الخميس، 11 يناير 2024

الصف الإسلامي العام؛ هل آن الأوان(٣)

 الصف الإسلامي العام؛ هل آن الأوان(٣)

د. عبد العزيز كامل


التحديات التي تجتمع على أمتنا اليوم ؛ لم يعد يصلح لمواجهتها إلا مجموع صلحاء الأمة، فهي التي ناداها ربها منذ نزل القرآن بنداء جماعة الإيمان: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ...}
وهي التي دعاها للجماعة والائتلاف ونهاها عن الفرقة والاختلاف، فقال : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ }[ آل عمران/١٠٣].
_ ولما أمر الله عباده المؤمنين بالصلاة؛ كلفهم بأن يقوموا لها في جماعة متراصين : {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [ البقرة/٢٣٨].
_ وعندما فرض عليهم جهاد أعدائهم أحب أن يكونوا في ذلك مجتمعين مصفوفين : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ }[الصف/٤] .
_ وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته أمرا صريحا بالجماعة ونهاهم عن الفرقة فقال : (عليكم بالجَماعةِ، وإيَّاكم والفُرْقةَ، أيُّها النَّاسُ، عليكم بالجَماعةِ، وإيَّاكم والفُرْقةَ، ثلاثَ مِرارٍ) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وحسنه الشيخ الأرناؤوط برقم( ٢٣١٤٥).
_ ولزوم جماعة المسلمين العامة فرض على الخاصة والعامة، وبخاصة عند وجود الولاية الشرعية العامة، كما جاء في الحديث (فالزمَ جماعَةَ المسلمينَ وإمامَهم) صحيح الجامع (٢٩٩٤)
★.. ومع أن أمتنا بمجموعها خير أمة، فإن خاصتها وخلاصتها وصفوا وسموا ب (أهل السنة والجماعة) لأن من شأنهم الاجتماع على طريق النبي ونهج السنة، لذلك فإن أي تحزب أو تعصب؛ لاينبغي أن يخرج عن مظلة هذه الطائفة المنصورة. لأنها في الحقيقة تمثل جماعة الأمة، المعبرة عن أمة الجماعة، ومن حق وواجب الموالين والمنتمين لهذه الطائفة أن يتحزبوا لها ويجتمعوا حولها وبها ومعها، فهذا وحده هو التحزب المحمود والمقصود بالنصر الموعود : {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} ( المائدة/٥٦).
★.. وإذا كان تأخير التمكين في عصرنا قد سببته ثلاثية الإخفاق السابق ذكرها لدى غالب الجماعات والكيانات طوال قرن مضى؛ وهي: (قلة تأثير الهيئات العلمية) و(نقص التأصيلات المنهجية) و(ضعف جهود الاعتصام بين الاتجاهات الإسلامية) ..إذا كان ذلك كذلك؛ فإنه لا حل إلا بتحويل هذه السلبيات الثلاث إلى إيجابيات ثلاث.. وهي :
★.. أولا : تقريب المرجعيات العلمية و الدعوية والفكرية الحرة المستقلة، في رابطة روابط واحدة، أو هيئة تنسيق بين الهيئات المتعددة، لتمثل قيادة ريادية، أو ريادة قيادية، تمثل (ولاية الأمر العلمية) المأمور بطاعتها شرعا، والمكونة من سائر الاتجاهات لتخاطب في الأزمات والملمات جميع الانتماءات بصوت واحد وخطاب متقارب. كما أرشد القرآن: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ } [النساء/٨٣]
★..ثانيا: تعاون هذه الكفاءات العلمية والفكرية على وضع منهجية منضبطة لعموم الجماهير الإسلامية، مستمدة من أسس القرآن والسنة المحمدية، بحيث تقرب مجموع المقبلين على الدين علما وعملا ؛ من الوحدة والائتلاف وتباعدهم عن الفرقة والاختلاف، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم علاج كل اختلاف فقال: ( إنه مَن يَعِشْ منكم فسيَرَى اختِلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كُلَّ بِدعةٍ ضَلالةٌ) رواه أحمد برقم( ١٧١٤٤). وأخرجه الترمذي، وصححه الألباني برقم (٢٦٧٦).
★.. ثالثا : الانطلاق بالجميع باتجاه الصف العام لأمة الإسلام، بعد توحيد كلمتها من خلال تقارب مرجعيتها، واستقامة منهجيتها، تحت راية الانتماء العام للإسلام، والالتزام الخاص بمنهاج السنة الذي كان عليه أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، فهو المعبرعن الفهم الصحيح السليم، بعيدا عن فوضى الفكر واختلاط المفاهيم، كما جاء في الحديث (عليكم بالجماعةِ وإياكم والتَّلوُّنُ في دِينِ اللهِ) حديث حسن. ذكره ابن حجرالعسقلاني في(موافقة الخبر الخبر) (١/١١٥)
★..وعندما تتحقق هذه الأمور الثلاثة .. يمكننا أن نضع الاقدام بثبات على أول طريق المشروع الإسلامي الجامع لأهل السنة والجماعة، حيث إنهم وحدهم الذين ليس لهم للآن مشروعهم الشامل الجامع، في معترك الصراع المحتدم بين المشاريع المتعددة المعادية لأمتنا، والمتداعية على قصعتنا..
فاللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه الطائعون، ويعافى فيه العاصون و يذل فيه المعادون المعاندون .







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق