الاثنين، 15 يناير 2024

فلسطين هل تكون نافذة لإنهاء الصراع مع إيران؟

فلسطين هل تكون نافذة لإنهاء الصراع مع إيران؟


🖌 مع احتدام الصراع بين مجاهدي فلسطين والصهاينة المحتلين، وفي ظل تكالب دولي على شعب فلسطين، وفي ظل خذلان النظم العربية للمسألة الفلسطينية.. تتعالى الأصوات بضرورة إنهاء الاحتراب العربي والإسلامي مع إيران، وذلك بدعوى بطلان الطائفية!

🖌 إن طرح الصحفي المعروف ياسر أبو هلالة في هذا الصدد يشير إلى خلط وتسطيح كبير، لا يؤول إلى حل للمشكلة بل ينتهي لإخضاع شعوب المنطقة للمشاريع الظالمة بذريعة الدعوة لعناوين صحيحة (نبذ الطائفية – التوحد لتحرير فلسطين)!

🖌 يغفل البعض -جهلا أو عن قصد- عن أن المسألة الطائفية قد صنعت بامتياز على أيدي ملالي إيران منذ عقود، وذلك بعد أن مكنت أمريكا الخميني من حكم إيران، ثم مدت نفوذ إيران الطائفية في عموم المنطقة لتفسد وتنحر أي محاولة انعتاق لشعوبنا ودولنا من الهيمنة الغربية، الأمر الذي يراه بوضوح حتى العميان في العراق واليمن ولبنان والشام!

🖌 لقد دعا شيخ السنة القرضاوي -رحمه الله- ملالي إيران إلى ما ينهي حالة الاحتراب الطائفي ووضع شروطا والتزامات وقواعد عملية رفضتها الملالي الإيرانية!

🖌 كما طرح العالم والشيخ السني حارث الضاري -رحمه الله- خطابا وشكلا عمليا في استيعاب شيعة العراق أفسدته إيران باختراقات بنيوية!

🖌 إنه لظلم أعمى أن يطرح من ينتمي للأمة ودينها وشعوبها إنهاء لخصام فيه قفز عن الحقائق الموضوعية حيث تحتل إيران أربع عواصم عربية وتقتل وتشرد وتفقر أهلها ظلما وعدوانا، فيما لا يحتل أي مسلم حواضر ايرانية أو شيعية!

🖌 إن من يصف شعوبنا بالطائفية كمن يضع الملح على جروح الضحية! فمن منا لا يتمنى انتهاء هذا الاحتراب الطائفي الذي صنعته أمريكا على عينها لتنام هي وشعوب الغرب نيمة هنية!

🖌 لقد وقعت كثير من الشخصيات العاقلة والصادقة في فخ التصوير الطائفي وتجاوزت حقيقة العداء القائمة على مشروع سياسي معادي!

🖌 لقد أسهم الخطاب الإسلامي الشعبوي في إلصاق التهمة الطائفية بشعوبنا العربية والإسلامية المسالمة، حيث اعتلى الخطاب الإسلامي استحضار لمصطلحات تاريخية حتى بات مصطلح الرافضة فاتحة لكل خطبة أو مقال!

🖌 والحقيقة التي يتجاوزها البعض عن عمد، ويقع في تجاهلها البعض عن غفلة، هي أن حقيقة العداء القائمة بين شعوبنا وبين إيران مبنية على مشروعها السياسي الظالم، والذي تحالف مع الاستبداد السياسي القائم في دولنا ليجهض أي ثورة مشروعة لشعوب مقهورة ومظلومة.

🖌 إن توسع الشرخ الحاصل بين شعوب المنطقة وبين إيران لم يرتكز على تشيعها! بل على توسعها الظالم في دول المنطقة، وعلى طغيانها السياسي والعسكري والأمني الذي عاث في دماء الناس بعد أن نهب ثرواتهم وأفقرهم ومزقهم وأسلمهم للمجهول في كل بلد احتله أو توسع في ناحية من نواحيه!

🖌 وبكلمة يمكنني القول إن جوهر الصراع بين شعوبنا العربية والإسلامية مع إيران وملاليها مرتكز على مشروعها السياسي الظالم والمعتدي -وإن كان البعد الشيعي المذهبي أحد مكوناته-.

🖌 كما يمكنني القول بأنه من الظلم الفاحش -وهو جلد موجع للضحية-، بأن تتهم شعوبنا المقهورة بأنها طائفية، وأن يتم القفز عن كل المحاولات العربية والإسلامية لحل المعضلة مع إيران والتوحد تحت عنوان فلسطين والإسلام، الأمر الذي دعا القرضاوي -رحمه الله- لاختيار آية الله تسخيري لينوبه في رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ثم تراجع الشيخ القرضاوي بعد تجربة كشف عن مرارتها علانية مشيرًا إلى خطأ وفشل محاولته في التقارب نتيجة وعيه بحقيقة المشروع السياسي الإيراني .

🖌 والسؤال الذي يجب طرحه على كل أصحاب هذا المقترح والمضمون الأعوج هو:

🖌 كيف ندعو لتجاوز الإشكال القائم مع إيران وملاليها في سبيل تحرير فلسطين وأقصى المسلمين، فيما نتجاوز عن حقيقة أن إيران تحتل عواصم عربية وإسلامية وتسيل فيها أنهارا من دماء الموحدين؟

🖌 كيف يسقط البعض في هذا الخلل الأخلاقي والسياسي والشرعي؟

🖌 وهل ننطلق في تحديد بوصلتنا وأشكال تعاملنا ومواقفنا من عبادة فلسطين أم عبادة رب فلسطين ورب العالمين؟

🖌 أين رصيد الكرامة الإنسانية عند من يتجاوز دماء بشرية أهرقت ظلما، ثم يخاطب الضحية مطالبا له بالقفز إلى حضن الجلاد، دون أن يطالب الجلاد بالتراجع عن ظلمه وتصحيح أخطائه السياسية وانهاء احتلالاته وتدخلاته التعسفية؟

🖌 إن كل دعوة لإنهاء حالة الاحتراب لإيقاف أشكال هدر الطاقات والتركيز على الأهداف الكبرى كتحرير فلسطين هي دعوة محمودة، ولكنها تنقلب إلى دعوة ظالمة لا أخلاقية ومذمومة إذا فقدت شرطها الأساس بالإقلاع عن الظلم وتصحيح الأوضاع السياسية الخاطئة والتي أوجدتها المشاريع المعادية.

🖌 ومن المفيد في هذا السياق الإشارة إلى ضرورة تصويب شكل الخطاب الإسلامي اليوم، حيث يلصق بنفسه تهمة الطائفية -دون أن يدري- مع أنه ضحيتها الأولى، وذلك من خلال استحضاره الدائم لمصطلحات تاريخية تشير للصراعات المذهبية مع أن حقيقة العداء والشرخ القائم يرتكز على مشروع سياسي معاد وظالم -وان كانت المذهبية أحد مكوناته-.

🖌 أما عن فلسطين الجريحة وأقصاها المبارك، فإن تحريرها حق ووعد وهو مرتبط بالله سبحانه، وقد أساء الأدب مع الله وضعف دينه وتلوث نقاء عقيدة كل من ظن أن الله سبحانه وتعالى -تعالى عن ذلك علوا كبيرا- سيلجئ عباده المؤمنين للحلف والاستعانة بقتلة عباده الموحدين ليحرر بيته ومعراج نبيه الأمين صلى الله عليه وسلم!

🖌 إن كثيرا من أشكال ورؤى الأطروحات لتحرير فلسطين بحاجة إلى توبة صادقة واقلاع عن آثامها، وإعادة صياغة سليمة لمشروع التحرير تنطلق من ملة إبراهيم وتقتدي بهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن كلام الله العظيم.

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم واجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر، واعف عنا وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء.

مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 7/1/2024

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق