الخميس، 12 ديسمبر 2019

فقط 15 كم بين القسام والأسد


فقط 15 كم بين القسام والأسد 

د. أحمد موفق زيدان
المسافة بين بلدتي البطل عز الدين القسام وبين بلدة الطاغية المؤسس حافظ الأسد 15 كم فقط، فالأول من مدينة جبلة على الساحل الشامي، والثاني من بلدة القرداحة في محافظة اللاذقية، لكن بينهما مفاوز وسنين ضوئية يعجز القلم واللسان عن تبيانها، فقد خرج البطل عز الدين القسام من جبلة حاملاً همّ الأمة كلها ميمماً وجهه شطر فلسطين الحبيبة ليؤدي فرض العين وفرض الوقت يومها بقتال محتل إسرائيلي غاصب اقتطع جزءاً عزيزاً من الأمة.

بدأ حياته مجاهداً مع البطل عمر البيطار في الحفة على الساحل السوري ضد الاستعمار الفرنسي، ومع فشل الثورة هناك، وملاحقة الفرنسيين له وإصدار حكم بالإعدام بحقه، لم يتوقف بل توجه إلى فلسطين، فقاد جمعية الشبان المسلمين فيها، وظل يقاتل حتى لقي ربه شهيداً أواخر عام 1935، فكان بحق مفجر ثورة عام 1936..

شتان بين من حفر اسمه في فلسطين قبل أن يحفره في الشام كالبطل عز الدين القسام، ليردّ أهل فلسطين الجميل القسامي فيسمون كبرى كتائبهم الجهادية باسمه "كتائب القسام"
أما حافظ الأسد فقد ولغ في دماء الفلسطينيين قبل السوريين، إذ دشن حياته السياسية مكراً بالرئيس ياسر عرفات، ولم يخف الأخير كرهه على حافظ الأسد ترجمه بدعم انتفاضة الإخوان المسلمين في الثمانينيات، وفتح معسكرات فتح للإخوان السوريين وغيرهم، وظلت العلاقة بينهما على طرفي نقيض.

سعى حافظ الأسد إلى استغلال كل ضعف فلسطيني من أجل إضعاف وإذلال عرفات، وحتى وهو في حصار طرابلس ولبنان عام 1982 لكنه لم يشفع له عند حافظ الأسد الحقود فقد سعى إلى شق صفوفه بكسب أبو موسى وأبو خالد العملة وغيرهما من أجل إضعافه وإضعاف المقاومة التي كان دخوله بالأصل إلى لبنان من أجل إضعافها والقضاء عليها..

ومع وجود قوات الأسد في لبنان منذ عام 1976 بدأت المجازر بحق الشعب الفلسطيني على يد قوات الأسد فكانت مجازر تل الزعتر والكرنتينا والبداوي، ثم المجازر على يد قوات الأسد بالوكالة والتي سميت بحرب المخيمات التي أطلقتها قوات منظمة أمل الشيعية، وكذلك صبرا وشاتيلا والتي ظهر لاحقاً أبطالها من إيلي حبيقة على قوائم الدعم السياسي الأسدي..

ومع رحيل حافظ الأسد بقي القاصر بشار الأسد وفياً لذلك الإرث الثقيل الذي حمله من أبيه فكان الحقد مضاعفاً على مخيم اليرموك ونجح في أن يجند فلسطينيين موالين له تحت مسمى لواء القدس في اقتحام المخيم، بل ووصلت النذالة إلى نبش قبور المخيم والعبث بها، تلك هي صورتان لشخصيتين كلاهما رحل عن هذه الدنيا ولكن شتان شتان بين من حفر اسمه في فلسطين قبل أن يحفره في الشام كالبطل عز الدين القسام، ليردّ أهل فلسطين الجميل القسامي فيسمون كبرى كتائبهم الجهادية باسمه "كتائب القسام" بالمقابل سعى الطاغية القاصر بشار الأسد إلى تسمية الصرح الأمني القعمي الخطير في دمشق بفرع فلسطين.

سيظل القسام وأحفاد القسام وأتباع القسام بالولاء والفكر، وستبقى الظاهرة القسامية عابرة للجغرافيا... ذرية بعضها من بعض..
أولئك أبائي فجنئي بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق