الأربعاء، 28 يونيو 2017

حصار الحقيقة..(1)


حصار الحقيقة..(1)

د.عبدالعزيز كامل
الحصار الخليجي المضروب على قطر منذ عدة أسابيع...والحصار المجوسي الصليبي الروسي المتواصل على الموصل والرقة وغيرهما منذ عدة شهور.. والحصار اليهودي والغربي العربي المفروض على غزة وحدها منذ عدة سنوات.. وعلى فلسطين كلها منذ عدة عقود... وأنواع الحصارات العدوانية الممتدة على كثير من الشعوب الإسلامية منذ عدة قرون... 
كلها حصارات تندرج تحت بنود (صدام الحضارات) الجاري تهيئة ميدانه وتدريب فرسانه منذ عهود...

حصارات السنوات والآونة الأخيرة رغم تنوع أصنافها ..سياسيًا ..أو عسكريًا..أو اقتصاديًا..أو ثقافيًا وتقنيًا..أو حضاريًا ودينيًا .. يجمعها جميعًا أن الحقيقية الكاملة من وراء فرضها غائبة.. وأسرار سيرها ضائعة..وأخبار نتائجها مموهة أومميعة.. لأن (الصندوق الأسود) لأسرار كل حصار مطلوب أن يظل مغمورًا في أعماق المحيطات التي لاقرار لها إلا عند أصحاب القرار الدولي...

(حصار الحقيقة).. أصبح أفصح لغات عصر الدجل الذي نعيشه.. فالكُل يكاد يدخل في حصار الكُل ..ويُعَمِّي الحقائق ويُغَميها عن الكُل.. لحسابات تكاد تخفى عن الكُل، إلا من يريد الهيمنة على الجميع باسم إرادة "المجتمع الدولي".. الجامع لأصدقاء نادي (الطاغوت الدولي) المكون من الأعضاء الدائمين في هيئة الأمم المتحدة علينا.. تحت قيادة "الأمة الملعونة".. التي تريد فرض قيادتها وكلمتها على أنحاء الأرض المسكونة في عصر العلو الكبير..

لهذا.. فإن نوعًا خاصًا من أنواع الحصار سوف يطغى – من اليوم فصاعدًا - على غيره من أنواع الحصار ؛ وهو (الحصار الإعلامي) وذلك كلما اقتربنا من محارق (أم المعارك) المسماة عندهم بـ (صراع الحضارات) المسمى عندنا بـ (صدام المشروعات في أرض النبوات والنبوءات).. والهدف من ذلك الحصار الإعلامي؛ هو (حصار الحقيقة) حتى لا يدري القاتل فيم قَتَل، ولا يدري المقتول فيم قُتِل..في زمن (الهَرْج) الذي فسرته الأحاديث بأنه (القتل..القتل)..!

الحصار الإعلامي الذي بدأ مع الثورات المضادة بإغلاق أو محاصرة أو مسخ القنوات والمواقع والمنابر الإسلامية؛ سيتسع ويمتد إلى كل منفذ يمكن من خلاله وصف الحقيقة أو نصف الحقيقة أو بعض الحقيقة لمن يريدها ويسعى إليها.. وما ضيق الطواغيت الأصاغر بمثل (قناة الجزيرة) رغم أنها لا تذكر إلا نصف الحقيقة.. إلا ترجمة للنوايا المُبَيتة تجاه غيرها من المنابر التي يمكن أن توصل كلمة حق، مهما كان شكلها وقدرها وصيغة نشرها..

ولأن الحق شقيق الحقيقة..فإن الحقائق كلما غابت ضُيِّعت الحقوق..ولهذا ينبغي للإسلاميين من الآن فصاعدًا ؛ تدبر أمرهم في إيجاد بدائل لمنابر للتواصل مع أمتهم.. فالحق لن يمر للناس إلا من خلالهم..والحقوق لا يمكن استعادتها إلا على أيديهم..
ولحكمة بالغة كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يبايع أصحابه على قول الحقيقة المجردة؛ والقيام بالحق المجرد،؛ حتى في زمان التجرد للحق والصدق، كما ثبت ذلك في الحديث المتفق عليه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : ( بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة ، في اليسر والعسر ، والمنشط والمكره ، و ألا ننازع الأمر أهله ، وأن نقول - أو نقوم - بالحق حيثما كنا ؛ لا نخاف في الله لومة لائم) ...
فاللهم أعِنا على قول كلمة الحق..لا نخاف في الله عتاب لائم، ولا عقاب لئيم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق