري" في العام التالي "1975" تقوم بموجِبه إسرائيل ببيع دبابات وطائرات مقاتلة وصواريخ طويلة المدى لجنوب أفريقيا.
وتردّد أن الاتفاق تضمن عرضًا لبيع رؤوس نووية أيضًا، كما شرعت تل أبيب في لعب دور الوسيط في شراء أسلحة نيابة عن النظام العنصري من دول رفضت التعامل معه؛ التزامًا بقرار مجلس الأمن الذي يحظر بيع الأسلحة له.
هذا التقارب بين الجانبين، كان له ما يبرره في حينها، حيث كان يرى كل منهما في الآخر وحدة النشأة والمصير، فكلاهما قائم على فكرة العنصرية: "البيضاء والسامية"، في مواجهة الآخرين: "السود – العرب" ، كما أنّ كليهما يعيش في جوار إقليمي غير ملائم: "الإحاطة العربية بإسرائيل، والإحاطة الأفريقية بالبيض، ومن ثم لا بدّ من وجود معازل " كانتونات" تعزل هذه الأقلية" النقية" عن الأغلبية.
تحولات في العلاقة بعد انتهاء الفصل العنصري
لكن هذا التقارب الوطيد بين النظامين، شهد تباينات عدة مع انتهاء نظام الفصل العنصري على يد حركة التحرر الوطني الأفريقي، بزعامة نيلسون مانديلا، وبروز حكم الأغلبية السوداء لأول مرة في تاريخ البلاد. وهي الأغلبية التي أعلنت دعمها لكل من تبقى من حركات التحرر الوطني في العالم للتخلص من كافة أشكال الاستعمار.
لذا لا غرابة في أن يقوم مانديلا بعد أسبوعين من إطلاق سراحه من السجن " فبراير 1990″، بلقاء الرئيس الفلسطيني، رئيس منظمة التحرير في حينها الراحل ياسر عرفات، وتأكيده خلال اللقاء الذي عُقد في زامبيا، على وجود قدر كبير من التشابه بين نضال حزب المؤتمر الوطني، ونضال منظمة التحرير الفلسطينية.
صحيح أنّه لم يوافق في حينها على ميثاق المنظمة قبل تعديله والذي ينصّ على تدمير إسرائيل، لكنه اتخذ نهجًا متوازنًا عبّر عنه عام 1993؛ أي قبل توليه الحكم بعام بقوله: " نحن نصرّ على حق دولة إسرائيل في الوجود داخل حدود آمنة، ولكن بالقوة نفسها ندعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير الوطني"، وهو ما أكده مجددًا بعد توليه الرئاسة في خطابه عام 1997؛ بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي نظمته الأمم المتحدة، حيث قال: "حريتنا غير مكتملة بدون حرية الفلسطينيين".
هذا النهج المتوازن لمانديلا، هو الذي سار عليه أسلافه من بعده، وهو الذي يفسّر أسباب انتقاد بريتوريا لإسرائيل في كل حروبها السابقة ضد غزة، بدايةً من 2008، وما بعدها 2012 و2014 و2021″، وكان الاتهام واضحًا لتل أبيب في كل مرة، باستخدامها القوة غير المتناسبة في التعامل مع غزة.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل حرص النظام في جنوب أفريقيا، على التواصل مع حركة المقاومة الفلسطينية. ففي أكتوبر 2015، استضاف حزب المؤتمر الحاكم، وفدًا لحماس بقيادة رئيس الحركة في حينها خالد مشعل، ووقّع الرئيس زوما خلال الزيارة، رسالة دعم للفلسطينيين، كما وصف أحد كبار قيادات الحزب الحاكم سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين بأنها "جريمة ترعاها الدولة".
وكانت الخطوة الأهم في العلاقة مع تل أبيب، تلك التي اتخذها النظام نهاية 2017، بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل من سفارة إلى مكتب اتصال؛ ردًا على اعتراف إدارة ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
كما وضعت بريتوريا نفسها في طليعة الدول التي تتبنّى حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضدّ إسرائيل؛ بسبب ممارساتها ضد الفلسطينيين، كما قادت معسكر الرفض العربي والأفريقي لقبول تل أبيب بصفة مراقب في الاتحاد الأفريقي.
إنّ هذا النهج التصعيدي لجنوب أفريقيا- رغم أنها لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية بصورة كاملة مع إسرائيل، ورغم أنها أقرت بأن خطوتها الأخيرة باستدعاء دبلوماسييها من تل أبيب تأتي في إطار التشاور، والاطلاع على الأمر- يكشف أمرَين أساسيين:
الأول: أن النظام اتخذ خطوات عملية بغض النظر عن فاعليتها، للتعبير عن رفضه الحربَ ضد غزة، سواء أكان ذلك من خلال اقتراح الوساطة، أم المطالبة بإحالة إسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية، كما أنه كان سباقًا للعديد من الدول العربية والأفريقية التي لم تقم حتى باستدعاء سفرائها للتشاور، أو تخفيض التمثيل الدبلوماسي، وليس قطع العلاقات كما تطالب به شعوب هذه الدول.
الثاني: أن هذا الموقف التصعيدي من النظام، لا ينطلق من مطالب حكومية فقط، وإنما شعبية أيضًا، بالتالي فإن النظام بهذه الخطوات "الرمزية"، المتخذة، ساهم في زيادة شعبيته بصورة كبيرة، وهو ما قد ينعكس عليه "إيجابًا" في الانتخابات التي تشهدها البلاد العام القادم.
ولعلّ التساؤل الأهم في نهاية المقال: لماذا لا تستغل العديد من النظم العربية- التي تعاني تراجعًا شعبيًا بسبب العديد من الإخفاقات الاقتصادية والسياسية الداخلية- الحرب ضد غزة، للتقارب مع مطالب شعوبها الرافضة للتطبيع والمطالبة بالفتح المستمر للمعابر لإدخال المساعدات؟!
لا شك أن الاستجابة " ولو جزئيًا " لهذه المطالب، ستساهم في رفع شعبيتها على غرار نموذج جنوب أفريقيا، وستجعل شعوبها تغضّ الطرف -ولو مرحليًا- عن معاناتها الداخلية، ما دامت معاناة أهالي غزة هي المتصدرة للمشهد.
الدور الوظيفي لـ”إسرائيل” هل يجرفه “الطوفان”؟
ظل الدور الوظيفي لـ«إسرائيل» هو الفاصل المانع للوحدة الإسلامية والعربية لعقود تلت الإعلان عن الدولة اليهودية، ثم تطوَّر إلى إقامة علاقات متكافئة مع بعض الدول العربية، اقتصادية وعسكرية وأمنية
ما تزال مقاطعة ساكسونيا الألمانية تُتحفنا بقوانينها على مر العصور؛ ففي العصور الوسطى الأوروبية، ابتدعت المقاطعة قانونًا يميز بين المحكومين من الفقراء و«النبلاء»؛ فيقطعون رأس الفقير، فيما يكتفون بقطع ظِلّ رأس «النبيل»، ويجلدون الفقير، وظِلّ «النبيل»، ويُحْكِمُون سجونهم على الفقير، فيما يُدْخِلُون «النبيل» السجن من باب ويخرجونه من آخر!
عُدَّ قانون ساكسونيا قبل قرون تعبيرًا عن التمييز الطبقي الذي كان سائدًا بشكل فاقع حينها، وسيُعد قانون ساكسونيا الجديد (أو بالأحرى مرسومها) الذي أقر مؤخرًا في المقاطعة الألمانية، ويشترط الاعتراف بـ«إسرائيل» لمنح الجنسية الألمانية لطالبها، تعبيرًا آخر عن هزلية الغرب وجنونه الذي انتابه مؤخرًا لإبداء المساندة القوية للكيان الصهيوني في محنته الفريدة. يفيد المرسوم بأنه يتعين على المتقدمين للحصول على الجنسية أن يؤكدوا كتابةً قبل التجنيس «أنهم يعترفون بحق إسرائيل في الوجود، ويُدينون أيّ مساعٍ مُوجَّهة ضد وجود دولة إسرائيل».
والمفارقة أن ساكسونيا ليست بدعًا من الغرب، أقاليمه ودوله؛ ففي 5 ديسمبر كان مجلس النواب الأمريكي يجتمع للتصديق على قانون ينص على أن «معاداة الصهيونية هي معاداة السامية»، وقبلهما هرعت ألمانيا وفرنسا إلى إصدار تعليمات بحظر مظاهرات التضامن مع غزة، قبل أن تتراجع تحت وطأة الغضب الجماهيري لا سيما من الأقليات: المسلمة، واليسارية.
عشرات بل مئات الشواهد تدلّ على تنادي الغرب وهَلعه لدعم ومساندة «إسرائيل»، وربما إنقاذها، إذا لزم الأمر؛ في أعقاب هجوم 7 أكتوبر الذي شنَّته فصائل مقاومة فلسطينية على ثكنات ومقارّ عسكرية ومغتصبات سكانية في «غلاف غزة»، كان أبرزها إرسال الولايات المتحدة الأمريكية حاملة الطائرات «جيرالد فورد» الأقوى والأحدث بعد الهجوم بيومين إلى منطقة قريبة جدًّا من سواحل فلسطين، ثم انضمام حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» ومجموعة السفن الحربية التابعة لها إلى الحاملة الأولى بعد عدة أيام أخرى؛ تحسُّبًا لأي طارئ قد يجعل «إسرائيل» في وضع أكثر صعوبة.
ربما يُرى في ذلك تجسيد تقليدي لعلاقة وثيقة جدًّا تربط «إسرائيل»، زادت مظاهرها بشكل طردي وطبيعي مع هذا الهجوم غير المتوقع، لكنَّ الواقع أن تلك النماذج ونظائرها تعكس أمورًا أعمق من ذلك بكثير؛ حيث إن مئات من الفدائيين الفلسطينيين قد توغلوا داخل (فلسطين 48) بعمق أكبر مما جازته القوات العربية في حرب 73 في سيناء (خارج فلسطين) بأكثر من عشرة كيلو مترات، قتلوا وأسروا، وعادوا سالمين! ثم حُوصرت غزة ودُمِّرت، لكن بعد شهرين من الهجوم لم تتمكن «إسرائيل» من تحقيق أيٍّ من أهداف عدوانها الدموي الهائل.
عسكريًّا، لم ينقطع الدعم الأمريكي عن خزائن أسلحة «إسرائيل» وذخائرها، الطائرات الاستطلاعية الأمريكية، ثم البريطانية تجوب سماء غزة، تُنفِّذ حرفيًّا ما تُمليه غرفة العمليات في تل أبيب، التي تضم قادة عسكريين واستخباراتيين من كلٍّ من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، بالإضافة لـ«الإسرائيليين».
لُبّ القضية ليس هنا، إن الاستنتاج الأبرز من هذا، أن الدور الوظيفي لـ«إسرائيل» قد تعرَّض لنكسة كبرى، لا يمكن أن يمحوها إلا تدمير حركة حماس تمامًا، وإزالة أيّ تهديد يُواجه «إسرائيل» مستقبلًا من قطاع غزة.
الدور الوظيفي القديم لـ«إسرائيل»:
منذ قرنين ونيّف، كانت فكرة وجود عازل يهودي بين المسلمين (العرب خصوصًا) تجول بعقل الفرنسيين، يقول الكاتب محمد حسنين هيكل: «لكي يضمن نابليون عدم التقاء الضلعين عربيًّا وإسلاميًّا (المصري والسوري)؛ فإنه يزرع عند مركز الزاوية هذه شيئًا آخر لا هو عربي ولا هو إسلامي (...)، وهكذا تجيء «ورقة نابليون اليهودية» (التي أظهرها أمام أسوار القدس ووُزِّعت على كل يهود العالم) تصوُّرًا للمستقبل ورؤية -ربما لا تتحقق بسرعة- لكنها قابلة للتحقيق في مستقبل الأيام»[1].
والأمر عينه، ينسحب على البريطانيين؛ ففي الوثائق البريطانية، يُستخلص أن «حصر محمد عليّ داخل الحدود المصرية وراء صحراء سيناء، وتحويل هذه الصحراء إلى نوع من «سدادة الفلين» تقفل عنق الزجاجة المصرية التي يمثلها وادي النيل (والتشبيه من خطاب لروتشيلد[2] موجَّه إلى بالمرستون[3] بتاريخ 21 مايو 1839م)[4].
الدور الوظيفي الحديث لـ«إسرائيل»
ظل الدور الوظيفي لـ«إسرائيل» هو الفاصل المانع للوحدة الإسلامية والعربية لعقود تلت الإعلان عن الدولة اليهودية، ثم تطوَّر إلى إقامة علاقات متكافئة مع بعض الدول العربية، اقتصادية وعسكرية وأمنية، ثم طوّره مفكرون صهاينة فيما بعد إلى «التبشير» بقيادة «إسرائيل» للمنطقة العربية برُمّتها وفقًا لمشروع «الشرق الأوسط الجديد»[5]؛ الذي وضعه رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق شمعون بيريز، والذي لخَّص فيه قيادة «إسرائيل» للمنطقة عبر استحواذها على الصناعات المتطورة، وقيادتها للمنظومة الأمنية الاستخباراتية في المنطقة، وتوظيفها الدول العربية كلها لتُنَفِّذ مشروعًا اقتصاديًّا تتكامل فيه اقتصادات الدول العربية، لكن تحت زعامة «إسرائيلية».
نجحت «إسرائيل»، وأخفقت في تنفيذ مشروع بيريز، إلى أن قادت مجموعة من الظروف الدولية والإقليمية إلى وضع إطار أمني جديد في المنطقة يَقْضِي بأن تُشكِّل «إسرائيل» مع دول عربية حلفًا عسكريًّا يضمن ترتيب الأوضاع الأمنية لحماية تلك الدول من مخاطر التهديد الإيراني الذي تعاظم منذ احتلال العراق في العام 2003م، والذي سيطرت عليه طهران عبر أحزابها وميليشياتها التابعة لها، ثم بسطها هيمنتها على دول عربية أخرى، هي سوريا ولبنان واليمن، وممارستها نفوذًا أكبر على دول أخرى في المحيط العربي كله.
قبل 7 أكتوبر، كانت «إسرائيل» تُحرز تقدمًا غير مسبوق في تحقيق شراكات كبيرة مع دول عربية مؤثرة، وسعت لتسويق نفسها كحامية محتملة للمنطقة العربية أمام الخطر الإيراني المتصاعد؛ وإذ أوشكت طهران على حيازة قنبلة نووية بعد تقدُّمها الواضح في برنامجها النووي؛ فإن «إسرائيل» هي المرشَّحة لتحقيق معادلة الردع في المنطقة، وفقًا للتقديرين الأمريكي و«الإسرائيلي». هذا إلى جانب مشروعات ضخمة للطاقة والسياحة والنقل والطرق، تقاطعت فيها المصالح الظرفية لدى بعض الدول العربية مع المشروعات «الإسرائيلية».
كان تصور التعاون الإقليمي يمتد إلى عدة نواحٍ:
1- البناء على الجهود التي أسفرت عن إقامة «إسرائيل» علاقات دبلوماسية مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، في ضمّ المزيد من الدول إلى تحالف «إسرائيلي»/عربي أوسع.
2- إقامة مشروعات مشتركة نفطية، وطرق سريعة دولية، وسكك حديدية تربط الدول العربية بـ«إسرائيل» عبر مشروع كبير يمتدّ من الهند حتى أوروبا، وتقع «إسرائيل» في مركزه الحيوي.
3- توقيع اتفاقات متقدمة في التعاون التقني والتبادل التجاري وإقامة مناطق تجارة حرة.
4- اشتراك «إسرائيل» بمشاركة 60 دولة في أول تدريب بحري تقوده الولايات المتحدة، ويضم دولًا عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع «إسرائيل»، إلى جانب دول أخرى أقامت علاقات دبلوماسية معها للتوّ، وذلك في فبراير 2022م، ثم في أول مناورة بحرية في البحر الأحمر في الشهر التالي مباشرة.
5- إقامة العديد من الفعاليات المُرسّخة لفكرة نمو العلاقات بين دول عربية و«إسرائيل»، منها فعاليات رياضية وثقافية، وغيرها.
تغيُّر دراماتيكي للدور الحديث
والحق أن كل ما تقدم، وغيره لم يكن فحسب مجرد تثبيت لاتفاق «إبراهام»، الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية بين «إسرائيل» وعدد من الدول العربية، التي تحمَّست لإقامة علاقة أكثر دفئًا من علاقات أخرى أقامتها «إسرائيل» مع دول عربية أخرى منذ عقود، وهي مصر والأردن، التي لم تشهد مثل هذه القفزات في العلاقات في السنوات الأخيرة، وفي ظل حكومة معلوم داخل وخارج السياج السياسي «الإسرائيلي» وفي العالم كله أنها الأكثر تطرفًا في تاريخ حكومات «إسرائيل»، إنما كان تجسيدًا لاستراتيجية أمريكية جديدة بدأت في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وسار عليها كلّ من ترامب وبايدن، تقضي بأن تتفرغ الولايات المتحدة الأمريكية للتحدي الأكبر لها الآن، وهو الصعود الصيني الهائل، اقتصاديًّا وتقنيًّا وعسكريًّا، والذي تبيّن لواشنطن أن تورطها في الصراعات، كأفغانستان، والعراق، وكذلك في صراعها مع روسيا في أوكرانيا (بالوكالة)، قد أضرَّ كثيرًا بتفوقها على الصين، وجعل من الأخيرة عصية على الاحتواء، وأنذر بعواقب وخيمة على السياسة الأمريكية الخارجية التي سعت لإحلال «إسرائيل» كوكيلة موثوقة عنها في الإقليم، بعد أن أدرجت واشنطن، «إسرائيل» ضمن قيادة منطقة القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، بدلًا من التبعية للقيادة الأوروبية، وذلك في يناير 2021م.
الولايات المتحدة بعد أن اطمأنت إلى استقرار «إسرائيل» أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وبعد أن طُمرت القضية الفلسطينية تمامًا تحت رمال المصالح الإقليمية المشتركة، وبعد سلسلة من الترتيبات الإقليمية اللافتة والمتسارعة، والتي أفضت إلى تحسين العلاقات بين إيران والدول الخليجية، وتجسير الهوة بين اليمن وجيرانها، وحل المشكلة القطرية، وتحسين العلاقات التركية/الخليجية، والتركية/المصرية، وإعادة العلاقات والتعاون بشكل واضح بين أنقرة وتل أبيب، وبعد أن قامت واشنطن بتبريد كل الملفات الشائكة في الإقليم تقريبًا؛ جاءت زلزلة 7 أكتوبر، التي وضعت القضية الفلسطينية في صدر الأولويات مجددًا، واستدعت البحث عن الحلول جنبًا إلى جنب مع جلب الأساطيل؛ تحسُّبًا لتصاعد الأمور!
* * *
لم تضع الحرب أوزارها (على الأقل حتى كتابة تلك السطور)، وسيناريوهاتها التي وُضعت لها في تقدير الخبراء، واردة، إما اجتياحًا كاملًا للقطاع وإعادة ترتيب حُكمه من جديد، ضمن معادلة لا تبقى فيها حماس حاضرة، وإما صمودًا وفرضًا للإرادة الحمساوية، وإما خليطًا من الحل يجمع بين هذا وذاك.. لا يمكن الجزم حقيقة، لكن ما يمكن استشرافه فيما يخص دور «إسرائيل» الوظيفي في المنطقة، وفي ضوء ما حصل في 7 أكتوبر، ثم ما تلاه من تعثر العسكرية والاستخبارات «الإسرائيلية»، وغرقها في بحر رمال غزة المائع، أن «إسرائيل» قد تلقَّت صفعة هائلة، تطيح بها عن مركز قيادة المنطقة إن خالجتها الأوهام بتسَنُّمه؛ فحاصل ما يقرأه «الجيران» أن سمعة العسكرية والاستخبارات، بل والتقنية السيبرانية العالية، قد تلطخت بالأوحال، ولم يعد من المقبول أن يقال: إن تلك «الدولة» (مجازًا)، التي صمدت أمامها، بل نالت منها كثيرًا جدًّا، منظمة تعمل تحت الأرض، وأهانت عسكريتها وأسلحتها الأمريكية المتقدمة؛ تظل قادرة على حماية غيرها من البلدان؛ فلا راداراتها رصدت، ولا قنابلها فجَّرت أنفاقًا، ولا دبابتها صمدت، ولا جنودها ثبتوا، ولم يَعْدُ جيشها أن يكون «قاتلًا» لا «مقاتلًا». وعليه؛ فقد هرعت الدول التي أوكلت لها مهمة الإقليم لإنقاذها، وشكَّلت غرفة عملياتها في قلب «عاصمتها»، وأرغت وأزبدت، بل وتشنَّجت أمام كل مَن يحاول نقد هذه «الدولة»؛ خشيةً من أن تعلو موجة الرفض والاستنكار العالمية؛ فترغم الحليفة على الإذعان..
لقد أُريد لـ«إسرائيل» أن تشبّ عن الطوق، وأن تنفطم عن الحماية الأمريكية؛ فأرغمها شباب لا يرتدون حتى ملابس العسكرية، وبعضهم قاتل حافيًا عاري الصدر، بدائي التسليح، على الاحتماء بالدولة الحامية الراعية (الولايات المتحدة الأمريكية)، والدولة المُؤسِّسة (بريطانيا)، فحضرا.. وغابت.
إن حقيقة ستظل ثابتة، وإن تغيرت بالمنطقة الأحوال والأهوال: إنَّ ما جرى لم تشهده «إسرائيل» على مر «تاريخها» (إن كان لها تاريخ)؛ فحتى الأرقام تشهد بالوجع: لقد قُتل من «الإسرائيليين» في حرب 1967م، (803 جنود)، وفي حرب الاستنزاف 1967-1970م، (3239 جنديًّا)، وحرب أكتوبر 1973م، (2812 جنديًّا)، وحرب 2006م، (184 جنديًّا)، أما في «طوفان الأقصى» فستبقى خسائر «إسرائيل» في قلب حدودها المزعومة، ثلمة لن يمحوها التاريخ أبدًا، ومهما كان من ناتج لحرب ضروس، وعدوان دموي غاشم غشيم؛ فإن دور «إسرائيل» بدأ بالأفول، وتقدُّمها إلى تراجُع، وعَملها إلى حبوط -بإذن الله-.
[1] هيكل، «المفاوضات السرّية بين العرب وإسرائيل»، ص 37.
[2] أحد أكبر أغنياء يهود الغرب.
[3] رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت.
[4] هيكل، المصدر السابق، ص40.
[5] أوضحه في كتاب يحمل هذا الاسم.