من الدروس المصيرية للموجة الجديدة الثورية...
د.عبدالعزيز كامل
اختصرت الثورتان الجديدتان.. الجزائرية والسودانية في بضعة أسابيع؛ دروس ما قدمته بقية ثورات الربيع العربي في بضع سنين...فقد كشفت مبكرا عن حال ومآل أي حراك ثوري شعبي ..في ظل النظام العالمي الجبري ، الذي أنشأ ورعى وأطلق غالب النظم الجبرية العلمانية المحلية.. الماضية والحالية.. فالعالم الظالم الغربي " الحر" !! يصر على استعباد المسلمين باستبعاد الإسلاميين.. وهو يمكن أن يتعاطف مع الثورات من أي نوع عدا الثورات ذات الصفة الإسلامية...الا اذا كانت شيعية تدعي بالتقية انها ثورة اسلامية،..
ومن أهم ما ينبغي استخلاصه من دروس ثورات الشعوب العربية...ماضيا و حاضرا.. للاستفادة بها مستقبلا..
● أن انتظام تسلط النظم العسكرية المستبدة على البلاد العربية والإسلامية ؛ لم يكن بالأمس ولا اليوم نتاج ظروف وتفاعلات داخلية محلية خاصة بكل بلد...ولكنه كان ولايزال ؛ أشبه بقرار سياسي، أو توجه استراتيجي ، يرعى تنفيذه المتحكمون في النظام الدولي مهما كانت الظروف ، لكون تلك النظم المحلية ضمان أمان لاستمرار هيمنتهم في كل الظروف ..
● أن موجة ما كان يسمى بثورات الاستقلال في الخمسنيات والستينيات الميلادية بالبلاد العربية...لم تكن سوى نقلا للسلطة من نظم ملكية استنفدت أسباب بقائها الخدمي للنظام الدولي باسم العوائل المالكة .. إلى نظم عسكرية تحكم لحسابه باسم الشعوب المملوكة ، ولذلك فبقاء ماتبقي من النظم الملكية مرهون ببقاء تلك الوظائف الخدمية...
● أن كلا من الصيغة الملكية أو العسكرية في الحكم ؛ يشترطون فيها الصبغة العلمانية.. ولو حصل استثناء لوصول غير الملكيين أو العسكريين الموالين.. فلا مجال إلا لشخصيات مدنية ضليعة في العلمانية.. ويفضل أن تكون ذات خبرات مخابراتية أمنية .. واستعرض بالذاكرة اذا شئت .. قوائم مناصب المسؤولية السياسية في ضوء هذه الفرضية..
● لا يستمد ( ولاة الأمر ) في هذه الصيغ الثلاث شرعيتهم غالبا من شعب أو شرع ، وإنما من الولاة الدوليين الذين لاعلاقة لهم بالدين ، ولاينطبق عليهم وصف ( أولي الأمر منكم)..بل "أولي الأمر منهم" .. وهم بدورهم لايستمدون ولايتهم إلا بدفع وتأثير.. من أساطين اليهودية العالمية في علوها المعاصر الكبير..
● أما الخطر الوحيد الذي هدد - ولايزال يهدد - استقرار واستمرار تسلط نظم الحكم الجبرية المحلية الخادمة لنظام الحكم الجبرية العالمية.. فهو صحوة المسلمين التي بدأت مع بدايات القرن الهجري الحالي.. فهي على رغم ما واجهها من عقبات وتحديات..كانت هي بالتحديد تمثيلا للبعث الإسلامي وتجديد الدين.. تصديقا لما صح من حديث سيد المرسلين : ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة عام من يجدد لها دينها ) رواه أبوداود ، وصححه الالباني في السلسلة وصحيح الجامع، وفي صحيح أبي داود برقم (1874)
من هنا نستطيع أن نفهم سر تلك الحملات المستعرة المسعورة .. على آثار وثمار هذه الصحوة منذ بدأت وإلى اليوم ، لأنها مثلت بكل ما واكبها من مجالات التجديد ؛ الحراك الحر الوحيد لأمة التوحيد في نصف القرن الاخير...ولذلك حاربها جميع الأعداء في جميع الأنحاء ، بالتعاون على الإثم والعدوان بين أركان النظام الجبري العالمي العتيد العنيد... ومن يدور في فلكهم من أنظمة العبيد ..
والأمل معقود - بعد الله - علي استثمار آثارها ...واستئناف مسيرها.. بعد تقويم مسارها وتصحيح أخطائها..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق