السبت، 17 أكتوبر 2020

( الفرقة السيسية) !

( الفرقة السيسية) !

الخميس, 14 تشرين2/نوفمبر 2013 
د.عبد العزيز كامل

كاد أتباع السيسي ومحبوه – لفرط غلوهم فيه – ( لا أدري لماذا , ولا بماذا ؟ ) .. كادوا يكونون فرقة جديدة من أهل الأهواء, ففي العلم القديم المعروف بعلم " الملل والنحل" تناول العلماء الانحرافات التي وقعت في أصحاب الملل من أهل الديانات السابقة ، ثم الانحرافات الواقعة في أهل النحل المتفرقة من هذه الأمة ، وقد وجد هذا العلم امتدادا في عصرنا تحت اسم " الفرق والمذاهب المعاصرة " , حيث لاحظ باحثوا هذا العلم أن هناك ظواهر عقدية وفكرية تشكل فرقا جديدة تجتمع حول بعض الأفكار والاعتقادات التي تتحول إلى سلوكيات تميز هذه الفرق أو الاتجاهات .

عندي قناعة بأن الأفكار تعكس قبل كل شئ نفسيات ، فكل إنسان يحمل الفكر الذي يتسم مع نفسيته , قبل أن ينسجم مع عقليته , ومجموعة الأفكار والميول - التي تشبه العقائد - عند الغلاة في حب السيسي ؛ تجعل من أشخاصهم كائنات عجيبة تكاد كلها تكون نسخا ( كربونية ) مكررة لمخلوق واحد , يحمل نفس الملامح الفكرية , ونفس المشاعر النفسية , ونفس الحجج اللاعقلانية في النقاش والجدال , ونفس الأساليب اللامنطقية في المواقف والتصرفات !! .. ( أتواصوا به ) ؟..
يمكننا تشخيص ( الخصائص العامة ) لـ " الفرقة " السيسية , التي يدل بقاءها بعد انفضاح شأنها أنها مجرد ( ظاهرة نفسية ) من الظاهر العلمانية النفاقية , قبل أن تكون حالة فكرية أو حركة كفاحية , أهم تلك الخصائص :

•بغضاء ونفرة – غيرمفهومة - لأهل التدين بشكل عام , تتستر في دعوى " كراهة الإخوان المسلمين " !.. مع محبة ظاهرة وإعجاب باهر بـ " إخوانهم" غير المسلمين , مهما كانوا مجرمين !

•قابلية .. بل إقبال ؛ على خديعة النفس بالباطل ثم خديعة الناس به .. واستعداد قلبي واسع لاستقبال كل بث خبيث , وتسليم السمع والبصر والفؤاد لأي مؤثر خسيس.

•ولع بالغ بالجدال بلاحجة , أو بحجة داحضة ظاهرة العوار , يظن صاحبها أنه الفارس المغوار , مع غرور واضح , وراءه جهل فاضح .

•غفلة مغلفة بالجفوة عند سماع حجج الوحي , تجعل أصحابها كلما سمعوا الحجج جعلوا أصابعهم في آذانهم , واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ..

•استهتار غير مستتر بمحكمات الشريعة الإسلامية , واستخفاف غير مستخف ببدهيات العقيدة , كحرمة المسلم في روحه ودمه وعرضه , وحقه في الولاية والمحبة والنصرة , مع وله شديد بكل جبار عنيد , مصحوب بورع بارد في الدفاع عنه , مهما بلغ الأذى منه .

•قدرة بالغة على لي اللسان لقلب الحقائق , وحب شديد لإشاعة الأكاذيب لإضاعة الحقوق .

الملاحظ أن كثيرا من الفرق التي مثلت ظواهر نفسية قبل أن تكون لها مكونات فكرية ؛ بادت واندثرت بعد أن سادت وانتشرت , لهشاشة مبادئها وعجز منطقها , لكن ما يقلق أن هناك أناسا معاندين من مرضى القلوب يتشبثون بالباطل حتى بعد زوال رموزه وسقوط نظرياته وانكشاف زيفه , خذ الشيوعية مثلا , وكيف بقى بعد سقوط كيانها أقوام عندنا يقولون : نحن شيوعيون ! وكيف بقى بعد هزائم الناصرية من يقولون : نحن ناصريون ! .. بل لازالت فئة – داخل مصر وخارجها - عن خيانات وجنايات حسني مبارك يدافعون ..!
أخشى بعد سقوط الانقلاب أن يظل فئام من قومنا يقولون : رغم كل شئ .. نحن سيسيون !!

( السيسية داء.. فما الدواء..؟)..(1)

  د.عبد العزيز كامل

أغلب ظني أن فرقة السيسية التي أنشأها الانقلاب في مصر - أو بالأحرى أظهرها وجسدها – ؛ لن تنقرض أو تذهب بذهاب الفريق وفريقه . وهكذا يقال في كل مثال ينشأ على هذا المنوال , فكثير من أهل الأهواء ظلوا مخلصين لهواهم , حتى بعد lما زال أثر من أغواهم , فأصحاب الهوى - والسيسية منهم - هم قبل كل شئ - عقلية وذهنية ذات مكونات نفسية , ليست سهلة التفسير لدوافعها , وليست سهلة التغيير لعنادها , ولكنها على كل حال ستظل علة تحتاح إلى علاج , كأي ظاهرة مرضية .

والقرآن الكريم تحدث كثيرا عن فئة من الناس وصفهم بـ ( الذين في قلوبهم مرض) , وقرنهم بالمنافقين في آيات عدة, كما في قوله ( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ), وقوله (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا )وقوله (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ماوعدنا الله ورسوله إلا غرورا ) . و"واوالعطف" في الآيات تفيد المغايرة , فهناك فرق بينهما إذا اجتمعا في الذكر - كما يفهم من كلام المفسرين – وحاصل الفرق أن المنافقين هم من يبطنون الكفر ويظهرون الإيمان بينما الذين في قلوبهم مرض هم السماعون لهم من هم ضعفاء الإيمان الذين أمرض الشك وقلة اليقين قلوبهم . فهم مرضى بالشبهات أو الشهوات ,أو بهما معا ..

كلا الصنفين - من المنافقين والذين في قلوبهم مرض – لابد من التعامل معهما , بما يقلل شرورهما , أو يهئ السبيل لعلاج أدوائهما , ( ويتوب الله على من تاب) . وهم على كل حال درجات وطبقات , فالنفاق منه ماهو أكبر ومنه ماهو أصغر , ومرضى القلوب يتفاوتون في درجات المرض , بحسب قوة التأثير فيهم وضعف المقاومة منهم .

لا تكاد ترى أحدا من الكارهين لأهل الدين , والمحبين للظالمين المعتدين اليوم في مصر أوغيرها ؛ إلا وهو من مرضى القلوب الذين تسهل فتنتهم , وتصعب دعوتهم , كما قال الله (ليجعل مايلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم). وقال : ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ) .

أما طريقة التعامل الشرعية مع هؤلاء وهؤلاء فسأذكر أبرز معالمها بحول الله


( السيسية .. هل من علاج ..؟ ) -2-

مشكلتنا ليست في الانقلابيين – الذين لابد راحلين ثم محاسبين - بقدر ماهي في "المنقلبين" معهم من الباقين فينا والمختلطين بنا , صحيح أنهم يجمعهم الانحراف في فهم الدين ، و سوء السلوك مع المتدينين .. لكن من هؤلاء المنقلبين ( مرضى ) لابد من علاجهم ، ومنهم ( طغاة وبغاة ) لابد من صد طغيانهم ورد بغيهم ، مع الإقرار بأنهم جميعا ( ليسوا سواء ) ..

لا نشك أبدا في أن هؤلاء – على كثرتهم وتنوعهم - هم ضحايا العدو الذي لم نحذره: (المنافقون) .. الذين يجسدهم بكامل صفاتهم في عصرنا (العلمانيون) .. ولابد من معالجة مشكلتهم بالمستطاع مباحا ومتاحا ..

-- فمن المنقلبين – وهم أكثرهم – الإمعات من الدهماء والغوغاء الذين لا تجد لأحدهم – أوإحداهن - شبها أقرب من الببغاء ! فعقولهم في آذانهم , وأبصارهم تكذب على بصائرهم . وهم بمجرد تغير الأجواء حولهم سيرددون ما يلقى عليهم . .. هؤلاء لا مفر من الدفع مع آحادهم بالتي هي أحسن (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) وكذا جدالهم بالتي هي أحسن , وبخاصة الأقرباء والجيران وزملاء العمل.. فسبحان مقلب القلوب : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) فمن كان فيه منهم بقية خير .. فلعله يرجع بخير..كما حدث لكثيرين من العائدين ، ممن كانوا مغيبين أومخدوعين .

-- ومنهم الجهول الظلوم لنفسه البائع آخرته بدنيا غيره , والمتبرع بأذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا , وكأنه اتخذ أذاهم دينا , غير مبال باحتماله بأذاهم بهتانا وإثما مبينا .. وأمر هؤلاء بين الإعراض عنهم أو الإغلاظ عليهم – بحسب أحوالهم - وكذلك مصارحتهم بمرضهم وتحذيرهم من سوء عاقبتهم (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ) والمعنى - كما في القرطبي – لاتقبل عذرهم وخوفهم ، وازجرهم بأبلغ الزجر.

-- ومنهم العدو المعتدي الموالي للظالمين - قاصدا عالما - مستحلا من أهل الدين مالا يستحله من الكفار الظاهرين المظاهرين .. وهؤلاء لا حيلة إلا في.. الوقوف ضد انقلابهم على الدين وأهله بكل وسائل المعارضة بشروطها وضوابطها , مع الاحتفاظ بحق كل صاحب حق في دم أو عرض أو مال في استرداد حقه الذي لا يملك أحد التنازل فيه نيابة عنه . و كذا جهاد هؤلاء بالقرآن (وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) وتحويل الصراع معهم به من تخاصم وجدال بين (صواب وخطأ )؛إلى خصومة وجلاد بين (حق وباطل) لأنهم يستدرجوننا دائما إلى الأولى , لعلمهم أن حقنا يدمغ باطلهم فإذا هو زاهق ..
هم جادون في عدائنا , وماضون في عنادنا , لا بغضا لذواتنا بقدر ماهو كراهية لكتابنا وسنة نبيينا : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) .. هؤلاء يصدق فيهم وصف ابن تيمية – رحمه الله - عندما قال : " من النفاق ما هو أكبر، يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار، كنفاق عبد الله بن أبيّ وغيره، بأن يظهر تكذيب الرسول أو جحود بعض ما جاء به أو بُغْضه، أو عدم اعتقاد وجوب اتباعه، أو المسرة بانخفاض دينه، أو المساءة بظهور دينه، ونحو ذلك: مما لا يكون صاحبه إلا عدواً لله ورسوله، وهذا القدر كان موجوداً في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومازال بعده، بل هو بعده أكثر منه على عهده..." (مجموع الفتاوى 28/434 ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق