الثلاثاء، 24 مارس 2020

محاورة... لما تبقى مني!

محاورة... لما تبقى مني!

خواطر صعلوك
صديقي محمد...

تقول إحدى الأساطير أن هناك رجلاً كاد أن يموت من دون أن يعرف ذاته. يالها من أسطورة تشبه الحقيقة... وتشبهك.
اعلم يا صديقي أن الحب الذي لا يحققك... يسحقك، والحرية التي تجعلك تمسح أثر المطر عن وجهك... لا تنبتك، والشمس التي تذيب قلبك الشمعي... تهدمك.

تذكر يا صديقي أن للمرايا وهجاً فلا تعشق المرايا، ولا تعشق الصور واكشف لنفسك ما تبقى منك، ومن انعكاس ضوئك على العمل.
وأن البيوت تهيئة واستعداد، فلا تلازم العتبات، بل صادق الغيمات الشاردات وصدى الضوء، وما نبت من المطر والصق السؤال بالسؤال بعيداً عن السائل، واهرب هروب العارفين من جواب طاعن في السن.
واعلم أن أقسى أنواع الخوف والقهر هو الخوف من طرح السؤال.
وإن رأيت الريح تقسو عليك فانثر سؤالك ولا تأبه لوجهتها وأجوبتها، فالصمت رائحة المكان، والضياع بداية الطريق، والاحتفاء بمن في المكان أو الطريق هو احتفاء الدائم بالموقت... فاحذر وحافظ على الأثر.
واعلم أنك ما أنت إلا هنا والآن، وتذكر أن لا معنى لما كان إلا بما يكون، حتى لو كان الماضي يحدق في الحاضر بلغة مكثفة غير قابلة للتأويل وبصورة التقتطها عدسة الروح واكتمال الحواس، فاعلم أنه لن يلتقطك بعض السيارة من بئر نفسك عندما تخاف ضياع ما حققته وتخاف أكثر من عدم تحقيق ما تحلم به، عندها تصبح حياتك مثل جسر وهمي بين ماضٍ لا يمكن نسيانه وبين حاضر لا يمكن أن يدوم.
فاطلق سراحك من غدك، ولا تخلع نعليك أو ترمي الناي وغناءك فوق التلال، فقط لأن الآخرين طلبوا منك ذلك.
ولا تعبد ظلك، لا ظل لك، فالصوت والصدى والخلوة والفكرة والطريق هي... أنت.
وإن رأيتها يوماً في الطريق مصادفة... فقبلها وعلق قلبك بين الثنايا، وانس الحب ولكن تحابب ولملم النجوم المنثورة على حدود المدى، ثم انثر بوح العجز فيك وتعرَ من براءة عينيك وألم الفكرة.
وإن أدبرت فاشتم رائحة الياسمين المنساب من وقع الخطى، واغمض عينيك للحنين الذي يذكرك أنه مع مرور السنين يتعب فيك كل ما فيك، قلبك وعقلك والطريق الذي تمضي فيه وقد أعياك ما نقص منك وأقلقك ما زاد فيك باحثاً عن المعنى والإدراك المبكر.
ولا تنسَ أن تدرب قلبك على الرؤيا، فما الحياة إلا رؤيا في نوم طفولتك قد نسيتها فنسيت دربك.
واعلم أنك كلما خطوت خارج حدود معرفتك، شعرت بالخوف من أجل اليقين، وخوف من يقين جديد لا يلبث أن يتهذب على شواطئ الحروف وهوامش اللغة... فتتعلم.
كثير من اليقينات التي تؤمن بها اليوم ستتكفل الحكايات بإعادة تشكيلها، لتكتشف أن ما لا تدركه لا يؤثر في سلوكك وإن كان موجوداً، وما تتوهم إدراكه يؤثر في سلوكك وإن لم يكن موجوداً.
واعلم أن لا مسافات في الطرق الطويلة، واعلم أن لا نهاية وإن عظمت تليق بحسن البدايات... فحسن البدايات فقط هو ما يليق بحسن النتائج.
مضت بك الأيام يا صديقي فكان للنهر موعد معك، فقطفت وردتين وغرستهما فرحاً بقلبك... معتقداً حقاً وصدقاً... أن النتائج بيد الله وحده.
فكن أنت... يومك، واعلم أن واقعك هو دعاء الأمس... واغسل قلبك وابتسم ثم ردد قائلاً:
مولاي إني ببابك قد بسطت يدي
من لي ألوذ به إلّاك يا سندي

@moh1alatwan

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق