الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

آل سعود ..وجريمة الصمت..!

آل سعود ..وجريمة الصمت..!

د.عبدالعزيز كامل
الذين اعتقلتهم السلطات السعودية بالعشرات مؤخرًا؛ من العلماء والدعاة والمفكرين بتهمة ( الصمت) عن تأييد السياسات الرسمية المعلنة؛ هم - على فضلهم – ليسوا أكرم ولا أعلم ممن اعتُقلوا من قبل ولايزالون معتقلين منذ سنين، فلا يزال داخل السجون الكثيرون من العلماء بمعنى الكلمة، والدعاة على مستوى الأمة، والمفكرون القديرون الذين لم يقدر أحدٌ على الدفاع عنهم بالداخل، ولم تتحمل مسؤولية المنافحة عنهم أي جهة بالخارج، في وقت يسبغ فيه آل سعود على سَقَطَة القوم وأراذلهم من أهل الفنون و المجون وغيرهم من المبتدعة والعلمانيين، بل الكفار المحاربين؛ وجوه التكريم والإجلال والإدلال.. مع إمعان (ولاة الأمر يكان) الجُدد في تعريض الأحرار لمزيد من التضييق والحرمان والإذلال..!
* - الاعتقال ليس هو وحده المعضلة أو المشكلة، فالمعتقلون سوف يخرجون - عاجلًا أو آجلًا بإذن الله – ولكن الإشكال هو في سؤال : كيف سيخرجون وعلى أية حال ..؟
المشكلة المعضلة هنا في أثر المهانة والإهانة والمعاملة غير الإنسانية التي يتعرض لها سجناء الرأي هناك فضلًا عن غيرهم؛ ومن ضمنهم نسوة حرائر فاضلات؛
 فلمن لا يعرف كيف يُعامل السجين السياسي في " مملكة الإنسانية"..لابد أن يتصور كيف تُوضع القيود في أرجل وأيدي المعتقل بمجرد وصوله إلى قسم الترحيل، ليُنقل إلى السجن مُغَّمى العينين مؤصد الشفتين، وبمجرد دخوله زنزانة الحبس الانفرادي يؤمر بخلع ثيابه المدنية، ليلبس "بدلة" السجن الرثة الزرقاوية ، بعد تصويره حسيرًا كسيًرا، فربما يحتاج إعلام السوء أن يسوء صاحبها وذويه بتلك اللقطات تشنيعًا وتبشيعًا، ونشرًا لشناعات مفتراه وإشاعات مخترعة                      
* - في غرفة التعذيب النفسي الانفرادي؛ لا يرى السجين أحدًا – ربما طوال شهور أو سنين – إلا وجه (المحقق) القميء، ولا يسمع إلا كلامه الرذيل الردئ ، في ساعات تحقيق طويلة ثقيلة ، تمتد غالبًا إلى الصباح؛ يُردُّ بعدها إلى غيابت الجُّب بحيث لا يُسمح له برؤية بشر ولا شجر ولا حجر خارج غرفة لا تزيد عن مترين في ثلاثة، دون أقلام أو أوراق أو كتب، بها طاقة ضيقة مرتفعة تحتها حمام صغير مكشوف بكاميرا مراقبة قرب السقف ؛ تشتغل مع الضوء الكاشف على مدار الأربعة وعشرين ساعة ..!! ..
فتصور أنت عالًما جليًلا له محبوه وطُلابه.. أو مُسنًا مهيبًا له إخوانه وأبناؤه وأحفاده.. أو مفكرًا أو أكاديميًا يحترمه قراؤه وزملاؤه... يُساق أحدهم إلى هذا المساق المهين، ثم يخرج من مهلكة السجن الصغير إلى مملكة السجن الكبير، ممنوعًا من السفر، ومحجوزًا عن الكلام، ومراقبًا ليل نهار من سفلةٍ أصاغر لئام... ماذا سيكون حاله، وماذا تنتظر منه في أفعاله وأقواله ؛ غير الصمت المطبق، أو التواصل عبر وسائل التواصل بتغريدة تأييد جبري للطغاة، أو منشور تنديد بـ " الإرهاب" تحت سيف الإرهاب.. أو الاكتفاء كل صباح ومساء..بتلقين أذكار الصباح والمساء.. للملايين من المتابعين والأحباء..!
* - (الصمت جريمة) اليوم، على ما يحدث في بلاد الحرمين، لأن الضرر هنا لم يعد يعود على سيرة آل سعود؛ بقدر عودته على سمعة الإسلام ذاته، لاستمرار هؤلاء البُعداء- رغم كل مايفعلون - في الإصرار على الادعاء بأنهم حُراس العقيدة وحُماة الدين وخُدُّام الحرميْن...
 مع أنهم قد تبدل وضعهم وتبذل خطابهم منذ زمان، ولم يعد شأنهم يتعدى حال من قال الله تعالى عنهم على لسان بلقيس ملكة اليمن عندما قالت: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) فصدَّق - الله عز وجل - قولها بقوله .. (وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ) (النمل/34)..
وكأنهم وأمثالهم في غرورهم ؛ قد أمِنوا على أنفسهم من دعاء من وصفه الله بأنه : (عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) حيث كان يُلح - صلى الله عليه وسلم -على ربه مناجيًا متضرعًا فيقول: « اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ »..رواه مسلم.
فاللهم شُق على كل مًنْ شق على المسلمين في كل مكان.. وأذل من أراد إذلاهم وسعى في زللهم.. ليُضل الناس ويفتنهم بهوانهم وزلاَّتهم... آمين يارب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق