الأربعاء، 11 ديسمبر 2019

ميهوبي رئيساً للجزائر؟

ميهوبي رئيساً للجزائر؟


 ياسر أبو هلالة
ليست المفاجآت متوقعة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، بعد أن حسمت "الدولة العميقة" خيارها لصالح مرشح التجمع الوطني الديموقراطي وجبهة التحرير الوطني، عز الدين ميهوبي، فالكتلة التصويتية التي تضم الجيش والأجهزة والحزبين الحاكمين، "الأفلان والأر أن دي" تصل إلى نحو ثلاثة ملايين صوت. 
وفي ظل ضعف الإقبال ومقاطعة الحراكيين، فإن الحسم من الجولة الأولى مرجّح. 
خسر المرشح الأقرب للحراك، علي بن فليس، قواعده في جبهة التحرير الوطني، بحسب مطلعين على الشأن الجزائري، ولم يكسب أصوات الحراك الذي اتجه إلى المقاطعة. ولم يعد عبد المجيد تبون خيار الجيش، بعد فتح ملفات فساد خاصة بابنه، مع اللغط حوله أيضا. 
ويحظى عبد القادر بن قرينة، الذي يرأس فصيلا إخوانيا، على الرغم من أنه الأكثر حضورا من حيث الخطابة، إلا أنه لا يملك فرصة حقيقية. 
المرشحون الأربعة لا يشكلون منافسا لمرشح "الدولة" الخامس ميهوبي، وذلك بسبب مقاطعة الحراك الانتخابات التي غدت عمليا محسومة لصالح حزب السلطة.
من المتوقع أن تكون المشاركة في الانتخابات الجزائرية التي تجري اليوم 12/12 محدودة، وهذا قد يخدم المرحلة الانتقالية، فالرئيس منقوص الشرعية سيلجأ إلى استكمالها من خلال تقديم فائض تنازلاتٍ للحراك. 
ما لم يكن متوقعا هو حسم "الدولة العميقة" في الجزائر خيارها لصالح المرشح عز الدين ميهوبي لصالح حزبي السلطة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وهو ما يصفه المعارضون بأنه "تزوير" ناعم، من خلال صب أصوات الموظفين والكوادر الحكومية لصالحه.
السؤال هو لماذا لجأت الدولة في الجزائر إلى هذا الخيار، فيما يعلن الجيش باستمرار أنه على مسافة واحدة من المرشحين الخمسة. 
الواقع أنه ليس هناك أي اعتراض (فيتو) على أي منهم، والفائز بحاجة إلى الجيش تماما كحاجته إلى الحراك لإنجاز المهمة الانتقالية الصعبة، في ظل الاستقطاب الحاد في الشارع.
التزوير، كما يحذّر سياسيون جزائريون، يعني نهاية المرحلة الانتقالية، والعودة إلى ما قبل الرئيس بوتفليقة، فعلى الرغم من أن الحراك أطاح بوتفليقة، إلا أنه كان قد بدأ رئاسته خيارا للجيش والشعب، لإخراج البلاد من العشرية السوداء. وله تاريخه في الثورة الجزائرية واستقلاليته. على خلاف عز الدين ميهوبي الذي لا عمق له في الشارع ولا في الدولة، وزير إعلام وثقافة ورئيس اتحاد الكتاب الجزائريين.. إلخ. 
عرف بمواقفه الممالئة للسلطات العربية، واشتهر بمقاله عن معمر القذافي "البعد الإنساني في إبداعات القذافي"!
فإذا كان القذافي إنسانيا ومبدعا فحال غيره أفضل، فالسؤال: لماذا كان الخيار ميهوبي؟ 
يقول المدافعون عنه إن الحراك لم يقدّم مرشحا، ولم يدعم مرشحا، وبدأ النفوذ الأمازيغي المدعوم من فرنسا والخارج يزيد فيه. 
وهناك خشية على البلاد من استمرار الفراغ، خصوصا أن الحزبين الحاكمين، الجبهة والتجمع، شلّت قيادتاهما سجنا وهربا من البلاد، فكان ميهوبي أفضل الخيارات.
وبنظر المدافعين عن خيار الحسم الانتخابي، أو التزوير الناعم بنظر المعارضة، فإن الرئيس ميهوبي لن يحكم وحده، بل في ظل منظومة معقدة من الجيش ومؤسسات الدولة، واستمرار الحراك من جهة ثانية. وستكون أولوية النظام هي تعديل الدستور، بحيث تقلص الصلاحيات الرئاسية لصالح نظام برلماني يوزّع السلطة، ولا يكرر تجربة بوتفليقة الذي تجمعت السلطة في يده، وتحوّل البرلمان إلى مجرد شكل.
هل سيقتنع الحراك بذلك؟ وهل يستمر أداء دين الديموقراطية بالتقسيط المريح؟ أم أن الجزائر تراكم عليها دين ديموقراطي، يعود بها إلى ما قبل بوتفليقة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق