الجمعة، 9 أكتوبر 2020

قراءة حزينة لهزيمة 67

قراءة حزينة لهزيمة 67
حتى بعد ضرب الطيرات كان يمكن تحقيق نصف نصر
لكن أداء عبد الناصرالمتردي كان جل الكارثة



أكتوبر 08, 2020

هل كانت هزيمة 67 قدرا مقضيا لا مهرب منهم ولا فكاك

يفجر الدكتور كمال خلف وهو قومي وعضو في مركز دراسات الوحدة العربية، وأيضا عضو في الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي مما يعني أنه ناصري.. ومع ذلك فقد فجر تساؤلا انفجر في صدري كالنزيف.. وأسوأ ما فيه أنه سؤال بديهي جدا يؤلمني أنني لم أسأله لنفسي ولم أسمع غيري يسأله لنفسه رغم كثرة ما قرأت..
التصور الدامي الذي أثاره الدكتور كمال خلف الطويل تصور افتراضي حول إدارة ناجحة لحرب 67ينطلق من التعامل مع تطورات الأزمة 67 كما وقعت,مع استدخال وقائع افتراضية على سلم هذه المجريات في محاولة لاستبيان هل كان ممكنا إدارتها بنجاح – كما كان يأمل صناع القرار حينها – فيما لو حدثت هذه الوقائع.
يعيدني الدكتور كمال خلف الطويل إلى عام 1967 وما بعدها حيث سمعنا وقرأنا آلاف التفسيرات للهزيمة المذهلة التي لم تتوقعها الأمة ولا العالم..
كنت أنظر بسخط وغضب واشمئزاز إلى تفسير منها يقول أن الصراع كان قد احتدم بين عبد ناصر وعامر للدرجة التي أصبحت القمة – وهي قمة لا يوجد ما هو أوطى منها- لا تتسع لهما معا.. كان لابد لأحدهما أن يتخلص من الآخر.. كان عبد الحكيم عامر يملك جيشا مطلق الصلاحيات وكان عبد الناصر يملك شعبا كبله هو بالأغلال.. وكانت نتيجة الصراع محسومة.. كان الجيش سينتصر.. ومن هنا ترك عبد الناصر الأمور تتداعى وهو يعلم أنها ستؤدي إلى هزيمة عسكرية محدودة يستطيع بسببها أن يزيح عامر ثم يحيلها إلى نصر سياسي كما فعل عام 56 من وجهة نظره – وفي الواقع لم ينتصر عام 56.. لا هو ولا إسرائيل ولا بريطانيا ولا فرنسا.. فالذي انتصر عام 56 هو أمريكا ولا شريك لها!. المهم.. يقولون أن ما حدث أن الأمور أفلتت من جمال عبد الناصر ليسفر الأمر عن أكبر هزيمة كاسحة لمصر.
في البداية كنت أقابل هذا الافتراض بغضب وازدراء عنيف. ثم تكأكأت الهموم ورزح الحزن على قلبي فأصبح غضبي أخف وحزني أثقل وحماسي أهدأ. ثم جاءت هموم أخرى فبهت اليقين وانكشفت العورات وانقشع الغبار ووضحت الرؤية فأصبح ما كنت أرفضه بازدراء وغضب ويقين باستحالة حدوثه، إلى شك مؤلم وتسليم باحتمال حدوثه.
السؤال المدوي الذي ينكأ في القلب جرحا لم يندمل يقول:
- لماذا لم يبادر عبد الناصر وبتولي القيادة مباشرة بعد الكارثة؟
يطرح الدكتور كمال خلف الطويل سؤاله.. بل أسئلته:
ما الذي كان ممكنا فعله يوم 5 حزيران/يونيو لما يكفل تلافي هزيمة مذلة بل والثبات في معركة دفاعية معقولة النجاح؟
ثم يجيب بافتراضاته:
1- أن يتولى جمال عبد الناصر بنفسه مقاليد القيادة العسكرية العليا, بما يشمله ذلك من الانتقال شبه الدائم والإقامة في مركز العمليات.
المعلوم أن عبد الناصر ذهب للمركز في الصباح بعد سماعه لأصوات الغارات الجوية على مطارات القاهرة والتقى فيه بعبد الحكيم عامر بعد عودته الكسيرة من رحلة الرعب في السماء قاصدا سيناء وعائدا من سماء القنال إلى مطار القاهرة المدني ليستقل تاكسي أجرة إلى المركز.
{بالمناسبة فالراجح أن إسرائيل تعمدت عدم قتل المشير بإسقاط طائرته ذلك الصباح لأنها أرادته أن يعود, لمعرفتها بقلة درايته وكفاءته, عكس ما كان الحال يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر 56 عندما أرادت اصطياده في السماء وهو عائد من دمشق عشية العدوان الثلاثي لكنها فشلت ونجحت في اصطياد طائرة مرافقيه عوضا عنه{.
يمكن هنا تفهم أن يعطي عبد الناصر فرصة لعامر ليقود خصوصا وأن أخبار إسقاط الطائرات الإسرائيلية الغزير كانت تتلاحق قبل أن يتبين كذب معظمها.
لكن الأكيد أن هذه الفرصة ما كان ينبغي لها أن تزيد عن ساعات قلائل لا تتعدى عصر ذلك اليوم, وحتى يتم تجميع بيانات الخسائر الحقيقية للطرفين.
وقد يقول قائل إن عبد الناصر كان ضعيف التأثير في القوات المسلحة, لكن موقف الحرب هو بحد ذاته عامل كاف لبسط التأثير بالزخم كله, فالمنطقة كلها ومصيرها في الميزان, وليست مبررة بحال من الأحوال حالة الاعتصام في مكتب المنزل التي مارسها عبد الناصر طيلة ما تبقى من يوم 5 ويومي 6 و 7 حزيران/يونيو وحتى مساء الخميس 8 حزيران/يونيو, والاكتفاء بوجود ضابط اتصال بين مكتبه والقيادة العسكرية.

كان الواجب والحيوي والمطلوب أن يعود عبد الناصر إلى مركز العمليات عصر الإثنين 5 حزيران/يونيو ليطلب كشف حساب عن خسائر مصر في الطيران وعن حقيقة خسائر إسرائيل فيه, وعن تطور المعارك على الأرض واتجاه الهجوم البري الرئيسي.
أضحى واضحا مع ذلك الوقت أن الفرقة السابعة مشاة- وهي التي تلقت جهد الهجوم الإسرائيلي الرئيسي- أصبحت في حالة حرجة تهدد بالانهيار, وأن 80 بالمائة من الطائرات المصرية قد حطمت على الأرض.
بداية إذن كان على عبد الناصر أن يدخل مركز العمليات ليبقى فيه مزاولا صلاحياته كقائد أعلى للقوات المسلحة, ولا ضير في بقاء المشير إلى جانبه, لكن القرار هو حصرا في يد الرئيس.
2 - كان في وسع عبد الناصر وضمن حدود المتاح أن يأمر بالخطوات التالية, على أن يتم تنفيذها منذ الغروب وحتى فجر 6 حزيران/يونيو, أي طيلة ساعات الليل ولتلافي تأثير الطيران الإسرائيلي صاحب السيادة الجوية:
1 – 1- إعادة الفرقة السادسة الآلية من الكونتيلا جنوبا/غربا للاحتشاد في خطها المحصن في نخل.
2 – 1-إعادة الفرقة الثانية مشاة من القسيمة جنوبا/غربا للاحتشاد في خطها المحصن في أبو عجيلة.
3 - 2- نقل اللواء المجحفل/الشاذلي من غرب الكونتيلا إلى بير حسنة ضمن نطاق الفرقة الثالثة الآلية على خط الدفاع الثاني.
4 - 3- تكليف اللواء المدرع المستقل غرب بير لحفن لشن هجوم مضاد على قوات المحور الشمالي الإسرائيلية بهدف تخفيف الضغط عن الفرقة السابعة مشاة والدفاع عن العريش لمنع احتلالها.
5 - عزل اللوائين محمد كامل وعثمان نصار وتعيين اللواء سعد الشاذلي قائدا للفرقة الثالثة الآلية واللواء سعدي نجيب قائدا للفرقة الثانية مشاة، أضف إلى عزل اللواء صدقي الغول واستبداله باللواء عبد الغني الجمسي قائدا للفرقة المدرعة الرابعة.
6 - دمج قيادة الجهة وقيادة الجيش الميداني في قيادة ميدانية واحدة يقودها الفريق أول عبد المحسن مرتجى, ورئيس أركانه الفريق صلاح محسن, ومدير عملياته اللواء أحمد إسماعيل.
7- بافتراض فشل الهجوم المضاد باتجاه العريش فجر 6 حزيران/يونيو, تتمسك الفرق الثانية والثالثة والسادسة على المحورين الأوسط والجنوبي لخط الدفاع الأول وفي قاطع خط الدفاع الثاني بمواقعها لأيام عدة, مع المناورة بها حسب الحاجة العملياتية لتنكفئ الثالثة إلى خط الدفاع الثالث وتتبعها الثانية والسادسة عند الحاجة, ويتم التمسك بخط المضائق بقوة 4 فرق وألوية داعم لآخر طلقة وآخر رجل.
3-إرسال علي صبري برا إلى بنغازي ليطير منها إلى موسكو ليلة 5/6 حزيران/يونيو بطلب إرسال جسر جوي سوفياتي إلى مطار الماطة لنقل مقاتلات قاذفة (ميج وسوخوي) تعويض خسائر الصباح, وبطلب الإصرار على قرار سريع من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار والعودة إلى خطوط 4 حزيران/يونيو.
يترافق ذلك مع دعوة مصر- بالتشارك مع كتلة عدم الانحياز- الجمعية العامة للأمم المتحدة لدورة استثنائية عاجلة تبحث الموقف الراهن وتوفر ضغطا على واشنطن للجم إسرائيل عند ذلك الحد.
هل كان السوفيات تحت زعامة الثلاثي الحذر (بريجنيف وكوسيجن وبودغورني) ليستجيبوا لطلب عبد الناصر بالجسر الجوي؟
الإجابة تعتمد على إحساسهم بأن مصر قادرة على إدارة دفاع معقول في سيناء, وعلى تخويفهم – بإسناد عراقي وجزائري – من مخاطر تركها في العراء أمام الهجمة الإسرائيلية المسنودة إسرائيليا بما تشمله من تحطيم سمعة السوفيت وسمعة سلاحهم ومعه نفوذهم.
يترافق ذلك مع الدعوة لمؤتمر قمة عربي فوري واستثنائي في القاهرة, ومع إرسال زكريا محي الدين إلى يوغوسلافيا وفرنسا والهند لجذبهم إلى دائرة الضغط.
إذن فإن صمود قوات خط الدفاع الأول على المحورين الأوسط والجنوبي لعديد من الأيام كانت كفيلة بعزل الاندفاع الهجومي الإسرائيلي في المحور الشمالي وحده مع تعريض أجنابه في اتجاه خط الدفاع الثاني للانكشاف والتعرض.
بعد ذلك تنسحب قوات الخطين الأول والثاني تدريجيا إلى المضائق في وقفة أخيرة وناجحة.
إذا تساوى ذلك مع استعادة الطيران المصري سلاحه وصعوده إلى السماء في إسناد للقوات البرية المدافعة ومعيقا للسيطرة الجوية الإسرائيلية ففي هذا المزيد من النجاح في إطالة الصمود على الخط الأول وفي إنجاح الخط الثاني في عمله التعرضي.
إذا ترافق ذلك مع حملة عربية وعالمية للضغط, فهذا ما يؤمن إخراجا جيدا لنتائج الحرب تجعل حصاد إسرائيل شبه هشيم رغم احتلالها لقطاع غزة وربما لصحن سيناء... ففي الحروب ما يحسم النتائج هو خسائر المقاتلين والمعدات ومعها انكسار الإرادة السياسية وليس احتلال الأرض بحد ذاته.
النقطة الواجب لحظها هنا هي أن عملية إعادة التنظيم كانت يجب أن تشمل انسحاب قوات شرم الشيخ ليلة 5/6 حزيران/يونيو وتجمعها في الطور لاحتمال الانتفاع بها في تعزيز مضيق متلا الجنوبي لاحقا.
لعل طلبا من عبد الناصر لقمة القاهرة الطارئة بوقف تصدير البترول والغاز فورا إلى أمريكا وبريطانيا مع تخفيض إنتاجه بنسبة 50% ولمدة شهر كان كفيلا بإثناء واشنطن عن السماح لإسرائيل بالاستمرار في الحرب.
هل كان يجرؤ فيصل السعودية- وحمى الحرب مستعرة- على رفض طلب عبد الناصر؟
أشك .. رغم العلم بدوره الموثق في تحريض واشنطن على أمر إسرائيل بشن الحرب آملا في الخلاص من خصمه اللدود عبد الناصر.
نقطة أخيرة, وهي أن عملية إعادة التنظيم- كما شملت في سيناء توحيد قيادة القوات الميدانية بتشكيل جديد- كان يجب أن تشمل نقل هيئة أركان الحرب إلى مركزها التبادلي في الإسماعيلية, على أن يبقى القائد الأعلى – ونائبه – في القاهرة مع ضباط اتصال ومع المستشار الفريق أول علي عامر (قائد القيادة العربية الموحدة المشلولة), وأيضا عزل المسؤولين عن تدمير الطيران وهم بالتحديد قائده الفريق أول صدقي محمود ورئيس أركانه الفريق أول جمال عفيفي وقائد الطيران في سيناء اللواء عبد الحميد الدغيدي وقائد الدفاع الجوي اللواء إسماعيل لبيب, وتعيين الفريق مدكور أبو العز قائدا للقوات الجوية والفريق عبد المجيد الرافعي رئيسا لأركانها واللواء حسن كامل قائدا للدفاع الجوي, واغتنام الفرصة لعزل الفريق أول سليمان عزت قائد القوات البحرية ورئيس أركانه الفريق محمود ناشد وتعيين اللواء فؤاد ذكرى قائدا لها واللواء عبد المعطي العربي رئيسا لأركانه.
*** 
قد يتشكك البعض فيما أوردته على الفور.. رغم أن التشكيك فيه غير جائز.. إننا لا نتحدث عن معلومات كي يمكن التشكيك فيها.. إننا نتحدث عن رأي.. عن تصور.. بل عن تخيل وهذا لا يمكن التشكيك فيه..
لكن.. سدا للذرائع.. وكي نلقم السوفسطائيين حجرا فإن مصدر هذه المعلومات هو أكثر المواقع ناصرية في العالم.. موقع سامي شرف الإليكتروني!:
http://samy-sharaf1.bravehost.com/

                                                    ***
يا للألم الصاخب..
يا لللألم الوحشي..
يا للجرح الذي لم يبرأ أبدا وهو ينكأ من جديد..
يا للجرح الذي يقاس طوله ليس بالميلليمترات ولا بالسنتيمترات بل بالأيام والأعوام والسنون.. جرح طوله ستة عشر ألف يوم تزداد كل يوم يوما..384000 ساعة تزداد كل ساعة ساعة.. نعم .. جرح لا يلتئم بل يزداد.
فهل كان يمكن تجنب مضاعفات هذا الجرح؟.
هل كان يمكن إذن تجنب التداعيات المذلة المهينة لهزيمة 67؟.
فإن كان يمكن فلماذا لا.. لماذا لا.. لماذا لا..
فليعش الجنون والسطحية والحماقة إذا كانت هذه الأسئلة لم تسأل حتى الحد الأقصى وإن لم تكن كل طاقات الأمة قد كرست لها..
يواصل الدكتور كمال خلف الطويل العبث بخنجره في الجرح المفغور فيكتب:
لعل قصة حزيران/يونيو 67 وعدم استثمارها لتقليل الخسائر وكبح الفوز الإسرائيلي بل وجعله مهزوزا غير ذي قيمة, أكثر مأساوية من نجاح إسرائيل الأولي لأنه باختصار كان يمكن تحويل الهزيمة الكاسحة إلى نصف هزيمة/ نصف نصر, لو تعامل عبد الناصر مع حوادث اليوم الأول بالحزم والحسم الذي بدا عليه بعد 10 حزيران/يونيو.
نعم..
ينطبق هذا على عبد الناصر كما ينطبق على مبارك وبوتفليقة..
ولكن..
لنستكمل الآن الحديث عن كارثة 67 ولندع محمد حسنين هيكل يصب الرصاص المذاب في الجرح المفتوح..
إن هيكل يقول ما قاله كمال الطويل..
يقوله كله..
معنى بمعنى..
سوف أطيل هنا في الاستشهاد بهيكل..
وإنني أرجو من القارئ أن يحتمل وأن يواصل القراءة.. ولست أعني أي نوع من الإساءة لهيكل ولكنني أصبحت أشك في صبر القارئ وقدرته على القراءة الطويلة في معلومات يشك في صدقها. أنا شخصيا أقرأ الصحف الآن سطرا وأترك عشرات ولم أعد أحتفل إلا بالكتب الجادة والدراسات المحددة. ولكنني أنصح القارئ أن يقرأ بتمعن كبير هذه المرة.. لأنني أظن الفقرات الطويلة الآتية لهيكل هي أخطر ما قاله وأصدق ما قاله.


يقول هيكل:

.. الوثائق الإسرائيلية هنا بتكمل لي بقية الصورة المحزنة- لم يكن في تخطيط الإسرائيلي ولا في الخطة الإسرائيلية -وأنا هنا بأعتمد على رابين وعلى دايان وعلى أورين المؤرخ، على اثنين من القادة العسكريين الموجودين- أنه لم تكن.. خطة الإسرائيليين كانت بالضبط قطاع غزة ثم التقدم بقدر ما يمكن والتمسك، أقصى حاجة كانوا حيصلوا لها هي لبنى، جبل لبنى بمعنى أن يضرب الجيش المصري إلى أبعد مدى في المواقع المتقدمة، يضرب قواه الضاربة والمرتكزة بالضبط على جبل لبنى، يحاول يدمر منه أقصى ما يمكن تدميره لكن لا يتقدم بعد ذلك ما عندوش خطة للتقدم بعد ذلك -وهذا موجود في كل الوثائق- لا عنده خطة ولا عنده الـ intention لغاية، حصل حاجة غريبة قوي، الإسرائيليون بيقاتلوا بمعارك ضارية وهم مش عارفين إيه اللي جرى عندنا، في معارك موجودة وفي معارك موجودة وبيكسبوا في بعض المواقع ما في شك في هذا بيكسبوا في بعض المواقع، بيكسبوا في بعض المواقع لكن كسبهم هذه المواقع المتقدمة مما هو متوقع في مقدمات أو في بدايات معركة، عندهم تفوق في الطيران ولكن ممكن قوي وفي ظروف صعبة قوي في قوات ممكن تحارب في ظروف معينة من غير طيران خصوصا إذا كان عندها إمكانية دفاع جوي معقول، (...) لكن اللي بيحصل في والمعركة محتدمة بهذا الشكل، إسرائيل بيحاربوا المعركة ولكن ما يعرفوش إيه اللي جرى في تفكير وفي عقل القيادة المصرية، اللي ممكن يقال هو يمكن كان في قصدهم يعملوه بالضربة الجوية وهو التحقيق اللي ممكن يسموه blitzkrieg اللي هو التأثيرات النفسية للحرب الخاطفة على أعصاب القيادة(...) أتصور الإسرائيليين كانوا قاصدين بالضربة الجوية بالدرجة الأولى بهذا الحجم هو شل أعصاب القيادة، لكن الغريبة قوي أن اليوم الأول من المعركة ده المفروض يحدث أثره في الساعات الأولى من المعركة، الغريبة قوي أنه في اليوم الأول للمعركة المسائل مشيت بشكل أو بآخر، صدمة الطيران كانت فظيعة جدا وقد أقلقت كل الناس ولكن أنا بأتصور أنه بشكل أو بآخر بقى في تصور القوات البرية قادرة وإحنا قادرون يعني إحنا عندنا باستمرار، باستمرار كل الخبراء العسكريين يشهدوا لنا في نقطتين مهمتين جدا، في القوة الدفاعية لعسكري المشاة إذا تمكن للمواقع وفي المدفعية، (...) لكن في ذلك الوقت 5 و 6 وبشهادة كل الناس، 5 و 6 المسائل ماشية في المسار الذي يمكن أن تمشي فيه، بعد ضربة طيران مأخوذة في الاعتبار ولكن في قوات برية موجودة وتعرف وتتصور على أي حال أنه مش حتطول المعركة، كان في إحساس عام أن المعركة مش حتطول قوي كثير لأنه حيبقى في حركة سياسية وده كان موجودا أيضا على نمط السويس، وأنا فاكر أنه من الحاجات اللي قالها لي جمال عبد الناصر قبل قرار الانسحاب أن عبد الحكيم عامر كان بيكلمه في إيمتى السياسة حتتحرك؟ إيمتى مجلس الأمن حيتحرك وإيمتى ده كله؟ وقال له لا، الموضوع حيأخذ أربعة خمسة أيام، لكن إذا بقرار عبد الحكيم عامر بالانسحاب ليلا وبهذه الطريقة اللي أنا حكيت عليها وفي ليلة واحدة. الحاجة الغريبة جدا أنه في هذا الوقت الإسرائيليون تنبهوا أنه في شيء يحدث وألاقي كل المصادر كل المصادر وأنا يعني ألاقي رابين بيقول لي، بيقولها بشكل، وألاقي دايان بيقولها بشكل ولكن ألاقي المؤرخ أورين بيقولها بطريقة أنا بأعتقد أنها يعني لما بأقرأ كلام أورين النهارده وهو معتمد فيه على كل السجلات والوثائق الإسرائيلية بأشعر إلى أي مدى نتائج حرب 67 على الأقل بهذه الطريقة كان ممكن تجنب كثير قوي منها، بيقول إيه أورين قبل ما أقول تعليقاتي عليه، بيقول في صفحة كتابه وهو كتاب مهم جدا، لأنه ده معتبر، ده آخر ما صدر عن الحرب وهو قد صدر السنة اللي فاتت بس والنقاد اهتموا به جدا لأنه اعتبروا أن.. ميزة أورين على كل الناس اللي كتبوا قبل كده، باستمرار اللي بيكتب متأخر صحيح قد يفوته السبق لكن تلحقه الدقة تحيط به الدقة لأنه بيبقى قدامه كل الوثائق ما يبقاش حاجة خافية عليه، بيقول أورين إيه؟ بيقول في صفحة 214 في كتاب، بيحكي أنه على قبال الساعة 10- 12 أي من 10إلى 12 الجنرال ياريف مدير المخابرات أهرون ياريف مدير المخابرات العسكرية أصدر إلى كل قيادات الجيش بيانا بيقول إنه في تطور خطير جدا حصل على الجبهة، الجيش المصري صدرت له أوامر بانسحاب عام وهذا موضوع مذهل، حتى هو في كلامه هو باين عليه دهشته، بيقول إيه؟ بيقول إنه مستغرب جدا أن القائد العام المصري بيتصرف بهذه الطريقة لأن موقفه على الأرض كان أفضل كثيرا جدا مما تصوره وأنه هو كان يائسا من إمكانية الصمود بأكثر مما تحتمله الحقائق، وأن قواته في كثير من المواقع كانت موجودة وكانت موجودة تقاتل وقراره بالأمر بانسحاب عام في ليلة واحدة لم يكن له ما يبرره لأنه حتى الخطة الإسرائيلية لم تكن تصل إلى هذا، لم تكن تصل، لم يكن يخطر في بالها الخطة الإسرائيلية في الأصل حتصل إلى غاية منطقة جبل لبنى وحتقف ولما تقف هناك تبقى حققت كثيرا قوي، لما تقف هناك تبقى احتلت غزة، إذا استطاعت، ضربت كثير قوي من قوات الجيش المصري، لكن حتبقى ترغم القوات المصرية تتراجع إلى خط الدفاع الثاني اللي هو منطقة، خط بيسموه خط الستارة قبل منطقة المضائق مرتكزة على منطقة المضائق وهي الـ features وهي التضاريس الطبيعية الوحيدة في سيناء، في شمال سيناء، جنوب سيناء جبلي ما حدش بيتكلم عليه أبدا، جنوب سيناء جبلي وليس فيه معارك ولم تجر فيه معارك. لكن في شمال سيناء إذا القوات تراجعت من خط الحدود بنساقات الدفاع الثلاثة عنه فليس أمامها إلا أن ترجع إلى خط المضائق وتتوقف عند خط المضائق، وتصور الإسرائيليون أنه يعني أقصى حاجة ممكن نتصورها بالنسبة لهم هم حيصلوا لمنطقة جبل لبنى ويقفوا والمصريون حيصلوا إلى الخط السابق للمضائق ويقفوا وأنه كده يبقوا حققوا غرضهم لأنه حتبقى بين المنطقتين منطقة واسعة كبيرة عرضها تقريبا حوالي مائة كيلومتر فاصلة بين القوات، ومع التفوق الجوي يستطيع الإسرائيليون أن يطمئنوا إلى أنه لن تتقدم القوات المصرية لأنها حتبقى مكشوفة في العراء قدام أي ضربة جوية مع تفوق جوي إسرائيلي مضمون
***
يكرر هيكل نفسه.. يتلعثم قبل أن يبكي في النهاية.. ألاحظ ركاكة أسلوبه حين يتكلم بعكس كتابته حيث يتربع أميرا من أمراء البيان.. كرهته.. لقد كان شريكا.. وكان واحدا ممن يستطيعون منع تداعيات الكارثة.. وإن صدق ما يقال فربما كان هو الذي خطط لعبد الناصر وقدر ودبر فقتل كيف دبر..
*** 
يواصل هيكل: لكن لم يخطر ببال الإسرائيليين أن الجنرال، يعني الرجل أورين ودايان ورابين وهو رئيس أركان حرب الجيش الإسرائيلي ومذكراته، لكن أورين هنا كان الأوضح لأن أورين بيقول إنه بيستعجب جدا أن القائد العام المصري أصدر قرارا بانسحاب عام ويستعجب جدا أن هذا القرار مطلوب تنفيذه في ليلة واحدة ويستعجب جدا أن موقفه على الأرض لم يكن يبرر هذا القرار ويستعجب جدا أن القوات المصرية كانت بتقاتل في مواقع لا بأس بها قتالا لا بأس به، هو كان بيقول إنه يعني هم حيكسبوا المعركة في الآخر، لكن مع أن القوات بتقاتل ثم الهدف الإسرائيلي لا يتعدى منطقة جبل لبنى أو المنطقة المحاذية لها، لا يتعدى ده وفي تفكير في أنه كيف يمكن احتلال شرم الشيخ. والغريبة جدا في الإشارات ألاقي أن والأوامر كده الجنرال ياريف بيعرف عن أمر الانسحاب وعندهم وسائلهم طبعا وعرفوا -طبعا على التلفونات ووسائل الاتصالات كلها كانت مخترقة أو معظمها كان مخترقا- عرفوا أنه في أمر انسحاب عام وهم في دهشة منه أكثر من دهشة أي حد في القاهرة، يصدر أمر بأنه تروح قوة بحرية تحتل شرم الشيخ، قائد هذه القوة البحرية اللي راحت تحتل شرم الشيخ أرسل إشارة واحدة إلى القيادة بيقول فيها وصلنا إلى شرم الشيخ ولم تكن هناك حرب ولا حاجة إلى حرب لأنه لم تكن هناك قوات. حتى هذه اللحظة أنا بأقرأ هذا كله، أقرأ ياريف، فيما بعد كتب مذكراته هو الآخر ولكن هو ما وقفش عند هذه النقطة، اللي وقف عند هذه النقطة هو أورين، رابين تكلم عنها ودايان تكلم عنها والعسكريون اعتبروها، العسكريون المصريون سواء في ذلك مرتجي أو سواء في ذلك يعني أنا لما ألاقي مرتجي بيقول في ذهول يعني في تقرير مرتجي بيقول نتيجة الانسحاب بالطريقة دي بيقول بنهاية يوم 7 يونيو كان الموقف كالتالي استمرار ارتداد جميع القوات على الطرق الثلاثة غربا، لأنه ما كانش ممكن كله ده ينسحب في ليلة واحدة كما ظهر الأمر، يعني أنا حتى هذه اللحظة أنا بأقول هذا الحديث هذه الليلة أصعب ما واجهت (...) حأرجع لمرتجي ثاني بيقول مرتجي "استمرار ارتداد جميع القوات على الطرق الثلاثة غربا، ازدحام الطرق وتكدسها بالعربات والمعدات بدرجة كبيرة مما تسبب في تدمير الجزء الأكبر منها بواسطة الطيران" المعدات خرجت من مواقعها الآمنة، الدبابات اللي كان محفور لها في الأرض طلعت بتتحرك بترجع إلى الوراء، "الفرقة المدرعة الرابعة ترتد لمواقعها في المضائق ثم يعاد تجميعها ثم يعاد دفعها" مش ممكن! بعد ما فرقة صدر لها أمر بالانسحاب أن أي حد يتصور أنه في الإمكان تجمعها، ده كلام معقول؟ لو أنه كان حتى في تنبه كان في كان ممكن نقول ارتداد لخط المضائق وهنا كان يبقى في متطابق حتى مع الخطة الإسرائيلية حتى مع نهاية المجهود الإسرائيلي اللي كان موجودا، اللي كان مطلوبا يعني. وبعدين بيقول، مرتجي بيقول "فقد القادة السيطرة على تشكيلاتهم ووحداتهم المتحركة" طيب، وبعدين بيقول "ترك معظم قادة التشكيلات والمجموعات قواتهم وسبقوها في الوصول إلى القناة دون تنظيم عملية الارتداد" (...) وده اللي أورين بيقول لي فيه إنه بيستغرب جدا أن قائد الجيش المصري كان متشائما أكثر من الحقائق على الأرض، كان قلقا أكثر مما يدعو إليه الوضع في الجبهة(...) وأنا بأتابع بقدر ما يمكن وقتها وأنا بأتكلم عن تجربة حياة لأن هذه كانت تقريبا أقسى اللحظات في تجربة حياتي شخصيا وأظنها كانت في تجربة حياة آخرين كثير قوي في كل الوطن العربي. الموقف بيتحرك جدا والصورة بقيت باينة قدام كل الناس، يمكن ما كناش نعرف كل اللي موجود في الوثائق الإسرائيلية ولا، أنها ما كانش له لزوم ده كله، لكن كل الناس مأخوذة بالموقف وأنا في يوم 8 بالليل، يوم 8 كان يوم الخميس، يوم الاثنين كان يوم 5، يوم الثلاثاء كان يوم 6، يوم الأربعاء كان يوم 7، يوم الخميس 8، بالضبط يوم الخميس الساعة.. أنا حقيقي ما كنتش عاوز أكلم حد، جمال عبد الناصر بيطلبني بالتلفون في مكتبي في الأهرام القديم وأنا أحس أنه على صوته -لأول مرة بأسمعه بهذه الطريقة- صوته كأنه على حبال الصوت أطنان من الحديد، في ثقل غريب جدا في صوته لدرجة خلتني حقيقي أبقى، أبقى.. يعني، بعدين بيقول لي، بأسأله إيه الأحوال؟ لأنه أنا قلق كمان، بيقول لي الموقف كذا وبدأ يحكي لي أنه في جرى.. في مصيبة كبرى حصلت وإلى آخره وإلى آخره وإلى آخره، وبعدين أنا تكلمت مع عبد الحكيم وأنا بأعتقد أنه إحنا لازم نمشي كلنا، وقلت له أنا الحقيقة أما وهذا هو الموقف أنا بأعتقد أنه على أقل تقدير أنا بأعتقد أنه أنت مطالب قدام كل الناس وقدام التاريخ أنك تمشي. وأنا بأقولها والله وأنا بأقولها حقيقي بأقولها بأسف لأنه في مواقف بتبقى فيها في ما هو أقوى من مشاعر الناس فيها حاجات أكثر، في هذه اللحظات الناس بتحس أنه في أوطان أهم جدا من أي فرد وأنه في حقائق متعلقة بالمصائر وهي أهم جدا من أي مشاعر مهما كانت، وأنا قلتها له بأمانة كده قلت له أنا بأعتقد أنك لازم تمشي، فهو قال لي أنا مقتنع. وأنا.. وصوته حقيقي يعني.. أنا مقتنع وأنا حأمشي ولكن علشان نرتب الأوضاع في البلد أنا تكلمت مع عبد الحكيم وقلت له كله لازم يمشي ونحن نسيب واحد بس لكي يتولى عملية أن هذه القوات العائدة من الميدان وحتلاقي أن النظام انفك تقريبا، وهذا الشعب الذي سوف يفاجأ بما جرى، أنا ما أعرفش إيه اللي ممكن يحصل ولذلك إحنا اتفقنا على أن شمس بدران -هنا قال لي اسم شمس بدران- يبقى هو.. أنا قلت له إيه ده، إيه اللي حصل ده؟ قال لي أنت أصلك ما عندكش فكرة عن اللي حصل لما نتقابل أحكي لك ولكن ده حتى وصلت الأمور إلى حد أن عبد الحكيم عامر حاول أن ينتحر في القيادة وأنا يعني بعثت أحدا وراءه وقلت إنه -لأنه راح على الحمام يعني- أنا الحقيقة كنت مستفزا وقلت له أنا لو، يعني أنا كنت مستعد أقدم له مسدسا، أنا شخصيا كنت مستعدا لأنه كنت مستثار وممكن ده كان غلطا من جانبي وأنا كنت بأعتقد أنه ممكن جدا قوي أنه واحد تصرف بهذه الطريقة.. الحقيقة كان وقتها، برضه عايز أقول إنه في ذلك الوقت حكم متسرع لكن التفكير فيما بعد، المسؤولية أكبر من عبد الحكيم. لكن أنا قلت له في ذلك الوقت قلت له لو أنا مطرحك أدي له مسدسا، أساعده مش أمنعه يعني، قال لي ما احناش ناقصين فضيحة بعد المصيبة يعني، قلت له طيب، هو بيقول لي هل تقدر تساعد في إيه اللي أقوله بكره علشان أمشي؟ أنا الحقيقة قلت آه ممكن آه. لكن حسيت أن الحديد اللي كان عنده اللي كنت حاسس به على حبال صوته حسيت أنه ركز على كل أعصابي قعدت في مكتبي وحاولت وحاولت بحقيقي يعني حاولت وفي عيني دموع. تصبحوا على خير.
***
كالأشباح تلوح أطلال قصيدة قديمة.. بقي في الذاكرة بعض رفات منها بعد ما يقرب من نصف قرن.. أظن قائلها شاعرا فلسطينيا لم أقرأ له سواها..أمين شنار.. كان عنوان القصيدة:"عراة تحت الشمس".. أحفظ منها:
سلمت يا فم الزمان لابتسامة الرضا..
على شفاهنا تجمدت كضحكة المجنون..
*** 
لن أسامحك يا هيكل..
لن نسامحك..
ولن يسامحك التاريخ..
أما المرجع للسفسطائيين فهو هيكل نفسه (مع هيكل)- هيكل.. طلاسم 67 والقرار الكارثي- قناة الجزيرة: تاريخ الحلقة: 18/6/2009
***


أنت إذن يا أمة: لعبة الأمم.. ولعبة حكامك..
أنت إذن يا أمة مجرد لعبة بين أيدي الطواغيت أينما كانوا..
لا المصائر تهم ولا الهزائم تهم.. المهم هو مزيد من الالتصاق بكرسي السلطة وحرمان الآخرين من الوصول إليه ولو بهدم الوطن على من فيه..
هل كان الأمر هكذا حقا؟
هل فعلها عبد الناصر؟
وهل فعلها مبارك في موقعة أم درمان..
لقد بدأ الأمر بتصور ساخر.. لكنني –مفاجأً حتى أمام نفسي- أقول: إنه تصور محتمل وربما كانت الحقيقة تكمن فيه.
هل أدرك الرئيس مبارك أن الصراع الحقيقي ليس بين التوريث والتغيير ولكنه بين التمديد والتوريث.. ليس بينه وبين البرادعي أو عمرو موسى ولكنه بينه وبين ابنيه.. وأنه ترك الأمور تتدهور-تماما كما ترك جمال عبد الناصر الأمور تتدهور عام 67- حتى ترى الأمة الفرق بين الحكمة والتهور- من وجهة نظره.. أن ترى الأمة كيف فشل ابنه الثاني في رحلة الذهاب ثم فشل الأول في الإياب حين أشعل النار.. فشل الأكبر والأصغر ولم يبق إلا هو.. رجل الدولة الذي يؤتمن على الأمة.. رجل الدولة الذي يلتزم بالثوابت.. هل كان يهدف إلى أن يقول الناس: نار مبارك ولا جنة ابن من أبنائه..
هل..
هل..
هل..



الله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق