ورحل مهدي عاكف
ورحل مهدي عاكف
الشيخ محمد المختار دي
مدون موريتاني
عن عمر يناهز التسعين يرحل المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين مهدي عاكف، وفي سجون النظام المصري كانت نهاية الشيخ البطل، والسبب الإهمال الطبي للرجل الذي قد بلغ من الكبر عتيا، دون أن يشفع له ذلك لدى النظام الانقلابي في مصر.
مهدي عاكف سجين كل العصور والمراحل السياسية؛ فقد سجنه جمال عبد الناصر وكذلك فعل السادات ومبارك من بعد، قبل أن يختمها السيسي بأسوأ سجن في تاريخ مصر الحديث.
في سنة ألف وتسعمائة وأربعين للميلاد التحق مهدي بجماعة الإخوان المسلمين، وكان عاكف عاكفا على خدمة الجماعة وسجن عشرين عاما على يد عبد الناصر من 1952 إلى 1972، وجاء الدور الأهم لمهدي عاكف ليتولى زعامة جماعة الإخوان المسلمين، بعد وفاة المرشد السابق الهضيبي قبل أن يتنحى عن المنصب بالانتخابات سنة 2004 ليفسح المجال للمرشد الحالي محمد بديع.
في سنة 2009 اختير من بين الخمسين شخصية الأكثر تأثيرا في العالم الإسلامي، وقد كان تاريخ الرجل شاهدا له؛ فقد كان من بين المقاومين للاحتلال الإنجليزي على الرغم من السنوات العديدة التي قضاها في السجون؛ فللسجون قصة عجيبة مع الرجل، والدليل أنه ختم حياته بالسجن واختار ألا يرضخ لنظام منقلب على ثورة مصر وشعبها.
مهدي ترجل اليوم ومات ميتة تليق بتاريخ الرجل وإنجازاته، ملقنا نظام السيسي الذي زج به في السجن منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في يوم الثالث من يونيو 2013 درسا في الصمود، منذ ذلك اليوم والسيسي وإعلامه يتشفون بالرجل، فقد كان من أوائل من اعتقلوا على الرغم من كبر سنه وعدم قدرته على التحمل، ومرضه الذي أعلن عنه ولم يبال سجانوه بذلك، فقد كان يخيفهم حتى وهو يتوكأ على عكازه؛ فمهدي طوال عمره لم يرضخ لأي نظام ولم يخف من أي ديكتاتور؛ أليس سجين كل المراحل؟
مهدي عاكف الرجل التسعيني يهتز أمامه نظام مصر ورجال دولتها رغم أنه عجوز في أواخر عمره، ولا جيش لديه ولا إعلام ولا قضاء، فلماذا سجنوه وأهملوه حتى يموت بسجنه؟ يتساءل أبسط مواطن في مصر اليوم؟ ما تأثير عجوز تسعيني على دولة بحجم مصر، حتى يسجن حتى الموت؟
لماذا لم تعد أرض الكنانة رحيمة حتى بعواجيزها؟ رحل مهدي تاركا وراءه آلاف المعتقلين وآلاف السجون وملايين المهملين ووطنا يتحسر كل يوم على ابن من أبنائه ما بين معتقل ومهجر ومخفي ومقتول، يقول قائل منهم ليس لها من دون الله كاشفة.
إلى متى يا مصر ستظلين تنزفين ويدفع أبناؤك الثمن باهظا؟ رحل مهدي عاطف تاركا وراءه إرثا ثقيلا سيتحمله المناضلون من بعده، وقد علمهم أن الرجال يموتون دون حقهم ولن يموت حق وراءه مطالب.
يموت أمثال مهدي عاكف ليعيش المطبلون والراقصون على دماء الشهداء والمتاجرون بقضاياهم وأولها مصر، وليعيش نظام جاء على جثث المصريين ويحيا على حساب مصر.
رحل مهدي عاكف تاركا وراءه فراغا كبيرا وأسئلة عديدة مثارة ومؤلمة حين تثار وليس أقساها إلا مصر.
أين مصر التي في خاطر مهدي وأمثال مهدي؟ هل ضاعت حقا؟ أم إنها ستعود بيد شبابها؟ مصر بين السجين والسجان مسجونة وممنوعة من الكلام إلا كلمة واحدة حفظها المصريون، السيسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق