الأربعاء، 24 يوليو 2019

"السيسي.. عدو الله"


"السيسي.. عدو الله"

عباس قباري

هتاف ردده ثوار الجزائر في النسخة الحديثة من الربيع العربي، وفي أول حراك ثوري بعد انقلاب عبد الفتاح السيسي على الرئيس محمد مرسي.. 

ردده أيضا المتظاهرون ضد صفقة القرن في المغرب والأردن.

دوما.. كانت ثورات الربيع العربي تجعل سقف مطالبها عاليا. 
لكن هذه المرة جاء الهتاف صريحاً حاداً ذا سقف مرتفع للغاية وضع السيسي في مواجهة عداء مع رب العزة!!.. 
فالسيسي وفق هذا الهتاف هو عدو الله، وليس فقط عدو الشعب المصري أو العربي أو الإسلامي.

بعيدا عن أطر الدين وأرضيته التي تتشدد ضيقا وضبطا وفق قيد ووصف مرتبط لزوما بالفتوى والحكم.. توجد أسئلة واجب طرحها، إن أردنا فهم دوافع الوصف ومساحته وبيئته ومآلاته:

- لماذا نعتت هذه الموجة الثورية الرافضة لصفقة القرن والداعمة للقضية الفلسطينية السيسي بعدو الله؟

- هل لاستمراره في قتل الأبرياء بلا أدنى شعور بجريرة الذنب، حتى تسببت طريقة انتقامه في قتل الرئيس الذي انقلب عليه؟

- هل لدعمه الكامل للصهاينة في مواجهة المقاومة الفلسطينية التي تعمل وفق ضوابط قضيتها المستقرة في وجدان الأمة للقدس وحدود فلسطين وعودة أصحاب الأرض؟

- هل لإصراره العجيب وجرأته على كسر جميع ثوابت الأمة ومنطلقاتها الفكرية والقيمية والمبادئية في خطابها الديني ومناسباتها العليا وخصوصيتها الثقافية؟

- هل لضربه الآمنين في ليبيا وسيناء بالطيران الحربي؛ وهو يبتسم ابتسامته الصهيونية الصفراء التي يحاصر بها أهل غزة حصاراً محكماً منذ سنوات؟

- هل لبيعه ثروات بلاده لعدوها التاريخي بلا أدنى شعور بمسؤولية أمام شعب أو دستور أو تاريخ أو معارضة؟ وما تيران وصنافير وحقول المتوسط ومياه النيل وغيرها مما لا نعلم ببعيد.

- هل لعدائه المبدئي الظاهر لنموذج الحياة الإسلامي، الذي يتهمه دوما وقطعاً بممارسة إرهاب نابع من صميم الدين الإسلامي ذاته، وليس من قيم خاطئة أو تربية مشوهة (مثلاً) لمنتسبيه، وإصراره على ترسيخ مفهوم وحكم متعسف من أنه كيف لمليار مسلم يسعون دوما لقتل سبعة مليارات لمجرد الاختلاف معهم دينيا؟!

- لماذا بهذه السلاسة ووفق هتاف تلقائي اعتبر الثوار الجدد هذا المنقلب السابق على قيامهم بثورتهم؛ عدوا لله تعالى؟

العجيب.. لماذا لم يترددوا في وسمه بهذه الصفة التي قد يتحرز منها رجال الشرع والسياسة وعلم الفتوى والحكم؟

والأعجب.. لماذا بعد هذه السلاسة في الوصف لم يرتدع الموصوف ويراجع من بقي حوله، أو يراجعونه هم بكون الناس تراه في حالة عداء مع الله؟

- هل سيستمر في تعزيز هذه المساحة العدائية المحسوم مصيرها بفطرة الناس وطبائع الأمور ونواميس الكون الثابته، أم يعتبرها من مميزاته الداعمة لسيرته الذاتية، أم سيتراجع عن مسلك نبهه الناس عليه؟

- هل يجعلنا ذلك أمام نسخة عصرية من الفرعون الذي يتباهى بفرعونيته؟ أم قارون الذي زعم أنه أوتي ما أوتي عن علم؟ أم رمزية إبليس الذي تحدى الرب في عليائه غروراً وكِبراً، باعتباره من نار وعذاب كما يحلو له وصف نفسه؟!

الهتاف يؤكد على وعي الشعوب بأحوال طواغيتها، فكلما زاد العلو زادت معه حدة الوصف وجرأة الهتاف وحُرقته.

الوحيد القادر على الإجابة عن هذه الأسئلة هو السيسي ذاته، فقد أصبح المسؤول الأول عن الوصف، والمعنى الوحيد بالهتاف.. فهل سيجيب؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق