السبت، 16 ديسمبر 2023

حوار مع د. محمد سيف الدولة:

حوار مع  د. محمد سيف الدولة



د. محمد سيف الدولة: سحب الاعتراف..  إلغاء المعاهدات.. قطع العلاقات مع الاحتلال.. خطوات ضرورية لوقف العدوان علي غزة

حوار عمر الكومي


أكد المفكر المصري والخبير في شئون الصراع العربي الإسرائيلي د. محمد سيف  الدولة، أن الموقف العربي والإسلامي الضعيف والمتداعي تجاه العدوان علي غزة، يعكس حالة الرعب التي تعاني منها هذه الأنظمة من واشنطن وتل أبيب، بعد تحول الطرفين لحاملي أختام الشرعية لأنظمة المنطقة .

وأشار سيف الدولة في حواره مع «جريدة الأمة الإليكترونية»، إلي أن إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يتم بإجماع من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وليس بتوجه منفرد من نتنياهو وعصابته، مشددا علي أن الغرب لن يقبل المساس بأمن مشروعهم الاستعماري في المنطقة وقاعدتهم العسكرية المتقدمة في المنطقة ؟

وشدد علي هجوم السابع من أكتوبر كان عملا إعجازيا، وله تداعيات كبيرة علي القضية الفلسطينية، حيث أعاد القضية مجددا لصدارة المشهد بعد أن عانت التجاهل ،موضحا أن المشككين في هذا الهجوم ودوافعه هم حفنة من المطبعين وعرابي التصهين.

الاحتلال لن يستطيع القضاء على المقاومة الفلسطينية.. وستظل في عنفوان قوتها رغم كل شي

ونبه إلي أي كانت نتائج العدوان علي غزة وحتى لو استطاع الغرب كسر المقاومة الفلسطينية، فإن النضال ضد الاحتلال لن يتراجع، بل سيزداد شراسة سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة عبر إستراتيجية الذئاب المنفردة ، مؤكدا أن الهزيمة قد لحقت بالاحتلال وكسرت أنفه رغم كل شيء.

 وانتقد بشدة ضعف الموقف المصري تجاه ما يجري في معبر رفح ومجمل ما يتعلق بالعدوان علي غزة، مشيرا إلي أنه دون استعادة السيادة المصرية وتمصير معبر رفح فلن تقوي علي اتخاذ مواقف جادة من محاولة توطين الفلسطينيين وتصفية القضية .

الحوار مع المفكر المصري محمد سيف الدولة، تطرق لقضايا عديدة سنعرضها بالتفصيل في السطور التالية.

• عكس البيان الهزيل للقمة العربية الإسلامية المشتركة هزيلا وليس علي مستوي الحدث بشكل أدى لترك الفلسطينيين يواجهون وحدهم لهذا العدوان.. هل من تفسير لسيادتك لحالة الرعب التي تنتاب الدول العربية من واشنطن وتل أبيب؟

نهج التبعية يكرس رعب الأنظمة العربية والإسلامية من أمريكا والكيان 

 إن الخوف المزمن الذي يسيطر على الغالبية العظمة من أنظمة وحكام الدول العربية، مصدره أنها أنظمة قد اختارت وانتهجت نهج التبعية للولايات المتحدة منذ سنوات طويلة، بحكم المصالح المشتركة وبحكم أن الأمريكان  والاحتلال هما من يملكون أختام المباركة والشرعية لهذه الأنظمة، بالإضافة إلى كونها واقصد دولة الكيان قد غدت شرطي التأديب الذي صنعه الغرب لردع كل من يفكر في تحدى الهيمنة والنفوذ الأمريكي.

 وكذلك  أصبحت  «إسرائيل» اليوم تقوم بدور جديد وإضافي وهو أنها البوابة الأوسع لقلب الولايات المتحدة.

وهذه هي الحقيقة القاسية التي سبق أن قالها الدكتور مصطفى الفقي صراحة عام 2010، حين أكد إن رئيس مصر يجب أن توافق عليه أمريكا وتقبل به إسرائيل..

إبادة الفلسطينيين قرار جماعي غربي

• في ظل إعلان نتنياهو أنه لن يوقف الحرب علي غزة حتى لو وقف العالم كله ضده.. هل تعتبر هذا موقفا تكتيكا أم توجها استراتيجيا في ظل عجزه عن تحقيق اختراق في المعركة مع المقاومة ولو شكلي؟

 إن ما يرتكبه نتنياهو وإسرائيل اليوم من حرب إبادة للفلسطينيين، ليس قرار إسرائيليا منفردا، بل هو قرارا جماعيا شاركت فيه أمريكا وأوروبا بل قامت بالتحريض عليه، وهى أكثر عنفا وتطرفا وإرهابا حتى من قادة إسرائيل، فهي التي صنعتها، وهى طفلهما المدلل، وقاعدتهم العسكرية الإستراتيجية المتقدمة والأكثر رخصا في بلادنا.

بل أن «إسرائيل» وهى مشروعهم الاستعماري الأكثر نجاحا على مستوى العالم، فلا يمكن أن يتخلوا عنها أو يسمحوا لأحد من تهديد منها ووجودها إلا لو أجبرناهم على ذلك.

هجوم 7 أكتوبر إعجازي

• ما تقييم سيادتك لأداء المقاومة الفلسطينية في الحرب المشتعلة في السابع من أكتوبر وهل تراه قادرة بصمودها علي قلب الطاولة وأحداث نوع من توازن الردع مع الاحتلال؟

ما حدث في 7 أكتوبر معجزة لا ينكرها إلا المطبعين مع الكيان وعرابي التصهين

 المقاومة فعلت ما لم نره في حياتنا من قبل، حتى في حرب 1973، التي حاربت فيها مصر ومعها وفى ظهرها كل الدول العربية.

أما المقاومة ففعلت ما فعلته في 7 أكتوبر والدول العربية ضدها وتشارك في حصارها. أما ما بعد 7 أكتوبر فانه من المبكر الحكم عليه، ولكن أيا كانت النتائج، فان النصر الفلسطيني قد تحقق، وأنف العدو قد انكسرت،

بل وعادت القضية إلى المقدمة، وتم ضخ ملايين جدد من الشباب العربي إلى الحياة والقوى الوطنية العربية المعادية لإسرائيل، والرأي العام العالمي تغير، وآثار ايجابية أخرى وكثيرة ستظهر في الشهور والسنوات القادمة.

• يتحدث الكثير من الساسة الصهاينة والعرب علي حد سواء عن سيناريوهات مع بعد حماس في غزة كأنها انتهت.. بل ونري ارتباكا في موقف الصهاينة من وضع غزة هل هذا السيناريو أصلا قابل للتحقيق؟

الحديث عن سيناريوهات ما بعد حماس سابق لأوانه وإبادة الفلسطينيين قرار غربي بالإجماع 

 من المبكر أيضا الحكم على ذلك، لكنه حتى في أسوأ الأحوال إذا تمكن الاحتلال من هزيمة حماس، فان المقاومة لن تتوقف، وستستمر عمليات عناصرها ولو على شاكلة الذئاب المنفردة، التي ستكون أشد خطورة عشرات الأضعاف منها في الضفة الغربية.

 وهذه الخطورة تعود إلي أن ترسانة الأسلحة النوعية التي تمتلكها المقاومة في غزة. وعلينا دائما أن نتذكر أنه حين قامت إسرائيل باجتياح لبنان وحصار وقصف بيروت 83 يوميا وطرد وإخراج المقاومة الفلسطينية تحت قيادة أبو عمار من لبنان عام 1982، وتصور العالم أن المقاومة ماتت وانتهت. لكن ما رأيناه أن العدو الصهيوني فوجئ بميلاد جيل جديد من المقاومة في عام 1982 أشد شراسة وقوة وإيلاما، لا يزال يقاتلها حتى اليوم.

• في هذا السياق  لماذا تتمسك تل أبيب بخيار تهجير الفلسطينيين وتوطينهم في مدن مصرية وليس سيناء فقط هل الأمر يتعلق بتصفية القضية الفلسطينية أم له علاقة بالصراعات الجيو إستراتيجية مع الصين وروسيا ؟

 لا استطيع أن أتيقن من صحة ما يتم نشره عن مخططات إسرائيل لتوطين أهالي غزة، لكن المؤكد لي حتى الآن أنها تستهدف تهجير الفلسطينيين من شمال غزة إلى جنوبها ثم إلى سيناء، ويهدف هذا لإنجاز نكبة فلسطينية جديدة وتفريغ الأرض وإخلائها والسيطرة عليها وابتلاعها كما فعلت مع فلسطين 1948،

موجة التعاطف العالمي مع الحق الفلسطيني ستظهر تداعياتها بقوة خلال الأشهر القادمة 

وهذا المخطط قائم على قدم وساق، فكل قصف للمنازل والمستشفيات وللبنى التحتية من شبكات مياه وكهرباء وصرف صحي وطرق وكل مجزرة إبادة وكل جرائم التجويع والتعطيش وكل الإنذارات الإسرائيلية للأهالي بضرورة النزوح إلى الجنوب حفاظا على حياتهم ليست سوى خطوات محددة في خطة مرسومة ومعدة سلفا للتهجير إلى سيناء.

ولكن أكثر ما يقلقني هو الضعف الشديد في ردود فعل السلطات المصرية تجاه هذه المخاطر والتهديدات، فالاكتفاء بالرفض والتصريحات النارية لن يوقف التهجير. الذي لن يجهضه ويوقفه إلى الدفع بأعداد كبيرة من القوات المسلحة المصرية إلى الحدود الدولية وعدم الاكتفاء بتنظيم تفتيش حرب في السويس خارج سيناء.

تمصير معبر رفح

• ما تقييم سيادتك للموقف المصري ولماذا بدت القاهرة عاجزة عن فتح معبر رفح وما خياراتها للتعامل مع سيناريوهات الحرب المختلفة باعتبار أن هزيمة حماس تشكل كارثة إستراتيجية علي مصر ؟

تمصير معبر رفح خطوة ضرورية لاستعادة السيادة ومواجهة مساعي التوطين وتصفية القضية

 للأسف الشديد أن الإرادة والسيادة المصرية في سيناء وفى معبر رفح مجروحة منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد 1978-1979 التي قامت بتجريد ثلثي سيناء من القوات والسلاح إلا بإذن إسرائيل، وما تبعها من اتفاقيات أخرى مثل اتفاقية فيلادلفيا الموقعة عام 2005 والتي كلفت فيها إسرائيل السلطات المصرية بمراقبة الحدود مع غزة.

وكذلك اشترطت قوات الاحتلال عدم فتح معبر رفح إلا بموافقتها، وهو الوضع الذي انكشف للرأي العام المصري في الأسابيع الماضية حين عجزت مصر عن إدخال مساعدات إنسانية لأهالي غزة بسبب تعنت إسرائيل.

وهو وضع لم يعد قابلا للاستمرار فعلى الجميع في مصر أن يعقدوا العزم على تحرير السيادة والإرادة المصرية من سجن كامب ديفيد وقيوده المفروضة على قواتنا في سيناء وعلى قرارنا في معبر رفح،

ومن هنا يجب أن  يتحول المعبر إلى معبر مصر فلسطيني مستقل عن أي نفوذ إسرائيلي، مثله مثل معبر السلوم وهى الدعوة التي أسميتها في عديد من الكتابات بضرورة تمصير معبر رفح.

• طالبتُم كثيرًا بسحب الاعتراف العربي بإسرائيل باعتباره ورقة قوة لنزع الشرعية عن هذا الكيان.. فهل يستطيع العالمان العربي والإسلامي الإقدام علي هذه الخطوة؟

تعزيز الوجود العسكري المصري بسيناء يعرقل مخطط التوطين وليس التصريحات العنترية

• إن الاعتراف بشرعية إسرائيل الباطلة تعطيها رخصة لقتل الفلسطينيين بذريعة أن من حقها أن تدافع عن نفسها مثلها مثل أي دولة طبيعية. وهو واجب حتمي وفرض عين على كل الدول العربية والإسلامية أن تسحب اعترافها بإسرائيل وتقطع العلاقات وتلغى المعاهدات، وإلا ستكون مشاركة في سفك دماء الشعب الفلسطيني..

• هناك من يعتبر طوفان الأقصى مؤامرة علي الشعب الفلسطيني بل وأخذ الكثيرون يكيلون الاتهامات للمقاومة كيف تحسم سيادتك هذا الجدل وترد علي هذه الدعوات المشبوهة؟

 هذا الكلام لا تردده إلا مؤسسات الشئون المعنوية لجيش العدو، وكذلك كل الخائفين من إسرائيل من جماعات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، الذين كانوا دائما ما يروجون لمثل هذا الكلام الصغير والمعاد في كل حرب أو عدوان إسرائيلي على فلسطين أو لبنان، في محاولة للتشويش على الرأي العام العربي حتى لا يرى جبن وتواطؤ النظام العربي الرسمي.

لقد كانت إسرائيل في الشهور والسنوات القليلة قبل 7 أكتوبر تبتلع ما تبقى من فلسطين بما فيها المسجد الأقصى، في حماية ومباركة الأمريكان ومجتمعهم الدولي وفى حماية ودعم وتطبيع دول عربية. فماذا كان أمام الفلسطينيين من بديل؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق