العمالقة... والمسكوت عنه
|
أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
في بادرة لافتة للنظر وعلى عكس كل الموانع المفروضة على مر القرون، قام متحف "يونجفراوݒارك" بمدينة بيرن بسويسرا بعرض أحدث هيكل عظمي لأحد العمالقة بعد تجميعه بكامل طوله. ونظرا لعدم وجود قاعات بارتفاع أكثر من سبعة أمتار، وهو ارتفاع الهيكل العظمي، تم وضعه في بئر السلم. واللافت للنظر هو كمّ المعلومات الموجودة في العديد من المواقع العلمية وكمّ الأخبار الجادة المتوفرة حول هياكل العمالقة التي تم العثور عليها في معظم بقاع الأرض، ويتم التعتيم عليها بدأب غريب، ليبتلعها النسيان كما يحدث كثيرا في أيامنا التي أرجع بها الي عصر الرسالات التوحيدية الثلاثة.
والعمالقة موجودون، رغم التعتيم، في القصص والأساطير القديمة كالإلياذة والأوديسا وفي الآداب والنصوص الدينية، سواء أكانت الميثولوچيا اليونانية أو اللاتينية، وخاصة في الكتاب المقدس وفي القرآن الكريم. كما ان أماكن العثور على هذه الهياكل العظمية العمالقة يغطي تقريبا معظم قارات العالم: فقد تم العثور على هذه الهياكل العملاقة في الإكوادور وݒيرو والهند وفرنسا وإنجلترا والسويد وإسبانيا وإفريقيا ومصر وفلسطين وسردينيا والجزائر وبوليڤيا والمملكة العربية السعودية، وكثيرا ما كان يُطلق عليهه عبارة "أبناء الله".. وكان دائما يتم التعتيم على هذه الاكتشافات ولا تعرض على الجمهور، بل ولا يراها إلا مجموعات خاصة وفي أضيق الحدود، لتظل آخر عملية تعتيم حديثة سائدة، وهو ما تم فرضه على العصر الحديث سنة 1900 بنظرية داروين، وأن الإنسان أصله تطور لسلالة القردة! وهي نظرية ترمي الي محو أي أثر للعمالقة كعنصر آدمي. وعلي الرغم من ان التقدم العلمي قد نفي هذه النظرية إلا أنها لاتزال سائدة ساكنة رغم الفراغ الذي يحيط بها أو نجم عن تفنيدها. ولعل أهم ما كشف النقاب عن هذه الحفائر هو ما حدث في الإكوادور واكتشاف جبانة ضخمة للعمالقة في موقع يُطلق عليه "شانجميناس"، وتعني "مدفن الآلهة". واللافت للنظر أن يكون قسا كاثوليكيا اسمه ميجيل ڤاكا كارلوس هو الحارس الرسمي المسؤول عن مدفن الآلهة هذا حتى وفاته سنة 1999. وكان الأب كارلوس يعمل قسا في ضاحية "جوزاناما لوخا"، وكان من اللذين اكتشفوا هذا الموقع سنة 1965.. ومن الغريب أن يتصادف في نفس العام، 1965، أن تعثر بعثة خوان موريتس، في كهف تايوس، على خبيئة شاسعة تحت الأرض، أشبه ما تكون بمستعمرة أثرية لهياكل عملاقة، على مقربة من شانجميناس، المعروفة باسم "متحف الأب ڤاكا". ويقال ان هذه الهياكل الفارهة كانت لقوم عاشوا في أماكن متفرقة منذ آلاف السنين، وكانت المجموعة تضم العديد من المعدات الغريبة من المعادن ومواد أخري ستؤدي الي تفسير جانبا من الغموض الذي لم يتم الكشف عنه بعد.. وفي سنة 2005 أعلنت جريدة "لاݒراڤدا" الروسية ان الأب إرنست مولداشيڤ اكتشف في سوريا مقابر تضم عظاما لعمالقة فارهة الحجم. وقد تم ارسال بعض العينات الي معهد سميثونيان بالولايات المتحدة لتحليلها ونشر النتائج على نطاق واسع، إلا ان التعتيم تواصل، بل نشرت بعض المواقع ان نفس هذا المعهد قد اعترف بأنه تخلص من مئات الهياكل الفارهة.. بعض النصوص الدالة: * ـ يؤكد فزيللوس أنه عام 1516 قام الكونت چان ترانسيفورث بحفر حقله واكتشف فيه مقبرة تحوي هيكلا عملاقا لشخص طوله 9,70 مترا، في منطقة تقع بين سيراكيوز وليونتين بمنطقة ملليتس، التي تم العثور بها على مدفن لعماليق. * ـ ويقول فليجون ان أهل كارتاچ اكتشفوا صندوقين بهما عظام جبابرة، وانه في مصر على مقربة من مدينة ليتر توجد منطقة تم العثور فيها على عمالقة مثل الذين تم اكتشافهم في صقلية. * ـ وكان ترتوليان حين يود إثبات عملية البعث يستشهد بعظم العمالقة في جزيرة كابري. * ـ ويقول أنطونيوس باجافيتا ان مضيق ماجلان يوجد فيه هياكل رجال ذوي قامة عملاقة. * ـ ويقول فيلچييرو في الفصل السادس من الجزء الأول من كتابه أنه تحت حكم شارل السابع تم اكتشاف مدفن يحتوي على بقايا عملاق طوله 9,71 مترا. * ـ ويتحدث مجللان عن رحلته الأولي حول لعالم واكتشافه على مقربة من أرض النار على شعب غريب يصل طوله الي أكثر من ثلاثة أمتار، وأطلق عليه اسم "ݒاتاجون" نسبة الي مدينة ݒاتاجونيا. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تتحدث كل الحضارات القديمة عن عمالقة كانوا يعيشون منذ فترات بعيدة على أراضيها ولا يعتد العلماء بتلك المعطيات أو يدرسونها بالتفصيل؟ ولماذا يخضعون لسادة العالم المتحكمين فيه رغم إدانة سمعتهم بالسيطرة والتحكم في مصيره لمصلحتهم؟ تراث الكتاب المقدس: * ـ ترد كلمة Gibborims (الجبّارين) أو العمالقة في العهد القديم بالكتاب المقدس. فنطالع في سفر التكوين 6: "فلما بدا الناس يكثرون على الأرض وولد لهم بنات فرأي الله بنات الناس أنهن حسنات واتخذوا لهم نساء من كل ما اختاروا فقال الله لن تسكن روحي في الإنسان الي الأبد لأنه لحم وتكون أيامه ماية وعشرين سنة. فأما جبابرة كانوا في تلك الايام على الأرض لأن من بعد ما دخل أبناء الله علي بنات الناس وولدن فهؤلاء هم أقوياء منذ الدهر مشهورين" (1ـ5). وترجع ركاكة الأسلوب الي ان الاستشهاد من الطبعة العربية لسنة 1671، أي قبل إجراء سلسلة من التعديلات والتبديلات التي لم تتوقف.. وهناك دليل آخر يتحدث عن العمالقة في النصوص المستبعدة كنسيا أو الأبوكريفا، وهو "كتاب العمالقة" المستوحى من انجيل إينوك، أو "هينوك الأثيوبي"، الجد الأكبر لسيدنا نوح. وتوجد قصته في سفر التكوين (5: 18ـ 29). وهذا الإنجيل تم العثور عليه في مغارات قمران بالبحر الميت، والذي تمثل عملية اكتشاف بردياته والتعتيم عليها من قبَل الفاتيكان أكبر فضيحة علمية في القرن العشرين. والكنيسة الأثيوبية هي الكنيسة الوحيدة في العالم التي لم تستبعد انجيل إينوك. واللافت للنظر هنا هو عبارة "أبناء الله"، وهي عبارة تنفي قطعا فرية إن السيد المسيح إبن الله الوحيد الأوحد. لذلك قامت الكنيسة باستبعاد انجيل إينوك بموجب القانون اليهودي للعهد القديم، ولم يُدرج في الكتاب المقدس في الفترة الهللينية والمسماة "السبعينية" باليونانية. وقد استبعدته الكنيسة من الكتب الرسمية سنة 364، في مجمع لاوديسية بالقرار رقم 60. أي بعد تسع وثلاثين عاما من تأليه السيد المسيح في مجمع نيقية الأول سنة 325. وهو ما يفسّر ذلك التعتيم الغريب المفروض على هياكل العمالقة التي يطلقون عليهم "أبناء الله".. القرآن الكريم: لن أتناول هنا سوي الآيات المتعلقة بكلمة العمالقة/الجبارين في سورة المائدة: {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدّوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين/ قالوا يا موسي إن فيها قوما جبّارين وإنّا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنّا داخلون/قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلي الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين/ قالوا يا موسي إنّا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون} (21 ـ 24). وهو ما يؤكد ان اليهود لم يدخلوا الأرض المقدسة قديما، وبالتالي فهي لا تحق لهم لا قديما ولا حديثا. والقرآن الكريم، المنزّل من عند الله، ولم يتبدّل فيه حرفا، يشهد على وجود الجبّارين، فهي نفس الكلمة التي تعني العمالقة، وهي نفسها المستخدمة في لغة العهد القديم بالكتاب المقدس. واذا ما استعرضنا في عجالة ما تأكد لدينا من وجود الديناصورات الضخمة والماموث والكائنات الأخرى التي انقرضت، وكانت فارهة، وتأملنا الاكتشافات الحديثة حول وجود أهرامات في معظم قارات العالم القديم، وهو ما يكشف عن ما يمكن ان نطلق عليه "عصر الأهرامات في حضارة العالم"، وغيره كثير، لوجب علينا إعادة النظر في تاريخنا البشري الحضاري وإعادة النظر فيما فُرض علينا وعلي العالم من معلومات مغلوطة، للتمويه علي حقائق تقضي علي كثير من الأفكار التي تم فرضها علي الإنسانية حفاظا علي كل ما تمت صياغته من أكاذيب وفريات في الدين في الرسالتين التوحيديتين السابقتين. من ناحية أخري إن هذا الكمّ اللافت للنظر من الهياكل العملاقة التي تكسو الكرة الأرضية، والحيوانات التي نعرف شيئا ما عن ضخامتها، وكمّ الأهرامات التي توجد فعلا على مختلف بقاع الأرض توحي بأن الحياة على كوكبنا قد بدأت بمخلوقات ضخمة، تضاءلت مع الزمن، لتأخذ الشكل الذي نحن عليه في مختلف الحضارات المسموح لنا بمعرفتها. كما أن هناك دلائل تشير الي ان إنسان ذلك العصر السحيق كان على صلة روحية بالعالم الآخر، بدليل أن هناك وثائق تؤكد صلتها بالغنوصيات الحديثة. بل لا يزال حتى يومنا هذا فريقا من تلك الجماعات الغنوصية يأتي إلى مصر ويأخذ تصريحا من مصلحة الآثار ليبيت في الهرم الأكبر يقضون طقوسهم التي لا نعرف عنها شيئا.. وفيما يلي صورة جامعة لأهم الأهرامات التي تم العثور عليها في العديد من بلدان العالم:
والموضوع برمته مرفوع للجنة الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، ولكل من يمكنه المساهمة فيه، علهم يتمكنوا من دراسته بصورة علمية على المستوى المطلوب، فهو متشعب وبحاجة الي مجموعة من المتخصصين في مجالات مختلفة، يعملون معا، حيث ان الجهد المطلوب يتعدى إمكانيات الشخص الواحد.
زينب عبد العزيز
27 فبراير 2020
|
الدرة (( إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ، إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ )) الامام الشافعي
الثلاثاء، 3 مارس 2020
العمالقة... والمسكوت عنه
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق