الثلاثاء، 14 سبتمبر 2021

عشرون عاما على مسرحية الأبراج الثلاثة

عشرون عاما على مسرحية الأبراج الثلاثة

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية



بينما احتفل الإعلام العالمي بمرور عشرين عاما على تفجير أبراج التجارة العالمية الثلاثة، المدبّرة بقرار من مجلس الكنائس العالمي، فما من واحد أيا كان أو من أي مجال كان، أشار ولو على استحياء، كيف ولماذا تم ترتيب هذا التفجير الذي لا يوصف بأية كلمات، والذي أطاح بثلاثة أبراج، تم نسفها عن طريق الهدم تحت السيطرة، مثلما أطاح بعدة آلاف من القتلى والجرحى.. وهو النظام الذي ابتدعته تلك الولايات وما أكثر ما تم استخدامه في الأفلام التي انتجوها قبل الحدث. إلا أنه قد تم التعتيم على البرج الثالث منذ أولي اللحظات، وهو المكوّن من اثنين وأربعين طابقا والذي كان به ما يودون التخلص منه من مستندات..

فحقيقة ما حدث في ذلك اليوم تعود إلى مجمع الفاتيكان الثاني (1965)، الذي كان قد قرر من ضمن ما قررـ وكل قراراته مكتوب سببها معها، قرر اقتلاع الإسلام وتنصير العالم حتى تبدأ الألفية الثالثة والعالم بأسره قد تم تنصيره. وحينما بدأت الألفية الثالثة والإسلام والمسلمون لا يزالون على وجه السطيحة، قرر مجلس الكنائس العالمي، المكون من 350 كنيسة منشقة عقائديا، قرر في يناير 2001 إسناد مهمة اقتلاع الإسلام الي الولايات الأمريكية المتحدة، بحكم أنها أصبحت القوة العسكرية المتفردة بعد أن تم اقتلاع اليسار بقرار أيضا من مجمع الفاتيكان الثاني، حتى لا يبقى سوى النظام الرأسمالي، وقد تم ذلك بالتضامن بين الفاتيكان والولايات المتحدة واختلاق حزب تضامن في بولندا، بلد البابا يوحنا بولس الثاني المتسلط علي جناحي الفاتيكان والكرسي الرسولي آنذاك، وجورباتشوف كعميل من الداخل..

وفي الحادي عشر من سبتمبر 2001، أي بعد أشهر قليلة من قرار مجلس الكنائس العالمي، دوّت أصداء الجريمة لتذهل العالم في صدمة لا مثيل لها، بينما الأيادي العابثة تعمل على محو آثار الجريمة.. ويا للعجب، فبينما كانوا يمحون الأنقاض المتراكمة وسيول الصلب المنصهرة إذا بهم يكتشفون على أعلي تلّها جواز المدعو أحمد عطا، سليما ناصعا، لم يمسسه سوء، لتبدأ مطاردة أرادوها كاسحة ضد الإسلام..
وبينما احتفل العالم بذكري تلك الأحداث التي يحركها ويؤججها عداءٌ لا يكل ولا يهمد ضد الإسلام، منذ أن أدركت الكنيسة ان الإسلام ليس مجرد هرطقة من الهرطقات المائة التي اعترت مسيرة تكوين وتشكيل كيان المسيحية، وإنما هو دينٌ أنزله المولي بالأدلة والبراهين لتصويب ما تم من تحريف في العقيدتين السابقتين، فبدأ التخطيط لاقتلاعه.

وفي الكتاب الذي أصدره چيرار أوكنور، أوضح بالوثائق كيف دفعت نفس الأحداث وزجت بأسقف بوينس أيرس على شاشات الرادار في المعهد المقدس ليبدأ ويتحد مصير الكاردينال برجوليو الذي أصبح البابا الحالي. ولفهم العلاقة الغريبة بين الحدثين، نطالع أن البابا الراحل يوحنا بولس الثاني كان يَعدّ لعمل سينودس حول موضوع: "الأسقف، خادم إنجيل يسوع لآمال العالم". وكان الكاردينال إيجان هو المسؤول عن تنظيم تلك الاحتفالية، والكاردينال برجوليو مساعده. إلا أن جريمة الحادي عشر من سبتمبر قد بدلت مجري الأحداث حتى الكنسية منها!

فقد تم افتتاح السينودس بعد انهيار الأبراج الثلاثة بثلاثة أسابيع بينما كانت مدينة نيويورك لا تزال تحت الصدمة. واضطر الكاردينال إيجان للسفر وترك مكانه لمساعده.. وقد قام برجوليو بمهارة بحيث، وبصورة مسرحية مدبرة تشير الي الأصابع السياسية خلفها، رأي كل الكرادلة أن ذلك الشاب، وكان في الستينيات من عمره، هو الذي يصلح لتولي المنصب بدلا عن البابا يوحنا بولس الثاني الذي أنهكه المرض وكبر السن.

وعند اختيارهم المجلس المكون من إثني عشر شخصا حصل الكردينال برجوليو علي أعلي الأصوات بسبب مميزاته ومساهماته الاستثنائية. وأتت النتيجة بعكس ما تم الترتيب له، وتولي بنديكت السادس عشر رئاسة الفاتيكان، لكنه لم يبق طويلا إذ اضطر إلى الاستقالة بسبب تورطه في قضايا تلاعبية النزعة مع المافيا وغيرها وتمت ادانته.. فتقدم باستقالته وسُمح له بالبقاء داخل جدران الفاتيكان ليحتمي بالحصانة الدبلوماسية التي تحيط به..

وفي 13 مارس 2013، تم اختيار الكاردينال برجوليو ليحتل مقعد البابوية وقد اختار الاسم الحركي أو الكنسي للقديس فرانسيس، أشهر مبشر في التاريخ، فهو الذي ذهب أثناء إحدى الحملات الصليبية لتنصير السلطان الملك الكامل! وهو ما يوضح إلى أي مدي يتوغل عداء ذلك الكائن ضد الإسلام، مهما تحايل أو تلفع بمسوح الأخوة والمحبة.. فقد تم اختياره إضافة إلي ذلك العداء الشخصي والديني، لإصلاح ما آلت إليه كنيسة الأم..

فالملفات التي تسلمها، إلى جانب ضرورة تنفيذه قرارات مجمع الفاتيكان الثاني، كانت تتعلق بالاختلاسات المالية في الفاتيكان وخاصة ملفات بنك أمبروزيانو، والتعامل مع المافيا، والإتجار بالسلاح، وبالأعضاء، وخاصة الانفلات الجنسي الذي أصاب المبني بكل تدرجاته، وما أكثر ما تحمله الملفات المثقلة، إضافة إلى ما يتطلبه الديكور المسرحي الديني من المشاركة في احتفالات عالمية، كان آخرها حضوره الاحتفال بنهاية "المؤتمر الدولي الثاني والخمسون للإفخارستيا"، المقام من 5 الي 12 سبتمبر 2021 في بودابست.

والإفخارستيا، لمن لا يعرفها، طقس كنسي يتناول أثناءه الأتباع قطعة بسكويت ورشفة نبيذ، وعليه أن يؤمن إيمانا قاطعا، وهو يبتلعها، أنها تمثل لحم المسيح ودمه. وبدأ الاحتفال بهذا الطقس منذ القرن التاسع عشر في فرنسا، ويُعقد كل أربع سنوات في مدينة يتم اختيارها دوريا، برئاسة كاردينال البلد، ويحضر البابا ختام الاحتفالية.

وفي السويعات التي قضاها البابا للاحتفال بانتهاء المؤتمر، التقي البابا بفيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، وبدأ الحوار بين رجل الكباري ورجل الجدران.. فالبابا من أنصار بناء الكباري والجسور للتسلل بنعومة لإتمام عمليات تنصير الشعوب، أما رئيس الوزراء فمن أنصار بناء الجدران الفاصلة.. وكان فيكتور أوربان قد أغلق حدود المجر سنة 2015 حين شيد جدارا طوله 175 كم جنوب بلاده على حدود صربيا، لكيلا يفر اليها المسلمون من إبادة الصرب لهم.. فهو يقدم نفسه على أنه الحد الفاصل والصادم للغزو الإسلامي والمهاجرين المسلمين. والبابا لم يكف عن تذكيره أن أوروبا تم بناؤها قديما بفضل موجات المهاجرين وقد تم تنصيرهم!

بينما علق الكاردينال بيترو بارولين قائلا: "أنني واثق أن كل الذين يجلسون هنا بما فيهم رجال الكرسي الرسولي، يعلمون تماما أن كل الذين يفرّون إلى هنا هم مسلمون ويقومون بتغيير تكوين قارتنا".. 
أما البابا فقد ناشد الحضور "إطفاء لهب معاداة السامية الذي لا يزال ينبض في الأعماق". وهو ما يفسّر اهتمام البابا بمزيد من التقارب مع الصهاينة والسبب الذي من أجله ألغي القداس اللاتيني القديم بخطابه المعنون "حراس العقيدة"، ذلك القداس الذي كان "يلعن عماء اليهود ويدعوهم للدخول في المسيحية"..
تري هل بدأنا نفهم موقعنا "الجغرافي" بالنسبة للفاتيكان وترتيباته الناعمة؟


زينب عبد العزيز
13 سبتمبر 2021


*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق