عودة قريش: طبعة أمريكية منقّحة ( بالكاف وليس بالقاف)
أحمد عمر
المكتوب بائن - بينونة كبرى - من عنوانه.
الإسلام في مهبط الوحي عاد غريباً، أو هو على وشك التغريب الرسمي غير المقّنع، والنفي، وعلى وشك عملية التلقيح الصناعي، والحجر الصحي ..
سيؤبّر النخل الاستوائي بالكستناء القطبية، أما الناقة، فلا يعرف ما سيكون مصيرها، فالأمريكي يكره الإبل، ويحبُّ الفأر ميكي ماوس.
في كل الأفلام الأمريكية، التي تكون فيها البلاد العربية مكاناً للتصوير، مثل مصر والمغرب، يركب الأمريكي الإبل ثم يسبّها، لأن الجمل بطيء، والأمريكي يقدس السرعة.
خصّ الأمير عبد الله (كان أميرا وقتها) توماس فريدمان صاحب كتاب "سيارة الليكزس وشجرة الزيتون"، بمبادرته التطبيعية التي طواها النسيان، ويريد ابن سلمان إحياءها، والنكاح أو الكفاح سيكون بين النخلة وبين السيارة اللكزس. الليكزس تعني السرعة والفخامة والتحول، وشجرة الزيتون تعني الأصالة والطبيعة والثبات.
كل المؤشرات والأخبار تدل على أن ملك السعودية الجديد، سريع، وينوي القيام بقفزة كبيرة، وقد فرض على ابن عمه الإقامة الجبرية، ولي العهد الشرعي حسب الدستور، إن العهد كان مسؤولا. واعتقل أشهر الدعاة في السعودية.
اعتقلوا من غير جنحة أو جناية.. وعلى رأسهم سلمان العودة: أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّه.
اعتُقل الدعاة والعلماء على صمتهم، وليس على كلامهم. الذهب الكلام، والفضة الصمت ممنوعان. والملك الجديد يحب التطبيل للشر والفساد. اعتقل الداعية سلمان العودة على دعوته للتآلف بين المسلمين، والملك يريد التآلف مع الكفار. وقد تألف قلب ترامب وابنته بذلك المال العظيم على إخوانه. سيقود التطبيع، ويكون إماماً له مع إسرائيل وأمريكا.
كأن ثمة دين جديد. وولي العهد مستعجل جداً، يركب اللكزس المذهبة أو أشباهها، والصحف تنقل أخبار المناهج الجديدة التي ينوي بثها للشعب العربي المسلم في نجد والحجاز.
ولي العهد هو نفسه بطل الحرب الخاسرة على اليمن، وكان يريد أن يتعشى بقطر بعد أن فشل في أن يتغذى باليمن، فالأئمة في أمريكا وإسرائيل يريدون حروباً أهلية بين العرب والمسلمين.
لكن لمَ كل هذه المفاجآت؟ الأسباب معروفة، سنذكّر ببعضها، وقد نجد بعض التفسير في هذا المشهد التلفزيوني الظريف:
هناك مشهد تمثيلي كوميدي في مسلسل اسمه "بدون ذكر أسماء"، يقتحم فيه كومبارس مصري بلاط المخرج، ويرغب إليه أن يمثل دور كافر في مسلسل تاريخي. كل الأدوار التي عهد بها إليه أدوار مسلمين. يرجو الكومبارس المخرج رجاء الضارع: نفسي أبقى كافر!
فيخبره المخرج بأن هيأته هي هيئة مسلم، فهو ضعيف وهزيل، وهيئته لا تصلح للكفار، الكافر بدين، دهين. لكنه يتوسل بشدة، ثم نجد بأنه رغب في دور الكافر، لأنه محروم وجائع، ويريد أن يأكل لحمة مرة واحدة، فالكفار في الأفلام المصرية، دائماً، يأكلون اللحمة، وبين أيديهم الراقصات، وهكذا يصل الممثل إلى غايته، ويأكل لحمة أخيراً، وهو يتوعد المسلمين بالنذر.
لكن ما بال الملوك العرب يريدون أن يكونوا كفاراً، وعندهم كل أنواع اللحوم.
الكفار دائماً يأكلون اللحم، والمسلمون نباتيون!
في سوريا يموتون من الجوع، وفي مصر واليمن من الغلاء والكوليرا، وفي بورما من نخوة إخوتهم المسلمين في نجد والحجاز.
لحوم الملوك غير لحوم الفقراء، ولحوم العروش والصولجانات غير لحوم البطون والأمعاء، والأغلب أن ملوكنا يحبون أدوار الكفار.
قال الملك سلمان بصراحة بأن المملكة ستكون وفية للأسس التي قامت عليها، وهناك أسس غير الكتاب والسنة التي ذكرها، فليس من الكتاب ولا من السنّة موالاة غير المسلمين، وليس من الكتاب ولا من السنّة دعم ألدِّ أعداء الإسلام في مصر، وليس من الكتاب والسنّة إمامة مباراة، والغياب عن إمامة الصلاة. لو حضرها لمرة واحدة في السَنَة... مرة واحدة فقط، ولو مأموماً.
وليس من الكتاب والسنَّة تدمير اليمن، وليس من الكتاب والسنَّة دعم أشقى أهل الأرض في مصر وليبيا، وليس من الكتاب والسنّة زيادة رسوم الحجاج، ولا رفع بدل إقامات الوافدين وهم مسلمون، وليس من الكتاب والسنّة التفريق بين الوافد والمقيم في الحقوق والواجبات، وليس من الكتاب ولا السنّة منع المرأة من قيادة السيارة.
ينسب إلى المسيح قوله في الإنجيل" ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، لا بد من اللحمة. وعليه، ليس بالدعاء وحده يصلح الإمام. هناك أئمة لا يصلحون إلا بالعصا، وآخرون عند المكانسيان، بل إن أغلبهم لا يصلحه إلا القبر، فالتراب مرهم جيد.
كاتب هذه السطور مع الإصلاح، قلت أمس ما ظننته حكمةً: إن السلحفاة إصلاح، والأرنب ثورة، وإن شجرة النخيل بطيئة النمو، والليكزس سريعة، و قد ثقبت الأوزون، بزفيرها، والإصلاح خير من الثورة، الثورة تأتي بكوارث، لكن لا رأي لمن يطاع، والله غالب على أمره.
ويقرُّ كاتب السطور ويعترف بأن للكفر جاذبية شديدة.
ستعود قريش بطبعة أميركية، ليس لها نخوة أبي جهل وهو يقتحم بيت النبوة، ولا صدق أبي سفيان في حواره مع هرقل.
يتشابه النظامان السوري والسعودي في كثير من الأمور:
غزو الجيران مثلاً، ربما نجد شعاراً في المملكة: مثل" لا حياة في هذا القطر إلا للتقدم والأمريكية" ..
الأنظمة العربية الرئيسية مثل مصر وسوريا والسعودية تتشابه، وقد عاشت نصف قرن في تبات ونبات، وكلها تقفوا أثر قريش من غير أن يكون لها مروءة القرشيين في الجاهلية ولا شهامتهم ولا نبلهم.
الدخان الأبيض قريب من الرياض، ويخشى من الدخان الأسود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق