الجمعة، 9 يونيو 2017

فوق السلطة - الله يحمي بلاد الحرمين



فوق السلطة 

 الله يحمي بلاد الحرمين


اختصم أخوان بعد عمر من المحبة والتراحم، وعظمت المنازعة التي بدأت بوشاية سوء بينهما، فاتخذ كل منهما طرفا من مزرعة العائلة، يفصل بينهما جدول ماء، كي يصعب اللقاء.
قبل سفره في إجازة، استدعى الأخ الأكبر رجلا يعمل في البناء شرح له خصومته مع أخيه، وطلب منه بناء جدار قرب الجدول الفاصل كي لا يرى أخاه.. وبعد عودته من إجازته كانت المفاجأة عظيمة.
لقد شيّد البنّاء جسرا فوق النهر بدل الجدار الفاصل، فتوجه الأخ الأصغر نحو أخيه الأكبر، وقال له هكذا هو عهدك، فأنت كبيرنا وأنت الوعاء الذي يسعنا بنبله وحكمته.. الإخوةُ كثُر وكذلك البنّاؤون.. لكن قليلا منهم يبني الجسور عند الصباح.
تنتشر في رمضان الدروس الدينية في المراكز والمساجد، فيقدم العلماء الأجلاء خلاصة العلوم الشريفة، لكن بعض المشايخ لهم مناهج وأساليب خاصة. لنأخذ مثلا حالة الشيخ الذي يجد لذة في التشديد على الناس، والابتعاد عن تيسير أمورهم، بما يرضي الله. شيخ آخر يؤدي إلى نفس النتيجة، وهو الشيخ الذي يفتح الرخص على حسابه، أكثر مما تحتمل جميع التفاسير.
ومن المشايخ من إذا استمعت إلى درسه تحسب نفسك أنك في قسم الشرطة، يذكر الحاكم في درسه أكثر من الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو جاهز لإصدار فتاوى "أكسبرس" ضمن برنامج "ما تطلبه المخابرات".
وهناك الشيخ المتشدق الذي يبالغ في استحضار المفردات والعبارات العميقة التي يصعب فهمها على عوام الناس، فهو يحب أن يشعرهم بجهلهم وبتفوقه عليهم، وأن يستعرض مهاراتِه اللغوية على مسامعهم.
وبعضهم تحسبه يؤدي دورا مسرحيا أمامك، فيبكي ويخشع أكثر مما يحتمل المشهد.. وعلى رأي عادل إمام "حيعيط" من ادعاء كُثر التقوى.
تدعي الكثير من الحكومات في الدول العربية والإسلامية أنها تريد الفصل بين الدين والسياسة، لكنها في الحقيقة تُمسك بدار الفتوى من رقبتها.. فهم يعينون المفتي ومساعديه، ويتدخلون في خطبة الجمعة، وإذا لزم الأمر يطلبون الفتاوى على قياس مصالحهم السياسية، وبدل أن تطالب طبقة العلماء هنا بفصل عملها عن الدولة، نجد بعضَهم غارقا في التبعية للسلطة.
الغرب يدرس الخطط لمنع الخمور.. هامبورغ مثلا في ألمانيا منعت شرب الكحول داخل المواصلات العامة، بعد أن اكتشفت بالأرقام أن مضارها أكثر من منافعها. والمواطنون لم يتهموا السلطات بأنها متخلفة ومتعصبة بالقرار، بل ودّعوا شرب الخمور داخل القطارات بطريقة احتفالية.
ثمانية آلاف وخمسمئة إنسان مات بسبب الخمور في بريطانيا خلال عام 2013 فقط، وهناك برامج في إنجلترا تحض على التقليل من تعاطي الخمور.
في أميركا أنشئت في القرن التاسع عشر حركة الزهد في الخمور، التي قادتها أمهات وزوجات المتوَفين نتيجة معاقرة الخمرة، وأطلقت السيدات حملة "الشفاه التي تلامس الخمرة لا تلامسُنا".. لكن الحملة فشلت، لأن الوازع الصحي والاقتصادي لم يكن كافيا.
سكان بالما دي مايوركا في إسبانيا طالبوا السياح بمغادرة بلدتهم، بسبب المشاكل التي تحدث من شربهم للخمور. قمع حريات وضرب السياحة والاقتصاد، لو كان الأمر في مدينة عربية.
أعمال العنف التي وقعت قبل عام في مدينة مارسيليا بجنوب فرنسا، بين مشجعي المنتخب الإنجليزي والمنتخب الروسي، دفعت وزارة الداخلية الفرنسية إلى منع بيع الكحول في مدن بطولة أمم أوروبا بقرار كان سيوصف بأنه داعشي لو اتخذ في بلد إسلامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق