اختبار دور ثانٍ
الامتحان هو عملية تقييم تُجرى عادة في نهاية دورة دراسية معينة، أما الاختبار فهو عملية تقييم يُمكن أن تُجرى في أيّ وقت خلال الدورة الدراسية.
وبما أننا عرفنا الفرق بين الاختبار والامتحان، فهناك ما يُسمى بامتحان الدور الثاني وهو امتحان يدخله الطالب الذي رسب في أقل من ثلاث مواد دراسية في الفصل الدراسي، وإذا نجح فإنه يجتاز المرحلة الدراسية وينتقل إلى المرحلة التي تليها.
السيرة النبوية كانت تُسمى سابقاً بـ «علم المغازي»، وهي تشمل حياة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم منذ مولده أو بعثته إلى وفاته وتتناول هجرته وغزواته وسراياه ورسائله للملوك والقبائل... ونحن كمسلمين إن كنا نقرأ السيرة النبوية أو نسمعها، فإننا نقرأ إما للقراءة، أو كعلم شرعي للاقتداء بالأفعال النبوية التعبدية، وهذا حسن...
لكن أصبح عند الكثير من العقول المسلمة، عزوف عن قراءة السيرة النبوية ظناً منها بأنها غير صالحة لزماننا ما دمنا نأخذ العبادات من كتب أخرى ومن وسائل البحث الحديثة.
ولكن عند قراءة السيرة النبوية قراءة تأملية سوف نستنبط من خلالها الكثير من السلوكيات التي نأخذ منها المبادئ من وراء هذا الفعل وذاك ونتأمله ونستفيد منه ونسقطه على واقعنا ونطبق ذلك في زماننا الحالي فنكون قرأنا السيرة النبوية وأطلقنا التفكير وطبقنا المبدأ من وراء السلوك... فالمبادئ خالدة.
إن الحياة التي نعيشها فيها الكثير من الامتحانات والاختبارات، والأمة مع الأسف ترجو حلولاً لا تتوافق وقدراتها ومواردها وأزماتها، وكذلك الواضع لهذه الحلول لم يعرف واقع أمتنا إلا عن بُعد أو بعد دراسة، فقد وضع حلولاً لما مر به مجتمعه لا مجتمعنا، وأما السيرة النبوية ففيها الكثير من الأحداث المشابهة لما يجري في أيامنا هذه، والواقع متشابه إلى حدٍ ما مع بعض الأحداث التي ذكرت في السيرة.
أعتقد أن الأمة الإسلامية في العقود الثمانية الأخيرة أساءت قراءة السيرة النبوية مما جعلها ترسب في الاختبارات الحياتية المفاجئة التي تتعرّض لها بين الحين والآخر، وأرى الحل بقراءتها قراءة على جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وينهل كلُ مختصٍ في مجال ما يجده مجالاً للإسقاط والاستفادة.
ونحن رغم الظروف الصعبة مقبلون على امتحان الدور الثاني الذي أرجو من خلاله أن ندرك أبعاد السيرة النبوية لننجح في هذه المرحلة المليئة بالأزمات، ولعلنا نجتازها بنجاح ونقبل على المرحلة التي تليها في القادم من الأيام... ونحن أمة تعرف على الأقل كيف تشارك الأمم الأخرى رأيها. فإن لم يكن لها الدور الأكبر في ترتيب العلاقات الدولية العالمية فلا أقل من احترام الأطراف الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق