الاثنين، 1 يناير 2024

محمود عباس والسلطة الفلسطينية يحكمون قطاع غزة الضحية جلاداً

 

محمود عباس والسلطة الفلسطينية يحكمون قطاع غزة الضحية جلاداً

دولة بلا جيش، جيش بلا دولة


بقلم الإعلامى الإستقصائي

هشام محمود

عضو مجلس الإدارة بمنظمة “إعلاميون حول العالم”

تشكل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية عبئاً كبيراً على واقع الحقوق والحريات للشعب فلسطيني، والذي هو أصلاً محروم من حقوقه نتيجة وقوعه تحت الاحتلال الإسرائيلي. فالسلطة في رام الله لا تتوانى عن فتح أبواب زنازينها على مصراعيها لمعارضيها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تواصل التنسيق الأمني مع المحتل الإسرائيلي، في صورة لا تعرف معها هوية الضحية والجلاد التي امتزجت في هذا الموقف، إذ تمتلئ سجون السلطة الفسلطينية في رام الله بعشرات المعتقلين السياسيين بتهم متعلقة بمقاومة الاحتلال.

 

 

السلطة الفلسطينية تصرف مليار دولار على قوات الأمن

على الرغم من فقدان السلطة الفلسطينية السيادة على أراضيها، وعدم سيطرتها على معظم أراضيها، لكنها تمتلك مؤسسة أمنية تحظى بأكثر من 20 في المئة من الموازنة العامة، مع عقيدة أمنية باتت تسيطر عليها فكرة الدولة، على حساب مشروع التحرر الوطني.

وتستحوذ المؤسسة الأمنية البالغ عدد أفرادها 83 ألفاً على نحو 20 في المئة من موازنة السلطة الفلسطينية (مليار دولار)، غالبيتها تذهب كرواتب، متقدمة بذلك على قطاعات الصحة والتعليم.
سجون أجهزة السلطة ومراكزها الاعتقالية المتراوحة بين 36 و40 منشأة، على اعتبار أن لكل محافظة من محافظات الضفة الإحدى عشرة مركزاً يتبع لأجهزة المخابرات والأمن الوقائي والاستخبارات العسكرية، فضلاً عن تفرع مواقع احتجاز أخرى في القرى الكبيرة والبلدات، وأحياء المدن الكبرى كالخليل ونابلس، إلا أن غالبيتها إن لم يكن كلها تفتقر لأدنى متطلبات الظروف الإنسانية والصحية، فغرف الاحتجاز تفتقر للضوء والتهوية، وخالية من المراوح في الصيف ووسائل التدفئة في الشتاء، كما تنقُص فيها الأغطية ويمنع أحياناً كثيرة استخدام دورات المياه.
الأجهزة الأمنية: تتكون أجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية الأمنية من ثلاثة أجهزة رئيسة وهي:
1- قوات الأمن الوطني: وتتولى حفظ الأمن العام في داخل الضفة الغربية والسيطرة على كافة مداخل ومخارج المدن والمحافظة على حدود الدولة، ومساعدة الأجهزة الشرطية في تنفيذ مهامها عندما تكون غير قادرة على ضبط الأمن.
2- المخابرات العامة: وهي الجهة المخولة رسميا بممارسة الأنشطة والمهام الأمنية خارج الحدود الجغرافية لفلسطين، أو داخلها لاستكمال الإجراءات والنشاطات التي بدأت فيها خارج الحدود، ومتابعة كل فعل من أفعال العنف أو التهديد -أيا كانت دوافعه أو أغراضه- يقصد به إلقاء الرعب بين الناس وتعريض حياتهم للخطر.
ثانيا: الأمن الوقائي، ومن وظائفه الكشف المسبق عن مصادر الجريمة قبل حدوثها سواء كانت أمنية أو جنائية أو سياسية، ومتابعة الجرائم التي تهدد الأمن الداخلي للسلطة الوطنية الفلسطينية أو الواقعة عليه والعمل على منع وقوعها، والكشف عن الجرائم التي تستهدف الإدارات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والعاملين فيها.
ثالثا: الدفاع المدني، ويتولى حماية الأفراد والثروات الاقتصادية في الدولة، وحماية المرافق العامة لتوفر الخدمات الحيوية والمستمرة للجمهور في أوقات الحرب والكوارث بأنواعها، وتعليم وتدريب المدنيين على طرق الدفاع المدني بمختلف الوسائل.

الأموال

تعتمد السلطة الفلسطينية في تغطية نفقاتها ودفع رواتب موظفيها (ميزانيتها في 2014 بلغت 4.2 مليارات دولار) على عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجمعها نيابة عنها إسرائيل طبقا لبروتوكول باريس الموقع 1994، ومساعدات الدول المانحة التي بلغت في 2014 2.58 مليار دولار.
ويأتي في طليعة المانحين الاتحاد الأوروبي (قدرت مساعداته للسلطة عام 2013 بنحو 300 مليون يورو، ثم تراجعت إلى 250 مليونا في 2014)، والولايات المتحدة (تراجعت مساعداتها من 350 مليون دولار سنويا عام 2013 إلى 100 مليون في 2014)، والدول العربية (بلغت مساعداتها في الشهور التسعة الأولى من عام 2014 حوالي 347 مليون دولار) ناهيك عن الملايين التى تتبرع بها الدول العربية وتدخل جيوب السلطة الفلسطينية.
لم تتعلم القيادة الفلسطينية التي أبرمت اتفاقيات أوسلو وحتى من تبعها ممّا حصل، رغم كل التنكُّر الإسرائيلي الحاصل للحقوق الفلسطينية، والتعامل مع هذه اللقاءات على أنها كسب للوقت وحرق لأي التزامات تجاه الفلسطينيين.
في أعقاب توقيع اتفاقية أوسلو، جاء بروتوكول باريس الذي وُقّع في 29 أبريل/ نيسان 1994 بين منظمة التحرير الفلسطينية و”إسرائيل” في العاصمة الفرنسية، ليمثل الشقّ الاقتصادي لاتفاقية أوسلو.

إسرائيل” اللاعب الرئيسى من وراء الستار

في أعقاب اتفاقية أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية و”إسرائيل”، أُنشئَت السلطة الوطنية الفلسطينية لتتولى أمور الإدارة المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أي الضفة الغربية وقطاع غزة، مقابل الانسحاب الإسرائيلي التدريجي منها في غضون خمس سنوات من تاريخ الاتفاق.
إلا أنّ ما تبع أوسلو من تفاهمات وبروتوكولات واتفاقيات جزئية، كان في سياق تكريس وجود الاحتلال الإسرائيلي في حياة المواطن الفلسطيني، فنجد أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يسيطر عمليًا على كل جوانب حياة الفلسطينيين في التجارة والصحة والصناعة والزراعة والسفر وغيرها.
وعلى الرغم من إنشاء مؤسسات فلسطينية رسمية لتقديم الخدمات للفلسطينيين، فإن هذه المؤسسات لم تكن لتتصرف باستقلالية دون العودة إلى الاحتلال الإسرائيلي والحصول على موافقته، حتى بات الشارع الفلسطيني يتناقل عبارة “كمبيوتر واحد” في إشارة إلى تشارك المعلومات الاقتصادية والأمنية والديموغرافية بشكل كامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي تطور أخطر من ذلك، أصبح الفلسطينيون يستقون كثيرًا من أخبار الإدارة المدنية من صفحة المنسق الإسرائيلي المعني بشؤون الإدارة المدنية في الضفة الغربية، ما فتح باب تواصل مباشر معهم متجاوزين السلطة الفلسطينية في كثير من الأحيان.

سلطة محمود عباس سلمت رأسها للاحتلال

لم يستطع المواليد الجدد في الضفة الغربية السفر خارج فلسطين، في الفترة ما بين يوليو/تموز ونوفمبر/تشرين الثاني 2020، رغم استصدار جوازات سفر فلسطينية لهم، فهذه الجوازات لم تحوَّل إلى الارتباط المدني الإسرائيلي، ليدخلها في نظامه المحوسب،  وعلى إثرها أوقفت السلطة تزويد “إسرائيل” بسجل المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية.

الاعتقال السياسي في الضفة .. عذر السلطة أقبح من ذنبها

كتابتك لمنشور واحد على مواقع التواصل الاجتماعي، يكفي للزج بك في ظلمات ثلاث داخل سجون السلطة الفلسطينية في الضفة، التهمة جاهزة والعقوبة ستنفذ، فالقاضي والجلاد واحد، والمتهم الشعب!
شباب في مقتبل العمر رضعوا حب الأرض يعتقلون، شيوخ أثقلها هم الوطن وحبه والدفاع عنه يهانون ويضربون في الزنازين ويُظلمون، نساء حرائر، مصنع للرجال تستدعى للتحقيق وتذل، ولسان حالهم جميعا يقول: “وظلم ذوي القربى أشد مضاضة”، تهمتهم واحدة: حب الوطن والذود عنه.
تتخذ السلطة من الاعتقال السياسي ورقة ضغط في المناكفات السياسية بين شقي الوطن في الضفة وغزة، بعد كل تصريح للقادة السياسيين واجتماع يعقد للمصالحة الفلسطينية، تشن الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات واسعة تطال العديد من الشباب وسط ظروف قمعية لاستنزافهم نفسيًا وبدنيًا، لإيصال رسائل سياسية وأخرى أمنية وعسكرية تهدف لإحكام السيطرة والتفرد في القرار السياسي والعمل النقابي والطلابي.


الشعب الفلسطينى وحرمان الأسرى من السلطة الفلسطينية

الاعتقالات السياسية تشتت الأسرة الواحدة، وتبقيها في حرمان وفقد متواصل لأفرادها، سواء لأخ، أب، أو قريب، فالمعاني الإنسانية والنسيج الأسري يتحطم عند أول خطوة يخطوها أفراد الأجهزة الأمنية داخل البيت الفلسطيني لاعتقال ذويهم، أطفال صغار يفقدون أباءهم وسط تساؤلات منهم لا يُعطى لها جواب، وشباب حُرموا من ملازمة أهاليهم والعيش في كنفهم.
حالة نفسية سيئة تسيطر على أفراد الأسرة، أسباب الاعتقال غير مقنعة، شعور بالغربة داخل الوطن، عندما يكون المُعتَقِلُ والمُعتَقَلُ فلسطينيّين!
كما تعمل الاعتقالات السياسية على تدمير النسيج المجتمعي، وضرب السلم الأهلي، وإبقاء العائلة في أوضاع مزرية، وظروف اقتصادية قاسية، فرب الأسرة المعيل لهم معتقل ولا يوجد من ينفق عليهم، وابنهم الذي يساعد أسرته في مصاريف الحياة غيبته السجون وكثرة الاعتقالات المتتالية.
اللاإنسانية تسيطر أكثر عنف عن الدكتوتاريات العربية
تتعامل الأجهزة الأمنية مع المعتقلين في سجونها بيد من حديد، وسياسة قمعية رادعة وسط ظروف ومعاملة لا إنسانية، تحقيق وتعذيب نفسي وجسدي، حرمان من النوم وشتم وتهديد، ابتزاز المعتقل للاعتراف بتهم لم يفعلها، كما تهدده باعتقال والده أو نساء بيته كوسيلة ضغط عليه.
كما تقوم بالضغط على المرضى منهم بعلاجاتهم اليومية، وتزيد من آلامهم بمعاملتهم القاسية لهم بحيث لا يراعون فيهم ظروفًا خاصة واستثنائية، وحرمانهم من المتابعة اليومية وعدم توفير كافة احتياجاتهم الدوائية والنفسية المطلوبة.
يخرج المعتقل من السجون وقد أثقلته الجراح، ولازمته الأمراض التي تبقى مرافقة له لشهور وسنوات طوال، وبعضها مزمنة لا تنفك عنه، كل ذلك بسبب الظروف القاسية والمعاملة غير الإنسانية التي يتعرض لها المعتقل داخل السجون من ضرب وشبح وتعذيب.

سلطة أسلو وجهان لعملة واحدة

يعتبر الاعتقال السياسي والتنسيق الأمني وجهان لعملة واحدة، فما تمارسه الأجهزة الأمنية في الضفة هو لب التنسيق الأمني مع الاحتلال، فالسلطة تتذرع بحماية الفلسطيني من اعتقال قوات الاحتلال له، لأجل ذلك هي تقوم باعتقاله وتقوم بدور الاحتلال بأيد فلسطينية.
تعمل الأجهزة الأمنية على ملاحقة أفراد الفصائل الفلسطينية المقاومة واعتقالهم والتحقيق معهم وتفكيك الخلايا العسكرية لإبطال أي عمل مقاوم ضد الاحتلال، وتصادر أسلحتهم الخاصة وأموالهم وكل ما يعينهم على مواصلة نضالهم.
تفخر السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بالدور الذي يقومون به، ويعتبرونه ضرورة وطنية ومهمة أمنية لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق الأمن والسلام بين الشعب الفلسطيني والشعب اليهودي المحتل، وأن تحرير الوطن يكون بالجلوس على طاولة المفاوضات وتقديم آخر التنازلات وآخر حفنة من تراب وطن بِيع على تلك الطاولة.
حيث تعتمد سياسة السلطة والاحتلال، على سياسة “الباب الدوار” و”الكمبيوتر الواحد”، فهم يتبادلون الأدوار في اعتقال الشباب والتعطيل عليهم، والتنسيق الأمني لكل ملف معتقل وتهديد الأجهزة الأمنية للمعتقل بسجن الاحتلال له بعد خروجه من عندهم، وتهديد الاحتلال للأسير الفلسطيني باعتقاله من قِبل الأجهزة الأمنية وتعذيبه بعد خروجه من سجون الاحتلال.
فكما جاء على لسان رئيس جهاز المخابرات “الفلسطينية” ماجد فرج، أن الأجهزة الأمنية قامت بإحباط 200 عملية للمقاومة، واعتقال 100 مقاوم خلال انتفاضة القدس الحالية، في محاولة منها لإجهاض انتفاضة شعب حر لا يقبل بالهزيمة حتى وإن خانه الجميع، مع ذلك لم تتوقف عمليات المقاومة اليومية ويوميات الانتفاضة حبلى بكل ما هو جديد، رغم قيام السلطة بدور الاحتلال والوقوف معه جنبا إلى جنب لوأد هذه الانتفاضة.


سياسة تكميم الأفواه كما فى الدكتاتوريات العربي

كما تنفذ الأجهزة الأمنية سياسة تكميم الأفواه، وإسكات كل رأي حر يعبر عن نفسه، فتمنع تنظيم اعتصامات الرأي، ونشاطات دعم الأسرى لدى الاحتلال الإسرائيلي، ومنع وقفات تأييد القضايا الوطنية الفلسطينية.
وكذلك تقوم بقمع اعتصامات أهالي المعتقلين السياسيين الذين يطالبون بالإفراج عن أبنائهم وذويهم.
وتعتقل الأجهزة الأمنية الصحفيين وتهددهم وتمنعهم من ممارسة عملهم الصحفي وتغطيتهم الأحداث والنشاطات، في تحدٍّ واضحٍ لحرية الصحافة والكلمة .

قتل حب الحياة والتعليم

تتعمد الأجهزة الأمنية عند اعتقالها الشاب، قتل كل طموح يسعى إليه في الحياة، فهي لا تدعه يمارس حياته اليومية كالمعتاد، والتخطيط للمستقبل وفتح المشاريع الخاصة الاستثمارية والاقتصادية، لبناء مستقبل آمن له ولذويه، تدمر له كل ذلك بكثرة اعتقاله لاستنزاف كل طاقاته الجسدية والنفسية وتحطيمها.
وتقوم بعرقلة العملية التعليمية لطلاب الثانوية والجامعات، حيث تعتقلهم عند الامتحانات وفي بداية الفصل الدراسي وعند نهايته، مؤخّرةً بذلك عملية تخرجه ومعرقلةً سَير حياته التعليمية، مما يضطر الطالب لترك مسيرته التعليمية بعد عدة محاولات للنجاح تُختَتَم بفشلٍ على يد السلطة، حيث يعتقل الطلاب المتفوقون وذوو المهارات التعليمية العالية، وتلجأ الأجهزة الأمنية معهم إلى أسلوب التهديد والتخويف بالمنع من التخرج أو التسجيل لفصل دراسي جديد.
ويطال الاعتقال السياسي بروفسورات ودكاترة الجامعات وذوي الشهادات العليا، فهو لا يفرق بين دكتور وطالب، الجميع متهم بوطنه ونضاله وحبه للحرية، ويخضع الجميع لمحاكم شكلية غير عادلة، لا يراعى فيها قانون ولا أعراف دولية، فالاعتقال السياسي محظور في جميع المعاهدات والاتفاقات الدولية وحقوق الإنسان، ويعتبر خرقًا خطيرًا للدستور الفلسطيني الذي نص على تمتع جميع المواطنين بحرية التعبير عن الرأي والإسهام في الحياة السياسة.
الاعتقال السياسي جرح غائر في خاصرة الوطن،آن له أن يندمل، ولا يمكن النهوض بوطن حر طليق وما زال الفلسطيني يعتقل الفلسطيني لأسباب وقضايا غير حقيقية، وإن ثبتت بعضها فهي تعتبر فخرا للجميع ووسام شرف يكلل به أبناؤنا ومقاومونا، لا أن يزج بهم في غياهب السجون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق