الأربعاء، 3 يناير 2024

نتنياهو ابحث لنفسك عن بلد مهجر.. فالوطن فلسطيني

نتنياهو ابحث لنفسك عن بلد مهجر.. فالوطن فلسطيني


علي أبو هميلة 

أن يصل الحد بالسارق دعوة صاحب المنزل والأرض والوطن إلى الهجرة من بيته ووطنه وتاريخه، فلا يعني هذا سوى أن السارق قد بلغ به الغرور والغطرسة حدًا لا سقف له، بأن يقوم المغتصب بتحويل الصاحب الأصلي للوطن إلى لاجئ فلا معنى سوى الوقاحة والتبجح، وإن كنا تعودنا هذا التبجح من الكيان الصهيوني طوال تاريخه فإن اللحظة الحالية ستفرض على هؤلاء المغتصبين أن يعيدوا التفكير فيما يقولونه أو يدعونه، فما بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، وبدء “طوفان الأقصى” غير ما قبله.

رئيس وزراء الكيان الصهيوني “اللقيط” بنيامين نتنياهو أعلن الأسبوع الماضي أنه يجري مشاورات مع عديد من الدول المجاورة من أجل استقبال أهل غزة لديهم في هجرة شرعية، وأن هذه البلاد ترفض اقتراحه، وهو هنا يقصد مصر والأردن اللذين أعلنا أنهما ضد الهجرة القسرية لأهالي غزة، وما معناه أن هذه الهجرة تعني تصفية القضية الفلسطينية، وهي قضية الأمة العربية والإسلامية الأولى، والأهم بل الوحيدة.


هل يلعب توني بلير دورًا جديدًا؟

الأغرب مما تناوله المجرم الصهيوني نتنياهو من وقاحة حين يفاوض دولًا لاستقبال أصحاب الأرض والتاريخ والجذور الممتد إلى آلاف السنوات ما تم تداوله بعد زيارة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير للكيان الصهيوني حول قيامه بمهمة إقناع بعض الدول العربية والأوروبية باستقبال أهالي غزة في هجرة إلى تلك الدول.

رغم نفي توني بلير ما نسب إليه وما قاله وزير المالية للكيان الصهيوني حول هذه المهمة وقوله إن توني بلير يمثل سفير الإنسانية في المنطقة ولأهالي غزة، إلا أن ظهور رئيس الوزراء البريطاني في هذا التوقيت من الحرب على غزة لا يستبعد الدور الذي أشيع عن زيارته للمنطقة، وما ماضي بلير ببعيد ولا أدواره التي أداها للمشروع الصهيوني بجانب الولايات المتحدة، وفرنسا.


من أنتم؟

لا أدري لماذا انفجر هذا السؤال في عقلي حينما قرأت تصريحات النتن ياهو، وما قيل عن دور توني بلير لإقناع دول باستقبال أهالي غزة لديها، لا أدري بالفعل أصل الاثنين، وإلى أي دولة أصلية ينتميان، فالكيان اللقيط هو تجمع هجيني لا تدري له أصولًا، وقد يكون نتنياهو من هؤلاء اللقطاء الذين تم تجميعهم من حواري أوروبا التي كانت تضج في بدايات القرن العشرين بأفعال اليهود الشاذة، والتي كانت تسبب قرفًا شديدًا لأصحاب الدماء الزرقاء في أوروبا فقرروا التخلص منهم، وسرقة وطن لهم من أهله وجعلهم شوكة في قلب الأمة العربية والإسلامية التي سببت لهم الكثير من الآلام طوال عقود طويلة من عصر الدولة الإسلامية.

توني بلير ابن بلد عاش تاريخه على ثروات الدول والأوطان التي استعمرها، ورغم شعارات بريطانيا عن الديمقراطية الإنجليزية إلا أن ما عانته دول كثيرة وخاصة في إفريقيا من استيلاء على ثرواتها، جعلت بريطانيا وحتى الآن بلدًا يعتمد على سرقة واستغلال ثروات البلاد التي احتلتها، وحتى بعد ثورات التحرير في إفريقيا ظلت بريطانيا تلعب دورًا في نهب هذه الدول.


هل تدرك معنى الوطن؟

بنيامين نتنياهو وشعبه لا يدركون معنى الأوطان فهو عاش بلا وطن، ولا يعرف قيمة التاريخ، فلا تاريخ له، ويدرك قيمة المباني القيمة والعمارة، فأي مستوطنة يعيش فيها في أي مكان، فهذه معيشتهم في عمرهم الذي لا يتعدى قرنًا ونصف القرن من الزمان، فأين هو من سبعة آلاف عام هي عمر فلسطين وأهلها التي يحاول الآن أن يهجرهم منها، يجعلهم شتاتًا مثل شتاتهم التاريخي.

هل تعرف معنى الثوب الفلسطيني أيها المغتصب؟ هل تعرف كم ثوب في أرض فلسطين؟ ما قيمة كل لون فيه ورمزيته؟ هل كان لألوان الثوب الذي ترتديه معنى تاريخي أو قيمة في يوم من الأيام؟ هل جربت أن تجلس على ركبتيك أمام جدتك وصمت بالساعات تتعلم كيف تنسج اللون باللون والخيط بالخيط؟ هل سهرت ليالي تحلم متى تنتهي من هذا الثوب لتراه على أمك، أختك، خالتك، عمتك؟ أم أنك لا تعرف لك جدة؟ ولا تدري أين مدفنها؟ هل تعرف لك عائلة أيها اللقيط في الكيان اللقيط؟ هذا هو وطننا الذي لا بديل له، فابحث لك عن دولة مهجر، فنحن لا نقايض الوطن.

هل عشت في صباك تتعلم ألعاب الأجداد في الشارع؟ تعرف ما هي ألعاب الأطفال التي ورثناها أبًا عن جد في صبانا؟ هل جلست إلى أبيك يحكي لك تراث الأجداد من حكايات البطولة والفداء، والدم الذي روى تلك الأرض، بل هل تعرف حكايات الأبطال الشعبيين الذين سهرنا مع الأجداد والجدات نسمعها منهم؟ هل جفى النوم عينيك وأنت تستمع الأغنيات من الجدات أمام البيوت الحجرية، ومواويل الغناء الشعبية، وحكايات السير الشعبية؟ نسيت أنت لا تعرف لك جدًا، أو جدة.


الوطن فلسطيني

هل تأملت يومًا ما أنواع الأحجار الموجودة في حارات القدس؟ طريقة البناء، القيمة الفعلية لبلاطات الأرض في الشوارع والبيوت القديمة والمساجد، هل تعرف متى بني المنزل أو المسجد؟ وضعت الأحجار فوق بعضها لتكون جدارًا يحمي التراث والتاريخ، هل شاهدت مئذنة، أو منبرًا في مساجد نابلس، الخليل، حيفا، وتذكرت أو فكرت فيمن بناه وما علاقتك به؟ بالتأكيد أنك لا تنتمي لتلك الأرض ولا الوطن، لا التراث، لا التاريخ، لا أغانينا، ولا حكاياتنا، فكيف لك أن تدرك معنى الوطن؟

هل يمكن أن أشرح لمغتصب وطن معنى الوطن، لا يمكن، لذا فإن انتماءنا يختلف عن وجودك المؤقت أيها العابر على تاريخنا، وأرضنا، وتراثنا، الذي لا تدركه ولن تدركه، هل تدرك عيناك ما تراه الآن من صور في غزة لأطفالها، رجالها، نسائها، شيوخها، عجائزها، هل تأملتها لبرهة زمنية أيها المغتصب؟

لا أظن، لم ولن تفعل، لذا فأنت لا تدرك معنى الوطن، وهذا الفارق بينكم وبين أطفال غزة، أقول لك الأطفال، لا الرجال، ولا المقاومين، فابحث لنفسك عن دولة مهجر يا مجرم الحرب، وقائد العصابات الصهيونية، فلا وطن لك، أما نحن أبناء الأوطان التي ندرك تاريخها، تراثها، حكاياتها، ألوان بيوتها، مساجدها، خاناتها، فلا أوطان بديلة لنا، ولا دول مهجر، فنحن باقون ما بقي الزعتر والزيتون، باقون ما بقيت فلسطين، وهذه الأرض إما لنا، وإما لنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق