لماذا فتر الحماس..وتبلد الإحساس..؟!!
د. عبد العزيز كامل
عندما أقدم النصراني الاسترالي( مايكل دينيس) على شب حريق داخل المسجد الأقصى عام ١٩٦٩؛ انتفض العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه غضبا للأقصى، وعقد مؤتمر إسلامي لاتخاذ مواقف " حاسمة" تجاه هذا الاستفزاز البالغ،الذي وصل إلى حد امتناع اليهود لساعات طويلة عن إرسال عربات الإطفاء،ثم الادعاء بأن المعتدي مجنون، وتركه يرحل لبلاده بسلام..
★..وعندما دخل الهالك ( إريئيل شارون) رئيس الوزراء الإسرائيل الأسبق، مع عدد من حراسه إلى باحة الأقصى في سبتمبر عام ٢٠٠٠ ؛ انتفض الشعب الفلسطيني كله ، وشعوب العرب والمسلمين وراءه، واشتعلت الانتفاضة الثانية التي استمرت خمس سنين، وقتل فيها مايزيد عن ألف من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، وأصيب أكثر من أربعة آلاف جريح..
★.. كان هذا يحدث عندما كانت هناك بقايا حمية وشعور بالمسؤولية لدى النخب الفكرية والقيادات السياسية؛ رغم أن المخاطر الحقيقية على المسجد الأقصى لم تصل يومها إلى ماوصلت إليه اليوم، وما يمكن أن تصل إليه غدا..
لكن ماذا دهى تلك " النخب" بل الشعوب اليوم ؛ والخطر الحقيقي بالتهويد والهدم صار يهدد مسرى النبي محمدا صلى الله عليه وسلم، الذي صلى فيه بجميع الأنبياء في ليلة الإسراء ..
★.. الساسة اليهود الرسميون يشاركون اليوم في مسيرات الأعلام بكل استهانة وصلف وغرور ، متقدمين قطعان المستوطنين وجماعات العنف باسم العقيدة من (جماعات) إعادة الهيكل الدينية، المحمية من الدولة اليهودية..
★.. مسيرات اليهود الصاخبة الصارخة، التي خطط لوصول المشاركين فيها إلى ٢٥٠ ألف من اليهود المتدينين، ليرفعوا أعلام الدولة الصهيونية، تحت حماية ٣٢٠٠ عنصر مسلح من الشرطة الإسرائيلية.. هي إعلان واضح عن التحدي لخوض الحروب الدينية،إذا ما صاحت لأجل نشوبها الأبواق اليهودية..
★ أما لماذا يحتفلون؟ وبماذا يحتفون..؟ فإنهم يحتفلون بذكرى إنجازين تاريخيين ليهود العصر، وهما : ذكرى مرور ٧٥ عاما على (اعلان إسرائيل دولة ).. و مرور ٥٦ عاما على (احتلال القدس) لإعلانها عاصمة لهم . وقد أعلنت بالفعل في عهد ترامب .
وهاتان المناسبتان تحتاجان فقط إلى مناسبة ثالثة في اعتقادهم؛ لتكون أجواء العالم مهيأة لخروج مسيحهم اليهودي المنتظر .. وهي مناسبة الهدم الفعلي للمسجد الأقصى، والبدء الحقيقي في تشييد الهيكل الثالث ..
★.. لهذا يدعون إلى حشد الهمم للوصول إلى يوم هذا الهدم ، ولهذا تجمع منظمة "عائدون للهيكل" أنصارها لهذا الحشر اليهودي الجماهيري أمام إعلام العالم، ليقولوا نحن العائدون لهدم الاقصى وبناء المعبد اليهودي مكانه ، في استعراضات بالآلاف لأداء الرقصات الجماعية الدينية داخل ساحات الأقصى، ملوحين بأعلام النجمة السداسية( الرامزة للهيكل) مع سجود ملحمي بشكل جماعي بمشاركة جموع الحاخامات والوزراء وأعضاء الكنيست.. الذين تتردد على مسامعهم كلما تكررت المسيرات ألفاظ السباب البذئ لأفضل الرسل وخاتم النبوات..صلى الله عليه وسلم.
★ أما غالب المسلمين اليوم _ شعوبا وحكومات _ فلا حماس ولا إحساس _ إلا من رحم الله _ وساستهم على موعد متزامن، لاجتماع "(الجامعة ) العربية، التي لم تجمع العرب يوما للنظر الجاد في تحرير المقدسات الإسلامية، ولكن استطاعت الظفر بإجماعهم على التطبيع والسلام مع دولة العدوان..
★.. ولا ندري ماذا ينتظر الجميع.. و بأي شيئ يجيبون حين يسألون .. ماذا عملتهم يا (أمة المليارين) لنصرة المجاهدين وتعظيم شعائر الله وحرمات الدين ..؟!
أين القادة بل أين الشعوب..؟
{ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج/٣٢)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق