الأربعاء، 10 يناير 2024

هل تتوقف جرائم إسرائيل بقرار محكمة العدل الدولية؟

 

هل تتوقف جرائم إسرائيل بقرار محكمة العدل الدولية؟



                شعار محكمة العدل الدولية            

سبعة من قضاة محكمة العدل الدولية يبدؤون صباح الخميس (غدا) أولى جلسات محاكمة الكيان الصهيوني على جرائمه في قطاع غزة على مدار أكثر من ثلاثة أشهر، حيث ينظر القضاة في طلب دولة جنوب إفريقيا التحقيق في جرائم حرب ارتكبها جيش دولة الاحتلال طوال هذه الأشهر الماضية والمستمرة حتى أثناء انعقاد الجلسة الأولى للمحاكمة.

وافق برلمان جنوب إفريقيا على الاقتراح الذي قُدم إليه منذ ثلاثة أسابيع على تقديم مذكرة للمحكمة الدولية متضمنه ما فعله ويفعله الكيان المحتل وجيشه، وقد شهدت جنوب إفريقيا فعاليات تضامنية مع المقاومة الفلسطينية على مدار أيام العدوان منها مظاهرات شارك فيها الرئيس وأبناء نيلسون مانديلا المناضل الأيقونة في قضايا التحرر العالمية، كما نظمت مؤتمرا حاشدا شاركت فيها القوى المناهضة للكيان الصهيوني في العالم، وشارك فيه قياديون من فصائل المقاومة الفلسطينية من خارج فلسطين وداخلها.

تضامن عدد من الدول الإسلامية مع دعوة جنوب إفريقيا أمام المحكمة منها تركيا وماليزيا وباكستان، وقد انضمت إلى الدعوى قبل أيام من نظر الجلسة الأولى بوليفيا وتشيلي من أمريكا اللاتينية، وهي القارة الأكثر تضامنا مع المقاومة الفلسطينية وحقها في الدفاع عن احتلال أراضيها من قِبل الكيان الصهيوني الغاصب.

أما أغرب ما تشهده جلسات المحكمة الدولية التي تبدأ غدا بحضور ممثلين عن الكيان الصهيوني، فهو غياب الدول العربية جميعها، إذ لم تعلن دولة عربية واحدة حتى اللحظة تضامنها أو حضورها مع جنوب إفريقيا في دعواها أمام المحكمة الدولية في لاهاي.

الغياب العربي

يضع غياب الدول العربية الكثير من علامات الاستفهام أمام مواقف تلك الأنظمة والحكومات في ظل تعاطف الشعوب العربية وتضامنها مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل بطولات وصمود أسطوري لأبناء فلسطين في مواجهة آلة الحرب الصهيونية المدعومة من الغرب بقيادة الولايات المتحدة، وضمت جبهة الغرب بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، تلك الدول التي تواصل دعمها اللانهائي للكيان الصهيوني قبل الحرب وأثناءها بالأسلحة والجنود والعتاد.

لماذا لم تقدم دولة عربية واحدة على دعم فلسطين في تلك القضية التي لا هي مشاركة في الحرب ولا داعمة للمقاومة، بل كل الأمل في أن يصدر قرار من المحكمة بوقف هذا العدوان على الشعب الفلسطيني وإيقاف الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد الإنسانية.

في الأسابيع الأولى من العدوان على غزة، اجتمعت في الرياض 57 دولة عربية وإسلامية في مؤتمر ضم أعضاء جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وقد أصدر الاجتماع الكبير!! بيان تضامن مع شعب فلسطين، وتم تشكيل لجنة من المنظمتين للعمل الدبلوماسي على إيقاف العدوان الصهيوني ووقف المجازر التي تجري في كل لحظة، أين تلك اللجنة؟

لماذا لا تحضر غدا أمام المحكمة وتقدّم بيانا بجرائم الكيان الصهيوني اليومية التي توصف بجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية؟ هل يمكن أن يتقدم أي وزير من تلك اللجنة ويقدم للشعوب العربية والإسلامية كشف حساب لما فعلوه على مدار شهرين من العدوان؟ بل ليقولوا لنا فقط كيف استطاعوا أن يغفوا في سباتهم طوال هذه الأحداث التي لم تترك مظهرا للحياة في غزة إلا وقتلته؟

جرائم الحرب الصهيونية

دعا عدد من الناشطين المتضامنين مع المقاومة الفلسطينية، وبعض المنظمات الداعمة للحق الفلسطيني في حريته ومقاومة الاحتلال، المدافعين والمتضامنين في كل أنحاء العالم مع الحق الفلسطيني والمطالبين بوقف المجازر الإنسانية اليومية التي بلغت أكثر من ألفي مجزرة إلى مخاطبة القضاة السبعة للمحكمة عبر التقارير الإلكترونية وتقديم بلاغات عن جرائم الحرب التي يمكن الإبلاغ عنها، كما دعت كل من تضرر من أهلنا في فلسطين إلى التقدم ببلاغ عما أصابه من أضرار وخسائر جسيمة، وهنا أحاول أن أقدم للجنة منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية!! بعضا من هذه الجرائم.

شهدت الحرب على غزة استهداف جيش الكيان الصهيوني لكل المستشفيات التي تعمل على علاج مصابي العدوان والمرضى، وتم استهداف الأطفال في غرف الرعاية المركزة والأطفال الخدَّج، كما تم استهداف المدنيين في منازلهم بعد أن دمرت طائرات جيش الاحتلال أكثر من 70% من الأحياء والمساكن في شمالي القطاع، ولم يكتف الصهاينة بذلك في المستشفيات بل اقتحموا عددا منها واحتلوها وقاموا بطرد المرضي منها، وتم استهداف الأطباء ووصل عدد الشهداء منهم إلى أكثر من 200 طبيب ظلوا يؤدون أعمالهم حتى الرمق الأخير.

استهدف الكيان الصهيوني في جريمته التي لا تتوقف على قطاع غزة المدنيين، مما أسفر عن أكثر من 23 ألف شهيد منهم 12 ألف طفل و7 آلاف امرأة، وهو رقم غير مسبوق في الحروب، وقد تعمَّد جيش الاحتلال قصف المنازل والأحياء المدنية في محاولة لتدمير كل مناحي الحياة في غزة، ووصلت الجرائم إلى قصف محطات المياه والكهرباء، ومنع الأغذية والأدوية عن الأهالي في غزة مصابين ونازحين، وفي أماكن الإيواء، حتى عندما طلب الاحتلال من الأهالي في شمالي القطاع النزوح إلى الجنوب قاموا بقصفهم وهم في الطريق.

لا تتوقف جرائم جيش الاحتلال عند حدود الأحياء السكنية وتعمُّده قتل الأطفال والنساء، بل هاجم المدراس التي يأوي إليها من دُمرت منازلهم ومنها مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بل تعرَّض موظفوها للقتل بأيدي المغتصبين والمرتزقة من جنود الجيش الصهيوني، وتم استهداف المدراس بمن فيها من نازحين، ووقع الكثير من المجازر فيها.

شهداء الصحافة

استهداف الصحفيين وعائلاتهم، في رقم جديد لشهداء الصحافة والإعلام، تم استهداف 112 صحفيا في 91 يوما من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، وهو رقم لم تشهده الحرب العالمية الثانية التي استمرت خمس سنوات فقط، وراح ضحيتها 60 صحفيا، وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ عامين كان عدد ضحاياها من الصحفيين 17، أما الحرب اللاإنسانية في غزة فقد وصلت إلى رقم قياسي من شهداء الصحافة والإعلام غير المصابين منهم، ومن استشهد من عائلاتهم، فقد تعمَّد الكيان الصهيوني استهداف منازل أهالي الصحفيين وتدميرها، مما أدى إلى استشهاد أسر كاملة من عائلات العاملين بالصحافة والإعلام.

بقليل من الجهد يستطيع السادة الوزراء في اللجنة المُشكَّلة من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي أن يرسلوا إلى محكمة العدل الدولية، مثلهم مثل أي مواطن في الدول الـ57 التي اجتمعت في الرياض، بيانا شاملا بجرائم الحرب والإبادة التي ارتكبها الكيان الصهيوني، وذلك بدون سفر وحضور ودعم للدول التي قامت نيابة عنها بتقديم الكيان الصهيوني إلى المحكمة، وذلك درءا للخجل والعار الذي يلاحق الدول العربية والإسلامية.

وإلى حكومات جنوب إفريقيا وبوليفيا وتشيلي ومواطنيها (الأشقاء)، شكرا لكم، شكرا لأنكم تعبير عنا وعن أوجاعنا وآلامنا، أنتم تعبير عنا أكثر من حكوماتنا والأنظمة التي تحكم البقاع في جغرافيتنا المسماة عربية!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق