الخميس، 29 يونيو 2017

الأسوأ لم يأت بعد

الأسوأ لم يأت بعد


محمد إلهامي

وللأمانة يجب أن نعرف أن الأسوأ لم يأت بعد، وأن استمرار السيسي ونظام العسكر سيذهب بنا إلى أسوأ وأضل وأبأس مما نحن فيه الآن.

وقد قلت كثيرا، وأقول، وسأقول:
طالما ظل الطاغية في أمن وحوله عصبته القوية فإن الناس لن تثور عليه ولن تهدم قصره ولو ماتت من الجوع.. وقد جرى في مصر نفسها عدد من المجاعات أكل فيها الناس الكلاب والحمير الميتة، ثم أكلوا جثث موتاهم، ثم أكلوا جثث أبنائهم الموتى من الجوع.. وكانت العصابات تخطف الناس لتذبحهم وتشويهم وتأكلهم.. وقد حدث كل هذا ولم يتغير الحاكم.

وقد وصل فرعون في الجبروت والتكبر حد أنه كان يأمر بقتل الأطفال الرضع.. ولا يثور أبو الولد المقتول مما سكنه من هيبة فرعون وسلطانه وقوته.. ويبتلع موت ابنه في صمت.. 

وقد حدثونا شهود عيان عن صدام حسين الذي كان يقتل الشاب المعارض له برصاصة في رأسه، ثم يأتي بوالده ليستلم جثته، فيدفع ثمن الرصاصة قبل أن يستلمها.

الثورة لحظة فارقة.. لحظة فارقة.. لحظة فارقة..
كلما تمكن الطغيان كلما صعب خلعه.. وربما استحال خلعه، ثم يكون سقوطه على يد احتلال خارجي.. فيذوق الناس سوط الطغيان ثم سوط الاحتلال وتكون أزمنة وملاحم حتى تتكون حركة مقاومة من جديد.
وكل ساعة تتأخرها الثورة عن خلع نظام هي رصيد في ميزان النظام وطعنة في قلب الثورة.. والواقع أن من يصرف عن مواجهة الطغيان إما جاهل مغفل وإما خبيث حقير.. مهما تكن أسبابه المعلنة، من أول العودة إلى التربية والإعداد والتعلم والتكوين وحتى تسويق الحل السياسي مع النظام المجرم.

نعم.. الأسوأ لم يأت بعد!

وقد كان الفلاحون في زمان الملكية والاحتلال يأكلون يوميا خبز الذرة الأحمر مع المخلل الحارق لا يعرفون غيره طول حياتهم، ويذهب سائر جهدهم لإقطاعي ربما كان شحاذا يونانيا قبل أن يهاجر إلى مصر هجرة غير شرعية فيجد فيها من القوانين والامتيازات الأجنبية ما يجعله في سنين من الأثرياء الكبار.. والفلاحون يعتادون على هذا الظلم ويفلسفونه ويبررون لأنفسهم.. ويكون غاية مقاومة بعضهم أن يسرق شيئا ضئيلا من حقه، وهو يقول: نفسي نفسي!

(وقد أنصح هنا بقراءة كتاب "الوسية" الذي كتبه د. خليل حسن خليل، وهو الجزء الأول من مذكراته الرباعية الأجزاء.. وقد تم تحويل الكتاب إلى مسلسل ولكن الكتاب أفضل بكثير من المسلسل، وإني أنصح به لما فيه من الوصف الدقيق فضلا عن الأسلوب الأدبي والقصصي الذي لا يمله القارئ غير المعتاد على قراءة التاريخ.. أما قارئ كتب التاريخ فهو يعرف الكثير من المصادر بأقلام مصريين وأجانب أيضا)


الأسوأ لم يأت بعد، ولكنه بالتأكيد سيأتي طالما بقي نظام السيسي والعسكر..

ونحن في عالم متقارب، فكل ثورة في أي مكان هو إضافة للشعوب وخصم من رصيد الطغاة والمحتلين.. 
وكل نصر في كل مكان هو كذلك، مثلما أن كل هزيمة لثورة في أي مكان كذلك أيضا.. 
حتى هزيمة داعش في الموصل والرقة هي في النهاية وبغض النظر عن كل تفاصيل إضافة لرصيد الاحتلال والطغاة وخصم من رصيد الشعوب.. فضلا عن هزيمة الثورة في سوريا أو حماس في غزة أو الإخوان في مصر واليمن أو الثورة في ليبيا أو حراك الريف في المغرب أو طالبان في أفغانستان أو الروهينجا في بورما ... إلخ .. إلخ.. إلخ!

فضلا عن انهيار أنظمة داعمة للمقاومة -مهما كانت حساباتها وتفاصيل سياساتها- كقطر وتركيا.. فهذه طعنات هائلة في قلب الأمة وثوراتها، وانتصارات كبرى في رصيد الطغاة والمحتلين.


الأسوأ لم يأت بعد.. لكنه سيأتي باستمرار تلك الأنظمة!
فكل دعم لأي نظام هو جريمة في حق الأمة.. وربما يكون أكبر المجرمين شيخ يبايع حاكما هو في ميزان الشرع -في أدنى الأحوال- مختلف في كفره، وأما سياساته وطريقته وعلاقاته فكفر بواح واضح ظاهر.. تنطق به وسائل إعلامه وصحفيوه ورجال حكمه.

نسأل الله أن يهيئ لأمتنا أمر رشد، يعز فيه أهل طاعته، ويذل فيه أهل معصيته، ويُحكم فيه بكتابه



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق